العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مخاطر العسكرة المفرطة في عالم يتغيّر

بقلم: عبدالله السناوي {

الجمعة ٢١ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

هواجس‭ ‬الأمن‭ ‬تتصدر‭ ‬المشهد‭ ‬الدولي‭ ‬تصعيداً‭ ‬وتسليحاً‭ ‬واندفاعاً‭ ‬إلى‭ ‬المجهول‭.‬

العسكرة‭ ‬المفرطة‭ ‬تغلب‭ ‬أي‭ ‬حسابات‭ ‬واعتبارات‭ ‬أخرى‭. ‬فأمام‭ ‬انسداد‭ ‬شبه‭ ‬كامل‭ ‬لأي‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬يخفّض‭ ‬كلفة‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬تعلو‭ ‬لغة‭ ‬التجييش‭ ‬على‭ ‬الجانبَين‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬مستحيلة‭ ‬لحسمها‭ ‬عسكريا‭.‬

احتمالات‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثالثة‭ ‬غير‭ ‬مستبعدة،‭ ‬وأشباح‭ ‬النووي‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬المشاهد‭ ‬المستجدة‭.‬

في‭ ‬قمة‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬التأمت‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬اللتوانية‭ ‬فيلنيوس،‭ ‬أخذ‭ ‬الجنوح‭ ‬إلى‭ ‬التصعيد‭ ‬مداه‭.. ‬وكانت‭ ‬ردة‭ ‬الفعل‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬مماثلة‭.‬

بحسب‭ ‬تصريح‭ ‬لافت‭ ‬ليانس‭ ‬ستولتنبرج‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭: ‬‮«‬الحلف‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬منظمة‭ ‬إقليمية‭ ‬للدفاع‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬ضفتَي‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬قاصداً‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬منظمة‭ ‬دولية‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬نطاقها‭ ‬الجغرافي‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭ ‬والمحيطان‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭.‬

إنها‭ ‬عقيدة‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬لـ«الناتو‮»‬،‭ ‬أعادت‭ ‬تعريفه‭ ‬ووسعت‭ ‬من‭ ‬نطاقه‭ ‬الجغرافي‭.‬

دخلت‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬المساجلات‭ ‬الحادة،‭ ‬فالخطر‭ ‬يتهددها‭ ‬مباشرة،‭ ‬كما‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬توتير‭ ‬البيئة‭ ‬الدولية‭ ‬ويعيد‭ ‬أجواء‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬بحسب‭ ‬بيان‭ ‬لوزارة‭ ‬خارجيتها‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬بأي‭ ‬وقت‭ ‬محض‭ ‬منظمة‭ ‬إقليمية‭ ‬عبر‭ ‬ضفتَي‭ ‬الأطلسي،‭ ‬فقد‭ ‬امتدت‭ ‬أدواره‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والبلقان‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬وحروب‭ ‬دامية‭.‬

الطابع‭ ‬العالمي‭ ‬لازم‭ ‬نشأة‭ ‬الحلف‭ ‬عام‭ ‬1949،‭ ‬بعد‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬كذراع‭ ‬عسكرية‭ ‬جماعية‭ ‬للتحالف‭ ‬الغربي‭.‬

الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بقدراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الفائقة‭ ‬تولت‭ ‬مركز‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬الحلف‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬منازع،‭ ‬أدارته‭ ‬وفق‭ ‬تصوراتها‭ ‬ومصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬باسم‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬والقيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الديمقراطية‭.‬

بعد‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭ ‬أخرى‭ (‬1955‭)‬،‭ ‬أنشئ‭ ‬حلف‭ ‬وارسو‭ ‬كذراع‭ ‬عسكرية‭ ‬جماعية‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬المنظومة‭ ‬الاشتراكية‮»‬‭ ‬بقيادة‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭.‬

بعد‭ ‬تفكك‭ ‬حلف‭ ‬وارسو‭ ‬إثر‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬مطلع‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬انفردت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بقيادة‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭. ‬وبإزاحة‭ ‬شبح‭ ‬‮«‬الخطر‭ ‬السوفياتي‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لـ«الناتو‮»‬‭ ‬أي‭ ‬أدوار‭ ‬يضطلع‭ ‬بها،‭ ‬لكنه‭ ‬أبقى‭ ‬عليه‭ ‬وبدأ‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬عدو‭ ‬جديد‭ ‬يبرر‭ ‬استمراره‭!‬

جرى‭ ‬رفض‭ ‬طلب‭ ‬روسيا‭ ‬بالانضمام‭ ‬الى‭ ‬الحلف،‭ ‬وبقيت‭ ‬موسكو‭ ‬رمزاً‭ ‬لخطر‭ ‬محتمل‭ ‬رغم‭ ‬التراجعات‭ ‬الفادحة‭ ‬في‭ ‬أوزانها‭ ‬السياسية‭ ‬وتخليها‭ ‬عن‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬الماركسية‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬مقنعة‭ ‬لبقاء‭ ‬الحلف‭ ‬العسكري‭ ‬المدجج‭ ‬بالأسلحة‭ ‬المتقدمة‭.‬

حاول‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬التخفّف‭ ‬من‭ ‬التزاماته‭ ‬المالية‭ ‬الباهظة‭ ‬وتبنى‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬الدفع‭ ‬مقابل‭ ‬الأمن‮»‬‭.. ‬وبدا‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬كجثة‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬الطريق‭ ‬تنتظر‭ ‬من‭ ‬يدفنها‭.‬

وجد‭ ‬خلفه،‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬فرصة‭ ‬مواتية‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬الحلف‭ ‬وتأكيد‭ ‬القيادة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬باسم‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬والقيم‭ ‬الغربية‭ ‬المشتركة‭.‬

جدير‭ ‬بالالتفات‭ ‬أن‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الرومانية‭ ‬بوخارست‭ (‬2008‭) ‬طرحت‭ ‬سؤال‭ ‬مستقبله؛‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬مناوشات‭ ‬سياسية‭ ‬جرت‭ ‬بين‭ ‬المستشارة‭ ‬الألمانية‭ ‬أنجيلا‭ ‬ميركل‭ ‬والرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭.‬

كانت‭ ‬تجربة‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬ماثلة‭ ‬والفشل‭ ‬الذريع‭ ‬مؤكداً‭.‬

في‭ ‬الأجواء‭ ‬السلبية،‭ ‬التي‭ ‬خيّمت‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬بوخارست،‭ ‬طرح‭ ‬السؤال‭ ‬الأوكراني‭ ‬نفسه،‭ ‬تنضم‭ ‬أو‭ ‬يؤجل‭ ‬انضمامها؟‭! ‬جرى‭ ‬استبعاد‭ ‬سيناريو‭ ‬الضم؛‭ ‬خشية‭ ‬إثارة‭ ‬غضب‭ ‬موسكو‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬التعهد‭ ‬الذي‭ ‬قطع‭ ‬لها‭ ‬مقابل‭ ‬موافقتها‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬الألمانيتين،‭ ‬ألا‭ ‬يتوسع‭ ‬الناتو‭ ‬إلى‭ ‬حدودها‭ ‬المباشرة،‭ ‬أو‭ ‬تنشر‭ ‬فوقها‭ ‬منصات‭ ‬صواريخ‭ ‬تهدد‭ ‬أمنها‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭. ‬السؤال‭ ‬نفسه‭ ‬أعيد‭ ‬طرحه‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬فيلنيوس‭.‬

رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬المقاربات‭ ‬والتبريرات‭ ‬انتهت‭ ‬القمة‭ ‬الجديدة‭ ‬إلى‭ ‬استبعاد‭ ‬سيناريو‭ ‬الضم‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

طرحت‭ ‬ثلاثة‭ ‬اشتراطات‭:‬

الأول،‭ ‬تحديث‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬تسليحاً‭ ‬وتدريباً‭ ‬وتنظيماً‭ ‬وفق‭ ‬المواصفات‭ ‬الحديثة‭.‬

ناقض‭ ‬ذلك‭ ‬الشرط‭ ‬ما‭ ‬قررته‭ ‬القمة‭ ‬من‭ ‬ضمانات‭ ‬أمنية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬ومساعدات‭ ‬عسكرية‭ ‬ضخمة‭ ‬لبناء‭ ‬قدرات‭ ‬دفاعية‭ ‬براً‭ ‬وبحراً‭ ‬وجواً‭ ‬تردع‭ ‬العدوان‭ ‬الروسي‭.‬

إذا‭ ‬ما‭ ‬قورن‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬بجيش‭ ‬دولة‭ ‬صغيرة‭ ‬مثل‭ ‬فنلندا،‭ ‬جرى‭ ‬احتفاء‭ ‬زائد‭ ‬بانضمامها،‭ ‬فالتناقض‭ ‬يبدو‭ ‬فادحاً‭.‬

الثاني،‭ ‬رفع‭ ‬منسوب‭ ‬الالتزام‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬ومحاربة‭ ‬الفساد‭.‬

بدوره‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬اشتراطاً‭ ‬مقنعاً،‭ ‬فهناك‭ ‬دول‭ ‬داخل‭ ‬الحلف‭ ‬يرتفع‭ ‬منسوب‭ ‬الفساد‭ ‬فيها‭ ‬عمّا‭ ‬هو‭ ‬جار‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وتحيط‭ ‬شبهات‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬التزامها‭ ‬الديمقراطي‭.‬

الثالث،‭ ‬أن‭ ‬يجري‭ ‬الضم‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬دخلت‭ ‬الحلف‭ ‬الآن‭ ‬فإن‭ ‬دوله‭ ‬ملزمة‭ ‬وفق‭ ‬المادة‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬ميثاقه‭ ‬بإرسال‭ ‬قواتها‭ ‬إلى‭ ‬ميادين‭ ‬القتال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تريده‭ ‬واشنطن،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬عاصمة‭ ‬أوروبية‭ ‬أخرى‭ ‬مهما‭ ‬تشدد‭ ‬خطابها‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬دون‭ ‬مساحيق‭ ‬تجميل،‭ ‬أو‭ ‬ادعاءات‭ ‬مشكوك‭ ‬فيها‭.‬

وفق‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين،‭ ‬فإن‭ ‬أحد‭ ‬أسبابه‭ ‬للتدخل‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬منعها‭ ‬من‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭.‬

في‭ ‬تصريحاته‭ ‬لم‭ ‬يأبه‭ ‬لإمدادات‭ ‬السلاح‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تعهد‭ ‬بها‭ ‬الحلف،‭ ‬فهي‭ ‬‮«‬لن‭ ‬تغير‭ ‬شيئاً‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬القتال‮»‬‭.‬

الرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬فلاديمير‭ ‬زيلينسكي‭ ‬أبدى‭ ‬خيبة‭ ‬أمله‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬انضمام‭ ‬بلاده‭ ‬إلى‭ ‬الحلف‭ ‬وغياب‭ ‬أي‭ ‬جدول‭ ‬زمني‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الانضمام،‭ ‬لكنه‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬مضطراً‭ ‬إلى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رضاه‭ ‬بمخرجات‭ ‬القمة‭ ‬والتعهدات‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬بذلت‭ ‬فيها‭.‬

بعض‭ ‬التعهدات‭ ‬مثيرة‭ ‬للالتفات،‭ ‬كأن‭ ‬تحصل‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬ضمانات‭ ‬أمنية‭ ‬تماثل‭ ‬ما‭ ‬لدى‭ ‬إسرائيل‭.‬

ما‭ ‬المقصود‭ ‬بالضبط‭ ‬بهذه‭ ‬الضمانات‭ ‬الأمنية؟‭!‬

هناك‭ ‬فارق‭ ‬جوهري‭ ‬بين‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الضمانات‭ ‬متعارف‭ ‬عليها‭ ‬سارية‭ ‬ومختبرة‭ ‬وبين‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مكتوبة‭ ‬وملزمة‭. ‬في‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬تبدت‭ ‬تباينات‭ ‬وصفقات‭ ‬سياسية‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬المراوغات‭ ‬للملمة‭ ‬الشروخ‭ ‬الظاهرة‭.‬

من‭ ‬أهم‭ ‬الصفقات‭ ‬المراوغة‭ ‬الوعد‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬بذل‭ ‬لتركيا‭ ‬بالانضمام‭ ‬مستقبلاً‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬مقابل‭ ‬عدم‭ ‬ممانعتها‭ ‬في‭ ‬انضمام‭ ‬السويد‭ ‬إلى‭ ‬الحلف‭.. ‬وهو‭ ‬وعد‭ ‬لم‭ ‬يلتزم‭ ‬به‭ ‬الأوروبيون‭ ‬أنفسهم‭!‬

كانت‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬لفنلندا‭ ‬العضو‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬الناتو،‭ ‬عقب‭ ‬انتهاء‭ ‬القمة،‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬إدراك‭ ‬ضرورات‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الشمال‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬إحكام‭ ‬الحصار‭ ‬على‭ ‬روسيا‭.‬

ضم‭ ‬السويد‭ ‬ينهي‭ ‬مائتي‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الحياد‭ ‬ويفتح‭ ‬المجال‭ ‬لإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الشمال‭ ‬الأوروبي‭ ‬باسم‭ ‬الأمن‭ ‬المشترك‭. ‬وفق‭ ‬بايدن،‭ ‬السلم‭ ‬الأوروبي‭ ‬مرتبط‭ ‬بالأمن‭ ‬الأمريكي‭.‬

على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬يرى‭ ‬الكرملين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التطور‭ ‬انتقاصاً‭ ‬خطيراً‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وأن‭ ‬الرد‭ ‬لن‭ ‬يتأخر‭ ‬طويلاً‭.‬

العسكرة‭ ‬المفرطة‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬خروق‭ ‬فادحة‭ ‬في‭ ‬قواعد‭ ‬الاشتباك،‭ ‬مثل‭ ‬إمداد‭ ‬كييف‭ ‬بطائرات‭ ‬‭(‬F16‭)‬،‭ ‬وتعهد‭ ‬دول‭ ‬أوروبية‭ ‬عديدة‭ ‬بتدريب‭ ‬الطيارين‭ ‬الأوكرانيين،‭ ‬وتزويد‭ ‬آلتها‭ ‬العسكرية‭ ‬بقنابل‭ ‬عنقودية،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يدعو‭ ‬موسكو‭ ‬كما‭ ‬هددت‭ ‬أن‭ ‬ترد‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬متوافر‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الأسلحة‭ ‬المحرمة‭.‬

نحن‭ ‬أمام‭ ‬فصل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬باعتبارات‭ ‬القوة‭ ‬وحدها،‭ ‬الذرائع‭ ‬والحيثيات‭ ‬الأخرى‭ ‬صارت‭ ‬على‭ ‬الهامش‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الصراع‭.‬

{ كاتب‭ ‬صحفي‭ ‬مصري

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا