بقلم: مروة سلامة إبراهيم
القلب ذلك العضو المهم في الجسم، الذي إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد كان وبالا على نفسه وعلى الآخرين.. فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «ألَا وَإنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وَهِيَ الْقَلْبُ». متفق عليه.
والقلب الرحيم منحة ربانية، يفيض بالخير على كل مَن حوله مِن إنسان وحيوان ونبات وحتى الجماد.
وهنا نتذكر رجلا عظيما من أصحاب القلوب الرحيمة وهو سيدنا عبد الله بن المبارك (رضي الله عنه) كان رجلا مباركا بحق تعلم الرحمة بمعناها الشامل من مدرسة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم).. فقد قيل إنه خرج ذات عام لأداء فريضة الحج، فوجد امرأة تلتقط دجاجة ميتة من على الأرض، فسألها: لماذا تفعلين هذا يا أَمة الله؟ فقالت له: دعك عني أيها الرجل، إنَّ لله في خلقة شؤونًا..
فأصرَّ عبدُ الله بن المبارك على أن يعرف قصةَ هذه المرأة، فأخبرته بأنها أم لأربع بنات يتيمات، ولا يوجد عندها ما تطعم به أولادها، وأنها مضطرة لطهي الدجاجة الميتة، والله سبحانه وتعالى يقول: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإثْمٍ فَإنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (المائدة: 3). وقد أحل الله -تعالى- لنا أكل الميتة؛ لأننا في هذه الحالة مضطرون، فأعطاها عبد الله -رحمة بها وبأولادها- ما معه من مال ورجع من فوره إلى بلدته ولم يذهب لأداء الحج في هذا العام..!! هكذا كانوا رحماء وكانوا ربانيين، وما أحوجنا إلى مثل هؤلاء في حياتنا المعاصرة.
إن من أهم الدروس التي يجب علينا أن نزرعها في قلوبنا وقلوب أولادنا من خلال قصص الصالحين والمصلحين خُلق الرحمة.. فالقلب الرحيم له مكانة عظيمة عند الله تعالى وعند الناس بل عند سائر الخلق.. فما أحوجنا إلى ذلك..
وهكذا فالرحمة عندما تنتشر في ربوع الأرض، تحقق الأمن النفسي والاجتماعي والاقتصادي والغذائي للمجتمع، إذ الغني يعطف على الفقير ويحنو عليه، فيزول الحقد والحسد من قلب الفقير، ويُشعر الفقير بالعزة والكرامة والفخار؛ لأن له حقا معلوما في مال الغني-وليس منة أو تفضلا- فيحرس أموال الأغنياء ويدافع عنها..
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك