العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مشاهدات عائد من زيارة المغرب

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ٠٤ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

بدعوة‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬صديقي‭ ‬العزيز‭ ‬منير‭ ‬المغربي‭ ‬زرت‭ ‬المغرب‭ ‬الشقيق‭ ‬فترة‭ ‬امتدت‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬اكتشفت‭ ‬ألوانا‭ ‬من‭ ‬الحضارة‭ ‬والجمال‭ ‬والإنسانية‭ ‬لهذا‭ ‬البلد‭ ‬المغاربي‭ ‬الرائع،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنني‭ ‬زرت‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بفضل‭ ‬مرافقة‭ ‬صديقي‭ ‬منير‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬عبر‭ ‬أهم‭ ‬المدن‭ ‬المغربية‭ ‬وبفضل‭ ‬طول‭ ‬المدة‭ ‬اكتشفت‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬رائعة‭ ‬من‭ ‬حضارة‭ ‬المغرب‭ ‬الغنية‭ ‬بالطبيعة‭ ‬الجميلة‭ ‬والآثار‭ ‬التاريخية‭ ‬والإنسان‭ ‬المغربي‭ ‬المضياف‭ ‬والمثقف‭.‬

أكثر‭ ‬ما‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬الطويلة‭ ‬نسبيا‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا،‭ ‬اكتشاف‭ ‬الحضارة‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬الغربي‭ ‬من‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬ويعود‭ ‬تاريخ‭ ‬قيامها‭ ‬إلى‭ ‬عصور‭ ‬بعيدة‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬وتركت‭ ‬هذه‭ ‬القرون‭ ‬العديدة‭ ‬بصماتها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬وما‭ ‬عاصرته‭ ‬من‭ ‬حضارات‭ ‬إفريقية،‭ ‬ويخبرنا‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬جوانب‭ ‬منه‭ ‬باقية‭ ‬بأن‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والمماليك‭ ‬قد‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬وتركت‭ ‬آثارها‭ ‬في‭ ‬المباني‭ ‬والأسواق‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المباني‭ ‬انتقلت‭ ‬ملكيتها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬أو‭ ‬ستة‭ ‬أجيال‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬باقية‭ ‬وحولت‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬فنادق‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬أثري‭ ‬وهي‭ ‬حضارة‭ ‬متفتحة‭ ‬بحكم‭ ‬موقعها‭ ‬الجغرافي،‭ ‬لذلك‭ ‬تركت‭ ‬آثارا‭ ‬وتقاليد‭ ‬وتراثا‭ ‬ثقافيا‭ ‬راسخا‭ ‬خصوصا‭ ‬منذ‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬الميلادي‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬بها‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬آثارا‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬الإنسان‭ ‬المغربي‭ ‬وعاداته‭ ‬وتقاليده‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭.‬

وتعرفت‭ ‬أيضا‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬على‭ ‬مقومات‭ ‬أخرى‭ ‬للحضارة‭ ‬المغربية،‭ ‬خاصة‭ ‬الموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬الذي‭ ‬يمتاز‭ ‬به‭ ‬المغرب،‭ ‬موقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬الشمال‭ ‬والجنوب‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الطقس‭ ‬المعتدل‭ ‬والأجواء‭ ‬المنعشة‭ ‬التي‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬من‭ ‬الشمال‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬ومن‭ ‬الغرب‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬ومن‭ ‬الجنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬ومن‭ ‬الشرق‭ ‬الجزائر،‭ ‬وفر‭ ‬ذلك‭ ‬التنوع‭ ‬فرصا‭ ‬متعددة‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسكانية‭ ‬واستفاد‭ ‬الإنسان‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬الثروة‭ ‬الحيوانية‭ ‬والزراعة‭ ‬والصناعة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬بلدا‭ ‬بإمكانيات‭ ‬كبيرة‭ ‬دولة‭ ‬ثرية‭ ‬غنية‭ ‬بطبيعتها‭ ‬ومقوماتها‭ ‬البشرية‭ ‬والاقتصادية‭.‬

وما‭ ‬يلفت‭ ‬الانتباه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬التنوع‭ ‬العجيب‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬والتسامح‭ ‬اللافت‭ ‬بين‭ ‬فئاته‭ ‬ومختلف‭ ‬المكونات‭ ‬المذهبية‭ ‬والعرقية‭ ‬والدينية،‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬تسمع‭ ‬إلا‭ ‬عبارة‭ ‬أنا‭ ‬مغربي‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬الشخص‭ ‬أمازيغيا‭ ‬أو‭ ‬عربيا‭ ‬أو‭ ‬مسلما‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مسلم،‭ ‬وما‭ ‬يلفت‭ ‬أيضا‭ ‬ما‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬ذكاء‭ ‬ومن‭ ‬خبرات‭ ‬ومهارات‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬وغيرها،‭ ‬فالمواطن‭ ‬المغربي‭ ‬يشغل‭ ‬مختلف‭ ‬الوظائف‭ ‬الكبرى‭ ‬والصغرى‭ ‬التخصصية‭ ‬والحرفية،‭ ‬ترى‭ ‬المغربي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الفنادق‭ ‬وفي‭ ‬المطاعم‭ ‬وفي‭ ‬المؤسسات‭ ‬الكبيرة‭ ‬والصغيرة‭ ‬وهو‭ ‬الطبيب‭ ‬والمهندس‭ ‬والمحامي‭ ‬ومبرمج‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬وسائق‭ ‬التاكسي‭ ‬وسائق‭ ‬الشاحنات‭ ‬الثقيلة‭ ‬والجرافات‭ ‬وعامل‭ ‬البناء‭ ‬وفي‭ ‬الكراجات‭ ‬وفي‭ ‬محطات‭ ‬التزود‭ ‬بالوقود‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬فالإنسان‭ ‬المغربي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬عمالة‭ ‬وافدة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬تقريبا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬وترك‭ ‬انطباعا‭ ‬إيجابيا‭ ‬عن‭ ‬اعتماد‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬الوطنية‭ ‬وعلى‭ ‬سواعد‭ ‬أبنائه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭.‬

أما‭ ‬الأسواق‭ ‬المغربية‭ ‬فتتميز‭ ‬بطابعها‭ ‬التقليدي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تحتفظ‭ ‬به،‭ ‬فهي‭ ‬تعج‭ ‬بالمشغولات‭ ‬اليدوية‭ ‬والحلويات‭ ‬المغربية‭ ‬الشعبية‭ ‬والملابس‭ ‬ذات‭ ‬الخصوصية‭ ‬المغربية،‭ ‬وتعج‭ ‬بالمطاعم‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬خدماتها‭ ‬الغذائية‭ ‬لمرتادي‭ ‬السوق‭ ‬مثل‭ ‬الحريرة‭ ‬والحلويات‭ ‬المغربية‭ ‬اللذيذة‭ ‬المتميزة‭.‬

الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬يعشق‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬فخلال‭ ‬نقل‭ ‬المباريات‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬المباشرة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬سواء‭ ‬الدوري‭ ‬الأوروبي‭ ‬أو‭ ‬الإفريقي‭ ‬أو‭ ‬المباريات‭ ‬الدولية‭ ‬ترى‭ ‬المقاهي‭ ‬ممتلئة‭ ‬عن‭ ‬بكرة‭ ‬أبيها‭ ‬بالناس‭ ‬صغارا‭ ‬وكبارا‭ ‬لمشاهدة‭ ‬المباراة‭ ‬ويتفاعلون‭ ‬معها‭ ‬وكأن‭ ‬المنتخب‭ ‬المغربي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬طرف‭ ‬فيها‭. ‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬في‭ ‬ختام‭ ‬هذه‭ ‬الجولة‭ ‬السريعة‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬المغربية‭ ‬الوطنية‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬شعب‭ ‬وطني‭ ‬متمسك‭ ‬بسيادته‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضي‭ ‬بلده‭.‬

فقد‭ ‬فتحت‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬نوافذ‭ ‬واسعة‭ ‬لهذه‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬خضتها‭ ‬خلال‭ ‬زيارتي‭ ‬للمغرب‭ ‬الشقيق،‭ ‬ولكنني‭ ‬مازلت‭ ‬متعطشا‭ ‬لمعرفة‭ ‬المزيد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬لزيارته‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬مدن‭ ‬مغربية‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬زيارتها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجولة‭ ‬الأولى،‭ ‬وشكرا‭ ‬لصديقي‭ ‬العزيز‭ ‬منير‭ ‬المغربي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬التي‭ ‬أتاحت‭ ‬لي‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬وحضارة‭ ‬القطر‭ ‬المغربي‭ ‬وطيبة‭ ‬شعبه‭ ‬الشقيق‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا