من أشد الهموم وأقساها، أن يكون (الفنان) بين مخلب الأحلام وبين واقع شديد القسوة على حلمه، في موضع لا يحسد عليه، أعني الفنان ذا الصفة الإبداعية الشاملة الموزع بين رسالة مناط منه ايصالها وبين حلم جائع يرفرف كعصفور مذبوح من شدة العطش في قسوة الصيف.
(فنان) في المسرح والفن التشكيلي والسينما والموسيقى، وما يجمع ويرتبط بهذه الصفات التي تطوق المبدع وتعصره كي يصل برسالته إلى الجمهور الكبير، بمعنى شمولية (المثقف) اديب كان في القصة أو في الشعر أو في والرواية أو في النقد أو في الأعلام وما يرتبط بالأدب ضمن شمولية الجمع الحاضن للجميع عبر رسائل المبدع المعاصر.
هؤلاء كل عبر رسالته الإبداعية يأكل من جسده ومن عينيه ليضيء ظلمة ما يحيطه إلى ضوء كبير يُفرح به الآخرين.
هؤلاء المبدعون، يحبرون ليل الظلمة بألوان الأمل، دون ان يطلبوا مقابلا يحميهم من تقلبات العصر، وشدة قسوة الغلاء.
فالمسرحي يريد صندوقا يدعمه حتى لا يشعر بالجوع والضياع وايضاً الأديب يريد كما يريد المسرحي، وهذا ينطبع على كل المبدعين الذين هم نواة الحلم لأي مشروع رائد في الثقافة المعاصرة، يتمنون أن يُوجد لهم صندوق داعم يغنيهم عن التسول ويبقيهم ضمن خارطة مسيرة المبدعين.
ومنذ سنوات عبر هذه الزاوية تطرقت إلى هذه الظاهرة المؤلمة والمتعبة للمبدع، مطالباً أن ينظر في امرهم وأن يضوع لهم صندوق داعم لإبداعاتهم وقت ما هم يعتازون له، صندوق يساعد المسرحي في قسوة جوعه وبطالته وايضاً الأديب والإعلامي في دعمه وقت الحاجة، فالكثير من الأدباء يطبع نتاجاتهم عبر اخذ قروض تساعدهم على طباعة نتاجاتهم، وهذا ايضاً منطبق على المسرحي، فأي عمل مسرحي يراد له ان يظهر يحتاج لأموال تسير عجلاته، فمن اين يأتي بها في ظل غياب هذا الصندوق الداعم؟
الأحلام وحدها لا تبني بيتاً، والمال وحده لا يعطي مبدعاً، الكل يكمل الآخر، وجود الدعم للمبدع يعطيه اصرارا على الإنتاجية والعمل الدؤوب من دون كلل، فالرسائل تكمل بعضها في الدعم الثابت لكل مبدع، ولا يأتي هذا الدعم من دون تكاتف الجميع في الوطن الواحد، مبني على دراسة واقع الحركة الأدبية والمسرحية وحاجة المبدع الى الدعم والأسناد.
واعتقد جازماً أن وجود صندوق دائم في الحراك الثقافي، للمسرحي والموسيقي والتشكيلي والخطاطون والنقاد والمؤلفون في ادبيات السرد والشعر والأدب، هم بحاجة الى وجود هذا الصندوق الذي سوف يحميهم من الجوع والضياع وسوف يطور من مهاراتهم الإبداعية، ويعطي كل ذي حق حقه من دون أن يكون هناك منة على أحد، لأنه صندوق مدعوم من القادرين على تغذية هذا الصندوق بريعهم في دفع رسائل المبدع، فلا نرى من يقول: ضاعت رسائل سنوات دراستي للفن ولا نرى من يقول: تعبت عيناي من السهر وبقيت مخطوطاتي رهينة محبس مكتبي.
دعونا نعمهم سويا، فالمجتمعات لا تنمو رسائل أبنائها من دون راع يحميها من قسوة الأزمنة!
a.astrawi@gmali.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك