العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قضايا حارقة لن تناقش في الانتخابات الأمريكية لعام 2024

بقلم: د. جيمس زغبي {

الثلاثاء ٢٠ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

مع‭ ‬اقتراب‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬المواقف‭ ‬الحزبية‭ ‬بشأن‭ ‬القضايا‭ ‬الخلافية‭ ‬ستهيمن‭ ‬على‭ ‬المناقشات،‭ ‬بينما‭ ‬سيتم‭ ‬تجاهل‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬‮«‬القضايا‭ ‬الكبرى‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬لأن‭ ‬أيًا‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬لن‭ ‬يرى‭ ‬أي‭ ‬رغبة‭ ‬بالخوض‭ ‬فيها‭. ‬فيما‭ ‬يلي‭ ‬ثلاثة‭ ‬هواجس‭ ‬أو‭ ‬مخاوف‭ ‬مهمة‭ ‬لن‭ ‬تتم‭ ‬مناقشتها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القضية‭ ‬الأكبر‮»‬‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الحزبين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬تتعلق‭ ‬بدور‭ ‬المال‭ ‬المفسد‭ ‬في‭ ‬سياستنا‭. ‬فمنذ‭ ‬أن‭ ‬ألغت‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬الأمريكية‭ ‬إصلاح‭ ‬تمويل‭ ‬الحملات،‭ ‬ارتفعت‭ ‬تكاليف‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفيدرالية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬

ففي‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬تم‭ ‬إنفاق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬سباق‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬وانتخابات‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي،‭ - ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬المبلغ‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إنفاقه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭.‬

وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المبالغ‭ ‬الضخمة،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬الأموال‭ ‬بسياستنا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬القلق‭. ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬أحزابنا‭ ‬السياسية‭ ‬موجودة‭ ‬كمنظمات‭ ‬تزود‭ ‬الناشطين‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القاعدة‭ ‬بهياكل‭ ‬حكومية‭ ‬ومحلية‭ ‬ووصول‭ ‬هادف‭ ‬إلى‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تعمل‭ ‬الأحزاب‭ ‬والكيانات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬التبرعات،‭ ‬وتكديس‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دورة‭ ‬انتخابية،‭ ‬ثم‭ ‬توزيع‭ ‬هذه‭ ‬الأموال‭ ‬على‭ ‬مجموعات‭ ‬استشارية‭ ‬لتطوير‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الاتصال‭ ‬والحملات‭ ‬الإعلانية‭ ‬والاتصال‭ ‬بالناخبين‭ ‬لجمع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأموال‭. ‬فالقضايا‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الاستشاريين‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تجلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المال‭.‬

والأكثر‭ ‬إضرارا‭ ‬بالعملية‭ ‬السياسية‭ ‬هو‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬المانحون‭ ‬الرئيسيون‭ ‬واللجان‭ ‬السياسية‭ ‬‮«‬المستقلة‮»‬‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الانتخابات‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬وأشكالها‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬تبرع‭ ‬100‭ ‬شخص‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬1.6‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬للجان‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬المرشحين‭ ‬وأحزابهم‭ - ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11%‭ ‬من‭ ‬الإجمالي‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إنفاقه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬بأكملها‭.‬

وبلغ‭ ‬المبلغ‭ ‬الذي‭ ‬جمعته‭ ‬‮«‬اللجان‭ ‬المستقلة‮»‬‭ ‬وتم‭ ‬إنفاقه‭ ‬3‭.‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬ما‭ ‬يمنحها‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬القضايا‭ ‬المثارة‭ ‬التي‭ ‬تدرج‭ ‬في‭ ‬الأجندات‭ ‬والبرامج‭ ‬الانتخابية‭ ‬وتشكيل‭ ‬نتائج‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسابقات‭.‬

كما‭ ‬رأينا‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬فقد‭ ‬أنفق‭ ‬بعض‭ ‬المليارديرات‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬الملايين‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬لجانهم‭ ‬السياسية‭ ‬الخاصة،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬وتنفيذ‭ ‬حملات‭ ‬إعلانية‭ ‬ضخمة‭ ‬لتدمير‭ ‬المرشحين‭ ‬الذين‭ ‬سعوا‭ ‬إلى‭ ‬هزيمتهم‭. ‬نتيجة‭ ‬لدور‭ ‬المال‭ ‬الوفير‭ ‬في‭ ‬سياستنا،‭ ‬قام‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي‭ ‬بتكييف‭ ‬عملياتهما‭ ‬بالكامل‭ ‬لتعكس‭ ‬أثر‭ ‬هذه‭ ‬الأموال‭ ‬الضخمة‭. ‬ولا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬أيًا‭ ‬منهما‭ ‬مستعد‭ ‬لتحدي‭ ‬تأثيره‭ ‬المفسد‭. ‬

‮ ‬هناك‭ ‬‮«‬قضية‭ ‬كبيرة‮»‬‭ ‬أخرى‭ ‬لن‭ ‬يطرحها‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬الجمهوري‭ ‬أو‭ ‬الديمقراطي‭ ‬وهي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمبلغ‭ ‬السخيف‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إنفاقها‭ ‬على‭ ‬صيانة‭ ‬وتحديث‭ ‬ترسانتنا‭ ‬النووية‭. ‬تمتلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حاليًا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬5500‭ ‬رأس‭ ‬نووي‭ (‬3700‭ ‬نشطة،‭ ‬والباقي‭ ‬غير‭ ‬نشط‭). ‬يبلغ‭ ‬مخزون‭ ‬روسيا‭ ‬6000‭ ‬تقريبًا‭. ‬

تمتلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬الفتاكة‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يجادل‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إليه‭. ‬نحن‭ ‬ننتج‭ ‬رؤوسًا‭ ‬حربية‭ ‬جديدة‭ ‬سنويًا‭ ‬ونعمل‭ ‬حاليًا‭ ‬على‭ ‬ترقية‭ ‬ترسانتنا‭ ‬وتحديثها‭ ‬وإعادة‭ ‬تموضعها‭. ‬تبلغ‭ ‬تكلفة‭ ‬الخزانة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا،‭ ‬أو‭ ‬634‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقد‭ ‬المقبل‭. ‬

وبنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬لن‭ ‬يتطرق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬الجمهوري‭ ‬أو‭ ‬الديمقراطي‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬إصلاح‭ ‬تمويل‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية‭ - ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يشبه‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ - ‬فمن‭ ‬المحرمات‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬ضوابط‭ ‬جادة‭ ‬على‭ ‬ترسانتنا‭ ‬النووية‭.‬

‮ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬حاولت‭ ‬الحملة‭ ‬الرئاسية‭ ‬لجيسي‭ ‬جاكسون‭ ‬تقديم‭ ‬برنامج‭ ‬انتخابي‭ ‬تدعو‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬التعهد‭ ‬بـ«عدم‭ ‬الاستخدام‭ ‬الأول‮»‬‭ ‬للقنابل‭ ‬النووية‭. ‬أكد‭ ‬جاكسون‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬استخدام‭ ‬رأس‭ ‬حربي‭ ‬نووي‭ ‬لأنه‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تدمير‭ ‬مضمون‭ ‬للطرفين‮»‬‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬قال‭ ‬جيسي‭ ‬جاكسون‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬استخدام‭ ‬أول‭ ‬ولا‭ ‬استخدام‭ ‬ثان‭. ‬في‭ ‬الواقع‭. ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬استخدام‭ ‬القنبلة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬‭.‬

كان‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬مؤسسة‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬سلبيًا،‭ ‬قائلة‭ ‬إن‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬الاستخدام‭ ‬الأول‮»‬‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬يبدون‭ ‬ضعفاء‭. ‬هكذا‭ ‬سقط‭ ‬القرار‭ ‬ولم‭ ‬يُطرح‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أبدا‭.‬

هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬أخرى‭ ‬لن‭ ‬تتم‭ ‬مناقشتها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬وهي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بميزانية‭ ‬الدفاع‭ ‬المتضخمة‭ - ‬والمثبتة‭ ‬الآن‭ ‬عند‭ ‬842‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬بزيادة‭ ‬تفوق‭ ‬126‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عامين‭ - ‬والتي‭ ‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬النمو،‭ ‬دون‭ ‬رادع‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬ليس‭ ‬سراً‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬يتضمن‭ ‬إهداراً‭ ‬كبيراً،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يجرؤ‭ ‬على‭ ‬تحدي‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬البقرة‭ ‬المقدسة‮»‬‭. ‬

لا‭ ‬يعني‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬انتخابات‭ ‬2024‭ ‬ستكون‭ ‬بلا‭ ‬مضمون‭. ‬ستتم‭ ‬مناقشة‭ ‬الاهتمامات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الحساسة‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬العميق‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬الحزبين‭ ‬حول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا،‭ ‬سيكون‭ ‬أمام‭ ‬الناخبين‭ ‬خيار‭ ‬حقيقي‭. ‬

لكن‭ ‬سيكون‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬دور‭ ‬المال‭ ‬المفسد‭ ‬في‭ ‬السياسة،‭ ‬ومخزوننا‭ ‬النووي‭ ‬المكلف‭ ‬وغير‭ ‬المجدي،‭ ‬وميزانية‭ ‬الدفاع‭ ‬المتضخمة‭ ‬مطروحًا‭ ‬للنقاش‭ ‬أيضًا‭. ‬لكن،‭ ‬للأسف،‭ ‬لن‭ ‬تتم‭ ‬مناقشتها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭.‬

 

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا