العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

عن القدس: مجددا.. ومجددا

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الاثنين ٣١ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬البعد‭ ‬السياسي،‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬البعد‭ ‬الديني‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أسس‭ ‬ومبادئ‭ ‬النظرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للقدس،‭ ‬وهو‭ ‬المبدأ‭ ‬الذي‭ ‬يستند‭ ‬على‭ ‬نظريتي‭ ‬‮«‬الاصطفاء‭ ‬الإلهي‮»‬‭ ‬لليهود‭ ‬و«الوعد‭ ‬الإلهي‮»‬‭ ‬لهم‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الميعاد‭!! ‬

فبحسب‭ ‬أساطيرهم‭: ‬لا‭ ‬لا‭ ‬اصطفاء‭ ‬ولا‭ ‬أرض‭ ‬ميعاد‭ ‬لليهود‭ ‬بدون‭ ‬القدس‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تظهر‭ ‬خطط‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬التهويدية‭ ‬للقدس‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى،‭ ‬التي‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬طرد‭ ‬كل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬‮«‬زهرة‭ ‬المدائن‮»‬‭! ‬فتهويد‭ ‬القدس‭ ‬جوهر‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني،‭ ‬الديني‭ ‬والسياسي‭ ‬الراهن،‭ ‬لا‭ ‬تتراجع‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الحلم‭ ‬بتحقيقه‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تمضي‭ ‬إليه‭ ‬بكل‭ ‬حماسة‭ ‬وجهد‭.‬

مؤخرا،‭ ‬دفع‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬حارس‭ ‬الأملاك‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬القضاء‭ ‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬مخططا‭ ‬لبناء‭ ‬مستعمرة‭ ‬كبيرة‭ ‬بادعاء‭ ‬أنها‭ ‬أراض‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬المحتلة‭ ‬مسجلة‭ ‬بملكية‭ ‬يهود‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬خطة‭ ‬لتقليص‭ ‬الضائقة‭ ‬السكنية‭ ‬للمقدسيين‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬ذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬هآرتس‮»‬‭ ‬أن‭ ‬المخطط‭ ‬‮«‬قدّمته‭ ‬شركة‭ ‬مقاولات‭ ‬يديرها‭ ‬ناشط‭ ‬يميني،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬المزمع‭ ‬إقامة‭ ‬المستوطنة‭ ‬فيها‭ ‬تم‭ ‬تخصيصها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خدمة‭ ‬الفلسطينيين‮»‬‭.‬

ويشمل‭ ‬المخطط‭ ‬الاستعماري‭/‬‮«‬الاستيطاني‮»‬‭ ‬بناء‭ (‬450‭) ‬بؤرة‭ ‬سكنية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬مساحتها‭ (‬12‭) ‬دونما‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تقع‭ ‬بين‭ ‬قريتي‭ ‬أم‭ ‬ليسون‭ ‬وجبل‭ ‬المكبر‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬المحتلة‭. ‬ويقضي‭ ‬المخطط‭ ‬بإحاطة‭ ‬‮«‬المستوطنة‮»‬‭ ‬بجدار‭. ‬وكانت‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬قد‭ ‬ادعت،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خطة‭ ‬خماسية‭ ‬للقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬تخصيص‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬لبناء‭ ‬فلسطيني‭ ‬دون‭ ‬الإعاقات‭ ‬المعتادة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬منظمات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬عير‭ ‬عميم‮»‬‭ ‬أكدت‭ ‬أنه،‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الإجراءات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬ركز‭ ‬موظف‭ ‬التسويات‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬مناطق،‭ ‬يُزعم‭ ‬أنه‭ ‬توجد‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬أراض‭ ‬بملكية‭ ‬يهودية‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الموظف‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬أداة‭ ‬بأيدي‭ ‬منظمات‭ ‬‮«‬استيطانية‮»‬‭.‬

وكانت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬هآرتس‮»‬‭ ‬قد‭ ‬ذكرت‭ ‬اسم‭ ‬الثري‭ ‬الأسترالي‭ ‬اليهودي‭ (‬كيفين‭ ‬برمايستر‭) ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أحد‭ ‬الناشطين‭ ‬البارزين‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬المستوطنة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬طوفوديا‮»‬‭. ‬وعضو‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الشركة‭ ‬هو‭ (‬يهودا‭ ‬ريجونس‭) ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬متحدثا‭ ‬باسم‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬إلعاد‮»‬‭ ‬الاستيطانية‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬حي‭ ‬سلوان،‭ ‬وهو‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬ماكور‭ ‬ريشون‮»‬‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬قال‭ ‬الباحث‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬أفيف‭ ‬تتارسكي‭) ‬من‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬عير‭ ‬عميم‮»‬‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬الثالثة‭ ‬خلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬سنتين‭ ‬التي‭ ‬يستغل‭ ‬فيها‭ ‬حارس‭ ‬الأملاك‭ ‬العام‭ ‬تفويضه‭ ‬المؤقت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقامة‭ ‬مستوطنة‭ ‬داخل‭ ‬حي‭ ‬فلسطيني‭. ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬حارس‭ ‬الأملاك‭ ‬وعناصر‭ ‬المستوطنين‭ ‬تجاوز‭ ‬خطوطا‭ ‬حمراء‭ ‬بارزة‭ ‬هذه‭ ‬المرة‮»‬‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬يرى‭ ‬الكاتب‭ (‬نير‭ ‬حسون‭) ‬أنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬أصبح‭ ‬قسم‭ ‬القيم‭ ‬العام،‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬الأملاك‭ ‬اليهودية‭ ‬التي‭ ‬بقيت‭ ‬وراء‭ ‬الخط‭ ‬الأخضر‭ ‬في‭ ‬1948،‭ ‬جسما‭ ‬مهما‭ ‬لإقامة‭ ‬المستوطنات‭ ‬اليهودية،‭ ‬وتم‭ ‬توجيه‭ ‬انتقاد‭ ‬شديد‭ ‬للمساعدة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬لجمعيات‭ ‬اليمين‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تهويد‭ ‬القدس‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬بات‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬المسعى‭ ‬و‭(‬الهدف‭) ‬الإسرائيلي‭ ‬النهائي‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬المقدسة‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬المأساة‭ ‬الكبرى‭! ‬فالمدينة‭ ‬باتت‭ ‬محاطة‭ ‬بحزام‭ ‬‮«‬استيطاني‮»‬‭ ‬يزداد‭ ‬تمددا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬بل‭ ‬وتوغلا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الحارات‭ ‬والبلدات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قلص‭ ‬الوجود‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬وحول‭ ‬الأحياء‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬كانتونات‭ ‬ينزرع‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬الاستيطان‮»‬‭ ‬كما‭ ‬الغدد‭ ‬السرطانية‭. ‬فإلى‭ ‬متى‭ ‬الصمت‭ ‬الرسمي‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬والدولي؟‭! ‬وإلى‭ ‬متى‭ ‬نغطي‭ ‬رأسنا‭ ‬تحت‭ ‬أغطية‭ ‬الوهم‭ ‬المتلاشي‭ ‬حثيثا‭ ‬مرددين‭: ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬كاملة‭ ‬السيادة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية؟‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا