بقلم: مريم سليمان
القرآن العظيم هو كلام الله تعالى الخالد، المُنزل على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) عن طريق أمين الوحي سيدنا جبريل عليه السلام، المنقول إلينا بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المبدوء بسورة الفاتحة، المختوم بسورة الناس، هكذا نؤمن وهذه عقيدتنا.
وقد أراد الله -عز وجل- أن يكون القرآن العظيم هو «مسك الختام للأنام»؛ فهو آخر الكتب السماوية المنزلة على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، الذي جاء برسالة عالمية خاتمة وصالحة لكل زمان ومكان إلى أن يقوم الناس لله رب العالمين.
وقد اشتمل القرآن العظيم المعجز وهو «دستور المسلمين» على قضايا مركزية كبرى، ستظل شاهد عيان على سموه وشموخه أشار إليها الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، صاحب: «المحاور الخمسة للقرآن الكريم» وهي: «الله الواحد، والكون الدال على خالقه، والقصص القرآني، والبعث والجزاء، والتربية والتشريع». وأضيف إليها الإعجاز العلمي واللغوي والبياني والغيبي والعددي وغيره.
لقد تحدث القرآن العظيم عن قصص الغابرين والسابقين وأحوالهم بشكل دقيق وصحيح وصوّر أحوالهم تصويرا دقيقا بحبكة بلاغية وبيانية تفوح إعجازا وكأنهم أمامنا. تحدث القرآن عن قضايا إعجازية سواء أكانت عن:
- الكون بأرضه وسمائه وبحاره وأنهاره ورماله ورياحه وأشجاره وثماره.
- أم المخلوقات التي نراها والتي لا نراها.
- أم الفضاء أم الجغرافيا ... إلخ
لقد تحدث القرآن بدقة فائقة عن أطوار خلق الإنسان، ويأتي العلم الحديث ليقف حائرا أمام هذه الحقائق البالغة الدقة، وغيرها كثير...إلخ.
يقف العلم الحديث إجلالا وإكبارا وتواضعا أمام هذه الحقائق التي تحدث عنها القرآن العظيم منذ زمن بعيد. ولست هنا بصدد هذه القضايا الكبرى الذي تحدث عنها القرآن كالعقيدة والشريعة والقانون والأخلاق والعادات والمعاملات والعلاقات الدولية... وغيرها كثير، ولكنني أود التركيز على قضية بالغة الدقة والأهمية، وهي مخاطبة النشء بمنهج جديد، بأدلة عقلية دامغة تبرهن بما لا يدع مجالا للشك على نسبة القرآن لله العظيم، بحيث يضاف جنبا إلى جنب مع الأدلة الواردة في الكتاب والسنة.
إن النشء والشباب المسلم يعيشون عصرا يموج بالتحديات العقدية والاغتراب، والتأثر بل الانبهار بحضارات الآخرين، الأمر الذي يدعونا إلى إظهار الحق الذي نحن عليه بأبهى صورة ومنهج...
إن التدليل العقلي على أن القرآن الكريم من عند الله، وليس من عند البشر، يرسخ الإيمان في قلوب شبابنا، في ظل التحديات التي تواجه العقل المسلم والشباب المسلم والهوية الإسلامية، وتستهدف التشكيك في عقيدته وشريعته وقيمه، فأعتقد أننا في حاجة كبيرة إلى تمكين المنهج العقلي مع الجانب الإيماني، لمواجهة هذه الحملات المنظمة، ومجابهة خطر خطير وهو الإلحاد الممنهج الذي يستهدف سلخ البشر من الإيمان بالله، والقضاء على فكرة الأديان والأوطان، والقيم والغيبيات، ليعيش الإنسان وكأنه في غابة كبيرة.
أحدثكم من هنا وأنا من الشباب وأعرف كيف يفكرون، فدعونا نفتش عن كل ما يمكن من المخرجات العقلية الدقيقة التي تدلل على صدق الرسول العظيم فيما بلَّغ عن رب العزة سبحانه... لقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يكون محمداً نبيًّا أمياً، وأن يكون مشهوراً بين قومه بالصدق الكامل والأمانة البالغة، والاستقامة والمهابة والجلال، بل تجمعت فيه كل صفات الكمال البشري، وقد رباه ربه وأدّبه أحسن تأديب، وأعدَّه لتحمل أعباء الرسالة ونزول القرآن العظيم عليه، ومع ما تمتع به من الصدق والأمانة بين قومه حيث كانوا يلقبونه بالصادق الأمين كما قلت، إلا أنهم بمجرد نزول القرآن عليه بدأوا بالتشكيك فيه وفيما نزل عليه، وقد رد القرآن الكريم عليهم وعلى مزاعمهم وكذبهم. إن القرآن بكر دائم العطاء يأتي كل يوم بالجديد المتواتر، وتأتي الحقائق العلمية لتؤكد ما جاء في القرآن العظيم، وسيظل كذلك إلى قيام الساعة.
باحثة مصرية في الفكر الإسلامي وفلسفة القانون
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك