العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الاعتداءات الإسـرائيلـيـة عـلــى الفـلـسطينيين وإخفاقات السياسة الخارجية الأمريكية

بقلم: د. جيمس زغبي {

الثلاثاء ١٨ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

يثير‭ ‬الرد‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬هجمات‭ ‬المستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬على‭ ‬قرية‭ ‬‮«‬ترمسعيا‮»‬‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وأعمال‭ ‬العنف‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجنود‭ ‬والمستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬تساؤلات‭ ‬جدية‭ ‬حول‭ ‬الإخفاقات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭.‬

في‭ ‬أعقاب‭ ‬اجتياح‭ ‬المستوطنين‭ ‬المسلح‭ ‬لقرية‭ ‬‮«‬ترمسعيا‮»‬‭ ‬وحرق‭ ‬منازل‭ ‬وسيارات‭ ‬وقتل‭ ‬مواطن‭ ‬وإصابة‭ ‬12‭ ‬آخرين،‭ ‬تم‭ ‬تحديد‭ ‬هوية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬كمواطنين‭ ‬أمريكيين‭ ‬أو‭ ‬مقيمين‭ ‬دائمين‭.‬

وسرعان‭ ‬ما‭ ‬أدانت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الهجوم،‭ ‬ودعت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬التحقيق‭ ‬الفوري‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬وتقديم‭ ‬الجناة‭ ‬إلى‭ ‬العدالة‭. ‬وتلا‭ ‬ذلك‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الإدانات‭ ‬لتصعيد‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬ودعوات‭ ‬لحكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬لكبح‭ ‬جماح‭ ‬المستوطنين‭ ‬‮«‬الخارجين‭ ‬عن‭ ‬السيطرة‮»‬‭.‬

أثار‭ ‬وجود‭ ‬الضحايا‭ ‬الأمريكيين‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الرد‭ ‬الواضح،‭ ‬لكن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬تركت‭ ‬معلقة‭.‬

أولاً‭ - ‬إن‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬ليس‭ ‬جديداً،‭ ‬إذ‭ ‬يرتفع‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬منسوب‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الحصاد‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لحرمان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬جني‭ ‬ثمار‭ ‬أرضهم‭. ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أصبحت‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث‭ ‬متكررة‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬شبه‭ ‬روتينية،‭ ‬ولا‭ ‬تحظى‭ ‬إلا‭ ‬إشارة‭ ‬عابرة‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬لآخر‭ ‬في‭ ‬تقارير‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

طرح‭ ‬السؤال‭ ‬الأول‭: ‬هل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مهتمة‭ ‬فقط‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الضحايا‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬أمريكيين؟

ينبع‭ ‬هذا‭ ‬العنف‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬نية‭ ‬خبيثة‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬جذوره‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬تأسيس‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬والتي‭ ‬تقوم‭ ‬أيديولوجيتها‭ ‬على‭ ‬اقتلاع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أرضهم‭. ‬صرح‭ ‬وزير‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بأن‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬جعل‭ ‬حياة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬لديهم‭ ‬ثلاثة‭ ‬خيارات‭: ‬‮«‬الاستسلام،‭ ‬المغادرة،‭ ‬أو‭ ‬الموت‮»‬‭.‬

لماذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬النية‭ ‬العنصرية‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حكومة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية؟

وحتى‭ ‬لو‭ ‬سلمنا‭ ‬بأنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬تتحدث‭ ‬علنا‭ ‬دفاعًا‭ ‬عن‭ ‬مواطنيها،‭ ‬فهل‭ ‬دعوة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للتحقيق‭ ‬مع‭ ‬نفسها‭ ‬هي‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعله‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية؟‭ ‬وفوق‭ ‬ذلك‭ ‬كله،‭ ‬نحن‭ ‬مازلنا‭ ‬ننتظر‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬تكريس‭ ‬المساءلة‭ ‬والعدالة‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬عمر‭ ‬الأسد‭ ‬وشيرين‭ ‬أبو‭ ‬عقلة‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬الواضحة‭ ‬التي‭ ‬أظهرتها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭-‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬محطة‭ ‬السي‭ ‬إن‭ ‬إن،‭ ‬ووكالة‭ ‬الأسوشايتد‭ ‬برس‭ ‬وصحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ - ‬على‭ ‬أن‭ ‬وفاة‭ ‬السيدة‭ ‬شيرين‭ ‬أبو‭ ‬عاقلة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬عرضية‭ ‬وكانت‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬إسرائيليين،‭ ‬فإن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يواصلون‭ ‬‮«‬الإنكار‭ ‬والكذب‭ ‬والتعتيم‮»‬‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحقائق‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسيد‭ ‬عمر‭ ‬الأسد‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬موته‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بسبب‭ ‬الإهمال‭ ‬الإجرامي‭ ‬للجنود‭ ‬الذين‭ ‬قيدوا‭ ‬وكمموا‭ ‬فم‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬80‭ ‬عامًا‭ ‬وتركوه‭ ‬ملقى‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬الباردة‭ ‬حيث‭ ‬مات‭. ‬بعد‭ ‬مراجعة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬للقضية‭ ‬تقرر‭ ‬إسقاط‭ ‬التهم‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬الضباط‭ ‬المتورطين‭.‬

هل‭ ‬دعوة‭ ‬الثعلب‭ ‬للتحقيق‭ ‬في‭ ‬حوادث‭ ‬التشويه‭ ‬أو‭ ‬القتل‭ ‬في‭ ‬حظيرة‭ ‬الدجاج‭ ‬استجابة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تولد‭ ‬شعورا‭ ‬بالرضا؟

أخيرًا،‭ ‬نعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬ترمسعيا،‭ ‬التابعة‭ ‬لمحافظة‭ ‬رام‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬كانوا‭ ‬مواطنين‭ ‬أمريكيين،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬بعض‭ ‬المستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الهائجين‭ ‬أيضًا‭ ‬مواطنين‭ ‬أمريكيين؟‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬أطلقوا‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬السيدة‭ ‬شيرين‭ ‬أبو‭ ‬عقلة‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬أدت‭ ‬قسوتهم‭ ‬إلى‭ ‬التسبب‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬السيد‭ ‬الأسد؟

هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬مهمة‭.‬

وباعتبارهم‭ ‬مواطنين‭ ‬أمريكيين،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الضحايا‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬وعائلاتهم‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬هاجموهم‭ ‬وأحرقوا‭ ‬منازلهم‭ ‬وسياراتهم‭.‬

وللدفاع‭ ‬بجدية‭ ‬عن‭ ‬حقوقهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وحماية‭ ‬ممتلكاتهم،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مساعدتهم‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬ذلك،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬الضحايا‭ ‬مواطنين‭ ‬أمريكيين‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬ألا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬ضد‭ ‬مواطنيها‭ ‬المتورطين‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬حكومة‭ ‬أجنبية؟

تعمل‭ ‬أجهزة‭ ‬استخباراتنا‭ ‬مع‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لتحديد‭ ‬هوية‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يُعتبرون‭ ‬تهديدًا‭ ‬أمنيًا،‭ ‬ووضعهم‭ ‬على‭ ‬‮«‬قائمة‭ ‬المراقبة‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬العنف‭ ‬موجودا‭.‬

يتم‭ ‬رفض‭ ‬منح‭ ‬تأشيرات‭ ‬لزيارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بشكل‭ ‬روتيني‭ ‬للمسؤولين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬البارزين‭ ‬وقادة‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الذين‭ ‬يُنظر‭ ‬إليهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬معادون‭ ‬لإسرائيل‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تصنيف‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬أو‭ ‬تحريض‭.‬

كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬الإعفاء‭ ‬من‭ ‬التأشيرة،‭ ‬وإعطاء‭ ‬المتطرفين‭ ‬العنيفين‭ ‬أو‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أو‭ ‬الشرطة‭ ‬الملطخة‭ ‬أيديهم‭ ‬بالدماء‭ ‬حرية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية؟‭ ‬وباعتباري‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬عنف‭ ‬مائير‭ ‬كاهانا‭ ‬قبل‭ ‬أربعة‭ ‬عقود،‭ ‬فإني‭ ‬أطالب‭ ‬بإجابة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭.‬

إن‭ ‬التناقضات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬ينطوي‭ ‬عليها‭ ‬رفض‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمحاسبة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬على‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬من‭ ‬مواطني‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكيين‭ ‬وغير‭ ‬الأمريكيين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وفشلها‭ ‬في‭ ‬محاسبة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬المتهمين‭ ‬بانتهاكات‭ ‬الحقوق،‭ ‬تشكك‭ ‬في‭ ‬الأسس‭ ‬الأخلاقية‭ ‬للسياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭.‬

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا