العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الاتحاد الخليجي.. الأمل العربي

تحدثت‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬الدعوة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬بضرورة‭ ‬تحول‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاتحاد،‭ ‬وكيف‭ ‬تراجع‭ ‬الاهتمام‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬بقضية‭ ‬الاتحاد،‭ ‬وتساءلنا‭: ‬هل‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬حلم‭ ‬الاتحاد‭ ‬قد‭ ‬ضاع؟

الحقيقة‭ ‬إن‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭ ‬أصبح‭ ‬اليوم‭ ‬ضرورة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬ويجب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬وأيا‭ ‬كانت‭ ‬الظروف‭ ‬الإلحاح‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬قيامه‭ ‬والعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭.‬

بداية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬حديث‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭ ‬القائم‭ ‬بالفعل‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والسياسية‭. ‬نعني‭ ‬أنه‭ ‬مجرد‭ ‬ترجمة‭ ‬لواقع‭ ‬التلاحم‭ ‬والترابط‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فمن‭ ‬الناحية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والسياسية،‭ ‬فإن‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬حاسمة‭ ‬لدول‭ ‬وشعوب‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬والوطن‭ ‬العربي‭ ‬عامة‭.‬

ولنا‭ ‬أن‭ ‬نتأمل‭ ‬الجوانب‭ ‬التالية‭:‬

أولا‭: ‬إن‭ ‬استمرار‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬عبر‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬يمثل‭ ‬قاعدة‭ ‬صلبة‭ ‬موجودة‭ ‬بالفعل‭ ‬لقيام‭ ‬الاتحاد‭.‬

نعني‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬قطع‭ ‬شوطا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وفي‭ ‬المجالات‭ ‬الأخرى‭. ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬توفر‭ ‬الأساس‭ ‬القوي‭ ‬لقيام‭ ‬الاتحاد‭.‬

ويجب‭ ‬أن‭ ‬نضيف‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المقومات‭ ‬الموضوعية‭ ‬موجودة‭ ‬بالفعل‭ ‬لقيام‭ ‬الاتحاد،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الوحدة‭ ‬الفعلية‭ ‬لشعوب‭ ‬المجلس‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭.‬

ثانيا‭: ‬إن‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬ليس‭ ‬ضرورة‭ ‬خليجية‭ ‬وحسب‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬عربية‭ ‬عامة‭.‬

نعلم‭ ‬جميعا‭ ‬الأوضاع‭ ‬الصعبة‭ ‬بل‭ ‬والمأساوية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬ونعلم‭ ‬ما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬لوجود‭ ‬الدولة‭ ‬أصلا‭.‬

مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬هو‭ ‬التجربة‭ ‬الوحدوية‭ ‬الوحيدة‭ ‬الصامدة‭ ‬والناجحة‭ ‬والمستمرة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭. ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬هي‭ ‬المؤهلة‭ ‬للاتحاد‭ ‬وإقامة‭ ‬كيان‭ ‬واحد‭ ‬متماسك‭. ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬سيعني‭ ‬تحولا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬هائلا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬العام‭ ‬وسيمثل‭ ‬حافزا‭ ‬كبيرا‭ ‬نحو‭ ‬أشكال‭ ‬من‭ ‬التكامل‭ ‬العربي‭ ‬العام‭ ‬وتوحيد‭ ‬الإمكانيات‭ ‬والجهود‭ ‬العربية‭.‬

ثالثا‭:‬إان‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬جعلت‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬المنظور‭ ‬الإستراتيجي‭ ‬مسألة‭ ‬مصيرية‭.‬

نحن‭ ‬نشهد‭ ‬التوجه‭ ‬العالمي‭ ‬نحو‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭. ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نظام‭ ‬كهذا‭ ‬تكون‭ ‬الفرصة‭ ‬متاحة‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬المؤثرة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ولحماية‭ ‬مصالحها‭ ‬ومصالح‭ ‬شعوبها‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭.‬

وكما‭ ‬كتبنا‭ ‬مرارا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لنا‭ ‬دور‭ ‬عالمي‭ ‬مؤثر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬كتلة‭ ‬موحدة‭ ‬بإمكانياتها‭ ‬واستراتيجياتها‭ ‬وقدراتها‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬كلمتها‭ ‬وتحمي‭ ‬مصالحنا‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬منفردة‭ ‬أو‭ ‬متناحرة‭ ‬ومشتتة‭ ‬الصفوف‭.‬

الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬الصيغة‭ ‬المتاحة‭ ‬الممكنة‭ ‬لتمكين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬ومعها‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬من‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬مؤثر‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المستقبل‭.‬

إذن‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأوجه‭ ‬ولكل‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أبدا‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬حلم‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي،‭ ‬وينبغي‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

القضية‭ ‬المهمة‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬تقديرنا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تراجع‭ ‬الاهتمام‭ ‬الرسمي‭ ‬بالاتحاد،‭ ‬فإن‭ ‬مسئولية‭ ‬الإلحاح‭ ‬على‭ ‬قيامه‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬قوى‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬والمفكرين‭ ‬والمثقفين‭ ‬والكتاب‭ ‬الخليجيين‭ ‬والعرب‭. ‬يجب‭ ‬الإلحاح‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬ومواصلة‭ ‬مطالبة‭ ‬القيادات‭ ‬والحكومات‭ ‬الخليجية‭ ‬بأن‭ ‬تتحرك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مناقشة‭ ‬الصيغ‭ ‬المناسبة‭ ‬للاتحاد‭ ‬وكيفية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬الصيغة‭ ‬الأفضل‭ ‬عمليا‭.‬

الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬هو‭ ‬أمل‭ ‬عربي‭ ‬عام‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬التخلي‭ ‬عنه‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الظروف‭ ‬تبدو‭ ‬غير‭ ‬مواتية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا