العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أزمة الخصوبة العالمية وتدهور البيئة

بقلم: د.إسماعيل محمد المدني

الثلاثاء ١٣ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬المقال‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونومست‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬(The Economist)‭ ‬العريقة‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬2023‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬انهيار‭ ‬الخصوبة‭ ‬العالمية،‭ ‬مع‭ ‬عواقب‭ ‬اقتصادية‭ ‬عميقة‮»‬‭. ‬فهذا‭ ‬المقال‭ ‬يتطرق‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬حيوية‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬مرتبطة‭ ‬باستدامة‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض،‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬‮«‬خصوبة‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬حالات‭ ‬العقم‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬بعض‭ ‬البشر،‭ ‬حيث‭ ‬نبه‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬دولية‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬المشرق‭ ‬والمغرب‭ ‬على‭ ‬حدٍ‭ ‬سواء،‭ ‬وهي‭ ‬تزعزع‭ ‬وتدهور‭ ‬معدلات‭ ‬مستوى‭ ‬الخصوبة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬مخالفاً‭ ‬ومعارضاً‭ ‬بذلك‭ ‬التوقعات‭ ‬والنظريات‭ ‬التي‭ ‬أُطلقتْ‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬حول‭ ‬الانفجار‭ ‬السكاني‭ ‬العالمي،‭ ‬وزيادة‭ ‬أعداد‭ ‬المواليد‭ ‬بدرجة‭ ‬مفرطة‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬منذ‭ ‬بزوغ‭ ‬فجر‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الأولى‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬270‭ ‬عاما،‭ ‬بحيث‭ ‬إن‭ ‬موارد‭ ‬وثروات‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬مواكبة‭ ‬وملاحقة‭ ‬هذا‭ ‬المد‭ ‬السكاني‭ ‬العالمي‭ ‬المطرد،‭ ‬واستيعاب‭ ‬البشر‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬الغذاء،‭ ‬والكساء،‭ ‬والطاقة،‭ ‬وسبل‭ ‬العيش‭ ‬الكريمة‭.  ‬

فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬كان‭ ‬معدل‭ ‬نسبة‭ ‬الخصوبة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬2‭.‬7‭ ‬ولادة‭ ‬لكل‭ ‬امرأة،‭ ‬أي‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬معدل‭ ‬نسبة‭ ‬الإحلال‭ ‬وهو‭ ‬2‭.‬1،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬وجود‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التوازن‭ ‬الطبيعي‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬المواليد‭ ‬وعدد‭ ‬الوفيات،‭ ‬أو‭ ‬عدد‭ ‬المتقاعدين‭ ‬والخارجين‭ ‬عن‭ ‬الخدمة‭ ‬والوظيفة‭ ‬وسوق‭ ‬العمل،‭ ‬وعند‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬استقرار‭ ‬وثبات‭ ‬وتوازن‭ ‬في‭ ‬المعادلة‭ ‬السكانية‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬المعادلة،‭ ‬الداخل‭ ‬فيها،‭ ‬أو‭ ‬الطرف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬المعادلة،‭ ‬وهو‭ ‬عدد‭ ‬المواليد‭ ‬الذين‭ ‬يدخلون‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا‭ ‬مقارنة‭ ‬بالخارج‭ ‬منها‭ ‬وهو‭ ‬عدد‭ ‬الوفيات‭ ‬والشواغر‭ ‬الوظيفية‭. ‬

ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬المتزنة‭ ‬والمستقرة‭ ‬للبشر‭ ‬لم‭ ‬تدم‭ ‬طويلاً،‭ ‬إذ‭ ‬انكشف‭ ‬نمط‭ ‬جديد‭ ‬للمعادلة‭ ‬السكانية‭ ‬الدولية‭ ‬وتمثل‭ ‬في‭ ‬انخفاض‭ ‬ونقصان‭ ‬في‭ ‬الخصوبة‭ ‬وتحلل‭ ‬وتفكك‭ ‬المعادلة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬فقد‭ ‬سجل‭ ‬المعدل‭ ‬العالمي‭ ‬للخصوبة‭ ‬تدهوراً‭ ‬وانخفاضاً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬طوال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬مقارنة‭ ‬بمعدلات‭ ‬الإحلال،‭ ‬فبلغ‭ ‬2‭.‬49‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬وأخيراً‭ ‬اليوم،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬ذروته‭ ‬وإلى‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي‭ ‬في‭ ‬الانخفاض،‭ ‬وهو‭ ‬2‭.‬3‭ ‬ولادة‭ ‬لكل‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬حتى‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬والمتقدمة‭ ‬والثرية‭ ‬منها،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الهند‭ ‬والصين‭ ‬والبرازيل‭ ‬وتايلاند‭ ‬والمكسيك‭.‬

ولهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬المستجدة‭ ‬تداعيات‭ ‬كثيرة‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬وعلى‭ ‬المجتمع‭ ‬برمته،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬عوامل‭ ‬وأسباب‭ ‬متعددة‭ ‬ومختلفة‭. ‬أما‭ ‬التداعيات‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬المجتمعات‭ ‬البشرية‭ ‬فهي‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وتتمثل‭ ‬في‭ ‬تحطم‭ ‬المعادلة‭ ‬السكانية‭ ‬المتوازنة،‭ ‬وإحداث‭ ‬شرخٍ‭ ‬وخلل‭ ‬وحالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الثبات‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المجتمعات،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أو‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭. ‬فعندما‭ ‬تقل‭ ‬معدلات‭ ‬الخصوبة،‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬انخفاضاً‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬المواليد،‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬ولا‭ ‬يحل‭ ‬محل‭ ‬الذين‭ ‬لقوا‭ ‬نحبهم،‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬خرجوا‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ويتلقون‭ ‬راتباً‭ ‬تقاعدياً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬سير‭ ‬قطار‭ ‬التنمية،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬فيحدث‭ ‬فراغاً‭ ‬واسعاً‭ ‬وفجوة‭ ‬كبيرة‭ ‬تزيد‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم،‭ ‬فيفجر‭ ‬أزمة‭ ‬عالمية،‭ ‬أو‭ ‬إقليمية،‭ ‬أو‭ ‬قومية‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وفي‭ ‬وجود‭ ‬نقص‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬الأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬والمدربة‭ ‬ذات‭ ‬الخبرة‭ ‬العالية‭ ‬والطويلة‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬الإمساك‭ ‬بعجلة‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بلد‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.  ‬

وهناك‭ ‬عدة‭ ‬أسباب‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬الانخفاض‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬الخصوبة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬منها‭ ‬الفقر،‭ ‬ومستوى‭ ‬التعليم،‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬وبخاصة‭ ‬للمرأة‭ ‬الحامل‭ ‬أثناء‭ ‬وبعد‭ ‬الولادة،‭ ‬وارتفاع‭ ‬كلفة‭ ‬تربية‭ ‬الطفل،‭ ‬وموت‭ ‬الأجنة‭ ‬قبيل‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬الولادة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬سلوكيات‭ ‬وممارسات‭ ‬المرأة‭ ‬اليومية‭ ‬من‭ ‬التدخين،‭ ‬والبدانة،‭ ‬والتغذية‭ ‬غير‭ ‬المعتدلة‭ ‬وغير‭ ‬المتنوعة‭. ‬وأخيراً‭ ‬هناك‭ ‬العامل‭ ‬البيئي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬عادة‭ ‬تجاهله‭ ‬وغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬تداعياته،‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬التركيز‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬دوره‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬خصوبة‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة،‭ ‬والذي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬والتعرض‭ ‬للملوثات‭ ‬السامة‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬الحمل‭ ‬وعلى‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬بطن‭ ‬أمه‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬يلج‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا‭.‬

وهناك‭ ‬عدة‭ ‬مظاهر‭ ‬وصور‭ ‬لتأثيرات‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬والتعرض‭ ‬للملوثات‭ ‬في‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الخصوبة،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬أعداد‭ ‬ونوعية‭ ‬وحجم‭ ‬الماء‭ ‬المَهِين،‭ ‬أو‭ ‬الحيوانات‭ ‬المنوية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬الحياة‭ ‬والمؤشر‭ ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬يقيس‭ ‬خصوبة‭ ‬الرجل،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬الجنين‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬أمه‭ ‬فيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإجهاض،‭ ‬أو‭ ‬الولادة‭ ‬المبكرة،‭ ‬أو‭ ‬ولادة‭ ‬طفل‭ ‬منخفض‭ ‬الوزن‭ ‬والحجم،‭ ‬أو‭ ‬ولادة‭ ‬طفل‭ ‬ميت‭ ‬أو‭ ‬معوق‭ ‬ومصاب‭ ‬بأمراض‭ ‬مزمنة‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الحيوانات‭ ‬المنوية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬خصوبة‭ ‬للإنسان‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ضمان‭ ‬صحتها‭ ‬وسلامتها‭ ‬وحجمها،‭ ‬فقد‭ ‬أجمعت‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أُجريت‭ ‬منذ‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‭ ‬كالدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬سبتمبر‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الأطباء‭ ‬البريطانيين‭(‬British‭ ‬Medical‭ ‬Journal‭)‬‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الدليل‭ ‬على‭ ‬انخفاض‭ ‬نوعية‭ ‬الحيوانات‭ ‬المنوية‭ ‬خلال‭ ‬الخمسين‭ ‬سنة‭ ‬الماضية‮»‬،‭ ‬والدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مجلة(Human Reproduction Update)‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الأنماط‭ ‬الزمانية‭ ‬لعدد‭ ‬الحيوانات‭ ‬المنوية‭: ‬مراجعة‭ ‬تحليلية‭ ‬للعينات‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬دوليا‭ ‬في‭ ‬القرنين‭ ‬20‭ ‬و‭ ‬21‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬انخفاضاً‭ ‬مشهوداً‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬ونوعية‭ ‬وصحة‭ ‬الحيوانات‭ ‬المنوية‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬المتقدمة‭ ‬والمتطورة‭ ‬والنامية‭. ‬كذلك‭ ‬الدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬شؤون‭ ‬صحة‭ ‬البيئة‮»‬‭ ‬(Environmental Health Perspectives)‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬السكن‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬شوارع‭ ‬رئيسة‭ ‬ونوعية‭ ‬الحيوانات‭ ‬المنوية‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬أشارت‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬تدهور‭ ‬الحيوانات‭ ‬المنوية‭ ‬نوعياً‭ ‬وكمياً‭ ‬هي‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬ملوثة‭ ‬والتعرض‭ ‬للملوثات‭ ‬مثل‭ ‬غاز‭ ‬الأوزون،‭ ‬والدخان‭ ‬أو‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة،‭ ‬والبنزين،‭ ‬والمركبات‭ ‬العضوية‭ ‬العطرية‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬الكلورين،‭ ‬والمواد‭ ‬التي‭ ‬تضاف‭ ‬عند‭ ‬إنتاج‭ ‬البلاستيك،‭ ‬ومصادر‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭ ‬منها‭ ‬السيارات،‭ ‬والسجائر،‭ ‬والبخور،‭ ‬والأثاث‭ ‬المنزلي،‭ ‬والهواء‭ ‬العادي‭ ‬الملوث،‭ ‬والمبيدات‭. ‬

وفي‭ ‬المقابل‭ ‬هناك‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬تسبر‭ ‬غور‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬العوامل‭ ‬البيئية‭ ‬كتلوث‭ ‬الهواء‭ ‬والتعرض‭ ‬للملوثات‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬والتربة‭ ‬والمواد‭ ‬الغذائية‭ ‬ومظاهر‭ ‬وصور‭ ‬تدني‭ ‬مستوى‭ ‬الخصوبة‭. ‬فهناك‭ ‬دراسة‭ ‬منشورة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬شؤون‭ ‬صحة‭ ‬البيئة‮»‬‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2022‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬والتكاثر‭: ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬البعد‭ ‬السريري‮»‬،‭ ‬وهذه‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بمراجعة‭ ‬وتقييم‭ ‬الدراسات‭ ‬السابقة‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬يؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬في‭ ‬التكاثر‭ ‬البشري‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تدهور‭ ‬الخصوبة،‭ ‬ومشكلات‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬الرحم،‭ ‬ونتائج‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬الحمل‭ ‬والولادة‭. ‬ودراسة‭ ‬أخرى‭ ‬منشورة‭ ‬في‭ ‬المجلة‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2021‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المناطق‭ ‬الخضراء‭ ‬السكنية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬شمال‭ ‬أمريكا‭ ‬والخصوبة‮»‬،‭ ‬وهذه‭ ‬الدراسة‭ ‬الوبائية‭ ‬الفريدة‭ ‬والأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬تقدم‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬علاقة‭ ‬إيجابية‭ ‬بين‭ ‬السكن‭ ‬في‭ ‬أو‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬ومساحات‭ ‬خضراء‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬والمصانع‭ ‬وغيرهما‭ ‬وخصوبة‭ ‬وصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬الدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2020‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬للتعرض‭ ‬لتلوث‭ ‬الهواء‭ ‬أثناء‭ ‬الحمل‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬الولادة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬ملخصها‭ ‬أن‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬ملوثة‭ ‬بالدخان،‭ ‬أو‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬وثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكبريت‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الولادة‭ ‬وعلى‭ ‬الطفل‭ ‬المولود‭. ‬كذلك‭ ‬الدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬شؤون‭ ‬الصحة‭ ‬البيئة‮»‬‭ ‬حول‭ ‬تأثير‭ ‬التعرض‭ ‬لبدائل‭ ‬الملوثات‭ ‬العضوية‭ ‬متعددة‭ ‬الفلور‭ ‬ومتلازمة‭ ‬تكيس‭ ‬المبايض‭ ‬لدى‭ ‬النساء‭ ‬المصابات‭ ‬بالعقم‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أفادت‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭ ‬العضوية‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بإصابة‭ ‬المرأة‭ ‬بالعقم‭.‬

فهذه‭ ‬الدراسات‭ ‬والأبحاث‭ ‬التي‭ ‬قدَّمتها‭ ‬لكم‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض،‭ ‬فهي‭ ‬كثيرة‭ ‬جداً‭ ‬وفي‭ ‬تزايد‭ ‬مطرد‭ ‬مع‭ ‬الوقت،‭ ‬وكلها‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬البيئي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬والماء‭ ‬والتربة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬العوامل‭ ‬الأخرى‭ ‬كلها‭ ‬تراكمت‭ ‬وتجمعت‭ ‬فأدت‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬إلى‭ ‬تدهور‭ ‬في‭ ‬الخصوبة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬ما‭ ‬يحتم‭ ‬علينا‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالجانب‭ ‬البيئي‭ ‬ومنع‭ ‬ومعالجة‭ ‬الملوثات‭ ‬قبل‭ ‬السماح‭ ‬لها‭ ‬بالدخول‭ ‬إلى‭ ‬عناصر‭ ‬بيئتنا‭.‬

 

bncftpw@batelco‭.‬com‭.‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا