العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

اضطراب السياسة الأمريكية في زمن الحرب

بقلم: سنية الحسيني {

الخميس ٠٦ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

أقدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مؤخراً‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التحركات‭ ‬السياسية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬تجاه‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬وإيران،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬احتواء‭ ‬التطورات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لغير‭ ‬صالح‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭. ‬وكشفت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وتطوراتها‭ ‬عن‭ ‬تحولات‭ ‬استراتيجية‭ ‬حساسة‭ ‬تمس‭ ‬بمكانة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬القطبية‭ ‬المتفردة‭ ‬المتأرجحة‭ ‬اليوم‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬إعادة‭ ‬التقييم‭ ‬الغربي‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬ونتائجها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأسباب‭ ‬المباشرة‭ ‬للتحركات‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬تلك‭ ‬البلدان،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬فرصة‭ ‬أمام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لتحقيق‭ ‬اختراق‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬سياستها‭ ‬تجاهها؟

بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬انفجار‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬بتأجيج‭ ‬أمريكي‭ ‬غير‭ ‬خفي،‭ ‬بدأت‭ ‬تظهر‭ ‬التقديرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأوروبية‭ ‬لمستقبلها‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬مأمولاً‭. ‬

تؤكد‭ ‬التقارير‭ ‬المتواترة‭ ‬استحالة‭ ‬تحقيق‭ ‬نصر‭ ‬حاسم‭ ‬آني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬لصالح‭ ‬أحد‭ ‬الأطراف،‭ ‬رغم‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬الغربي‭ ‬المفتوح‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬وذهبت‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المستبعد‭ ‬حسم‭ ‬نتائج‭ ‬المعركة،‭ ‬ليس‭ ‬الآن‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬المعارك‭ ‬لأمد‭ ‬بعيد‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬استنزاف‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬تبدو‭ ‬النتائج‭ ‬المرجوة‭ ‬بإضعاف‭ ‬الطرف‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬ذات‭ ‬كلفة‭ ‬كبيرة‭ ‬مقارنة‭ ‬بالخسائر‭. ‬وتذهب‭ ‬مؤسسة‭ ‬راند‭ ‬الأمريكية‭ ‬البحثية‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬اذ‭ ‬تتنبأ‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إطالة‭ ‬مدة‭ ‬الحرب‭ ‬يمكن‭ ‬لروسيا‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬قدراتها‭ ‬النووية،‭ ‬أو‭ ‬بإمكانية‭ ‬تمدد‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭.‬

وكانت‭ ‬روسيا‭ ‬قد‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬التصعيد‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خفض‭ ‬التصعيد،‭ ‬عندما‭ ‬أكد‭ ‬بوتين‭ ‬احتفاظ‭ ‬بلاده‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬إذا‭ ‬واجهت‭ ‬تهديداً‭ ‬وجودياً،‭ ‬ونجحت‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬ردع‭ ‬تدخل‭ ‬مباشر‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬الحرب‭. ‬ودعت‭ ‬‮«‬راند‮»‬‭ ‬في‭ ‬توصياتها،‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬وهو‭ ‬التوجه‭ ‬ذاته‭ ‬الشائع‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‭. ‬وقال‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن،‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬نشر‭ ‬له‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬إن‭ ‬المفاوضات‭ ‬هي‭ ‬الطريق‭ ‬الأمثل‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭.‬

ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬عبر‭ ‬المفاوضات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الواقع،‭ ‬لذلك‭ ‬يدرج‭ ‬الآن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هدنة،‭ ‬والتي‭ ‬تعني‭ ‬وقفاً‭ ‬طويلاً‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬معطيات‭ ‬التطورات‭ ‬الميدانية‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يفسر‭ ‬ثلاثة‭ ‬أمور،‭ ‬الأول‭ ‬توجه‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬دائرة‭ ‬اعتداءاتها‭ ‬داخل‭ ‬روسيا،‭ ‬لإشعار‭ ‬بوتين‭ ‬والروس‭ ‬بكلفة‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب،‭ ‬والثاني‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬لتحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لضمان‭ ‬وضع‭ ‬مقبول‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هدنة،‭ ‬والثالث‭ ‬محاولة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الالتفاف‭ ‬على‭ ‬حلفاء‭ ‬روسيا‭ ‬وتحقيق‭ ‬تفاهمات‭ ‬سياسية‭ ‬معهم،‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهدنة‭ ‬المنظورة‭.‬

في‭ ‬تطور‭ ‬نوعي،‭ ‬قام‭ ‬انتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬مؤخرا‭ ‬بزيارة‭ ‬للصين،‭ ‬وتعد‭ ‬الزيارة‭ ‬الأرفع‭ ‬تمثيلاً‭ ‬لمسؤول‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭. ‬وتأتي‭ ‬ضمن‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الزيارات‭ ‬لمسؤولين‭ ‬أمريكيين‭ ‬للصين‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬الماضية،‭ ‬آخرها‭ ‬جاء‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬مدير‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬ومستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭. ‬أكد‭ ‬بلينكن‭ ‬خلال‭ ‬الزيارة‭ ‬أنها‭ ‬تأتي‭ ‬لوضع‭ ‬آليات‭ ‬لإدارة‭ ‬الأزمة‭ ‬مع‭ ‬الصين‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الزيارة‭ ‬لم‭ ‬تحرز‭ ‬نتائج‭ ‬ملموسة،‭ ‬فإن‭ ‬الطرفين‭ ‬أثارا‭ ‬القضايا‭ ‬الخلافية‭ ‬وتعاهدا‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاتصالات،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬الى‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالذهاب‭ ‬بعيداً‭ ‬في‭ ‬الصدام‭ ‬مع‭ ‬الصين‭. ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل،‭ ‬استقبلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ناريندرا‭ ‬مودي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الهندي،‭ ‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬زيارة‭ ‬نادرة،‭ ‬فقد‭ ‬قام‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬الا‭ ‬أن‭ ‬زيارته‭ ‬هذه‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬استثنائية،‭ ‬وابرم‭ ‬خلالها‭ ‬صفقة‭ ‬لمشاركة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والإنتاج‭ ‬المشترك‭ ‬لمحركات‭ ‬الطائرات‭ ‬العسكرية،‭ ‬والتي‭ ‬طال‭ ‬انتظارها‭. ‬وفي‭ ‬تطور‭ ‬ثالث،‭ ‬حققت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تقدماً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التفاهمات‭ ‬المتبادلة،‭ ‬رغم‭ ‬اعتبار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قبل‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬قد‭ ‬مات‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬البلدان‭ ‬الثلاثة‭ ‬سابقة‭ ‬الذكر‭ ‬تعد‭ ‬مهمة‭ ‬لروسيا،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تطور‭ ‬علاقتها‭ ‬معها‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬ويعد‭ ‬التفاهم‭ ‬معها‭ ‬والتأثير‭ ‬عليها‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬نتائج‭ ‬تلك‭ ‬الحرب،‭ ‬الا‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬الآنية‭ ‬تجاه‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعكس‭ ‬سياسة‭ ‬تراكمية‭ ‬تكونت‭ ‬عبر‭ ‬السنوات،‭ ‬ولا‭ ‬تتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بتلك‭ ‬الحرب‭ ‬الدائرة،‭ ‬وإن‭ ‬أسهمت‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬بإبرازها‭. ‬ليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬تغيير‭ ‬واقع‭ ‬العلاقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التنافسية‭ ‬والصراعية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬الا‭ ‬أنه‭ ‬بالإمكان‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إدارة‭ ‬الصراع‭ ‬بحكمة‭ ‬لا‭ ‬توصله‭ ‬حد‭ ‬التصادم،‭ ‬غير‭ ‬المرغوب‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬مراجعة‭ ‬أمريكية‭ ‬لسياستها‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬ولا‭ ‬يضمن‭ ‬تغيير‭ ‬سياسة‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬المصالح‭ ‬التي‭ ‬تحددها‭ ‬بكين‭.‬

لم‭ ‬تنجح‭ ‬أميركا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬سياسة‭ ‬الحياد‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬الهند،‭ ‬وهي‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مهمة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التفاف‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬آسيا،‭ ‬لمواجهة‭ ‬الصين‭. ‬وتعد‭ ‬الهند،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأقدر‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإمكانيات‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬لطموحات‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والأنسب‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقة‭ ‬التنافسية‭ ‬والصراعية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬لشغل‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التحقق‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب‭: ‬فالعلاقات‭ ‬الهندية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تبدو‭ ‬جيدة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الشكل‭ ‬لا‭ ‬المضمون،‭ ‬إذ‭ ‬تعاني‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬من‭ ‬الفتور،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سياسة‭ ‬أمريكية استهترت‭ ‬عبر‭ ‬السنوات‭ ‬بمصالح‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬حيوية؛‭ ‬تسعى‭ ‬الهند،‭ ‬رغم‭ ‬خلافاتها‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬لحلها‭ ‬سلمياً‭ ‬وضمن‭ ‬التفاهم‭ ‬لا‭ ‬الصدام،‭ ‬كما‭ ‬تتمنى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬وتعتمد‭ ‬الهند‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬منظومتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬وزاد‭ ‬اعتمادها‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬والتي‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬توفير‭ ‬البديل‭ ‬للهند‭.. ‬وقد‭ ‬جادل‭ ‬أحد‭ ‬كتاب‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الفورين‭ ‬أفيرز‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬الذائعة‭ ‬الصيت أن‭ ‬رهان‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬الهند‭ ‬سيئ،‭ ‬لأنها‭ ‬لن‭ ‬تقف‭ ‬بجانب‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬صدامها‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تتعرض‭ ‬مصالحها‭ ‬للتهديد،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبير‭ ‬الكاتب،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬طالما‭ ‬حققت‭ ‬تلك‭ ‬العلاقات‭ ‬مصالحها‭. ‬

أما‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬الثورة‭ ‬الإسلامية‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬واشنطن‭ ‬ضدها‭ ‬فتؤيد‭ ‬دون‭ ‬تردد‭ ‬التبدل‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الأحادي‭ ‬الدولي،‭ ‬ولن‭ ‬يعد‭ ‬الاتفاق‭ ‬أو‭ ‬التفاهمات‭ ‬بشأن‭ ‬ملفها‭ ‬النووي‭ ‬بمبادرة‭ ‬أمريكية‭ ‬طريقاً‭ ‬مجدياً‭ ‬إن‭ ‬استخدم‭ ‬في‭ ‬مساومتها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭. ‬إذ‭ ‬نجحت‭ ‬إيران‭ ‬بفعل‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬منظومة‭ ‬الحصار‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬عليها‭.‬

رغم‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬وليدة‭ ‬اللحظة،‭ ‬فإن‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬عمقت‭ ‬العلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الغرب؛‭ ‬وزادت‭ ‬من‭ ‬تغلغل‭ ‬الوجود‭ ‬والدور‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬ورسخت‭ ‬من‭ ‬علاقات‭ ‬إيران‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬والصين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬والتحدي‭ ‬للعقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الغربية،‭ ‬كما‭ ‬أسهمت‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬تحرر‭ ‬قوى‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية‭ ‬من‭ ‬الالتزام‭ ‬بسياسات‭ ‬واشنطن،‭ ‬وفتحت‭ ‬المجال‭ ‬لتحالفات‭ ‬أوسع‭.‬

{‭ ‬كاتبة‭ ‬وباحثة‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا