التحمت دولة إسرائيل الاحتلالية العنصرية، في ظل الحكومة الحالية، بـ«دولة المستوطنين» التي أضحت قياداتها مشاركة في الوزارات وجيش الدفاع وباتت بذلك صاحبة قرار سياسي. وها هي انتهاكات دولة المستوطنين تتم، بوضوح شديد، بحماية الجيش الإسرائيلي وأصبحت اعتداءاتهم تتجلى أمام سمع وأنظار العالم من دون تدخل، اللهم باستثناء بعض بيانات الشجب والانتقاد اللفظي. ولقد أضحت هذه الدولة الاستيطانية تمتلك السلاح ويسيطر رجالاتها على الفروع الأكثر حساسية في الحكومة الإسرائيلية في حين يلبي جيش الدفاع شهواتهم الدموية.
في ظل هذا الواقع، تجري اليوم – في نظرنا – سواء في القدس أو في الضفة الغربية (التي لها مكانة خاصة في المعتقدات الصهيونية التلمودية المتشددة دينيا) عملية تطهير عرقي بعد أن تحقق جزء كبير من المراد من التوسع الجغرافي والديموغرافي الاستعماري/ الاستيطاني بالضفة الغربية على حساب الوجود الفلسطيني.
إذًا، هي عملية تطهير عرقي متسارع ومبرمج منذ ما يقرب من عام ضد الأهل في الضفة الغربية وذلك من خلال استعمال أكثر من أسلوب. وفي طليعة هذه الأساليب ما تقوم به دولة إسرائيل من أعمال الجيش واقتحاماته وقتله لأبناء الشعب الفلسطيني المقاوم.
وقد وصل عدد من ارتقوا شهداء، منذ بداية عام 2023، إلى رقم قياسي بلغ (125) شهيدا في الضفة والقدس من خلال أعمال القتل والإعدام والانتهاكات الإسرائيلية التي لا تعد ولا تحصى، فضلا عن التخريب والاعتقال وإغلاق الطرق حتى الترابية منها وإغلاق حواجز ونصب أخرى جديدة، وكل ذلك مقرون بأوامر هدم ذاتي وخاصة في القدس ومحاولات التطهير العرقي المتواصلة في أحيائها وقراها وبلداتها على وجه الخصوص.
أما الأسلوب الثاني، فتقوم به دولة المستوطنين المتنامية والمتطاولة، من اعتداءات كالضرب ورشق الحجارة والتهديد والوعيد وإحراق الحقول وإتلاف الأشجار وشتى المزروعات وسرقة الثمار واستهداف المنازل وتخريب السيارات وإغلاق الطرق وإطلاق النار، وصولا إلى القتل ودائما بحجة أن هؤلاء المزارعين المقاومين، أصحاب الأرض الحقيقيين، «إرهابيون»!
ورغم ذلك كله، يمتنع الجيش عن الدخول في مواجهات مع المستوطنين المتوغلين والمتغولين مع أنه طبعا يمتلك، من الناحية القانونية، صلاحية توقيفهم واعتقالهم، لكنه بالمقابل، يلجأ إلى إصدار أوامر تعلن الموقع المستهدف منطقة عسكرية مغلقة وتسري فقط على الفلسطينيين أو يقوم الجنود بتفريقهم، وفي بعض الأحيان يشارك الجنود أنفسهم في الهجمات التي يشنها المستوطنون على الفلسطينيين أو يقفون جانبا موقف المتفرج دون التدخل لمنع الاعتداء.
هناك عملية إرهاب وتخويف ضد عباد الله من الفلسطينيين، وخاصة الشباب، على أمل إيقاع الخوف والهلع في قلوبهم بهدف دفعهم إلى الهجرة (وأهاليهم أيضا) وبالذات وأن هؤلاء الشباب هم مصدر المقاومة.
إذا هي حملة تطهير عرقي تقودها دولتا إسرائيل والمستوطنون الملتحمتان داخل الحكومة الحالية أمام صمت العالم الغربي أساسا، وفي ظل بيانات وتصريحات لفظية عبثية من الدول العربية والإسلامية، ناهيك عن القوى المعارضة الإسرائيلية التي تتظاهر ضد التعديلات القضائية الانقلابية ولكنها لا تتظاهر (بل وحتى لا تلتفت) إلى هذه الجرائم البشعة، وطبعا ضمن اتفاق غير معلن، بين الحكومة والمعارضة، بالاستيلاء على أكبر قدر مما تبقى من فلسطين، مقرونا بعملية ترانسفير منشودة باتت واضحة وضوح الشمس في أشهر الصيف الفلسطيني! فحذار حذار من هذا السرطان ومن زمن يأتي.. لا ينفع فيه الندم!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك