العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كيف يفهم نتنياهو مستقبل السلطة الفلسطينية؟

بقلم : د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ١٦ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ضغوط‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ (‬باراك‭ ‬أوباما‭) ‬في‭ ‬حينه‭ ‬وقف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬آنذاك،‭ ‬والحالي‭ ‬اليوم،‭ (‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭)‬،‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ (‬بار‭ ‬إيلان‭) ‬وأعلن‭ ‬موافقته‭ ‬على‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬2016‭ ‬وعلى‭ ‬منبر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬كرر‭ ‬عرضه،‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬يلتزم‭ ‬برؤية‭ ‬الدولتين‮»‬‭. ‬يومئذ،‭ ‬أكدنا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كلام‭ ‬مداهنة‭ ‬لتحسين‭ ‬صورته‭ ‬وموقعه‭. ‬وبالطبع،‭ ‬كانت‭ ‬نواياه‭ -‬كما‭ ‬تأكد‭ ‬لاحقا‭- ‬هي‭ ‬المضي‭ ‬في‭ ‬الاستعمار‭/ ‬‮«‬الاستيطان‮»‬‭ ‬بهدف‭ ‬واضح‭ ‬هو‭ ‬تهويد‭ ‬الأرض‭ ‬والسكان‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬الحكومات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬لم‭ ‬تتوان‭ ‬عن‭ ‬إيصال‭ ‬رسائل‭ ‬سياسية‭ ‬واضحة،‭ ‬تؤكد‭ ‬رفضها‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬لكن‭ (‬نتنياهو‭) ‬يجيب‭ ‬عن‭ ‬مسألتين‭ ‬إشكاليتين‭ ‬بشأن‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والسلطة‭: ‬موقف‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وموقفها‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬كون‭ (‬نتنياهو‭) ‬محجورا‭ ‬عليه‭ ‬حاليا‭ ‬زيارة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬وتحت‭ ‬وطأة‭ ‬غلاة‭ ‬اليمين‭ ‬وضغوطهم،‭ ‬بدأت‭ ‬عصابات‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬بدغدغة‭ ‬نواياه‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬اختار‭ ‬عدم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬بوضوح‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ (‬نتنياهو‭) ‬اليوم‭ ‬يلعب‭ ‬لعبة‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬تجاه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬ضرب‭ ‬و‮«‬إنهاء‭ ‬السلطة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وإنما‭ ‬يريد‭ ‬الإبقاء‭ ‬عليها‮»‬،‭ ‬طبعا‭ ‬ضمن‭ ‬حصاره‭ ‬الفعلي‭ ‬لهذه‭ ‬السلطة‭ ‬وتقليصه‭ ‬اليومي‭ ‬لها‭ ‬ولدورها‭ ‬وللأراضي‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها،‭ ‬بما‭ ‬يحولها‭ ‬تدريجيا‭ ‬الى‭ ‬تجمعات‭ ‬سكانية‭ ‬وبلديات‭.‬

ولاحقا،‭ ‬أعلن‭ ‬رسميا‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬ضد‭ ‬السلطة‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬القضاء‭ ‬عليها،‭ ‬مضيفا‭ ‬‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬‭ ‬أنه‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬إطلاقا‭ ‬لمجرد‭ ‬التفكير‭ ‬بقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭!‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬بادر‭ ‬إلى‭ ‬رش‭ ‬الملح‭ ‬على‭ ‬الجرح‭! ‬فقد‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كطرف‭ ‬يستمد‭ ‬‮«‬شرعية‮»‬‭ ‬بقائه‭ ‬من‭ ‬نجاحاته‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬‮«‬لإسرائيل‮»‬،‭ ‬مفرقا‭ ‬بين‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كمنظمة،‭ ‬والكيان‭ ‬الفلسطيني‭ ‬كدولة،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬ينوي‭ ‬تقويض‭ ‬السلطة‭! ‬وبعباراته،‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭: ‬‮«‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬انهيار‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تسمح‭ ‬بذلك،‭ ‬لأن‭ ‬لها‭ ‬مصلحة‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬قيام‭ ‬السلطة‭ ‬بالمهام‭ ‬الموكلة‭ ‬إليها،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬دائم‭ ‬لمساعدة‭ ‬السلطة‭ ‬مالياً‭ ‬واقتصادياً‭ ‬وتعزيزها،‭ ‬لأنها‭ ‬تقوم‭ ‬بمهام‭ ‬ضد‭ ‬المقاومة‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‮»‬‭. ‬

لكن‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭: ‬‮«‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬استئصال‭ ‬فكرة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬من‭ ‬أساسها،‭ ‬وعليها‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬بلا‭ ‬كلل‭ ‬أو‭ ‬ملل‭ ‬على‭ ‬قمع‭ ‬طموح‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬هذه‭ ‬الدولة،‭ ‬وأن‭ ‬تغلق‭ ‬الطريق‭ ‬تماماً‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الطموح‮»‬‭. ‬

‭(‬نتنياهو‭) ‬إذن،‭ ‬بموقفه‭ ‬المعلن‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬بشكلها‭ ‬ودورها‭ ‬اللذين‭ ‬رسمهما‭ ‬لها،‭ ‬يحولها‭ ‬يوميا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بلدية‭ ‬مركزية‮»‬‭ ‬في‭ ‬رام‭ ‬الله‭ ‬وبلديات‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الأخرى،‭ ‬بينهم‭ ‬علاقة‭ ‬تضعف‭ ‬يوميا‭ ‬بما‭ ‬يهدد‭ ‬كيان‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬سابقا‭ ‬فعليا‭ ‬ويوميا‭.‬

بهذا‭ ‬كله،‭ ‬يرسل‭ (‬نتنياهو‭) ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭: ‬‮«‬اتفاقية‭ ‬أوسلو‭ ‬لن‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬احتلت‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬‮«‬حلم‭ ‬يقظة‮»‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أنها‭ ‬رسالة‭ ‬للعالم‭ ‬الغربي‭ ‬أجمع‭ ‬ولإدارة‭ ‬الرئيس‭ (‬بايدن‭) ‬تحديدا‭: ‬‮«‬كفوا‭ ‬عن‭ ‬ترديد‭ ‬شعار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭. ‬

أما‭ ‬الرسالة‭ ‬الثالثة‭ ‬فهي‭ ‬للعرب‭ ‬وللمسلمين‭: ‬‮«‬التخلي‭ ‬نهائيا‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والقبول‭ ‬بالتطبيع‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط‮»‬‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا