حديثنا اليوم عن نبات كزبرة البئر التابع للنباتات السرخسية التريدية التي تتميز بالمميزات الآتية:
أنها نباتات خضراء تصنع غذاءها بعملية البناء الضوئي كالنباتات الخضراء.
يتبادل في دورة حياتها طوران هما الطور الجرثومي السائد في دورة الحياة على هيئة نبات سرخسي أخضر كبير، والطور المشيجي دقيق غير سائد على هيئة ثالوس أولي (Prothullus).
تحتوي على الخشب (Xylem) واللحاء (phloem) في الساق والريزومات.
تنتظم الجراثيم داخل أكياس خاصة تعرف بالحوافظ الجرثومية (Sporangia).
ينتشر نبات كزبرة البئر في الأماكن الظليلة الرطبة مثل الآبار وأحواض السواقي حيث يتساقط الماء على جدار البئر باستمرار وبغزارة.
والنبات السائد في دورة الحياة هو الطور الجرثومي ويتكون من الريزومات الأرضية يحمل الجذور العرضية والأوراق السرخسية في مراحل مختلفة من النمو، وتكون الأوراق الصغيرة ملتفة على هيئة خطاف، أما الورقة الكبيرة ريشية الشكل فتتميز فيها الريشة والرويشة، وتنظم على الرويشة البثرات الجرثومية في بثرة كاذبة تنشأ من انثناء حافة الرويشة، توجد الجراثيم في حافظة جرثومية مضربية الشكل لها خلايا خارجية سميكة تسمى خلايا الطوق، تنشق عند نضجها وتقذف بالجراثيم في وقت الجفاف لتسقط على جدار البئر والأرض الرطبة لتنبت وتعطي النبات المشيجي الذي يحمل الأرشيجونيات والأنثريدات. انظر كتاب النبات العام، أحمد محمد مجاهد وآخرين، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة: مصر (ط 6) و(ص558) (1986م).
آلية انفتاح الحوائط الجرثومية:
عندما يكتمل نضج البثرة الجرثومية يجف الغطاء البثري ويذبل ثم يسقط، ومن ثم تتعرض الحوافظ الجرثومية للجفاف وتبدأ في فقد ما بها من ماء، ويتم انفتاح الحافظة الجرثومية لتحرير ما بها من جراثيم معجزة، وتقذف الجراثيم إلى مسافات بعيدة بعيدا عن مكان النبات الأم، وإذا توافرت عوامل الإنبات من التربة الصالحة، والرطوبة، ودرجة الحرارة المناسبة، والأكسجين تبدأ الجراثيم في الإنبات فيخرج منها شبه جذر (Rizoid) يتخذ طريقه إلى أعماق التربة، ويتكون النبات الثالوسي الأولي (prothallus) (الطور المشيجي) قلبي الشكل الذي يعتمد على نفسه في التغذية مستقلا تماما عن الطور الجرثومي الأم لاحتوائه على البلاستيدات الخضراء المساعدة على القيام بعملية البناء الضوئي وتخرج من السطح السفلي أشباه جذور طويلة وحيدة الخلية بنية اللون تتعمق في التربة لتساعد على امتصاص ما بها من ماء وأملاح، وتنشأ الأرشيجونيات المؤنثة والأنثريدات المذكرة، وتتكون كل أرشيجونة من بطن مطمور في نسيج الثالوس وعنق بارز يواجه سطح التربة، أما الأنثريدات فتستقر قرب الأطراف الخلفية للنبات مختلطة عادة بأشباه الجذور، ويحدث التلقيح والإخصاب في وجود الماء حيث تعطي كل خلية والدة في الأنثريدة سابحة ذكرية حلزونية الشكل عديدة الأهداب تعوم في الماء حتى تصل إلى فوهة الأرشيجونة، فتخترق عنقها وتصل إلى البويضة في بطنها، وتندمج نواة السابحة الذكرية والبويضة لتكون اللاقحة.
انقسام اللاقحة وتكوين الجنين:
في الظروف المناسبة تأخذ اللاقحة في الانقسام وتتميز إلى قدم، وورقة أولى وتنمو الساق الابتدائية وجذر ابتدائي وورقة أولى، يتعمق الجذر الابتدائي في التربة لامتصاص الماء والأملاح، ويتكون النبات الجرثومي الصغير ثم يأخذ الثالوس الأولي في الذبول بالتدريج حتى يموت، وتأخذ السوق الابتدائية للنبات الجرثومي الصغير في الامتداد أفقيا وتتميز عليها أوراق سرخسية وجذور عرضية تحل بالتدريج محل الورقة الأولى والجذر الابتدائي اللذين يختفيان بالتدريج، وهكذا يتكون الطور الجرثومي في دورة الحياة، وتحمل الأوراق السرخسية على سطحها السفلي البثرات الجرثومية التي تنضج لتعطي الحوافظ الجرثومية التي تفتح بالآلية المعجزة ناثرة الجراثيم بعيدا عن النبات الأم، وتعاد دورة الحياة التي يتبادل فيها كل من الطور الجرثومي السائد والطور المشيجي غير السائد ونرى الطور الجرثومي على جدار الآبار والسواقي ناميا أخضر كبيرا كثيفا في هذه البيئة بعيدا عن تدخل الإنسان. (النبات العام، أحمد محمد مجاهد وآخرون (المرجع السابق) (ص 564) باختصار).
وهكذا تتجلى القدرة الإلهية والإبداع في الخلق في أطوار حياة نبات كزبرة البئر ويتبادل التطوران الجرثومي والمشيجي في دورة الحياة، وتتجلى آلية انتظار الجراثيم العناية الربانية بالمخلوقات الأرضية.
ويتجلى العلم والتقدير في عمليتي التلقيح والإخصاب وإنتاج النبات المشيجي، كل هذا يتم في هذا النبات النامي في بئر تلك الساقية في هذا المكان البعيد عن المختبرات والتقنية الحديثة، ولو اجتمع الباحثون في أحدث المختبرات العلمية على إنشاء هذا النبات بأطواره المختلفة بعيدا عن النبات الحي والخلايا الحية والجراثيم الحية لفشلوا فشلا ذريعا، وهذا يدلل أن الخالق المقدر هو الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء، والمقدر لكل شيء، ورب كل شيء ومليكه سبحانه وتعالى «قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعطَى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدَى» طه (50).
ولقد أبدع أساتذتنا الأوائل في عرض هذه النباتات بالتفصيل في عمل علمي متقن وواضح.
ونحن نحتاج إلى إعداد مناهج في العلوم الكونية لطلبة الكليات والمعاهد الشرعية لفهم آليات عمل تلك الكائنات وعبوديتها لربها سبحانه وتعالى كما فعلنا في كتابنا عبودية النبات لرب الكائنات بالاشتراك مع الدكتور فريد التوني المتخصص في العلوم الشرعية.
لقد حوى القرآن الكريم العديد من الإشارات العلمية في العلوم الكونية وخاصة علم النبات دليلا على أهمية العلوم الكونية في بناء العقيدة الإسلامية والحضارة الإسلامية العلمية التقنية الأخلاقية الفريدة.
والحمد لله رب العالمين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك