يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
حقائق تجاهلها وزير عنصري
وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان كان مؤخرا في زيارة لأمريكا. أثناء الزيارة ارتدى ثوب الفيلسوف الفاهم الناصح الأمين للأمريكيين. واتضح مما قاله أنه لا هو فيلسوف ولا هو فاهم لأي شيء ولا هو ناصح. اتضح أنه وزير جاهل وعنصري ومتطرف.
الوزير الفرنسي قال: «أتينا لنذكرهم، أي الأمريكيين، بأنه بالنسبة إلى الأوروبيين ولفرنسا، فإن الخطر الأول هو الإرهاب الإسلامي السني».
إذن بالنسبة إلى الوزير «الإرهاب» سني بالأساس وهو الخطر الأكبر على أوروبا كلها.
لن نعيد هنا ما كتبه زملاء في صحف ومواقع عربية بالفعل ردا على الوزير حين ذكروه بالتاريخ الطويل للإرهاب الفرنسي ضد الدول والشعوب، وما ارتكبته فرنسا مثلا في الجزائر من مجازر تاريخية راح ضحيتها أكثر من مليون جزائري، وما فعلته في دول أخرى.
كما لن نتوقف طويلا أمام المواقف العدائية التي اتخذتها فرنسا في السنوات الماضية ضد المسلمين، التي كان أبرزها الإساءات المتكررة للرسول الكريم في حماية الدولة الفرنسية والمسؤولين الفرنسيين على أعلى المستويات، وهو الأمر الذي يعتبر بمثابة إرهاب سياسي وإعلامي للمسلمين.
نريد أن نذكر الوزير الفرنسي بعدد من الحقائق التي من المفروض أن يكون على علم بها، لكنه تجاهلها تماما، هي على النحو الآتي:
أولا: على امتداد السنوات الطويلة الماضية كانت فرنسا شريكا أساسيا في كل الاعتداءات والجرائم التي ارتكبتها الدول الغربية ضد دول عربية وإسلامية وكانت أحد أكبر الأسباب في ظهور ظاهرة الإرهاب أصلا. فرنسا كانت شريكا في هذه الجرائم بحكم تحالفها مع أمريكا وكجزء من التحالف الغربي.
جرائم مثل غزو واحتلال العراق وأفغانستان كانت مفرخة للإرهاب والإرهابيين في المنطقة كلها ونحن الذين دفعنا ثمن ذلك.
بعبارة أخرى فرنسا مثل الدول الغربية الأخرى تتحمل مسؤولية أساسية عن تفاقم ظاهرة الإرهاب في العالم.
ثانيا: وإذا كان الوزير الفرنسي لا يرى خطرا إرهابيا على أوروبا غير ما يسميه «الإرهاب السني» فلماذا يتجاهل الجرائم التي ترتكبها شبكات الإرهاب الإيراني في الدول الأوروبية ومنها فرنسا؟
هذه جرائم موثقة ومعلنة تفاصيلها وصدرت بشأنها أحكام في محاكم عدة دول أوروبية. وهي كلها جرائم ترعاها إيران رسميا ويخطط لها وينفذها الحرس الثوري الإيراني. ولهذا السبب تريد الدول الأوروبية وضع الحرس الثوري على قائمة الإرهاب.
ألا يعتبر هذا مصدرا للإرهاب بالنسبة إلى الوزير؟
ثالثا: وإذا كان الوزير حين يتحدث عن «إرهاب سني» يقصد منظمات مثل تنظيم داعش أو القاعدة أو غيرهما، فلماذا يتجاهل الوزير أن أمريكا ومعها الدول الغربية هي بالذات التي كانت وراء صعود وتقوية هذه الجماعات الإرهابية لأسباب تتعلق بأجندتهم الاستراتيجية في المنطقة العربية؟.. ولماذا يتجاهل أن العالم العربي والإسلامي هو الذي كان ضحية هذه الجماعات الإرهابية وأن العرب والمسلمين هم أول من يدينها وينبذها؟ كيف واتته الجرأة على أن يتحدث هكذا عن «إرهاب سني» عام؟
رابعا: وماذا عن الخطر الذي تمثله الجماعات والقوى اليمينية المتطرفة في أوروبا وكثير منها جماعات مسلحة تستخدم أساليب العنف والإرهاب؟.. ألا يمثل هذا بالنسبة إليه أي خطر على الإطلاق على الرغم من التحذيرات التي يطلقها مفكرون وساسة في فرنسا وغيرها من الدول الغربية؟
على ضوء هذه الحقائق، يحق للكل أن يتساءل: لماذا إذن لم يجد الوزير الفرنسي من خطر على فرنسا وأوروبا إلا ما يسميه «الإرهاب السني»؟
الجواب البديهي هو أن التفسير الوحيد أن الوزير عنصري يكن كراهية للعرب والإسلام والمسلمين؟ ولا يوجد تفسير غير هذا.
بالنسبة إلينا، لم يعد يعنينا كثيرا مثل هذه المواقف العنصرية المتطرفة. المشكلة هي مشكلة بالنسبة إلى فرنسا.
هذا الوزير المفروض أنه فيما يتخذ ويعلن من مواقف حريص على المصلحة الفرنسية لكنه بهذا الذي قاله يستعدي كل المسلمين السنة في العالم، ويلحق أفدح الأضرار بمصالح فرنسا في العالم العربي والإسلامي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك