العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تأثير تمرد «فاجنر» على النفوذ الروسي في الشرق الأوسط

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

مثّل‭ ‬قرار‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الماضي،‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ -‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬المرتزقة‭ ‬تعمل‭ ‬خارج‭ ‬سلسلة‭ ‬القيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬الرسمية‭- ‬عنصرًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬القرارات،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬القريبة‭ ‬أو‭ ‬البعيدة،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬فاجنر‮»‬،‭ ‬بقيادة‭ ‬‮«‬يفغيني‭ ‬بريغوجين‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«كولين‭ ‬كلارك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬أبحاث‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأنهم‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬مجموعات‭ ‬المرتزقة‭ ‬شهرة‭ ‬في‭ ‬العالم‮»‬،‭ ‬وهم‭ ‬أيضًا‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬مصدر‭ ‬فخر‮»‬،‭ ‬لموسكو،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حظر‭ ‬مجموعات‭ ‬المرتزقة‭ ‬رسميًا‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬فإن‭ ‬العلاقات‭ ‬الوثيقة‭ ‬لمجموعة‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الكرملين‮»‬،‭ ‬سمحت‭ ‬لها‭ ‬بأن‭ ‬تصبح‭ ‬إحدى‭ ‬الركائز‭ ‬الموثوق‭ ‬بها‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دورها‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬أثناء‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬والاشتباك‭ ‬في‭ ‬قتال‭ ‬عنيف‭ -‬أبرزه‭ ‬الذي‭ ‬دام‭ ‬شهورًا‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬باخموت‭- ‬فقد‭ ‬جرى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا؛‭ ‬لدعم‭ ‬حلفاء‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬وتعزيز‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أدت‭ ‬الإخفاقات‭ ‬المتكررة‭ ‬لروسيا‭ ‬في‭ ‬عمليتها‭ ‬العسكرية‭ ‬بأوكرانيا،‭ ‬إلى‭ ‬تصدع‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬و«موسكو‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬قيادة‭ ‬‮«‬بريغوجين‮»‬،‭ ‬‮«‬تمردًا‭ ‬مُجهضًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬يونيو‭ ‬2023،‭ ‬ضد‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬الروس،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬نفيهم‭ ‬بعدها‭ ‬في‭ ‬بيلاروسيا،‭ ‬ناقش‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬التأثير‭ ‬المباشر‭ ‬لحلها‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬انقسام‭ ‬محتمل‭ ‬للمجموعة،‭ ‬أو‭ ‬انفصالها‭ ‬عن‭ ‬موسكو،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬ستخلفه‭ ‬من‭ ‬فراغ‭ ‬أمني؛‭ ‬قد‭ ‬يحمل‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬بؤر‭ ‬الصراع،‭ ‬مثل‭ ‬سوريا،‭ ‬وليبيا،‭ ‬ومالي،‭ ‬وبوركينا‭ ‬فاسو،‭ ‬حيث‭ ‬تنشط‭ ‬حاليًا‭.‬

وقبل‭ ‬تمردها‭ ‬وتقويضها‭ ‬للقوة‭ ‬الروسية،‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬آنا‭ ‬بورشيفسكايا‮»‬،‭ ‬و«بين‭ ‬فيشمان‮»‬،‭ ‬و«أندرو‭ ‬تابلر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬استخدمت‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬شركات‭ ‬عسكرية‭ ‬وأمنية‭ ‬خاصة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬فصاعدًا،‭ ‬والذي‭ ‬تزامن‭ ‬مع‭ ‬صعود‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ -‬بقيادة‭ ‬‮«‬بريغوجين‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬‮«‬مدانا‭ ‬سابقا‭ ‬ومقرّبا‭ ‬من‭ ‬بوتين‮»‬‭- ‬والتي‭ ‬ظهرت‭ ‬‮«‬باعتبارها‭ ‬الشركة‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ساعدت‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬ضم‭ ‬روسيا‭ ‬لشبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬عام‭ ‬2014‮»‬‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وبعد‭ ‬انضمامهم‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وتجنيدهم‭ ‬بشكل‭ ‬سيئ‭ ‬للسجناء‭ ‬الروس،‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬وعد‭ ‬بالعفو‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬المسلحة؛‭ ‬تم‭ ‬اتهامهم‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬وقيامهم‭ ‬بأعمال‭ ‬انتقامية‭ ‬حتى‭ ‬ضد‭ ‬الجرحى‭ ‬من‭ ‬جنودهم‭.‬

ومع‭ ‬توقف‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬تصاعدت‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬‮«‬بريغوجين‮»‬،‭ ‬وقادة‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬النظامي‭. ‬ومع‭ ‬تكبد‭ ‬المجموعة‭ ‬خسائر‭ ‬كبيرة‭ -‬سقوط‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬20‭.‬000‭ ‬ضحية‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬باخموت‭ ‬وحدها‭ ‬وتوجيه‭ ‬زعيمها‭ ‬اتهامات‭ ‬لوزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الروسي،‭ ‬‮«‬سيرجي‭ ‬شويغو‮»‬،‭ ‬ورئيس‭ ‬الأركان،‭ ‬‮«‬فاليري‭ ‬جيراسيموف»؛‭ ‬انهارت‭ ‬السلطة‭ ‬العسكرية‭ ‬تمامًا‭ ‬عندما‭ ‬احتلت‭ ‬قوات‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬مدينتي‭ ‬‮«‬روستوف‮»‬،‭ ‬و«فورونيج‮»‬،‭ ‬الروسيتين،‭ ‬وإعلانهم‭ ‬التقدم‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬هناك‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬الرئيس‭ ‬البيلاروسي،‭ ‬‮«‬فيكتور‭ ‬لوكاشينكو‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬و«بريغوجين‮»‬،‭ ‬توقع‭ ‬المراقبون‭ ‬سقوط‭ ‬الأخير‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬شون‭ ‬بيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬نهاية‭ ‬المجموعة‭ ‬بشكلها‭ ‬الحالي‮»‬‭. ‬وشكك‭ ‬‮«‬كلارك‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مستقبلها،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المقاتلين‭ ‬المتبقين‭ ‬قد‭ ‬مُنحوا‭ ‬خيارًا؛‭ ‬إما‭ ‬بتسريحهم،‭ ‬أو‭ ‬مواصلة‭ ‬العمل‭ ‬خارج‭ ‬روسيا‭ ‬فقط،‭ ‬أو‭ ‬توقيع‭ ‬عقود‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬النظامي‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬وضوح‭ ‬مستقبلها،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬بورشفسكايا‮»‬،‭ ‬و«فيشمان‮»‬‭ ‬و«تابلر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التمرد‭ ‬الفاشل‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬المجموعة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬‮«‬عواقب‭ ‬كبيرة‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬العمليات‭ ‬الإقليمية‮»‬‭ ‬لروسيا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ومع‭ ‬ملاحظة‭ ‬‮«‬كلارك‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬باتت‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬‮«‬أنجح‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬الخارج‮»‬،‭ ‬بصفتها‭ ‬‮«‬رأس‭ ‬حربة‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية»؛‭ ‬اتفق‭ ‬المراقبون‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬شكلت‭ ‬‮«‬أداة‭ ‬مهمة‮»‬،‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬‮«‬تأمين‭ ‬وجودها‮»‬،‭ ‬بمناطق‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬لاسيما‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تمتعهم‭ ‬بالخبرة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الأنظمة‭ ‬والميليشيات‭ ‬المتحالفة‭ ‬استراتيجيًا،‭ ‬علق‭ ‬‮«‬كلارك‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬مع‭ ‬قيامها‭ ‬بـ‮«‬تنفيذ‭ ‬مهام‭ ‬متعددة‮»‬‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬القتالية،‭ ‬يستطيعون‭ ‬أيضا‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬حملات‭ ‬التضليل‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تحديدا،‭ ‬تحدثت‭ ‬‮«‬بورشفسكايا‮»‬،‭ ‬و«فيشمان‮»‬،‭ ‬و‮«‬تابلر‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬اعتماد‭ ‬الحكومة‭ ‬السورية‭ ‬حاليًا‭ ‬على‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬لحماية‭ ‬حقول‭ ‬النفط،‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬الرئيسية‭. ‬ومع‭ ‬انتشار‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬1000‭ ‬و2000‭ ‬جندي‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬أوسع‭ ‬تضم‭ ‬حوالي‭ ‬10,000‭ ‬متعاقد‭ ‬عسكري‭ ‬أجنبي‭ ‬خاص،‭ ‬انخرطت‭ ‬قواتها‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ضد‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬داعش‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬مساعدة‭ ‬قوات‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‭ ‬أولاً،‭ ‬ثم‭ ‬تولي‭ ‬‮«‬القيادة‭ ‬الكاملة‮»‬‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬بوسط‭ ‬البلاد‭. ‬وفي‭ ‬‮«‬ليبيا‮»‬،‭ ‬أشاروا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬توفر‭ ‬‮«‬الحماية‭ ‬الشخصية‮»‬‭ ‬لخليفة‭ ‬حفتر،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬الرئيسية‭ ‬لتصدير‭ ‬النفط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمركزها‭ ‬بقاعدة‭ ‬الجفرة‭ ‬الجوية،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬‮«‬محورا‭ ‬لوجستيا‭ ‬لعملياتها‭ ‬الإفريقية‭.‬‮»‬

وبينما‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬فاندا‭ ‬براون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬بروكينجز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬قامت‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬بسحب‭ ‬بعض‭ ‬قواتها‭ ‬من‭ ‬‮«‬سوريا‮»‬،‭ ‬و«ليبيا‮»‬،‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬القوات‭ ‬الروسية،‭ ‬وأنها‭ ‬منذ‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تقم‭ ‬بتخفيض‭ ‬عدد‭ ‬عناصرها‭ ‬أو‭ ‬معداتها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬‮«‬شبكة‭ ‬واسعة‮»‬‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬العمل‭ ‬لتقديم‭ ‬‮«‬آليات‭ ‬الدعم‭ ‬اللوجستي‭ ‬والتهريب‭ ‬وغسل‭ ‬الأموال‮»‬‭.‬

ووفقا‭ ‬لما‭ ‬أوضحه‭ ‬‮«‬كلارك‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬ثبت‭ ‬صحة‭ ‬انشقاق‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬،‭ ‬وخروجها‭ ‬عن‭ ‬سيطرة‭ ‬روسيا،‭ ‬فإن‭ ‬التداعيات‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬بمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬واضحة‭ ‬للغاية‮»‬‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوضعها‭ ‬بسوريا،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬بورشيفسكايا‮»‬،‭ ‬و«فيشمان‮»‬،‭ ‬و‮«‬تابلر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الآثار‭ ‬المتتالية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬مثل‭ ‬التوترات‭ ‬والمواجهات‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬المسؤولين‭ ‬الروس،‭ ‬وسحبها‭ ‬لقواتها‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬‮«‬حميميم‮»‬‭ ‬الروسية‭ ‬غرب‭ ‬سوريا،‭ ‬واعتقال‭ ‬كبار‭ ‬قادتها‭.‬

وفي‭ ‬حالة‭ ‬تقليص‭ ‬الوجود‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬قد‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬فراغ‮»‬،‭ ‬للقوى‭ ‬الأخرى‭ ‬لتوسيع‭ ‬نفوذها‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬جيريمي‭ ‬هودج‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تمرد‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يقوي‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬سوريا‮»‬‭. ‬ومثلما‭ ‬حدث‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬عندما‭ ‬أوقفت‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬دعمها‭ ‬المالي‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالوكالة‭ ‬لصالحها؛‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المرتزقة‭ ‬أن‭ ‬ينقلوا‭ ‬ولاءهم‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭. ‬وللتدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬اللواء‭ ‬الثامن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬درعا‭ ‬بجنوب‭ ‬سوريا،‭ ‬كان‭ ‬سابقًا‭ ‬‮«‬الوحدة‭ ‬الأكثر‭ ‬ولاءً‭ ‬لموسكو‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خفضت‭ ‬دعمها‭ ‬المالي‭ ‬إلى‭ ‬النصف،‭ ‬ثم‭ ‬قطعت‭ ‬كل‭ ‬اتصالاتها‭ ‬معه،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬تقاتل‭ ‬لصالح‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‮»‬‭. ‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬‮«‬براون‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬التوقعات‭ ‬بشأن‭ ‬تراجع‭ ‬عمليات‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬سابقة‭ ‬لأوانها‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬إزالة‭ ‬أدواتها‭ ‬المفيدة‭ ‬لبسط‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‮»‬‭. ‬ووفقا‭ ‬لـ«بورشفسكايا‮»‬،‭ ‬و«فيشمان‮»‬،‭ ‬و«تابلر‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التأكيدات‭ ‬بأن‭ ‬علاقة‭ ‬المجموعة‭ ‬بالجيش‭ ‬الروسي‭ ‬وبوتين‭ ‬‮«‬تبدو‭ ‬في‭ ‬أضعف‭ ‬حالاتها‮»‬‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬التمرد،‭ ‬فقد‭ ‬أوضحوا‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تغيير‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أكد‭ ‬المراقبون‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬وأن‭ ‬المجموعة‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بإمكانها‭ ‬خدمة‭ ‬هذه‭ ‬المصالح‭. ‬وفي‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬وغيرهما،‭ ‬أكد‭ ‬الباحثون،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬لديها‭ ‬‮«‬مصلحة‭ ‬استراتيجية‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وجودها‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬إظهار‭ ‬قوتها‮»‬‭ ‬خارجيًا‭. ‬وبالمثل‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬براون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع‭ ‬هذه‭ -‬لا‭ ‬سيما‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقول‭ ‬النفط‭- ‬‮«‬تظل‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬عالية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لروسيا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاستراتيجية‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬التغييرات‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬براون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬الهيكلة‮»‬،‭ ‬ستحدث‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الروسية‭ ‬‮«‬بتطهير‭ ‬هياكل‭ ‬فاجنر،‭ ‬وتغيير‭ ‬الموالين‭ ‬لـ«بريغوزين‮»‬،‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الكرملين‮»‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نهجًا‭ ‬مشابهًا‭ ‬لتلك‭ ‬الهيكلة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬‮«‬يلقى‭ ‬قبولاً‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬السلطة‭. ‬وبالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬استثمر‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬الكرملين‮»‬،‭ ‬المجموعة‭ ‬سنوات،‭ ‬أشار‭ ‬الباحثون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استبدال‭ ‬عملياتها‭ ‬بعمليات‭ ‬حكومية‭ ‬خاصة‭ ‬به،‭ ‬‮«‬سيكون‭ ‬صعبًا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬‮«‬بتطوير،‭ ‬وتنظيم‭ ‬عملياتها‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الاختفاء‭ ‬من‭ ‬المنطقة‮»‬‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬التداعيات‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة،‭ ‬ومجموعات‭ ‬المرتزقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬مسألة‭ ‬‮«‬مثيرة‭ ‬للجدل‮»‬‭. ‬وبينما‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬براون‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المجموعة‭ ‬‮«‬تحت‭ ‬السيطرة‭ ‬المحكمة،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تحتفظ‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬بشركات‭ ‬الأمن‭ ‬الخاصة‭ ‬العاملة‭ ‬خارج‭ ‬حدودها‭ ‬لتعزيز‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬وبالنسبة‭ ‬للبلدان‭ ‬التي‭ ‬‮«‬بدأت‭ ‬في‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬نموذج‭ ‬فاجنر‭ ‬لإجراء‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأجنبية،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬كلارك‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لابد‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ ‬تمرد‭ ‬الأخير‭ ‬له‭ ‬‮«‬آثار‭ ‬مثيرة‭ ‬للاهتمام‮»‬‭. ‬

وكنتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬قللت‭ ‬‮«‬الصين‮»‬‭ ‬الآن‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬لديها‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬قوة‭ ‬مماثلة‭ ‬لتعزيز‭ ‬مصالحها‭ ‬الدولية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬مخاطرها،‭ ‬والأضرار‭ ‬المحتملة‭ ‬لها‭. ‬ووفقا‭ ‬لما‭ ‬أكده‭ ‬‮«‬هودج‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬المرتزقة‭ ‬أنفسهم،‭ ‬يرون‭ ‬‮«‬بحكم‭ ‬قتالهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نيل‭ ‬مكاسب‭ ‬مادية‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬قامت‭ ‬موسكو‭ ‬بسحب‭ ‬تمويلها‭ ‬لمجموعتهم‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬فإنهم‭ ‬‮«‬سيُجبرون‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬عملية‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬خلص‭ ‬‮«‬كلارك‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬معتمدًا‭ ‬بشدة‮»‬‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬لتعزيز‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية،‭ ‬وأنه‭ ‬بدون‭ ‬ذلك،‭ ‬ستكون‭ ‬روسيا‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬خارجيًا‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أصرت‭ ‬‮«‬براون‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬عملياتها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬‮«‬ستستمر‮»‬،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬صياغة‭ ‬‮«‬قيادة‭ ‬وهيكل‭ ‬جديد‮»‬،‭ ‬لها‭. ‬

ومع‭ ‬إشارة‭ ‬الباحثين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توجيه‭ ‬السيطرة‭ ‬للأعمال‭ ‬العسكرية‭ ‬الخارجية،‭ ‬بواسطة‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الروسية؛‭ ‬‮«‬سيعيق‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬إنكار‭ ‬صلتها‭ ‬أو‭ ‬تورطها‭ ‬بأي‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع‭ ‬الإقليمية‭ ‬مثل‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا»؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬عزلتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬عن‭ ‬الغرب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أقل‭ ‬اهتمامًا‭ ‬بالرد‭ ‬على‭ ‬الانتقادات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتدخلاتها‭ ‬الأجنبية‭ ‬لتعزيز‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬‮«‬فاجنر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غير‭ ‬واضح،‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬تورط‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا،‭ ‬لن‭ ‬ينتهي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا