أبي..
طوى الزمان ولا غبت..
ولا أوقظنا الليل دون فجرك
ولم يكن طيفك محض سراب
شاغلني ما كان بالأمس فيك ظلاً..
بهياً يسامرني بالوفاء
على حدقتي يثيرُ الدموع..
ويقرأُ ما يقلقني في الحياة
سؤالٌ لا يغادرني..
دون وجهك في الصباح
أبي يا نداء المحبين
ويا صحوة ليس لها من حدود
وليس لها ما كان مني..
عنادٌ وجهل الصغار
أبي..
يستعجلني منك حبورٌ رقيق
كنتَ على اعرافه يانع كعذق نخلٍ..
سامق في العطاء..
تجرُ على ظهرك سنين عجاف
أبي..
والمدى ساحة لعبٍ بين عينك..
وبين شفتيك يراقصني هواك
كسؤالٍ بعيد المنال..
واقع بين غربتين..
وجعُ لفقد غليظ السياط..
نائم فوق صدرك لا يطاق
أبي: هو الماء
آسنٌ بين قدمين متعبتين..
عالقٌ بها الطين سنوات طوال!
حُفاء.. بينها ثقلٌ حبيس..
وبيني وبينك بوحُ الهوى..
يقرعُ قلبي بنبض شديد..
ثقيلٌ عليّ..
كصخرِ الزمان..
أو ما استحي أن يقال:
كأني بك هنا..
لم يغيبَكَ الموت..
ولم تكسرنا في حبك قسوة العناد
ولم يختصم في حضرتك الجدال
غادرتنا..
ولم تغادرنا سُفنُ المرفأ سنواتك الحُبلى
جئتك والرمل قد طفح فوق قبرك
والطائرُ الحيران أنا يا أبي..
أصحو مع الفجر أبحثُ عنكَ
وأقرعُ باب الدار التي خلت منك..
وغاب عنها صوتك الحنون..
لا الباب قد أحكم مزلاجه..
ولا بَعدك استراح الصغير..
تقدمتُ يوم تقدم طيفك
ويوم لم يكن لنا في الفناء دليل
تهنا وكان الرشد في محياك صباً
أبي يا صحوة الغائبين..
ويا سلال الرطب والمعنى العتيد
أشتاق لطلتك في الصباح قمراً
وفي المساء صحوة من أصيل..
هي الشمس قد أدركت يا أبي..
أي قيدٍ اوقف خُطاها!
يوم امتطيت صهوة ريح الشمال
لتسقي ظمأنا من عرق السنوات العجاف..
كأس من حليب الشفاء..
وكأس من زعفران الحياة
أبي يا بسملة لا تغيب..
ويا آية من التقوى..
أراك بقربي ترددها..
بسملة تعيدنا للرشاد..
لأنك أكسجين الرضى
وعنفوان يتجدد.. ولا يموت
تجرُ عربتك بين العتالين
أو تداعبُ زنبيلاً ثقل بما فيه من التعب..
ثابتٌ فوق رأسك لا يميل..
يقاسي حفيف الهواء..
أعاصير أزمنة أدركتها في الشقاء
ترددها في سهاد الغياب..
بصوتٍ ضعيف
ونبضٍ خفيف..
قلبٌ يحركني بُنيّ..
ويعلو بي فوق صاريات الحياة..
فارساً يشق الحُجب..
ويحلبُ نوق المسير الطويل..
لنحيا كشجر السنديان..
لا ننكسرُ ولا نجوع!
a.astrawi@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك