العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حقائق بشأن «مشروع مانهاتن» الأمريكي لإنتاج القنبلة النووية

بقلم: د. وهيب عيسى الناصر

الاثنين ٠٧ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

هناك‭ ‬حقائق‭ ‬يجب‭ ‬إيضاحها‭ ‬بشأن‭ ‬المشروع‭ ‬الأمريكي‭ ‬لتوظيف‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬بهدف‭ ‬إنتاج‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬مانهاتن‮»‬،‭ ‬وضم‭ ‬خيرة‭ ‬العلماء‭ ‬وألمعهم‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عددهم‭ ‬حوالي‭ ‬3000‭ ‬عالم‭ ‬بميزانية‭ ‬تقارب‭ ‬2‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90%‭ ‬منها‭ ‬كانت‭ ‬لبناء‭ ‬المنشآت‭ ‬وإنتاج‭ ‬معادن‭ ‬قابلة‭ ‬للانشطار‭. ‬ولقد‭ ‬مر‭ ‬المشروع‭ ‬بتشكيل‭ ‬عدة‭ ‬وكالات‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬مانهاتن‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1939م‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬فرانكلين‭ ‬دي‭ ‬روزفلت،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أفاد‭ ‬عملاء‭ ‬المخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬العلماء‭ ‬العاملين‭ ‬لدى‭ ‬أدولف‭ ‬هتلر‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬بالفعل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭. ‬وانضم‭ ‬سلاح‭ ‬المهندسين‭ ‬بالجيش‭ ‬إلى‭ ‬مكتب‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتطوير‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1942‭ ‬بموافقة‭ ‬الرئيس‭ ‬روزفلت،‭ ‬وتحول‭ ‬المشروع‭ ‬رسميًا‭ ‬إلى‭ ‬مبادرة‭ ‬عسكرية،‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬العلماء‭. ‬وفي‭ ‬28‭ ‬ديسمبر‭ ‬1942،‭ ‬أذن‭ ‬الرئيس‭ ‬روزفلت‭ ‬بتشكيل‭ ‬مشروع‭ ‬مانهاتن‭ ‬لدمج‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬البحثية‭ ‬المختلفة‭ ‬بهدف‭ ‬تحويل‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ ‬عسكري‭. ‬أنشِئت‭ ‬مرافق‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬نائية‭ ‬في‭ ‬نيو‭ ‬مكسيكو‭ ‬وتينيسي‭ ‬وواشنطن،‭ ‬وكذلك‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬كندا،‭ ‬لإجراء‭ ‬هذا‭ ‬البحث‭ ‬والاختبارات‭ ‬الذرية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭.‬

وتقول‭ ‬المراجع‭ ‬إن‭ ‬مشروع‭ ‬مانهاتن‭ ‬هو‭ ‬الاسم‭ ‬الرمزي‭ ‬للجهود‭ ‬التي‭ ‬قادتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لتطوير‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬فعّال‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬أنشأ‭ ‬روزفلت‭ ‬اللجنة‭ ‬الاستشارية‭ ‬لليورانيوم،‭ ‬وهي‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والمسؤولين‭ ‬العسكريين‭ ‬مكلفين‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المحتمل‭ ‬كسلاح،‭ ‬وبناءً‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬اللجنة‭ ‬بدأت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬البحث‭ ‬الذي‭ ‬أجراه‭ ‬إنريكو‭ ‬فيرمي‭ ‬العالم‭ ‬الإيطالي‭ ‬الأصل،‭ ‬وليو‭ ‬زيلارد‭ ‬العالم‭ ‬المجري‭ ‬الأصل‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الألمانية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا،‭ ‬والتي‭ ‬تركز‭ ‬عملهما‭ ‬على‭ ‬فصل‭ ‬النظائر‭ ‬المشعة‭ (‬المعروف‭ ‬أيضًا‭ ‬باسم‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭) ‬والتفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬المتسلسلة‭. ‬والمقصود‭ ‬بتخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬هو‭ ‬عملية‭ ‬فصل‭ ‬اليورانيوم‭-‬235‭ (‬النقي‭) ‬عن‭ ‬اليورانيوم‭-‬238‭ (‬استخدم‭ ‬في‭ ‬القنبلة‭ ‬الأولى‭ ‬‭ ‬الرجل‭ ‬الصغير‭)‬،‭  ‬ويتم‭  ‬ذلك‭ ‬بواسطة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬لغاز‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تغذية‭ ‬الاسطوانة‭ ‬الدوارة‭ (‬الطرد‭ ‬المركزي‭) - ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬بسرعة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬يديرها‭ ‬محرك‭ - ‬بغاز‭ ‬سداسي‭ ‬فلوريد‭ ‬اليورانيوم‭. ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬علماء‭ ‬مثل‭ ‬غلين‭ ‬سيبورغ،‭ ‬وهو‭ ‬كيميائي‭ ‬أمريكي‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬تركيب‭ ‬واكتشاف‭ ‬ودراسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬ما‭ ‬أكسبه‭ ‬حصة‭ ‬من‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬في‭ ‬الكيمياء‭ ‬لعام‭ ‬1951،‭ ‬يُنتجون‭ ‬عينات‭ ‬مجهرية‭ ‬من‭ ‬البلوتونيوم‭ ‬النقي‭ (‬استخدم‭ ‬في‭ ‬القنبلة‭ ‬الثانية‭  ‬‭ ‬الرجل‭ ‬البدين‭)‬،‭ ‬وكانت‭ ‬الحكومة‭ ‬الكندية‭ ‬والمسؤولون‭ ‬العسكريون‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬أبحاث‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬كندا‭.‬

تغيّر‭ ‬بعدها‭ ‬اسم‭ ‬اللجنة‭ ‬الاستشارية‭ ‬لليورانيوم،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1940،‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬أبحاث‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬اسمها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مكتب‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتطوير‮»‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1941،‭ ‬وإضافة‭ ‬العالم‭ ‬إنريكو‭ ‬فيرمي‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬أعضائها‭. ‬وقد‭ ‬نُفِّذ‭ ‬معظم‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬لوس‭ ‬ألاموس،‭ ‬نيو‭ ‬مكسيكو،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك‭ ‬التي‭ ‬سمّي‭ ‬المشروع‭ ‬باسم‭ ‬حي‭ ‬من‭ ‬أحيائها‭. ‬وبدأ‭ ‬مشروع‭ ‬مانهاتن‭ ‬استجابةً‭ ‬للمخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬العلماء‭ ‬الألمان‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬سلاح‭ ‬باستخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬النووية‭ ‬منذ‭ ‬الثلاثينيات،‭ ‬وأن‭ ‬أدولف‭ ‬هتلر‭ ‬كان‭ ‬مستعدًا‭ ‬لاستخدامه‭.‬

وبعد‭ ‬الهجوم‭ ‬الياباني‭ ‬على‭ ‬بيرل‭ ‬هاربور،‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬روزفلت‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ستدخل‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وتتحالف‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭ ‬العظمى،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬لمحاربة‭ ‬الألمان‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬واليابان‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭.‬

كان‭ ‬عالم‭ ‬الفيزياء‭ ‬النظرية‭ ‬روبرت‭ ‬أوبنهايمر‭ ‬يعمل‭ ‬بالفعل‭ ‬على‭ ‬مفهوم‭ ‬الانشطار‭ ‬النووي‭ (‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬إدوارد‭ ‬تيلر‭ ‬وآخرين‭) ‬عندما‭ ‬عُيّن‭ ‬مديرًا‭ ‬لمختبر‭ ‬لوس‭ ‬ألاموس‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬نيو‭ ‬مكسيكو‭ ‬عام‭ ‬1943م‭ ‬حيث‭ ‬أنشِئ‭ ‬مختبر‭ ‬لوس‭ ‬ألاموس‭ -‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يُعرف‭ ‬باسم‭ ‬المشروع‭ ‬Y‭- ‬رسميًا‭ ‬في‭ ‬1‭ ‬يناير‭  ‬1943م‭. ‬والمجمع‭ ‬هو‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬فيه‭ ‬بناء‭ ‬واختبار‭ ‬قنابل‭ ‬مشروع‭ ‬مانهاتن‭ ‬الأولى،‭ ‬ومن‭ ‬العلماء‭ ‬البارزين‭ ‬الشباب‭ ‬آنذاك‭ ‬الذين‭ ‬اختارهم‭ ‬أوبنهايمر‭  ‬هو‭ ‬العالم‭ ‬ريتشارد‭ ‬فاينمان،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عمره‭ ‬حوالي‭ ‬24‭ ‬سنة‭ (‬كان‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يدق‭ ‬الطبول‭ ‬في‭ ‬الفيلم،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬رفض‭ ‬ارتداء‭ ‬نظارة‭ ‬ضد‭ ‬الأشعة‭ ‬فوق‭ ‬البنفسجية‭ ‬لكونه‭ ‬داخل‭ ‬السيارة،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬نال‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬عام‭ ‬1965،‭ ‬وعندما‭ ‬كان‭ ‬فاينمان‭ ‬في‭ ‬لوس‭ ‬ألاموس‭ ‬بقسم‭ ‬هانز‭ ‬بيث‭ ‬النظري،‭ ‬وانبهر‭ ‬به‭ ‬بيث،‭ ‬وجعله‭ ‬قائدا‭ ‬للفريق،‭ ‬وطور‭ ‬فاينمان‭ ‬وبيث‭ ‬معادلة‭ ‬‮«‬بيث‭-‬فاينمان‮»‬‭ ‬لحساب‭ ‬إنتاج‭ ‬القنبلة‭ ‬الانشطارية‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬روبرت‭ ‬سيربر‭. ‬

وفي‭ ‬16‭ ‬يوليو‭ ‬1945،‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬صحراوي‭ ‬بعيد‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬ألاموغوردو،‭ ‬نيومكسيكو،‭ ‬فُجِرت‭ ‬أول‭ ‬قنبلة‭ ‬ذرية‭ ‬بنجاح‭ -‬اختبار‭ ‬ترينيتي‭- ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬سحابة‭ ‬فطر‭ ‬هائلة‭ ‬يبلغ‭ ‬ارتفاعها‭ ‬حوالي‭ ‬11‭ ‬ألف‭ ‬متر‭ (‬11‭ ‬كم‭)‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬دخول‭ ‬العصر‭ ‬الذري‭.‬

قنبلة‭ ‬هيروشيما‭ (‬الولد‭ ‬الصغير‭) ‬

هذه‭ ‬القنبلة‭ ‬الهائلة،‭ ‬هي‭ ‬نتيجة‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬1‭ ‬جرام‭ ‬من‭ ‬مادة‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬وسبب‭ ‬تفجيرا‭ ‬قدره‭ ‬حوالي‭ ‬18‭ ‬طنا‭ ‬منTNT‭   ‬المتفجرة‭.  ‬وبحسب‭ ‬موقع‭ ‬ويكيبديا‭ ‬ان‭ ‬طول‭ ‬قنبلة‭ ‬‮«‬الولد‭ ‬الصغير‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬هو‭ ‬3‭.‬0‭ ‬أمتار،‭ ‬وقطرها‭ ‬71‭ ‬سم،‭ ‬ووزنها‭ ‬4000‭ ‬كجم‭ (‬4‭ ‬أطنان‭)‬،‭ ‬وتم‭ ‬استخدام‭ ‬تصميم‭ ‬المدفع‭ ‬لهذه‭ ‬القنبلة‭ ‬حيث‭ ‬تدفع‭ ‬المتفجرات‭ ‬كتلة‭ ‬جوفاء‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬235‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الكتلة‭ ‬الحرجة‭ ‬لهدف‭ ‬من‭ ‬كتلة‭ ‬أخرى‭ ‬لتكون‭ ‬الكتلة‭ ‬الحرجة‭ ‬لبدء‭ ‬تفاعل‭ ‬نووي‭ ‬متسلسل‭ .‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬64‭ ‬كجم‭  ‬من‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬فإن‭ ‬الذي‭ ‬خضع‭ ‬للانشطار‭ ‬النووي‭ ‬هو‭ ‬0‭.‬7‭ ‬كجم،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الكتلة‭ ‬لم‭ ‬يتحول‭ ‬سوى‭ ‬0‭.‬6‭ ‬جرام‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭.‬

وتقول‭ ‬المراجع،‭ ‬إن‭ ‬سبب‭ ‬اختيار‭ ‬هيروشيما‭ ‬لتكون‭ ‬المنطقة‭ ‬المنكوبة‭ ‬هو‭ ‬فقط‭ ‬لمعرفة‭ ‬مقدار‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدثه‭ ‬هذه‭ ‬القنبلة‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬غير‭ ‬متضررة‭! ‬أما‭ ‬القنبلة‭ ‬الاخرى‭ (‬الرجل‭ ‬البدين‭) ‬التي‭ ‬ألقيت‭ ‬بعد‭ ‬4‭ ‬أيام‭  ‬على‭ ‬ناجازاكي،‭ ‬وهي‭ ‬تستخدم‭ ‬البلوتونيوم‭ (‬المتوافر‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬ويحضر‭ ‬في‭ ‬مختبراتها‭) (‬المدينة‭ ‬الساحلية‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬الأسلحة‭)‬،‭ ‬فكان‭ ‬لسبب‭ ‬أنها‭ ‬مكان‭ ‬تصنيع‭ ‬الأسلحة‭. ‬وبعد‭ ‬القنبلتين،‭ ‬استسلمت‭ ‬اليابان‭ ‬لأمريكا،‭ ‬وانتهت‭ ‬الحرب،‭ ‬وبعدها‭ ‬بسنوات‭ ‬صارت‭ ‬اليابان‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتقنية‭. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬مات‭ ‬حوالي‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬ياباني،‭ ‬هذا‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬المتضررين‭.‬

لم‭ ‬يقف‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬متفرجين‭ ‬على‭ ‬الحدث،‭ ‬إنما‭ ‬استطاع‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬تصميم‭ ‬وتجريب‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭ ‬الهائلة،‭ ‬وتسمى‭ ‬قنبلة‭ ‬قيصر‭ ‬الروسية‭ ‬المسماة‭ ‬Tsar‭ ‬bomba‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬قنبلة‭ ‬هيروشيما‭ ‬بحوالي‭ ‬4000‭ ‬مرة،‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬تفجيرها‭ ‬حوالي‭ ‬100‭ ‬ميجا‭ ‬طن‭ ( ‬مليون‭ ‬طن‭) ‬من‭ ‬TNT‭. ‬

الخلاصة‭ ‬والعبرة‭ ‬

‭ ‬إن‭ ‬إدارة‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬باختيار‭ ‬أفضل‭ ‬الباحثين،‭ ‬والإنفاق‭ ‬السخي‭ ‬على‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬وراحة‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬العلمية‭ ‬والتكنولوجية،‭ ‬هو‭ ‬مكسب‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تتبع‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬ولن‭ ‬نجد‭ ‬دولة‭ ‬راهنت‭ ‬على‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬فخسرت،‭ ‬وإنما‭ ‬حققت‭ ‬إنجازات‭ ‬تنموية‭ ‬واقتصادية‭ ‬هائلة‭. ‬

إن‭ ‬الدول‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬علمائها‭ ‬لحماية‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬أعدائها؛‭ ‬فهي‭ ‬تقوم‭ ‬بتوظيف‭ ‬العلم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬للحماية‭ ‬والردع،‭ ‬وهو‭ ‬مبدأ‭ ‬مهم‭ ‬لمنع‭ ‬الاعتداءات‭ ‬أو‭ ‬تهديد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للدول‭. ‬وللأسف‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬المبارزة‭ ‬بالقوة‭ ‬الجسدية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر،‭ ‬وإنما‭ ‬المهم‭ ‬القوة‭ ‬العقلية،‭ ‬ويجب‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالعلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬وتوطينها‭.  ‬

 

{‭ ‬أستاذ‭ ‬الفيزياء‭ ‬التطبيقية‭ ‬

بجامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا