العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

يوم البيئة العالمي 2023 و«الحلول المتاحة للتلوث البلاستيكي»

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٠٤ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

منذ‭ ‬عام‭ ‬1973‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬والعالم‭ ‬يحتفل‭ ‬سنويًّا‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬بيوم‭ ‬البيئة‭ ‬العالمي،‭ ‬والجميع‭ ‬يحتفل،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬توقفنا‭ ‬يومًا‭ ‬لنسأل‭ ‬أنفسنا‭ ‬ما‭ ‬الإنجازات‭ ‬الفعلية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تحقيقها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة؟

في‭ ‬منطقتنا‭ ‬مثلا‭ ‬أقصد‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬يوجد‭ ‬منظمتان‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بالبيئة،‭ ‬وهما‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬مكتبها‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والآن‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬لبنان،‭ ‬وكذلك‭ ‬المنظمة‭ ‬الإقليمية‭ ‬لحماية‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬ومقرها‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الكويت‭. ‬ولقد‭ ‬أيقن‭ ‬المتابعون‭ ‬والمراقبون‭ ‬عدمية‭ ‬جدوى‭ ‬وجود‭ ‬المنظمتين،‭ ‬فمكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فقدت‭ ‬قدرتها‭ ‬وأهليتها‭ ‬القيادية‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬العمل‭ ‬البيئي‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬وكذلك‭ ‬المنظمة‭ ‬الإقليمية‭ ‬لحماية‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية،‭ ‬فإنها‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬فقدت‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬رجالات‭ ‬البيئة‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يقودها‭ ‬وهو‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬العوضي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬قدميها‭ ‬ومن‭ ‬الظاهر‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تستطيع‭ ‬لفترة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة‭ ‬قادمة،‭ ‬إذن‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬مدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أهلية‭ ‬هاتين‭ ‬المنظمين،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬الآن‭ ‬بوضوح‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الضعف‭ ‬البيئي‭ ‬الذي‭ ‬تسببت‭ ‬فيه‭ ‬هاتان‭ ‬المنظمتان‭ ‬اللتان‭ ‬تشكلان‭ ‬عبئًا‭ ‬ماديًا‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬فائدة‭ ‬تذكر‭.‬

وإن‭ ‬كنا‭ ‬لا‭ ‬ندعو‭ ‬إلى‭ ‬غلق‭ ‬تلك‭ ‬المكاتب،‭ ‬وإنما‭ ‬الذي‭ ‬ندعو‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬دراسة‭ ‬وضعهما‭ ‬وقياداتهما‭ ‬وأهليتهما‭ ‬لقيادة‭ ‬العمل‭ ‬البيئي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬هكذا‭ ‬فقط،‭ ‬فالمواد‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬عن‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تفيد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكتّاب‭ ‬والباحثين،‭ ‬وأما‭ ‬المنظمة‭ ‬الإقليمية‭ ‬فإنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقدم،‭ ‬فالمقصود‭ ‬أيها‭ ‬السادة‭ ‬العمل‭ ‬بجدية‭ ‬لإنقاذ‭ ‬بيئة‭ ‬الإقليم‭.‬

والآن‭ ‬دعونا‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬البيئة‭ ‬العالمي‭.‬

يوم‭ ‬البيئة‭ ‬العالمي‭ ‬2023

 

نحتفل‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بيوم‭ ‬البيئة‭ ‬العالمي‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ (‬الحلول‭ ‬المتاحة‭ ‬للتلوث‭ ‬البلاستيكي‭)‬،‭ ‬ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬التلوث‭ ‬بالبلاستيك‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تمس‭ ‬البيئة‭ ‬والإنسان‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يحيط‭ ‬بالإنسان؛‭ ‬كغذائه‭ ‬وشرابه‭ ‬وهوائه،‭ ‬فالبلاستك‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬بصورة‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬ينفك‭ ‬عنها‭ ‬مهما‭ ‬حاول‭. ‬

تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬أنه‭ ‬يُنتج‭ ‬سنويًّا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬اللدائن‭ ‬البلاستيكية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬نصفها‭ ‬تقريبًا‭ ‬‭ ‬وربما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬مصمم‭ ‬للاستخدام‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يُعاد‭ ‬تدوير‭ ‬سوى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬10%‭ ‬منها‭ ‬فقط،‭ ‬وأما‭ ‬البقية‭ ‬الباقية‭ ‬منها‭ ‬والتي‭ ‬تقدر‭ ‬بحوالي‭ ‬19‭ ‬إلى‭ ‬23‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬سنويا‭ ‬منها‭ ‬فإنها‭ ‬تتسرب‭ ‬إلى‭ ‬البيئة‭ ‬والهواء‭ ‬والبحيرات‭ ‬والأنهار‭ ‬والبحار،‭ ‬وهذه‭ ‬الكمية‭ ‬تعادل‭ ‬‭ ‬تقريبًا‭ ‬وزن‭ ‬برج‭ ‬إيفل‭ ‬2200‭ ‬ضعف‭ ‬تقريبًا‭.‬

وربما‭ ‬الأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كله،‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬الملوثات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬التي‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ (‬اللدائن‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الدقيقة‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬جزيئات‭ ‬بلاستيكية‭ ‬صغيرة‭ ‬يصل‭ ‬قطرها‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬مم‭. ‬وتشير‭ ‬التقارير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬وشظايا‭ ‬البلاستيك‭ ‬وخاصة‭ ‬البوليسترين‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬والبحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬واستمرت‭ ‬الدراسات‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬تم‭ ‬تعريفها‭ ‬بمصطلح‭ (‬اللدائن‭ ‬الدقيقة‭) ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬واليوم‭ ‬أصبحت‭ ‬البشرية‭ ‬والكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬اكتشافها‭ ‬في‭ ‬طعامنا‭ ‬وشرابنا‭ ‬والهواء‭ ‬الذي‭ ‬نتنفس،‭ ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬يستهلك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬جزيء‭ ‬بلاستيكي‭ ‬سنويًا،‭ ‬وربما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭ ‬إذا‭ ‬اٌحتسبت‭ ‬الجزئيات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬الهواء‭. ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬تضر‭ ‬اللدائن‭ ‬البلاستيكية‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬تُحرق‭ ‬بصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬وبالتنوع‭ ‬البيولوجي،‭ ‬حيث‭ ‬تلوث‭ ‬كل‭ ‬نظام‭ ‬بيئي‭ ‬من‭ ‬قمم‭ ‬الجبال‭ ‬إلى‭ ‬قيعان‭ ‬البحار‭.‬

ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأربعة‭ ‬الماضية،‭ ‬بدأ‭ ‬يتزايد‭ ‬تركيز‭ ‬هذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬السطحية‭ ‬والبحار‭ ‬والمحيطات‭. ‬وبذلك‭ ‬تزايد‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬التأثيرات‭ ‬المحتملة‭ ‬للجسيمات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية،‭ ‬واكتسبت‭ ‬زخمًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬فزاد‭ ‬عدد‭ ‬الدراسات‭ ‬والتقارير‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاهتمام‭ ‬العام‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬صانعي‭ ‬القرار‭ ‬للاستجابة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الحجم‭ ‬الكبير‭ ‬لقاعدة‭ ‬المعلومات‭ ‬السريعة‭ ‬النمو،‭ ‬بشأن‭ ‬انتقال‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬عبر‭ ‬الشبكة‭ ‬والسلة‭ ‬الغذائية‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬تقييم‭ ‬مدى‭ ‬خطورة‭ ‬اللدائن‭ ‬الدقيقة‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬البحرية‭ ‬قيد‭ ‬الدراسات‭ ‬والبحث،‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالآثار‭ ‬الفيزيائية‭ ‬والكيميائية‭ ‬للجسيمات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬المحيطات‭ ‬والكائنات‭ ‬البحرية،‭ ‬وتحديد‭ ‬سبل‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬البيئية‭ ‬الشائكة‭. ‬

اللدائن‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬البحار

 

تشير‭ ‬كل‭ ‬التقارير‭ ‬البيئية‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬الحطام‭ ‬البلاستيكي‭ ‬‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الجسيمات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬‭ ‬وبكميات‭ ‬كبيرة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬المراكز‭ ‬السكانية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬كشفت‭ ‬تلك‭ ‬التقارير‭ ‬أن‭ ‬البلاستيك‭ ‬والجسيمات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬أبعد‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬والقارة‭ ‬القطبية‭ ‬الجنوبية‭ ‬إلى‭ ‬قاع‭ ‬البحر‭ ‬العميق‭. ‬واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬البيانات‭ ‬المتاحة،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬زيادة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تركيزات‭ ‬اللدائن‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬السطحية‭ ‬للمحيطات‭ ‬وخاصة‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الأربعة‭ ‬الماضية‭. ‬

وينقل‭ ‬دوران‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬البلاستيك‭ ‬العائم‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين،‭ ‬وينتج‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الدوران‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بمناطق‭ ‬التقارب،‭ ‬حيث‭ ‬تميل‭ ‬المواد‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الدقيقة‭ ‬إلى‭ ‬التراكم،‭ ‬وتحدث‭ ‬هذه‭ ‬الدوامات‭ ‬المحيطية‭ ‬شبه‭ ‬الاستوائية‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬وجنوب‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وشمال‭ ‬وجنوب‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ،‭ ‬والمحيط‭ ‬الهندي‭. ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭ ‬من‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬تتكون‭ ‬جزر‭ ‬صناعية‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القمامة‭ ‬المكونة‭ ‬معظمها‭ ‬من‭ ‬اللدائن،‭ ‬ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬تنظيف‭ ‬السواحل‭ ‬والبحار‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إزالة‭ ‬اللدائن‭ ‬الدقيقة‭ ‬من‭ ‬المحيط‭.‬

التأثيرات‭ ‬الفيزيائية‭ ‬

للجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬

 

تعود‭ ‬الآثار‭ ‬الفيزيائية‭ ‬لجسيمات‭ ‬البلاستيك‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بمصطلحين‭: ‬التشابك‭ ‬والابتلاع،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬إثبات‭ ‬تلك‭ ‬التأثيرات‭ ‬الناتجة‭ ‬من‭ ‬اللدائن‭ ‬الدقيقة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الدراسات‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬ابتلاعها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الكائنات‭ ‬البحرية‭ ‬وخاصة‭ ‬التي‭ ‬تتغذى‭ ‬بالترشيح‭ ‬مثل‭ ‬المحار‭ ‬وبلح‭ ‬البحر،‭ ‬أنها‭ ‬تغلق‭ ‬وتغلف‭ ‬جدار‭ ‬الأمعاء‭ ‬وتحفز‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬داخل‭ ‬الأنسجة‭. ‬وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬مختلف،‭ ‬فإن‭ ‬حيتان‭ (‬البالين‭ ‬baleen‭) ‬التي‭ ‬تتغذى‭ ‬بكشط‭ ‬سطح‭ ‬الماء،‭ ‬إذ‭ ‬تفتح‭ ‬فمها‭ ‬ليدخل‭ ‬في‭ ‬جوفها‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬اللافقاريات‭ ‬الصغيرة‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الماء‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬تصفية‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬اللافقاريات‭ ‬تتسرب‭ ‬إلى‭ ‬الجهاز‭ ‬الهضمي،‭ ‬ومع‭ ‬اللافقاريات‭ ‬الصغيرة‭ ‬فإنه‭ ‬تتسرب‭ ‬كذلك‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬أيضًا‭ ‬اللدائن‭ ‬الدقيقة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬البحر،‭ ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬اللدائن‭ ‬تصبح‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬غذاء‭ ‬هذه‭ ‬الحيتان‭ ‬فتدخل‭ ‬معدتها‭ ‬وهذا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ضغوط‭ ‬إضافية‭ ‬إذا‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬تغذية‭ ‬المرشح‭ ‬داخل‭ ‬فم‭ ‬الحوت‭.‬

 

التأثيرات‭ ‬الكيميائية

‭ ‬للجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬

إن‭ ‬ملامح‭ ‬السمية‭ ‬البيئية‭ ‬للمركبات‭ ‬المضافة‭ ‬إلى‭ ‬البلاستيك‭ ‬لتحقيق‭ ‬خصائص‭ ‬معينة؛‭ ‬مثل‭ ‬المتانة‭ ‬والمرونة‭ ‬ومقاومة‭ ‬الأشعة‭ ‬فوق‭ ‬البنفسجية،‭ ‬معروفة‭ ‬لدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬وربما‭ ‬العامة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬معروف‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬السامة‭ ‬المضافة‭ ‬إلى‭ ‬البلاستيك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬جسيم‭ ‬بلاستيكي‭ ‬إلى‭ ‬الكائن‭ ‬الحي،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬للمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬على‭ ‬الكائن‭ ‬الحي‭.‬

ومن‭ ‬المعروف‭ ‬إن‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬تُعد‭ ‬ملوثة‭ ‬بمجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬العضوية‭ ‬وغير‭ ‬العضوية،‭ ‬ولقد‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬المواد‭ ‬البلاستيكية‭ ‬تحوي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬العضوية،‭ ‬مثل‭ ‬مبيد‭ ‬الآفات‭ (‬DDT‭) ‬وثنائي‭ ‬الفينول‭ ‬متعدد‭ ‬الكلور‭ (‬PCBs‭)‬،‭ ‬بدرجة‭ ‬عالية،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسبب‭ ‬هذه‭ ‬المركبات‭ ‬آثارًا‭ ‬مزمنة‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اضطراب‭ ‬الجهاز‭ ‬الهرموني‭ (‬اضطراب‭ ‬الغدد‭ ‬الصماء‭)‬،‭ ‬وإحداث‭ ‬تغييرات‭ ‬جينية‭ (‬الطفرات‭) ‬والسرطان‭ (‬مسببة‭ ‬للسرطان‭).‬

وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬تتناول‭ ‬الأسماك‭ ‬أو‭ ‬الطيور‭ ‬أو‭ ‬الثدييات‭ ‬البحرية‭ ‬هذه‭ ‬المركبات‭ ‬والمواد،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬المركبات‭ ‬تبدأ‭ ‬بالتسرب‭ ‬من‭ ‬بنية‭ ‬البلاستيك،‭ ‬وتشير‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬واتجاه‭ ‬انتقال‭ ‬المركبات‭ ‬الثابتة‭ ‬والمتراكمة‭ ‬بيولوجيًا‭ ‬والسامة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬الكيميائية‭ ‬في‭ ‬القناة‭ ‬الهضمية‭ ‬والمستويات‭ ‬الحالية‭ ‬لتلك‭ ‬المركبات‭ ‬في‭ ‬الأنسجة،‭ ‬فتتلوث‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬باستمرار‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ملامستها‭ ‬لبيئتها‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬تناول‭ ‬طعام‭ ‬ملوث،‭ ‬وهذا‭ ‬طبعًا‭ ‬يشكل‭ ‬عبئًا‭ ‬إضافية‭ ‬للملوثات‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الكائنات‭ ‬البحرية‭.‬

وقبل‭ ‬أن‭ ‬نختم،‭ ‬فإننا‭ ‬نعتقد‭ ‬أنه‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬اليوم‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬سريع،‭ ‬وإلى‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬الملحة،‭ ‬وهي‭ ‬التالي‭:‬

{‭ ‬يتدفق‭ ‬حوالي‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬النفايات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬سنويًا‭ ‬إلى‭ ‬المحيطات،‭ ‬وقد‭ ‬يتضاعف‭ ‬هذا‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2040‭.‬

{‭ ‬يتأثر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬نوع‭ ‬بحري‭ ‬وساحلي‭ ‬بهذا‭ ‬التلوث‭ ‬بابتلاع‭ ‬مواد‭ ‬البلاستيكية‭ ‬والتشابك‭ ‬بها‭ ‬ومخاطر‭ ‬أخرى‭.‬

{‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬دائري‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬حجم‭ ‬المواد‭ ‬البلاستيكية‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬المحيطات‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬80%‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2040؛‭ ‬وتقليل‭ ‬إنتاج‭ ‬المواد‭ ‬البلاستيكية‭ ‬البكر‭ ‬بنسبة‭ ‬55%‭.‬

هذا‭ ‬واقع‭ ‬بيئي‭ ‬نعيشه،‭ ‬ونحن‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬بلد‭ ‬واحد‭ ‬أو‭ ‬إقليم‭ ‬واحد‭ ‬معزول،‭ ‬ففي‭ ‬الفكر‭ ‬والثقافة‭ ‬البيئية‭ ‬والمحافظة‭ ‬عليها‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬حدود‭ ‬جغرافية،‭ ‬فالكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬كلها‭ ‬قطعة‭ ‬واحدة‭ ‬والدول‭ ‬كلها‭ ‬دولة‭ ‬واحدة،‭ ‬فما‭ ‬ينتج‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬فإنها‭ ‬حتمًا‭ ‬ستصل‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬إلى‭ ‬هنا،‭ ‬ونحن‭ ‬نتأثر‭ ‬به‭. ‬

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا