العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الذكاء الاصطناعي وحروب المستقبل

بقلم: باسم برهوم {

الثلاثاء ٠٦ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

قد‭ ‬لا‭ ‬يمضي‭ ‬عقد‭ ‬وتكون‭ ‬بعده‭ ‬معظم‭ ‬الأسلحة‭ ‬الموجودة‭ ‬حاليا‭ ‬ليست‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والدول‭ ‬الكبرى‭ ‬الأخرى‭ ‬باستخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأكثر‭ ‬دقة‭ ‬وفاعلية‭ ‬وقوة،‭ ‬حتى‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تسابق‭ ‬الزمن‭ ‬لتسجيل‭ ‬تفوقها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬كشفت‭ ‬أنها‭ ‬استخدمت‭ ‬في‭ ‬عدوانها‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬طائرات‭ ‬الشبح‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬قدرات‭ ‬خاصة‭ ‬لتحديد‭ ‬أماكن‭ ‬وجود‭ ‬قيادات‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬وضمان‭ ‬اغتيالهم‭.‬

والسؤال‭ ‬هنا‭ ‬هل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وجيوشها‭ ‬جاهزة‭ ‬لحروب‭ ‬المستقبل‭ ‬التي‭ ‬ستدار‭ ‬وتنفذ‭ ‬بواسطة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي؟‭ ‬

إن‭ ‬من‭ ‬سيحسم‭ ‬شكل‭ ‬وطبيعة‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬وحتى‭ ‬مستقبل‭ ‬العالم‭ ‬للعقود‭ ‬التالية‭ ‬هو‭ ‬الطرف‭ ‬الأكثر‭ ‬تطورا‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬الحروب،‭ ‬ويمتلك‭ ‬الأتمتة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬حسمها‭ ‬بأقل‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬فإن‭ ‬الفجوة‭ ‬كبيرة‭ ‬الآن‭ ‬بما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الأسلحة‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬الحروب‭ ‬فكيف‭ ‬يمكن‭ ‬تخيل‭ ‬الفجوة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬الأسلحة‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الخيال‭ ‬العلمي‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬الواقع،‭ ‬حيث‭ ‬ستتحول‭ ‬الحروب‭ ‬إلى‭ ‬لعبة‭ ‬يتحكم‭ ‬بها‭ ‬حاسوب‭ ‬واحد‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬دقة‭ ‬أدائه‭ ‬إلى‭ ‬نسبة‭ ‬المئة‭ ‬بالمئة‭.‬

طائرات‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع‭ ‬وحتى‭ ‬الخامس‭ ‬ستتحول‭ ‬إلى‭ ‬خردة‭ ‬ومعها‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الدبابات‭ ‬والمدافع،‭ ‬فالسيطرة‭ ‬ستكون‭ ‬لأسلحة‭ ‬لا‭ ‬يستخدمها‭ ‬البشر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬ربما‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬هنا‭ ‬أين‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وكيفية‭ ‬استخدامه‭ ‬في‭ ‬النواحي‭ ‬العسكرية؟

كنا‭ ‬نعتقد‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يتغير‭ ‬بسرعة‭ ‬من‭ ‬حولنا‭ ‬بشكل‭ ‬يدهشنا،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يحصل‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬فصاعدا‭ ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬التغير‭ ‬القادم‭ ‬والذي‭ ‬ستدخل‭ ‬معه‭ ‬البشرية‭ ‬مرحلة‭ ‬مختلفة‭ ‬بالكامل،‭ ‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬لحظة‭ ‬تاريخية‭ ‬فريدة‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬العالم‭ ‬بعدها‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬قبلها،‭ ‬إنها‭ ‬مسألة‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬قليلا‭ ‬ليصبح‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭ ‬اليوم‭ ‬كأنه‭ ‬فيلم‭ ‬بالأسود‭ ‬والأبيض‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قادم‭.‬

فالمقولة‭ ‬القديمة‭ ‬‮«‬لا‭ ‬شيء‭ ‬مستحيل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬وإنما‭ ‬المستحيل‭ ‬هو‭ ‬استرجاع‭ ‬الماضي‮»‬‭ ‬قد‭ ‬تنتهي‭ ‬ويصبح‭ ‬حتى‭ ‬استرجاع‭ ‬الماضي‭ ‬أمرا‭ ‬ممكنا‭ ‬مع‭ ‬قفزة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬

وفي‭ ‬نظرة‭ ‬للواقع‭ ‬العربي‭ ‬الراهن‭ ‬فإن‭ ‬التوقعات‭ ‬قاتمة،‭ ‬ففي‭ ‬وقت‭ ‬تنجز‭ ‬فيه‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬القفزة‭ ‬المشار‭ ‬إليها،‭ ‬فإن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬إما‭ ‬تمزقها‭ ‬الأزمات‭ ‬الداخلية،‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬الدول‭ ‬المفلسة،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬دولنا‭ ‬الغنية،‭ ‬وخاصة‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬فرصة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تذكرة‭ ‬دخول‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الجديد،‭ ‬ولكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬فرص‭ ‬تطوير‭ ‬أشكال‭ ‬جديدة‭ ‬للطاقة‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬اليوم‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يقاس،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وجب‭ ‬دق‭ ‬جرس‭ ‬الإنذار‭ ‬كي‭ ‬تستفيد‭ ‬دولنا‭ ‬الغنية‭ ‬مما‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬ثروة‭ ‬واللحاق‭ ‬بركب‭ ‬التطور‭ ‬وأن‭ ‬تقدم‭ ‬لشقيقاتها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬العون‭ ‬والمساعدة

‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬والحالة‭ ‬هذه‭ ‬ثمة‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬دائرة‭ ‬سؤال‭ ‬مفاده‭: ‬هل‭ ‬العرب‭ ‬مؤهلون‭ ‬لخوض‭ ‬حروب‭ ‬المستقبل؟‭ ‬ويواكبه‭ ‬سؤال‭ ‬آخر‭: ‬هل‭ ‬العرب‭ ‬مؤهلون‭ ‬لدخول‭ ‬عصر‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي؟‭ ‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬حقائق‭ ‬ومعطيات‭ ‬الواقع‭ ‬العربي‭ ‬اليوم‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬ذلك،‭ ‬فما‭ ‬العمل؟‭ ‬هل‭ ‬نستسلم‭ ‬لمنطق‭ ‬التراجع‭ ‬وعدم‭ ‬مواكبة‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬ونبقى،‭ ‬أو‭ ‬نقبل‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬المعتم‭ ‬من‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية؟‭ ‬

الأسئلة‭ ‬هنا‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬النخب‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬عقلها‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬وسيلة‭ ‬إنقاذ،‭ ‬لن‭ ‬نفقد‭ ‬الأمل‭ ‬فالأمة‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬ينقصها‭ ‬الذكاء‭ ‬الطبيعي‭ ‬والمهم‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬فورا‭ ‬لنكون‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا