بقلم: مروة سلامة إبراهيم
الرحمة هي تلك الكلمة الرقيقة الجميلة الجليلة التي تحمل في جنباتها وطياتها كل المعاني الإنسانية السامية، وعندما نسمعها أو نقرأها تبعث في النفوس والقلوب: السكينة والطمأنينة والهدوء.. هذه الكلمة كانت هي الركيزة الأساسية للرسالات السماوية والتي من أجلها بُعث الأنبياء والمرسلون، وإذا أردنا أن نلخص رسالة النبي الكريم سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في كلمة واحدة، فستكون «الرحمة» بمعناها ومبناها الشامل، لذلك أعده الله لبناء حضارة الرحمة؛ لذلك كانت حياته وأعماله وأقواله وحتى سكونه وسكوته رحمة.
فيوم أنت كنت طفلاً يا سيدي عزفت عن لهو الأطفال وعن ملاعبهم وعن أسمارهم، وكأنك لم تُخلق لهذا.
ويوم جاءتك رسالة الهُدى وحملت أمانة التبليغ، فقمت بها خير قيام.
ويوم فتحتَ مكة التي آذتك وأخرجتك وتآمرت على قتلك، وقد ملأتْ راياتُك الأفق ظافرةً قلت لخصومك: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
ويوم دانت لك الجزيرة العربية، وجاء نصر الله والفتح ودخل الناسُ في دين الله أفواجاً، ضربت أروع الأمثلة في الرحمة والتواضع والتسامح والإيثار.
وذات يوم كنت تصلى مع أصحابك وعلى غير عادةٍ منك أنهيت صلاتك على عجل، وقد كنت في قمة الغبطة والنشوة مع الله تعالى، لا لشيء ذي بال؛ بل لأنك سمعت بكاء طفل رضيع، كانت أمه تصلي خلفك، أنهيت صلاتك رحمة بهذا الرضيع.
ولقد كنت ترجف، حين تبصر دابه تحمل على ظهرها أكثر مما تطيق.
لقد عرض الله أن تكون لك بطحاء مكة ذهبا فرفضت، وعشت زاهدا وكنت تقول: «اللَّهمَّ ارزُقْ آلَ محمَّدٍ قُوتًا» (صحيح البخاري)، والقُوتُ: ما يسُدُّ الرَّمَقَ، والمرادُ به الكَفافُ مِنَ العَيشِ، فلا يطغَون بالإكثارِ.
ويوم أن جاءك ملك الجبال بعد أن آذاك المشركون وقال لك يا محمد: إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، -أي الجبلين- فرفضت وقلت: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا (صحيح البخاري).
صحيح البخاري نعم يا سيدي لقد كان ميلادك ومبعثك وحياتك منعطفاً عظيماً حوّل البشرية من الظلمات إلى النور ومن الموت إلى الحياة ومن الحرب إلى السلام.. فكان ميلادك ومبعثك أهمَّ حدث في تاريخ البشرية على الاطلاقْ منذ أن خلق الله الكون وكأن هذا الكون كان يرتقب قدومه منذ أمد بعيد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك