العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

اتجاهات تطور العلاقات الخليجية – اليابانية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٢١ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

فيما‭ ‬تسعى‭ ‬اليابان‭ -‬رابع‭ ‬أكبر‭ ‬مستوردي‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬العالم‭- ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬أمن‭ ‬طاقتها؛‭ ‬تأتي‭ ‬زيارة‭ ‬رئيس‭ ‬وزرائها‭ ‬فوميو‭ ‬كيشيدا‭ ‬لثلاث‭ ‬دول‭ ‬خليجية،‭ ‬هي‭ ‬السعودية،‭ ‬والإمارات‭ ‬وقطر،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الخليج‭ ‬يعتبر‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيسي‭ ‬لإمدادها‭ ‬بالنفط‭ ‬والغاز‭. ‬وبينما‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لتحقيق‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني؛‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬تشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬تقنيات‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬كما‭ ‬تشمل‭ ‬تبادل‭ ‬المعرفة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬الصديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬كالهيدروجين‭ ‬والأمونيا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قامت‭ ‬شركة‭ ‬ماروبيني‭ ‬اليابانية‭ ‬بالاتفاق‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العامة‭ ‬السعودي،‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬إنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬في‭ ‬المملكة‭.‬

وقبيل‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة،‭ ‬دارت‭ ‬مناقشات‭ ‬بين‭ ‬مسؤولين‭ ‬يابانيين،‭ ‬وأمين‭ ‬عام‭ ‬منظمة‭ ‬الأوبك،‭ ‬هيثم‭ ‬الغيص‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬فيينا،‭ ‬يوم‭ ‬13‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬حول‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية،‭ ‬وتوقعات‭ ‬الطلب،‭ ‬وتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬خط‭ ‬اتصال‭ ‬دائم،‭ ‬فيما‭ ‬أعرب‭ ‬رئيس‭ ‬رابطة‭ ‬الغاز‭ ‬اليابانية،‭ ‬تاكا‭ ‬شيرو‭ ‬هونجو،‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬زيارة‭ ‬كيشيدا‭ ‬لدول‭ ‬الخليج،‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬استقرار‭ ‬أمن‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭ ‬المسال‭ ‬ومصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬الأخرى‭.‬

وتعد‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الياباني‭ ‬كيشيدا،‭ ‬منذ‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬سابقه‭ ‬شينزو‭ ‬آبي‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬فيما‭ ‬تتطلع‭ ‬رابطة‭ ‬الغاز‭ ‬اليابانية،‭ ‬إلى‭ ‬إبرام‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬الآجل‭ ‬لشراء‭ ‬الغاز‭ ‬المسال‭ ‬القطري،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تجري‭ ‬فيه‭ ‬مفاوضات‭ ‬مع‭ ‬مصادر‭ ‬أخرى‭ ‬بشروط‭ ‬مختلفة،‭ ‬حيث‭ ‬تخشى‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬مجريات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬إلى‭ ‬تهديد‭ ‬إمداداتها‭ ‬من‭ ‬الغاز،‭ ‬مع‭ ‬الضغط‭ ‬المستمر‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتعويض‭ ‬صادرات‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭ ‬لأوروبا‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم،‭ ‬أن‭ ‬قطر،‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للغاز‭ ‬المسال‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ومنذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬تسارعت‭ ‬حدة‭ ‬المنافسة‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬منتجاتها،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬حزمة‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬على‭ ‬موسكو،‭ ‬استهدفت‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬لديها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬قطر،‭ ‬ملتزمة‭ ‬بعقود‭ ‬توريد‭ ‬للأسواق‭ ‬الآسيوية‭. ‬ومع‭ ‬اتجاه‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬توسعة‭ ‬حقل‭ ‬الشمال‭ ‬على‭ ‬مرحلتين،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رفع‭ ‬قدرات‭ ‬التسييل‭ ‬إلى‭ ‬126‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬متري‭ ‬سنويًا‭ ‬بحلول‭ ‬2027،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬77‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬متري‭ ‬سنويًا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬تأمل‭ ‬اليابان،‭ ‬أن‭ ‬تؤمن‭ ‬الدوحة‭ ‬احتياجاتها‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التوسع‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬أن‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬بلغ‭ ‬نحو‭ ‬178‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬في‭ ‬2022‭. ‬وبحسب‭ ‬بيانات‭ ‬منظمة‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬المصدرة‭ ‬للنفط‭ (‬أوابك‭)‬،‭ ‬تصدرت‭ ‬الدوحة‭ ‬قائمة‭ ‬أكبر‭ ‬مصدري‭ ‬الغاز‭ ‬المسال‭ ‬بإجمالي‭ ‬80‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬طن،‭ ‬تلتها‭ ‬السعودية،‭ ‬والجزائر،‭ ‬ومصر،‭ ‬والإمارات،‭ ‬وسلطنة‭ ‬عُمان،‭ ‬على‭ ‬التوالي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تقف‭ ‬مسألة‭ ‬تحديد‭ ‬الأسعار‭ ‬عقبة‭ ‬أمام‭ ‬إبرام‭ ‬عقود‭ ‬جديدة‭ ‬طويلة‭ ‬الآجال‭. ‬ولبحث‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬ومناقشته،‭ ‬تأتي‭ ‬زيارة‭ ‬كيشيدا‭ ‬لقطر‭. ‬ومن‭ ‬المعلوم،‭ ‬أن‭ ‬اليابان‭ ‬لم‭ ‬تبرم‭ ‬عقودا‭ ‬مع‭ ‬الدوحة‭ ‬منذ‭ ‬2014،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تدهور‭ ‬مشترياتها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬المسال،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلنت‭ ‬شركة‭ ‬جيرا،‭ ‬اليابانية‭ -‬أكبر‭ ‬مستورد‭ ‬للغاز‭ ‬المسال‭- ‬عدم‭ ‬تجديد‭ ‬عقود‭ ‬لشراء‭ ‬5‭.‬5‭ ‬ملايين‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬بعد‭ ‬انتهائها‭ ‬في‭ ‬2021‭. ‬وعليه،‭ ‬انخفضت‭ ‬وارداتها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60% ‭ ‬في‭ ‬2022‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬اتجهت‭ ‬الشركة‭ ‬إلى‭ ‬إبرام‭ ‬عقود‭ ‬مع‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬تراجعت‭ ‬حصة‭ ‬قطر‭ ‬من‭ ‬واردات‭ ‬الغاز‭ ‬اليابانية‭ ‬من‭ ‬12.1%‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬إلى‭ ‬4%‭. ‬وفيما‭ ‬تتيح‭ ‬عودة‭ ‬طوكيو،‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬القطري‭ ‬لتأمين‭ ‬احتياجاتها؛‭ ‬فإنها‭ ‬تعزز‭ ‬أيضًا‭ ‬قدرات‭ ‬الدوحة‭ ‬التسويقية‭ ‬مع‭ ‬التوسعات‭ ‬التي‭ ‬تجريها‭ ‬بنسبة‭ ‬60% ‭ ‬بحلول‭ ‬2027‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬فإن‭ ‬علاقات‭ ‬اليابان‭ ‬الخليجية،‭ ‬تتصدرها‭ ‬تاريخيًا‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬السعودية،‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1938،‭ ‬عندما‭ ‬زار‭ ‬مبعوث‭ ‬الملك‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود،‭ ‬اليابان‭ ‬لحضور‭ ‬افتتاح‭ ‬مسجد‭ ‬طوكيو‭. ‬وردا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬قام‭ ‬المبعوث‭ ‬الياباني‭ ‬بزيارة‭ ‬المملكة‭ ‬عام‭ ‬1939،‭ ‬والتقى‭ ‬العاهل‭ ‬السعودي‭. ‬وفي‭ ‬1953‭ ‬زار‭ ‬السعودية‭ ‬وفد‭ ‬اقتصادي‭ ‬ياباني،‭ ‬فيما‭ ‬قامت‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬1955‭ ‬وحينها‭ ‬منحت‭ ‬المملكة‭ ‬شركة‭ ‬الزيت‭ ‬العربية‭ ‬اليابانية‭ ‬حق‭ ‬امتياز‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬النفط،‭ ‬وجرى‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬الامتياز‭ ‬عام‭ ‬1957،‭ ‬وجرى‭ ‬الاكتشاف‭ ‬التجريبي‭ ‬في‭ ‬1960،‭ ‬ثم‭ ‬أخذت‭ ‬الزيارات‭ ‬المتبادلة‭ ‬في‭ ‬التواتر،‭ ‬بدءًا‭ ‬بزيارة‭ ‬الأمير‭ ‬سلطان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬لليابان‭ ‬في‭ ‬1960،‭ ‬ثم‭ ‬زيارة‭ ‬الملك‭ ‬فيصل‭ ‬في‭ ‬1977،‭ ‬وزيارة‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬اليابان‭ ‬للسعودية‭ ‬في‭ ‬1981،‭ ‬وزيارة‭ ‬الأمير‭ ‬نواف‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز،‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬1990،‭ ‬ثم‭ ‬زيارة‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬اليابان‭ ‬للسعودية‭ ‬في‭ ‬1994‭.‬

وخلال‭ ‬زيارته‭ ‬للمملكة‭ ‬عام‭ ‬1997،‭ ‬صاغ‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬اليابان‭ ‬ريو‭ ‬تارو‭ ‬هاشيموتو‭ ‬مع‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬الشراكة‭ ‬الشاملة‭ ‬نحو‭ ‬القرن‭ ‬الـ21،‭ ‬تلاها‭ ‬زيارة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬لليابان‭ ‬في‭ ‬1998،‭ ‬ووقع‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الياباني‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيتها‭ ‬أجندة‭ ‬التعاون‭ ‬السعودي‭ ‬الياباني‭ ‬التي‭ ‬اشتملت‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭ ‬هي؛‭ ‬تشجيع‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وتطوير‭ ‬مصادر‭ ‬المياه،‭ ‬والحوار‭ ‬السياسي‭ ‬الواسع‭ ‬المتعدد‭. ‬وقد‭ ‬تعزز‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬بزيارة‭ ‬شنزو‭ ‬آبي‭ ‬للرياض‭ ‬في‭ ‬2013،‭ ‬ولقائه‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬وامتد‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬المجال‭ ‬الأمني،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأمن‭ ‬البحري،‭ ‬وأمن‭ ‬خطوط‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية،‭ ‬ومكافحة‭ ‬القرصنة،‭ ‬والإرهاب،‭ ‬وحظر‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬التعاوني،‭ ‬تشكلت‭ (‬اللجنة‭ ‬السعودية‭ ‬اليابانية‭ ‬المشتركة‭)‬،‭ ‬و‭(‬مجلس‭ ‬الأعمال‭ ‬السعودي‭ ‬الياباني‭)‬،‭ ‬ووقع‭ ‬البلدان‭ (‬اتفاقية‭ ‬تشجيع‭ ‬وحماية‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المتبادلة‭). ‬وفي‭ ‬2015،‭ ‬كانت‭ ‬اليابان‭ ‬تحتفل‭ ‬بذكرى‭ ‬مرور‭ ‬60‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬انطلاق‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وتعددت‭ ‬أوجه‭ ‬التعاون،‭ ‬وشملت؛‭ ‬تخزين‭ ‬النفط‭ ‬السعودي‭ ‬في‭ ‬منشأة‭ ‬أوكيناوا‭ ‬اليابانية،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬البتروكيماويات،‭ ‬ومصافي‭ ‬الطاقة،‭ ‬ومشروعات‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬وتنمية‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬النووية‭ ‬للاستخدامات‭ ‬السلمية‭.‬

ومع‭ ‬النمو‭ ‬المضطرد‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬اتفق‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬أثناء‭ ‬زيارته‭ ‬لليابان‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬وزرائها‭ ‬شينزو‭ ‬آبي،‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬رؤية‭ ‬مشتركة‭ (‬الرؤية‭ ‬السعودية‭ ‬اليابانية‭ ‬2030‭). ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬التالي،‭ ‬قام‭ ‬العاهل‭ ‬السعودي‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬بزيارة‭ ‬اليابان،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية،‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬9‭ ‬قطاعات‭ ‬هي‭: (‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬الزراعة،‭ ‬الإعلام‭ ‬والترفيه،‭ ‬العناية‭ ‬الطبية،‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬ذات‭ ‬الجودة‭ ‬العالية،‭ ‬المال‭ ‬والاستثمار،‭ ‬الطاقة،‭ ‬بناء‭ ‬المنشآت‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬الثقافة‭ ‬والرياضة‭ ‬والتعليم،‭ ‬الصناعة‭). ‬ويشارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬جهات‭ ‬حكومية‭ ‬سعودية‭-‬يابانية،‭ ‬بعدد‭ ‬مشاريع‭ ‬مشتركة‭ ‬نحو‭ ‬70‭ ‬مشروعا‭. ‬وفي‭ ‬يونيو‭ ‬2019‭ ‬كان‭ ‬الإصدار‭ ‬الأول‭ ‬لهذه‭ ‬الرؤية‭.‬

وارتباطًا‭ ‬بتنفيذها،‭ ‬وقع‭ ‬البلدان‭ ‬في‭ ‬منتدى‭ ‬الاستثمار‭ ‬السعودي‭ ‬الياباني،‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022‭ ‬بالرياض‭ ‬15‭ ‬اتفاقًا‭ ‬استثماريًا،‭ ‬في‭ ‬مجالات؛‭ (‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬والرياضة،‭ ‬والرقمنة،‭ ‬والمدن‭ ‬الذكية،‭ ‬والطاقة،‭ ‬والهيدروجين‭ ‬والأمونيا،‭ ‬والتمويل‭ ‬والخدمات‭ ‬المصرفية،‭ ‬وإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬البوليستر،‭ ‬والزراعة‭ ‬والأغذية،‭ ‬والصناعة‭). ‬ومن‭ ‬المعلوم،‭ ‬أن‭ ‬اليابان‭ ‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬50%‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬السيارات‭ ‬السعودي،‭ ‬فيما‭ ‬تعد‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أكبر‭ ‬موردي‭ ‬النفط‭ ‬لها‭ ‬بحصة‭ ‬سوقية‭ ‬تبلغ‭ ‬نحو‭ ‬39%‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬السوق،‭ ‬فيما‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬38‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬قبل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا؛‭ ‬تشكل‭ ‬منها‭ ‬الصادرات‭ ‬السعودية‭ ‬النسبة‭ ‬الأعلى‭ ‬بنحو‭ ‬33‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

وبالنسبة‭ ‬للإمارات‭ ‬كوجهة‭ ‬لزيارة‭ ‬كيشيدا،‭ ‬فإن‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬اليابانية‭ ‬معها،‭ ‬قد‭ ‬ارتفع‭ ‬إلى‭ ‬54‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬محققًا‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬58‭.‬7%‭ ‬عن‭ ‬2021‭. ‬وكما‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬فإن‭ ‬فائض‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬مال‭ ‬لصالح‭ ‬أبوظبي،‭ ‬بقيمة‭ ‬37‭.‬1‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬واستحوذ‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬على‭ ‬39%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬طوكيو،‭ ‬ودول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والذي‭ ‬بلغ‭ ‬117‭.‬45‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أن‭ ‬افتتاح‭ ‬السفارة‭ ‬اليابانية‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬ظبي،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬1974،‭ ‬وافتتاح‭ ‬سفارة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬طوكيو،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬1973،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ،‭ ‬تطورت‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وعقدا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬الداعمة‭. ‬ويشمل‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بينهما‭ ‬مجالات؛‭ (‬الطيران،‭ ‬والسياحة،‭ ‬والفضاء،‭ ‬والطاقة‭ ‬والصناعة،‭ ‬والتعليم،‭ ‬والخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬والبيئة‭). ‬وتعد‭ ‬الإمارات‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬موردي‭ ‬النفط‭ ‬لليابان،‭ ‬فيما‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬شركة‭ ‬يابانية،‭ ‬وقد‭ ‬تعزز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬منذ‭ ‬الإطلاق‭ ‬الأول‭ ‬للقمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الإماراتي‭ ‬خليفة‭ ‬سات،‭ ‬من‭ ‬الموقع‭ ‬الياباني‭ ‬تانيفا‭ ‬شيما‭ ‬في‭ ‬2018،‭ ‬متبوعًا‭ ‬بإطلاق‭ ‬أول‭ ‬مسبار‭ ‬كوكبي‭ ‬لها‭ (‬مسبار‭ ‬الأمل‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2020،‭ ‬والذي‭ ‬وصل‭ ‬مدار‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬فبراير‭ ‬2021‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬بوصلة‭ ‬الطاقة‭ ‬هي‭ ‬الموجه‭ ‬الرئيسي‭ ‬لليابان‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬الخليجية؛‭ ‬فإن‭ ‬بوصلة‭ ‬التنمية‭ ‬هي‭ ‬الموجه‭ ‬الرئيسي‭ ‬لعلاقات‭ ‬الخليج‭ ‬اليابانية؛‭ ‬فمدرسة‭ ‬التنمية‭ ‬اليابانية،‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬سارت‭ ‬عليه‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬صعودًا‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬دول‭ ‬النمور‭ ‬الآسيوية،‭ ‬والصين‭. ‬وقد‭ ‬تجلت‭ ‬المعالم‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬البوصلتين‭ ‬في‭ (‬الرؤية‭ ‬المشتركة‭ ‬السعودية‭ ‬اليابانية‭ ‬2030‭). ‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬متابعتها،‭ ‬وإعطائها‭ ‬قوة‭ ‬دفع،‭ ‬وتعزيزها،‭ ‬تأتي‭ ‬زيارة‭ ‬كيشيدا‭ ‬لهذه‭ ‬الأقطار‭ ‬الخليجية‭ ‬الثلاثة،‭ ‬فيما‭ ‬تأمل‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬محطة‭ ‬رئيسية،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬حصة‭ ‬مبيعات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬مشوارها‭ ‬التنموي‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬تحويه‭ ‬رؤاها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستقبلية،‭ ‬بوتيرة‭ ‬أسرع‭ ‬مستثمرة‭ ‬سوق‭ ‬مواتية‭ ‬للطاقة،‭ ‬تكفل‭ ‬لها‭ ‬موارد‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الوتيرة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا