بقلم: عاطف الصبيحي
كلمات نورانية ذهبية ألقاها نبي الأمة صلى الله عليه وسلم على مسامع أمته، كوصية أخيرة كوداع، كلمات خارطة طريق سرمدية، لو أصغينا إليها بقلب وعقل واع، فعليه السلام ما رغب بالمغادرة النهائية قبل أن يرسخ قيما تصبح معها الحياة حياة طيبة، إني مضطر إلى كثرة الاقتباس من كلام رسول الله لما فيه فصل القول وفصل الخطاب، وودت لو أنقلها كاملة بدون أي تعليق ولا حتى تقديم، واترك القارئ الكريم في حالة تأمل لتلك الكلمات الخالدات.
قال نبي الله عليه أزكى السلام: أيها الناس كأنكم تخافون علي فقالوا: نعم يا رسول الله، فقال: موعدكم معي ليس بالدنيا، موعدكم معي عند الحوض، والله لكأني انظر إليه من مقامي هذا - ترغيب بليغ منه عليه السلام على الاستقامة لبلوغ اللقاء المرتقب، أيها الناس: ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم- تحذير من أعتى عدو يمكن للمسلم مواجهته في حياته-، وها نحن نرى تحذيره رأي العين، أيها الناس الله الله في الصلاة -ورددها مراراً- حثاً منه على أدائها على وقتها وإقامتها في النفس كناهي عن المنكرات-.
أيها الناس: اتقوا الله في النساء، أوصيكم بالنساء خيراً- يوصي بأعمدة البيوت وحصنها المنيع للحفاظ على حضورية الأمة وتواجدها على المسرح الأرضي- أيها الناس: إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله- إثارة الزهد في النفوس من هذه العارية، دار الممر والحرص على الباقية دار المستقر- هنا هتف أبوبكر باكياً قائلاً: فديناك بآبائنا، فديناك بأمهاتنا، فديناك بأولادنا، فديناك بأزواجنا، فديناك بأموالنا- هذا ديدن الصديق مذ كان صديقه في الجاهلية قبل البعثة، فكره الناس مقاطعة أبو بكر للرسول الكريم، فانبرى للدفاع عن صديق مسيرته، فقال: أيها الناس دعوا أبوبكر، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به، إلا أبوبكر لم أستطع مكافأته، فتركت مكافأته إلى الله عز وجل- فضل بفضل كان رد الرسول الكريم على الناس بدافعه عن رفيق الدرب، وإرشاد للسامعين وللتابعين بحرمة الصديق وحقه وفضله، فالصداقة أحد النِعم المعينة على مشاق الدنيا وغلظتها.
وختم كلامه بالدعاء للمسلمين، فهذا قبس ضئيل من درر الرسول الكريم الغيور على أمته، الأمة التي اختيرت لتكون خير أُمة أُخرجت للناس، الأمة التي على عاتقها تقع مهمة التبليغ، بعد انتقال رسولها ونبيها للرفيق الأعلى.
لكن نظرة للواقع المعاش تُفصح عن تغييب جل القيم والمكارم على قضى رسول الله عليه السلام حياته يدعو لها، وما فتئ يكررها ويعيد التأكيد عليها حتى في كلامه الأخير، لعمري هذا الغياب لتلك المنظومة الأخلاقية النبوية لهو سبب ضنك العيش الذي نكابده ويومياً.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك