العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أحداث جنين تؤذن بجيل فلسطيني جديد

بقلم: د. رمزي بارود

السبت ٠٥ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

لم‭ ‬يكن‭ ‬الغزو‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الغاشم‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬بلدة‭ ‬جنين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬3‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭ ‬بالمفاجأة‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مفاجئا‭ ‬مقتل‭ ‬12‭ ‬فلسطينيًا‭ ‬وجرح‭ ‬120‭ ‬آخرون‭ ‬وتدمير‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬منازل‭ ‬مخيم‭ ‬جنين‭ ‬وبنيته‭ ‬التحتية،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬لن‭ ‬يغير‭ ‬أي‭ ‬شيء‭. ‬

فحتى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وعوده‭ ‬السامية‭ ‬بتدمير‭ ‬‮«‬الملاذ‭ ‬الآمن‭... ‬للجيب‭ ‬الإرهابي‭ ‬في‭ ‬جنين‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬ممارسته‭ ‬الدموية‭ ‬الغاشمة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجدية‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ولم‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافها‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬الآلة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تهدم‭ ‬المنازل‭ ‬وتحطم‭ ‬السيارات‭ ‬وتحصد‭ ‬الأرواح،‭ ‬تم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬عدة‭ ‬هجمات‭ ‬انتقامية‭ ‬فلسطينية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬يوليو،‭ ‬وفي‭ ‬مستوطنة‭ ‬كدوميم‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬يوليو‭.‬

في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬الرد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الثانية‭ (‬انتفاضة‭ ‬عام‭ ‬2000‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬العنف‭ ‬المتطرف‭ ‬لن‭ ‬يضعف،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يقوي‭ ‬جذوة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والهجمات‭ ‬المضادة‭ ‬تجاه‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاسرائيلي‭.‬

في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬كانت‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تتمتع‭ ‬بدرجة‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الجماعات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتمكنت،‭ ‬رغم‭ ‬الصعوبات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬واجهتها،‭ ‬من‭ ‬احتواء‭ ‬الشارع‭ ‬الفلسطيني‭. ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬للسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النفوذ‭ ‬الذي‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬واحتواء‭ ‬الشارع‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وبالفعل،‭ ‬عندما‭ ‬زار‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬مسؤولي‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بلدة‭ ‬جنين‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬5‭ ‬يوليو‭ ‬2023،‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬‮«‬التضامن‮»‬‭ ‬والوعد‭ ‬بالمساعدة‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬الإنعاش،‭ ‬طرد‭ ‬سكان‭ ‬جنين‭ ‬المسؤولين‭ ‬من‭ ‬مخيمهم‭. ‬وهكذا،‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬جنين،‭ ‬ولم‭ ‬تنجح‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬نفسها‭ ‬كمنقذ‭ ‬للشعب‭. ‬إذن،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا؟

كتب‭ ‬تسفي‭ ‬بارئيل‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬هآرتس‮»‬‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬حيث‭ ‬ربط‭ ‬عملية‭ ‬جنين‭ ‬بأكملها،‭ ‬التي‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬والحديقة‮»‬‭ ‬بمسألة‭ ‬‮«‬فقدان‭ ‬نتنياهو‭ ‬السيطرة‭ ‬السياسية‮»‬‭ ‬على‭ ‬حكومته،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬فقد‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬البلد‭ ‬بأكمله‭.‬

كتب‭ ‬بارئيل‭ ‬يقوله‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬الصحفي‭: ‬كانت‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬مبهرجة‭... ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شخص‭ ‬عاقل‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬أو‭ ‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬الشاباك،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬اليمينية‭ ‬الصامتة،‭ ‬يعتقد‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬العملية‭ ‬ستقضي‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬جنين،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

إنها‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬مبهرجة‮»‬،‭ ‬وخير‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تلك‭ ‬اللغة‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬إسرائيلية‭ ‬رسمية،‭ ‬يقودها‭ ‬نتنياهو‭ ‬نفسه‭.‬

تفاخر‭ ‬الزعيم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬اليميني‭ ‬المحاصر‭ ‬سياسياً،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬قانونياً،‭ ‬بـ«العمل‭ ‬الشامل‮»‬‭ ‬لجيشه،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تنفيذه‭ ‬‮«‬بطريقة‭ ‬منهجية‭ ‬للغاية‭... ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬ومن‭ ‬الجو‭ (‬و‭) ‬بذكاء‭ ‬رائع‮»‬‭.‬

وتعهد‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬كذلك‭ ‬‮«‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬جنين‮»‬‭ ‬إذا‭ ‬‮«‬عادت‭ ‬جنين‭ ‬إلى‭ ‬الإرهاب‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬‮«‬سيحدث‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع‭ ‬بكثير‭ ‬وبقوة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يتخيله‭ ‬الناس‮»‬‭.‬

كما‭ ‬تحدث‭ ‬وزير‭ ‬دفاع‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت،‭ ‬عن‭ ‬‮«‬نجاح‮»‬‭ ‬الجيش،‭ ‬في‭ ‬‮«‬توجيه‭ ‬ضربة‭ ‬قوية‭ ‬إلى‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬جنين‮»‬،‭ ‬وتسجيل‭ ‬‮«‬إنجازات‭ ‬عملية‭ ‬مبهرة‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬أيًّا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬المضللة‭ ‬ليست‭ ‬صحيحة‭. ‬ما‭ ‬تسميه‭ ‬إسرائيل‭ ‬بـ«المنظمات‭ ‬الإرهابية‮»‬‭ ‬في‭ ‬جنين‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬للمقاومة‭ ‬المسلحة،‭ ‬وهي‭ ‬نفسها‭ ‬نتيجة‭ ‬لحركة‭ ‬أكبر‭ ‬للمقاومة‭ ‬الشعبية‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭.‬

إن‭ ‬روح‭ ‬التمرد‭ ‬لا‭ ‬تقمعها‭ ‬قوة‭ ‬النيران‭. ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الإنجاز‭ ‬العملياتي‭ ‬المذهل‮»‬‭ ‬لإسرائيل‭ ‬قد‭ ‬صب‭ ‬الوقود‭ ‬ببساطة‭ ‬على‭ ‬نار‭ ‬مشتعلة‭ ‬ومتوهجة‭ ‬بطبيعتها‭.‬

لصرف‭ ‬الانتباه‭ ‬عن‭ ‬مشاكله‭ ‬المتصاعدة،‭ ‬ولإبقاء‭ ‬تحالفاته‭ ‬المتشددة‭ ‬مع‭ ‬السياسيين‭ (‬اليمين‭ ‬المتطرف‭) ‬وقاعدتهم‭ ‬الشعبية‭ ‬من‭ ‬المستوطنين‭ ‬اليهود‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬سعيدة،‭ ‬فعل‭ ‬نتنياهو‭ ‬الشيء‭ ‬الأكثر‭ ‬حماقة‭. ‬لقد‭ ‬حوّل‭ ‬ببساطة‭ ‬تمردًا‭ ‬مسلحًا‭ ‬محتملاً‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬ثورة‭ ‬وشيكة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

على‭ ‬عكس‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الثانية،‭ ‬لا‭ ‬إسرائيل‭ ‬ولا‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لديهما‭ ‬أي‭ ‬نفوذ‭ ‬على‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬المقاومين‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يتأثرون‭ ‬بوعود‭ ‬كاذبة‭ ‬لدولة‭ ‬أو‭ ‬بوظائف‭ ‬أو‭ ‬بأموال‭ ‬دولية،‭ ‬ولا‭ ‬يبدو‭ ‬أنهم‭ ‬يخشون‭ ‬التهديدات‭ ‬بالاعتقال‭ ‬أو‭ ‬التعذيب‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭.‬

على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ازدادت‭ ‬جرأة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإصراره‭ ‬على‭ ‬الحياة‭. ‬إن‭ ‬أي‭ ‬تحليل‭ ‬للخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬لهذا‭ ‬الجيل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الجديد،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الخطاب‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬يظهر‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الجرأة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬حقًا‭.‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُعزى‭ ‬هذه‭ ‬الشجاعة‭ ‬جزئيًا‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬مقاومتها‭ ‬المستمرة‭ ‬‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الحصار‭ ‬والحروب‭ ‬المروعة‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬الشباب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

وبينما‭ ‬انخرط‭ ‬رئيس‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ ‬وخصومه‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬تمثيلية‭ ‬مطولة‭ ‬من‭ ‬‮«‬محادثات‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‮»‬‭ ‬و«تقاسم‭ ‬السلطة‮»‬،‭ ‬عمل‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الشعارات‭ ‬السطحية‭ ‬وغير‭ ‬الصادقة‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬ولدوا‭ ‬أو‭ ‬نضجوا‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬بعد‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1993،‭ ‬فإن‭ ‬أبناء‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬والثقافة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬غريبة‭ ‬عنهم‭.‬

وكأنه‭ ‬توجد‭ ‬اليوم‭ ‬صورتان‭ ‬مختلفتان‭ ‬لفلسطين‭ ‬‭ ‬صورة‭ ‬فلسطين‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬عباس‭ ‬وفتح‭ ‬والفصائل‭ ‬وأوسلو‭ ‬وأموال‭ ‬المانحين‭ ‬وعملية‭ ‬السلام‭ ‬والسياسة‭ ‬القذرة‭ ‬وأخرى‭ ‬صورة‭ ‬فلسطين‭ ‬المقاومة‭ ‬الموحدة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬الصمود،‭ ‬غزة،‭ ‬جنين،‭ ‬نابلس،‭ ‬عرين‭ ‬الأسود‭ ‬وأكثر‭.‬

لا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجالانت‭ ‬ولا‭ ‬عباس‭ ‬وحلفاؤه‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬يفهمون‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬التاريخي‭ ‬في‭ ‬الخطابات‭ ‬السياسية‭ ‬والثقافات‭ ‬واللغة،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.‬

إنهم‭ ‬غير‭ ‬مهتمين‭ ‬بالتحول‭ ‬الثقافي‭ ‬لمجرد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬الذي‭ ‬خدمهم‭ ‬جيدًا‭. ‬نتنياهو‭ ‬يريد‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬لأطول‭ ‬فترة‭ ‬ممكنة‭. ‬يريد‭ ‬جالانت‭ ‬إظهار‭ ‬براعته‭ ‬العسكرية‭ ‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الترشح‭ ‬لمنصب‭ ‬أعلى‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬‭ ‬وعباس‭ ‬يريد‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بأي‭ ‬حصة‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬والأموال‭ ‬المخصصة‭ ‬له‭.‬

ربما،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أعمق،‭ ‬فهم‭ ‬جميعًا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إسرائيل‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لن‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يستمروا‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬لمجرد‭ ‬أنهم‭ ‬ضعفاء‭ ‬ويائسون‭ ‬وليس‭ ‬لديهم‭ ‬رؤى‭ ‬طويلة‭ ‬المدى،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬فهم‭ ‬حقيقي‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬الآن‭.‬

بمجرد‭ ‬أن‭ ‬اجتاحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬جنين،‭ ‬عاد‭ ‬جميع‭ ‬الممثلين‭ ‬التقليديين‭ ‬إلى‭ ‬النص‭ ‬القديم‭ ‬للحروب‭ ‬والغزوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬السابقة‭. ‬انطلقوا‭ ‬إلى‭ ‬مواقعهم،‭ ‬مستخدمين‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬بها،‭ ‬والموافقة،‭ ‬والإدانة،‭ ‬والتصفيق،‭ ‬والتحذير‭.‬

بالنسبة‭ ‬للجيل‭ ‬الأكبر‭ ‬سنًا،‭ ‬توقف‭ ‬الزمن‭ ‬لديهم‭. ‬فقد‭ ‬دفن‭ ‬الجيل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الجديد‭ ‬أشباح‭ ‬الماضي‭ ‬ومضى‭ ‬قدما‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭. ‬والآن،‭ ‬هم‭ ‬مستعدون‭ ‬للتحدث‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬والقتال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أنفسهم‭. ‬جنين‭ ‬هي‭ ‬البداية‭ ‬فقط‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا