حديثنا اليوم عن نبات الرصن (selaginella) أحد النباتات اللابذرية الوعائية المتباينة الجراثيم، فجراثيم النباتات الحزازية (الريشيا والفيوناريا) ونبات كزبرة البئر كانت جراثيمهما كلها متشابهة صغيرة الحجم، أما نبات الرصن فيحمل نوعين من الجراثيم، النوع الأول جراثيم عديدة صغيرة متشابهة والنوع الثاني جراثيم كبيرة قليلة العدد في الحافظة الواحدة، ويرى المختصون في علم النبات أن نبات الرصن يمثل نقلة نوعية وخطوة حيوية نحو تكوين البذرة النباتية في النباتات البذرية (معرات البذور ومغطاة البذور)، لذلك كان من المهم دراسة نبات الرصن عند دراسة المملكة النباتية.
النبات الجرثومي في دورة حياة نبات الرصن على درجة عالية من التركيب الظاهري، يتكون النبات الجرثومي من ريزومة ممتدة تتفرع باستمرار تفرعا ثنائيا الشعب، ويتكون النبات من جذور وساق وأوراق، وتنتظم الأوراق في أربعة صفوف، صفين بطنيين من أوراق كبيرة، وصفين من أوراق ظهريين صغيرين، وتتجمع الأوراق الجرثومية في مخاريط (strobili) طرفين يتساوى أحجامها في جميع المخاريط، وتتميز الحوافظ الجرثومية مظهريا وفسيولوجيا ووظيفيا إلى حوافظ جرثومية صغيرة (microsporongia) وتحمل في الإبط ورقة جرثومية صغيرة (microprophyll) تحتوي على عدد كبير من الجراثيم الصغيرة (Microspores) وحوافظ جرثومية كبيرة (megasporophyll) تحتوي على عدد قليل من الجراثيم الكبيرة (Megaspores) واحدة منها فقط في بعض الأجناس تعطي بعد الانقسام النسيج المؤنث وتتحلل باقي الخلايا، وتعتبر هذه الصفة خطوة مهمة في تكوين البذرة عبر المملكة النباتية ومن هنا تتضح الأهمية العلمية والحيوية والوظيفية لدراسة حياة نبات الرصن (selaginella).
التكاثر في نبات الرصن:
تم تسجيل التكاثر الخضري في نبات الرصن، ويتم ذلك بالتفتيت والساق المتدرنة والبصيلات حيث يقوم أحد الفروع في الظروف البيئية المواتية في إنتاج الجذور التي تنقطع من النبات الأم لتعطي نباتا جديدا، وفي البعض يتم التكاثر الخضري بواسطة براعم أو درنات التي تنمو في الظروف البيئية المواتية لتعطي نباتا جديدا.
التكاثر بالجراثيم:
يحمل نبات الرصن مخاريط (strobili) تحمل نوعين من الحوافظ الجرثومية (Sporangia) أو (sporsacs) هم الحوافظ الجرثومية الصغيرة (Microsporangia) والحافظ الجرثومية الكبيرة (Megasporangia) محمولتين على الأوراق الجرثومية الصغيرة والأوراق الجرثومية الكبيرة، الحافظة الجرثومية الصغيرة تحتوي عددا كبيرا من الجراثيم الصغيرة، أما الحافظة الجرثومية الكبيرة فتحتوي جرثومة واحدة كبيرة أو أربع جراثيم كبيرة.
يبدأ انقسام الجرثومة الصغيرة لتكون النبات المشيجي الذكري وهي مازالت حبيسة داخل الحافظة الجرثومية الصغيرة ثم يكتمل نموها وتسقط على التربة المحيطة بالنبات الأم وتعطي الجرثومة النبات المشيجي الذكري الذي ينتج السابحات الذكرية ثنائية الأهداب.
تبدأ الجرثومة الكبيرة في الإنبات وهي بداخل الحافظة الجرثومية الكبيرة لتعطي النبات المشيجي الأنثوي الحامل الأرشيجونيات وأشباه الجذور وتسقط في التربة بجوار الأم.
تنجذب السابحات الذكرية جذبا كيميائيا حيويا ليتم التلقيح والإخصاب وتكون اللاقحة.
تحدث بعد ذلك العديد من الانقسامات في اللاقحة ويتكون الجنين المركب من ساق وأوراق أولية، وجذر ابتدائي ويستمر الجنين في النمو إلى أن ينضج.
وتظهر البادرات خارج جدار الجرثومة الكبيرة وبذلك يتكون النبات الجرثومي الجديد غير الناضج الذي ينضج ويكون المخاريط والجراثيم الصغيرة العديدة والجراثيم الحافظية الكبيرة وتعاد دورة الحياة.
فمن قدر هذه الخطوات العلمية الحيوية المحددة والمعجزة؟!
من أوجد تلك الجراثيم المتباينة التي تعطي الأمشاج (السابحات) الذكرية والجراثيم الكبيرة التي تسقط أسفل النبات الأصلي؟!
من جذب السابح الذكري لعنق الأرشيجونة ليحدث التلقيح والإخصاب؟!
من هيأ هذه التراكيب النباتية لهذا السلوك المقدر والمنظم في هذا النبات الوحيد في هذه البيئة البعيدة عن الباحثين والزراع والرعاة والمساعدين؟!
(هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ) لقمان (11).
من هدى السابح الذكر لعنق الأرشيجونة؟
الإجابة قالها الله تعالى على لسان سيدنا موسى عندما سأله فرعون (قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَٰمُوسَىٰ) طه (٤٩)؟
(قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيٓ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ) طه (٥٠)
إجابة علمية قرآنية جامعة شافية تنطبق على كل شيء من الكائنات الحية، والتراكيب غير الحية، والقوانين الحاكمة بما يدلل على أن هذا القرآن من عند الله العليم الخبير الخالق.
فأين العشوائية والمصادفة في هذا المخلوق الدقيق ووقائعه الحياتية المحددة والمقدرة والمعجزة؟!!
انظر المراجع في كتابنا: آيات معجزات في الشكل الظاهري للنبات (ص ٢٥٢) (ط ١) (٢٠١٢م).
والحمد لله رب العالمين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك