العدد : ١٧٠٥٨ - الخميس ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٨ - الخميس ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

عودة أردوغان إلى رئاسة تركيا!

{‭ ‬أردوغان‭ ‬هو‭ ‬الزعيم‭ ‬التركي‭ ‬الأطول‭ ‬حكما‭ ‬لتركيا‭ ‬الحديثة‭! ‬وينظر‭ ‬إليه‭ ‬أنه‭ ‬الأقوى‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬‮«‬كمال‭ ‬أتاتورك‮»‬،‭ ‬الجمهورية‭ ‬الحديثة‭ ‬قبل‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬وحزبه‭ ‬أبعد‭ ‬تركيا‭ ‬عن‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬أتاتورك«العلماني‭! ‬مدافعا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الاعتبارات‭ ‬الدينية‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬به‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬الوقوف‭ ‬خلف‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬لتأكيد‭ ‬النفوذ‭ ‬التركي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬كما‭ ‬توهم‭! ‬ما‭ ‬أوقعه‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بدور‭ ‬سلبي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬ما‭ ‬سُمي‭ ‬بـ‭(‬الربيع‭ ‬العربي‭)! ‬ليتراجع‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬الفشل‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بسياسته‭ ‬‮«‬الإخوانية‮»‬،‭ ‬ويفتح‭ ‬قبل‭ ‬عامين،‭ ‬باب‭ ‬التقارب‭ ‬والمصالحة‭ ‬مع‭ ‬العرب،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬ومصر‭! ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬صلات‭ ‬تركيا‭ ‬‮«‬العضو‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭! ‬والتقارب‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬خاصة‭ ‬خلال‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬المستمرة‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭! ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬حفيظة‭ ‬الغرب،‭ ‬الذي‭ ‬ألقى‭ ‬بكل‭ ‬ثقله‭ ‬للإطاحة‭ ‬به‭! ‬بهدف‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬تركيا‭ ‬وروسيا،‭ ‬ودعم‭ ‬منافسه‭ ‬‮«‬كمال‭ ‬كليجدار‭ ‬أوغلو‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬وعد‭ ‬بإلغاء‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬‮«‬أوردغان‮»‬‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭! ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬البرلماني‭ ‬السابق‮»‬‭! ‬وإعادة‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ (‬3,6‭ ‬ملايين‭ ‬لاجئ‭ ‬سوري‭) ‬إلى‭ ‬بلدهم‭! ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ (‬تقوية‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭) ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬أردوغان،‭ ‬وهو‭ ‬ذو‭ ‬النهج‭ ‬العلماني‭ - ‬الأتاتوركي‭! ‬

{‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي‭ ‬وخلال‭ ‬الجولة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الانتخابات،‭ ‬فاز‭ ‬‮«‬أردوغان‮»‬‭ ‬مجدداً‭ ‬بالرئاسة،‭ ‬ما‭ ‬اعتبره‭ ‬المحللون‭ ‬أنه‭ ‬انتصار‭ ‬كبير‭ ‬لـ«بوتين‮»‬‭! ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬فشل‭ ‬ذريع‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬و‮«‬النخبة‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬انتصار‭ ‬منافسه‭ ‬‮«‬كمال‭ ‬أوغلو‮»‬‭! ‬ومع‭ ‬إعلان‭ ‬‮«‬أردوغان‮»‬‭ ‬فوزه‭ ‬برئاسة‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬شعبي‭ ‬أمام‭ ‬أنصاره،‭ ‬بدد‭ ‬أحلام‭ ‬كل‭ ‬الذين‭ ‬راهنوا‭ ‬على‭ ‬منافسه‭ ‬الانتخابي‭ ‬قائلاً‭ (‬وداعا‭ ‬كمال‭) ‬ثلاث‭ ‬مرات‭! ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عاشت‭ ‬تركيا‭ ‬خلال‭ ‬الانتخابات‭ ‬بجولتيها‭ ‬حالة‭ ‬استقطاب‭ ‬شديد،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬أنصار‭ ‬‮«‬أردوغان‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬دعمه‭ ‬‮«‬محافظون‭ ‬دينيون‮»‬‭ ‬وقوميون،‭ ‬وأنصار‭ ‬‮«‬كمال‭ ‬كليجدار‭ ‬أوغلو‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يدعمه‭ ‬علمانيون‭ ‬بينهم‭ ‬قوميون‭! ‬وبلغ‭ ‬تبادل‭ ‬التهم‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬أشده‭.‬

{‭ ‬مع‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬أردوغان‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬والرئاسة،‭ ‬وهي‭ ‬العودة‭ ‬التي‭ ‬تمدد‭ ‬حكمه‭ ‬إلى‭ (‬عقد‭ ‬ثالث‭) ‬مع‭ ‬أغلبية‭ ‬برلمانية‭ ‬من‭ ‬حزبه‭ (‬العدالة‭ ‬والتنمية‭)‬،‭ ‬فإنه‭ ‬وحزبه‭ ‬يواجهان‭ ‬كل‭ ‬تراكمات‭ ‬الوضع‭ ‬التركي،‭ ‬بما‭ ‬يستدعي‭ ‬التفكير‭ ‬المختلف‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬الحكم‭ ‬السابقة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تساؤلات‭ ‬وقلق‭ ‬الشعب‭ ‬التركي‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬التضخم‭ ‬44%،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬المعيشة،‭ ‬ووصول‭ - ‬‮«‬الليرة‭ ‬التركية‮»‬‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها،‭ ‬وتراجع‭ ‬احتياطي‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬‮«‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2002‭! ‬ولعل‭ ‬فارق‭ (‬مليوني‭ ‬صوت‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬منافسه‭ ‬يضع‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬أردوغان‮»‬‭ ‬وقائمته‭ ‬الجديدة‭ ‬المسؤولية‭ ‬أمام‭ ‬الثقة‭ ‬الشعبية،‭ ‬في‭ ‬إنجازها‭ ‬ما‭ ‬وعد‭ ‬به‭ ‬أثناء‭ ‬الانتخابات،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬تبدو‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الأردوغانية‭ ‬‮«‬وهي‭ ‬تصاعد‭ ‬احتمالات‭ ‬العداء‭ ‬والضغوط‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬حكمة‭ ‬رغم‭ ‬انتصاره‭ ‬بالرئاسة‭! ‬

{ مسار‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية،‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬أنها‭ ‬متجهة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬التعددية‭ ‬القطبية‮»‬،‭ ‬ربما‭ ‬تحتم‭ ‬على‭ ‬أردوغان‮»‬‭ ‬مواصلة‭ ‬التقارب‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬أكثر‭ ‬ومع‭ ‬العرب‭ ‬أيضاً‭! ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬اتسم‭ ‬حكمه‭ ‬سابقا‭ ‬باستعراض‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬التركية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والتدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العربية‭ ‬بدعم‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة،‭ ‬وشنّ‭ ‬أربع‭ ‬عمليات‭ ‬توغل‭ ‬في‭ ‬سوريا‭! ‬وحملات‭ ‬عسكرية‭ ‬داخل‭ ‬العراق،‭ ‬ودعم‭ ‬عسكري‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭! ‬مما‭ ‬يجعله‭ ‬اليوم‭ ‬مدعو‭ ‬إلى‭ ‬فتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬وحقيقية‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬العرب،‭ ‬خاصة‭ ‬السعودية‭ ‬ومصر،‭ ‬بعد‭ ‬حملات‭ ‬العداء‭ ‬‮«‬الإخوانية‮»‬‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬جانبه‭ ‬ضدهما،‭ ‬إن‭ ‬أراد‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬عودة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العربية‭ ‬القوية‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭! ‬ولتحقيق‭ ‬ما‭ ‬قال‭ ‬بعد‭ ‬انتصاره‭ ‬في‭ ‬الجولة‭ ‬الثانية‭ ‬إنه‭ (‬سيواصل‭ ‬الطريق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تركيا‭ ‬موحدة‭) ‬معلنا‭ ‬أن‭ (‬عهد‭ ‬الانقلابات‭ ‬والمجالس‭ ‬العسكرية‭ ‬قد‭ ‬ولّى‭) ‬ناسباً‭ ‬استقرار‭ ‬تركيا‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬حكمه،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬شؤون‭ ‬الإصلاح‭ ‬الداخلي،‭ ‬يستوجب‭ ‬الإصلاح‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬علاقاته‭ ‬الخارجية‭ ‬مع‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭! ‬والتخلي‭ ‬نهائياً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الحلم‭ ‬العثماني‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬راوده‭ ‬تحقيقه‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬‮«‬الإخوان‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬اليوم‭ ‬سقوطاً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭! ‬هل‭ ‬ستكون‭ ‬رئاسة‭ ‬‮«‬أردوغان‮»‬‭ ‬الجديدة،‭ ‬تحولاً‭ ‬نوعياً‭ ‬في‭ ‬ملفات‭ ‬كثيرة‭ ‬بقيت‭ ‬عالقة،‭ ‬وعمل‭ ‬مؤخراً‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تعديلها؟‭!‬

وهل‭ ‬أغلب‭ ‬العرب‭ ‬أرادوا‭ ‬عودته‭ ‬رغم‭ ‬سياساته‭ ‬السابقة‭ ‬الخاطئة‭ ‬ضد‭ ‬دولهم،‭ ‬ولأن‭ ‬منافسه‭ ‬‮«‬كمال‭ ‬أوغلو‮»‬‭ ‬أبدى‭ ‬انحيازاً‭ ‬للغرب،‭ ‬بما‭ ‬عُرف‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬السابق،‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أجندة‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية؟‭! ‬ربما‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا