حديثنا اليوم عن نبات الفيونياريا (Funaria) وهو من أشهر النباتات الحزازية القائمة وهو يوجد في الأماكن الرطبة وفي آبار المساقي وأحواض المياه العذبة في المزارع والحدائق.
الطور السائد في دورة الحياة هو النبات المشيجي وهو يتكون خارجيا من ساق قائمة (أو شبه ساق) وأوراق (أو شبه أوراق في صفوف سوارية متتابعة متكاثفة وينتهي الساق من أسفل بالعديد من أشباه الجذور (Rizoids ) متعددة الخلايا، وينتهي السوق من أعلى بزهرة حزازية، وهي إما أن تحتوي على الأنثريدات المذكرة فقط وتصبح بذلك زهرة حزازية مذكرة، أو تحتوي الأرشيجونيات فقط وتصبح زهرة حزازية مؤنثة، وقد تحتوي الزهرة على الأنثريدات والأرشيجونيات معا وتسمى في هذه الحالة بزهرة حزازية خنثى.
بعمل قطاع عرضي في شبه ساق نبات الفيوناريا نجد في الوسط الأسطوانة المركزية يحيط بها البشرة الداخلية وهي من عدة خلايا محاطة من الخارج بطبقة واحدة هي البشرة الخارجية.
التكاثر في الفيوناريا: يتم التكاثر الجنسي في المراحل التالية:
تنضج الأنثريدة في الزهرة الحزازية وتنتج السابحات الذكرية (المشيج المذكر) وتسبح في الماء منجذبة إلى فتحة الأرشيجونة العليا في نفس الزهرة أو في زهرة أخرى.
تذوب الأنوية العنقية في عنق الأرشيجونة وتتحول إلى مادة هلامية تجذب السابح الذكر للداخل ، وتغلق الخلايا العليا فاتحة الأرشيجونة.
ينجذب السابح الذكري إلى بطن الأرشيجونة وتندمج مع البويضة ويحدث الإخصاب.
تحدث عدة انقسامات في البويضة المخصبة لينتج عنها النبات الجرثومي الصغير ويستمر في النمو ليعطي الطور الجرثومي الناضج.
النبات الجرثومي في الفيوناريا:
يحمل النبات المشيجي النبات الجرثومي.
يعتمد النبات الجرثومي على النبات المشيجي جزئيا في التغذية والحماية.
يتكون النبات الجرثومي من الأجزاء التالية:
القدم وهو جزء مثبت ماص، يثبت النبات الجرثومي في النبات المشيجي ويمتص منه الماء والغذاء.
الحامل (Seta ) وهو الجزء الذي يرفع العلبة أو الصماد عاليا ويوصل إليها الغذاء.
الصماد أو العلبة (Capsule):
الصماد هو الجزء الأعلى من النبات الجرثومي يتكون من عويميد عقيم في المنتصف تحيط به أسطوانة من الخلايا الخصبة في طبقة واحدة تحيط بالعويميد من الداخل.
يحاط الصماد من الخارج ببشرة عقيمة تتصل بالجزء الوسطي الخصب والعقيم بوصلات دعامية خلوية بينها فراغات هوائية عديدة.
ينتهي الصماد من أسفل بنسيج مغذي يحتوي اليخضور ويتصل من أسفل بالحامل (Seta) المتصل بالقدم.
وفي نهاية العلبة أو الصماد من أعلى تراكيب مهمة تساعد على انتثار الجراثيم من الطبقة الخصبة بقوة دافعة تدفع الجراثيم إلى الانتثار والانتشار في البيئة الخارجية بعيدا عن النبات الأم وهذه معجزة نباتية، هذه التراكيب هي الطوق لولبي بالتركيب والوظيفة والأسنان البيروستومية في الداخل تغطى من الخارج بغطاء.
يا له من تركيب تقني معجز في هذا النبات الصغير الذي لا يتعدى المليمترات في هذه البيئة على جدار البئر أو في الطين حيث الرحمة الإلهية والإبداع الإلهي والتركيب المعجز في الخلق والوظيفة والتكيف مع البيئة.
من خلق هذا؟
هل المصادفة والعشوائية التي يدعيها الملحدون تفعل ذلك؟
(هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ) لقمان (11).
انتثار الجراثيم وإنباتها:
عندما تنضج الجراثيم (spores) ينفصل الغطاء الضاغط على الأسنان البيروستومية فتخرج الأسنان بآلية معينة ناثرة الجراثيم للخارج بقوة دفع كبيرة.
تسقط الجراثيم بعيدا عن النبات الأم.
في الظروف المواتية للإنبات تنبت الجراثيم لتعطي تطورا خيطيا مميزا للحزازيات القائمة يسمى الخيط الأول أو البروتونيما (Protonima).
ينبت على الخيط البروتونيمي نباتات مشيجية صغيرة تنضج لتعطي النبات المشيجي الكبير الذي يحمل الأزهار الحزازية المذكرة على نبات، والمؤنثة على نبات أو يحمل الإثنين معا في زهرة مخنثة واحدة.
تحمل الأزهار المذكرة الأنثريدات التي تنتج الجراثيم (الأمشاج المذكرة).
تحمل الأزهار المؤنثة الأرشيجونيات ذات العنق الطويل والبطن المحتوي على البويضات (الأمشاج المؤنثة).
تحمل الزهرة خيوطا عقيمة تحيط بالأنثريدة والأرشيجونة لحمايتها والحفاظ على رطوبتها ودرجة حرارتها (حضانة خيطية معجزة).
تخرج الجراثيم من الأنثريدة بعد نضجها وتنجذب نحو عنق الأرشيفجونة وتعيد دورة الحياة.
يتبادل في دورة الحياة طورين هما النبات المشيجي أحادي المجموعة الصبغية (n) والنبات الجرثومي ثنائي المجموعة الصبغية (2n).
تقع هذه الدورة في إيقاع حيوي جيني معجز ودقيق ومحكم مصداقا لقول الله تعالى (قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيٓ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ) طه (٥٠).
نحتاج إلى مناهج دراسية علمية إيمانية تبين عظمة التركيب النباتي في النبات وعظمة التدبير الإلهي في الخلق لنبني عند أبنائنا عقيدة إيمانية علمية تعتمد على الحقائق الكونية لتطمئن قلوبهم كما قال سيدنا إبراهيم (بلي ولكن ليطمئن قلبي).
نحتاج إلى تغيير الخطاب الديني الدعوي ليمزج بين الحقائق العلمية والآيات القرآنية مزجا علميا شرعيا يخاطب الناس بلغة عصرية، وقد قام القرآن الكريم بمزج الآيات الكونية بالآيات الغيبية في منهجية تربوية علمية فريدة تأتي بالآيات الكونية تتبعها الآيات الغيبية أو الآيات الغيبية تتبعها الآيات الكونية كما هو الحال في سورة (المؤمنون) من الآيات (١-١١) ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ - الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ - وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ -وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ -وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ - وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ - وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ - أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ - الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ، ومن ثم تتبعها الآيات الكونية (١٢-١٦) ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ - ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ - ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ - ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ - ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) وسورة آل عمران من الآيات (١٩٠-١٩١) ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ - الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ومن ثم تتبعها الآيات الغيبية (١٩٢) ( رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).
إنها المنهجية القرآنية الثابتة في بناء العقيدة وهذا يبين أهمية الآيات الكونية في القرآن الكريم.
هذا المنحى يستدعي تدريس مقررات مشتركة لدارسي العلوم الشرعية في المواد العلمية (أحياء، كيمياء، فيزياء، فلك، جيولوجيا، طب) مقررات ميسرة ترتبط بحياة المسلم وتبين له أهمية الإشارات الكونية في فهم العقيدة وبناء الإيمان والقلوب المطمئنة كما فعل سيدنا إبراهيم عليه السلام في طلب الدليل التجريبي في بيان إحياء الله تعال للموتى، هذا وبالله التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك