العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التوازن الروسي بين شراكته مع إيران وتعاونه مع دول الخليج

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٢٦ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

مع‭ ‬محاولة‭ ‬عزل‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬سياسيًا،‭ ‬واقتصاديًا،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022؛‭ ‬سعت‭ ‬لتحسين‭ ‬علاقاتها‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭. ‬ففي‭ ‬آسيا،‭ ‬عززت‭ ‬التعاون‭ ‬العسكري‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬دعمت‭ ‬علاقاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬و«نيودلهي‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬مبيعات‭ ‬الطاقة‭ ‬المخفضة،‭ ‬التي‭ ‬أوصلت‭ ‬كميات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬المنقولة‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2023،‭ ‬بحوالي‭ ‬110‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭. ‬وفي‭ ‬إفريقيا،‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬كسب‭ ‬ود‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬جنوب‭ ‬إفريقيا‮»‬،‭ ‬للامتناع‭ ‬عن‭ ‬انتقاد‭ ‬سياساتها،‭ ‬وهو‭ ‬إنجاز‭ ‬كررته‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬حيث‭ ‬لاقت‭ ‬مخاوفها‭ ‬الأمنية‭ ‬تجاه‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬أيضًا‭ ‬استجابة‭.‬

ويأتي‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الروسية،‭ ‬لكسب‭ ‬تأييد‭ ‬دول‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬النفوذ‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬الغربي؛‭ ‬دور‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المخضرم‭ ‬‮«‬سيرجي‭ ‬لافروف‮»‬‭. ‬وبينما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬مارك‭ ‬جاليوتي‮»‬،‭ ‬المؤرخ‭ ‬البريطاني،‭ ‬أن‭ ‬كبير‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬الروس،‭ ‬قد‭ ‬تراجع‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬الظهور‭ ‬كـ«عملاق‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الدولية‭ ‬المطلق‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أداء‭ ‬ضعيف‮»‬‭ ‬في‭ ‬الغرب؛‭ ‬فقد‭ ‬أقر‭ ‬بأنه،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬ذكيًا‮»‬،‭ ‬و«صاحب‭ ‬دور‭ ‬مؤثر»؛‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬جولته‭ ‬العالمية‭ ‬بزيارات‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬لدول‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وخلال‭ ‬جهوده‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬سعى‭ ‬‮«‬لافروف‮»‬،‭ ‬لتعزيز‭ ‬مصالح‭ ‬روسيا‭ ‬مع‭ ‬أعضاء‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬وتوثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أكده‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬السادس‭ ‬المشترك‭ ‬للحوار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬وموسكو،‭ ‬والذي‭ ‬استضافته‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬يوليو‭ ‬2023،‭ ‬وأفصح‭ ‬عن‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬‮«‬شراكات‭ ‬أقوى‭ ‬حول‭ ‬العالم‮»‬،‭ ‬وعكس‭ ‬أيضا‭ ‬رغبة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬علاقاتها‭ ‬الخاصة‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬العالمية،‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الاجتماع‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬أثيرت،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسياسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬تدخلت‭ ‬‮«‬روسيا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬نزاع‭ ‬إقليمي‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬عبر‭ ‬دعمها‭ ‬أحقية‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬بالجزر‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬‮«‬إيران‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1970،‭ ‬وهو‭ ‬الإجراء‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬‮«‬موجة‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬الإيرانية‮»‬،‭ ‬وعليه،‭ ‬تساءل‭ ‬المحللون‭ ‬حول‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬تُترجم‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الروسية‭- ‬الإيرانية،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الحقائق‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وكذلك‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬استنتاج‭ ‬مفاده،‭ ‬أن‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬قد‭ ‬يحل‭ ‬محل‭ ‬العلاقات‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬الحالية‭ ‬مع‭ ‬‮«‬طهران‮»‬‭.‬

وتعليقا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬بعض‭ ‬المعلقين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬‮«‬تحرص‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬تعميق‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‮»‬،‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يُدره‭ ‬هذا‭ ‬التقارب‭ ‬من‭ ‬مزايا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭. ‬ومع‭ ‬عزلها‭ ‬دبلوماسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬عن‭ ‬الغرب،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬ألكسندر‭ ‬غابويف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬باتت‭ ‬‮«‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬كسوق‭ ‬لسلعها‮»‬‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬مساعدتها‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬حربها‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬لاحظ‭ ‬‮«‬أندرو‭ ‬سكوبل‮»‬،‭ ‬و«نيكلاس‭ ‬سوانستروم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬سياسات‭ ‬الأمن‭ ‬والتنمية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬تبدو‭ ‬‮«‬الشريك‭ ‬الصامت‮»‬،‭ ‬لموسكو‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬دعمها‭ ‬للكرملين،‭ ‬بدًلا‭ ‬من‭ ‬رؤيته‭ ‬كشريك‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة،‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬خطئه‮»‬،‭ ‬بخوض‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭.‬

وبينما‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬روكساندرا‭ ‬إيورداتش‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬‮«‬خلقت‭ ‬شراكة‭ ‬ملائمة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬و‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬تأثرهما‭ ‬‮«‬بالعقوبات‭ ‬الغربية،‭ ‬ووجود‭ ‬مجموعة‭ ‬متضائلة‭ ‬من‭ ‬الشركاء‭ ‬التجاريين‮»‬،‭ ‬وتعاونهما‭ ‬في‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬العقوبات،‭ ‬ونقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬بين‭ ‬البلدين؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬أليكس‭ ‬فاتانكا‮»‬،‭ ‬و«عبد‭ ‬الرسول‭ ‬ديفسلار‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬‮«‬الشك‮»‬‭ ‬المتبادل‭ ‬بينهما‭ ‬بشأن‭ ‬سياسة‭ ‬الطاقة،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬رغبة‭ ‬لدى‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬تظهر‭ ‬كمزود‭ ‬طاقة‭ ‬بديل‭ ‬لأوروبا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬حجم‭ ‬صادراتها‭ ‬الموسع‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬الحصة‭ ‬السوقية‭ ‬لأسعارها‭ ‬المخفضة‭ ‬للغاية‭. ‬

ووفقًا‭ ‬لـ«معهد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للسلام‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬تقلب‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬أيضًا‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثين‭ ‬عامًا‭ ‬الماضية،‭ ‬فإن‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستدامة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تشهد‭ ‬‮«‬طفرة‭ ‬اقتصادية‮»‬،‭ ‬كخيار‭ ‬أفضل‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬روسيا‮»‬،‭ ‬تتراجع‭ ‬حاليًا‭ ‬عن‭ ‬الصين،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬مصدري‭ ‬البضائع‭ ‬والسلع‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الخليج»؛‭ ‬فقد‭ ‬نمت‭ ‬تجارتها‭ ‬الثنائية‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬بنسبة‭ ‬68%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تأكيد‭ ‬نائب‭ ‬وزير‭ ‬الاستثمار‭ ‬السعودي‭ ‬‮«‬بدر‭ ‬البدر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬التجارة‭ ‬بينها،‭ ‬وبين‭ ‬دول‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‮»‬،‭ ‬هي‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬رئيسية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تعتزم‭ ‬‮«‬الرياض‮»‬،‭ ‬تعزيز‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬معها‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬مستواها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬البالغ‭ ‬1‭.‬75‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

وبشكل‭ ‬واضح،‭ ‬تسعى‭ ‬‮«‬روسيا‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭. ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬المشترك‭ ‬السادس‭ ‬للحوار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬جاء‭ ‬لتعزيز‭ ‬أوجه‭ ‬التعاون،‭ ‬وأن‭ ‬الكرملين،‭ ‬أصبح‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تقديم‭ ‬تنازلات‮»‬‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإقليمية‮»‬‭. ‬ولعل‭ ‬أحد‭ ‬هذه‭ ‬التنازلات،‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية،‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬البيان‭ ‬الذي‭ ‬انحازت‭ ‬فيه‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الإمارات‭ ‬وبقية‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬نزاع‭ ‬إقليمي‭ ‬حول‭ ‬الجزر‭ ‬الثلاث‭.‬

وتسلط‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬الضوء‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬المتزايد‭ ‬لروسيا،‭ ‬بين‭ ‬شراكتها‭ ‬الراسخة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬وعزمها‭ ‬الواضح‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬‮«‬دول‭ ‬الخليج‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مارك‭ ‬كاتز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مفاوضات‭ ‬ثنائية‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تحكيم‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‮ ‬كانت‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مجدية‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬لقي‭ ‬تأييد‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬للسيادة‭ ‬الإماراتية‭ ‬على‭ ‬جزر‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬موسى‮»‬،‭ ‬و«طنب‭ ‬الكبرى‮»‬،‭ ‬و«طنب‭ ‬الصغرى‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬طهران،‭ ‬إدانة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬رغم‭ ‬علاقتهما‭ ‬الوثيقة‭. ‬‮ ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬تساءل‭ ‬المسؤول‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيرانية‭ ‬‮«‬قاسم‭ ‬محبلي‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يهتم‭ ‬الأصدقاء‭ ‬كثيرًا‭ ‬بمطالب‭ ‬إيران،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يعطون‭ ‬الأولوية‭ ‬لتلبية‭ ‬مطالب‭ ‬خصومنا‮»‬‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬حميد‭ ‬أبو‭ ‬طالبي‮»‬،‭ ‬المستشار‭ ‬السياسي‭ ‬للرئيس‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬حسن‭ ‬روحاني،‭ ‬دعم‭ ‬روسيا‭ ‬للإمارات،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬خيانة‭ ‬لا‭ ‬تُغتفر‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الإيرانية‮»‬،‭ ‬‮«‬ناصر‭ ‬كنعاني‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دعمها‭ ‬لمطالبة‭ ‬الإمارات‭ ‬بالجزر،‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬العلاقات‭ ‬الودية‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وجيرانها،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المحادثات‭ ‬بشأن‭ ‬عودتها‭ ‬ستعرض‭ ‬‮«‬تنمية‭ ‬المنطقة‭ ‬واستقرارها‭ ‬للخطر‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬للمحللين،‭ ‬يثير‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬‮«‬شكوكا‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬و«مدى‭ ‬فعاليتها‭ ‬بشأن‭ ‬التطلع‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬وعندما‭ ‬تقترن‭ ‬تلك‭ ‬الشكوك،‭ ‬بتوقيع‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬بالمثل‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022‭ ‬على‭ ‬بيان‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬مبادرة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سلمي‭ ‬لعودة‭ ‬هذه‭ ‬الجزر‭ ‬إلى‭ ‬الإمارات‭ -‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬استدعاء‭ ‬طهران‭ ‬للسفير‭ ‬الصيني‭- ‬وإعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬للعلاقات‭ ‬الودية‭ ‬المتزايدة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج؛‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الفوائد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الناتجة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التجارة،‭ ‬والاستثمارات،‭ ‬لها‭ ‬الأسبقية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬و«بكين‮»‬،‭ ‬على‭ ‬دعمهما‭ ‬لطموحات‭ ‬إيران‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬كاتز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬القرار‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الروسي،‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬‮«‬آماله‭ ‬لتعزيز‭ ‬صادراته‭ ‬واستثماراته‭ ‬في‭ ‬الإمارات،‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الأخرى‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تضاهيه؛‭ ‬نظرًا‭ ‬الى‭ ‬تفاقم‭ ‬الصعوبات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬والمتعلقة‭ ‬بالعقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المفروضة‭ ‬عليها‭. ‬

ويقال‭ ‬إن‭ ‬عدم‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬كحليف‭ ‬استراتيجي‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬شراكتهما‭ ‬‮«‬تكتيكية‮»‬،‭ ‬لمواجهة‭ ‬خصومهما‭ ‬المشتركين،‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬‮«‬حدودا‭ ‬واضحة‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬طموحات‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬للآخر،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬والسياسية‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬المواقف‭ ‬السياسية‭ ‬لكل‭ ‬منهما،‭ ‬ربما‭ ‬‮«‬تتباعد‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬وعليه،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬روسيا‭ ‬الكامل‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬أصبح‭ ‬‮«‬واضحًا‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وحقيقة‭ ‬وجود‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب،‭ ‬فإن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬يعتبر‭ ‬‮«‬أمرًا‭ ‬مفيدًا‮»‬،‭ ‬لمرونة‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬تطور‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الصين‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬لورد‮»‬،‭ ‬و«أرونا‭ ‬بايغال‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شركاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الإقليميين‭ ‬غير‭ ‬مكترثين‭ ‬أو‭ ‬متغافلين‭ ‬عن‭ ‬الحماس‭ ‬الواضح‭ ‬والمساعي‭ ‬المكثفة‭ ‬الجارية‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬لعمل‭ ‬تكامل‭ ‬أمني‭ ‬إقليمي‭ ‬بالمنطقة‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬كاتز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬ممتنة‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬موسكو‭ ‬‮«‬دعمت‭ ‬موقفها‮»‬‭ ‬على‭ ‬الجزر‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬إيران،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فقد‭ ‬وضح‭ ‬فائدة‭ ‬تعزيز‭ ‬تعاونها‭ ‬معها‮»‬‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المشاركة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ‬الروسية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬متراجعة‭ ‬كثيرًا‭ ‬عن‭ ‬نظيراتها‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصينية؛‭ ‬فإن‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬لافروف‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬رغبة‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬عبر‭ ‬جميع‭ ‬المجالات،‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬تأكيدات‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬تحرص‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬موسكو‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬‮«‬الرغبة‭ ‬الثابتة‭ ‬في‭ ‬التحرك‭ ‬نحو‭ ‬ترسيخ‭ ‬روابطهما‭ ‬وبناء‭ ‬علاقات‭ ‬قوية»؛‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يعد‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬دليل‮»‬،‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬استمرار‭ ‬تحول‭ ‬كل‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬مع‭ ‬تكيف‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والجيوسياسية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا