أحمد أبو الوفا صديق
جاء الإسلام داعيا إلى العمل الصالح، ومفهوم العمل الصالح في الإسلام عام واسع، يشمل ما فرضه الله تعالى على عباده من الطاعات والعبادات، كما يشمل طيِّب الأخلاق وجميل القِيَم التي تُسهم في بناء مجتمع مترابط، يسوده التسامح والتآخي والتكافل والتراحم.
كما أن مفهوم العمل الصالح يعمُّ كل ما يسهم في عمارة الأرض، وتنمية الأوطان، ونفع الإنسان، حيث يقول الحق سبحانه: «هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».
ومن العمل الصالح الذي أمر به ديننا الحنيف:
- الإكثار من ذكر الله تعالى؛ لأن الذكر حياة القلوب وسكينتها وطمأنينتها، يقول سبحانه: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»، ويقول تعالى: «وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا».
- الإكثار من الصيام، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله بَاَعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ؛ جَعَلَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ»، وكان (صلى الله عليه وسلم) يَصومُ تِسعَ ذي الحجّةِ، ويَومَ عاشوراء، وثلاثةَ أيّام مِن كلّ شهرٍ.
- احترام الكبير خلقٌ عظيم وأدب رفيع من آداب الإسلام التي أمر بها وحض عليها، وجعلها دليلًا على حسن الإسلام والخلق؛ فقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا». [أخرجه الترمذي].
ومن مظاهر احترام الكبير، الترفق به، وقضاء حوائجه، ومعاونته، ومُخاطبته بلطف وأدب، وترك القبيح في حضرته، وتقديمه في الجلوس والحديث، ونحو ذلك؛ فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: «لقَدْ كُنْتُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غُلَامًا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ عنْه، فَما يَمْنَعُنِي مِنَ القَوْلِ إلَّا أنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّي». [متفق عليه].
- تفقُّد أحوال الفقراء والمساكين واليتامى والمُحتاجين وسد حاجتهم من أحب الأعمال وأفضلها، حيث تُدخل الصدقاتُ البشرَ والسرورَ في قلوب الناس، يقول الحق سبحانه: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ»، ويقول سبحانه: «وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ؛ تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ -يعني: مسجدَ المدينةِ- شهرًا».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك