إنَّ مشروع (مائة كتاب وكتاب: كتب عربيّة أثرت العالم) هو مشروع صادر عن مركز أبوظبي للغة العربيّة بدولة الإمارات العربيّة المتحدة الذي يرأسه الأكاديمي والناقد الإماراتي الدكتور علي بن تميم. إنَّ هذا الكتاب هو الإصدار الأول ضمن سلسلة من الكتب الشبيهة التي تسعى إلى تشكيل أفق معرفي يتسم بالسعة والحيوية والمرونة والعمل على تقديم التراث العربيّ للجيل الجديد، ويحمل العنوان صدى من كتاب ألف ليلة وليلة، والأمر مقصود إذ أُريد لهذا الكتاب أن يتحاور مع الاعتقاد الخاطئ السائد بين الجمهور العام من القرّاء في الغرب، وهو الاعتقاد الذي يختزل الأدب العربيّ بكتاب واحد هو كتاب ألف ليلة وليلة. إن َّكتاب (مائة كتاب وكتاب) يقدم تصورًا أكثر تنوعًا وشمولية للتراث العربيّ سعيًا إلى إعادة تلقيه وتقديره من خلال التعريف بالكتب المختارة، وبأهم المصنفين في الأدب العربيّ، وبالأنواع الأدبيّة المتنوّعة التي عرفها التراث العربيّ (الخطابة، المقامة، الترسّل، القصيدة، الرحلات، السيرة الذاتيّة...). وينتخب الكتاب كتبًا تراثية مشهورة هيمنت على الذائقة اللغوية والأدبيّة كما ينتخب أعمالاً أخرى أقل شهرة من اختصاصات، وموضوعات متعدّدة. لقد راعى الباحثون المشاركون في إعداد هذا الكتاب معايير مهمة هي: أهمية الكتاب ضمن ما صُنف في نوعها الأدبيّ؛ وموقعه في الأدب العربيّ والأدب العالميّ؛ وشبكة المؤلفات العربيّة والعالميّة التي تأثَّرت بالكتاب أو تأثَّر بها؛ وتجليات الكتاب في الفنون الأدائية (المسرحيات، الأفلام، المسلسلات، الكارتون، المقطوعات الموسيقيّة، اللوحات الراقصة...)، وفي الفنون البصرية (لوحات تشكيليّة، منحوتات).
يذكر الدكتور علي بن تميم في تصديره هذا الكتاب أنَّ مهمة إنشاء قوائم مرجعية وغير مرجعية أمر شائع في الآداب والفنون العالميّة، ولا تكاد تخلو أيُّ لغة أو فن منها. ولذلك جاء مشروع مائة كتاب وكتاب استجابة لضرورة ملحة بإنشاء قائمة للكتب والفنون العربيّة، ومن شأن ذلك أن يمهّد الطريق أمام إنشاء قاعدة بيانات (database) شاملة تُحصي ما أُلف بالعربيّة وتقدم تعريفًا موجزًا به، والمشروع كذلك دعوة إلى إحياء فن الاختيار الذي كان محركًا للنقد الأدبيّ على الدوام، وبلغ في التراث العربي مكانة لم يبلغها في الحضارات الأخرى.
إنَّ وجود مثل هذه الاختيارات الثقافيّة الكبرى من شأنه إعادة تشكيل الذاكرة الجمعية العربيّة للأجيال الأصغر سنًا لاستعادة مثل هذا الخزين الثقافي التأسيسي، وإعادة تشكيل هوية هذه الأجيال المعرفية في عصر الشفاهيات الإلكترونيّة، وهذه تحية تقدير لمركز أبوظبي للغة العربيّة على هذه المشاريع الثقافية الكبرى التي يشتغلون عليها خدمة للعربيّة.
{ أستاذة السرديات والنقد الأدبي الحديث المشارك، كلية الآداب،
جامعة البحرين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك