العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

«التغيرات المناخية».. وعصر «الغليان العالمي»

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ١١ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستويات‭ ‬سطح‭ ‬البحر،‭ ‬والأنماط‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬بها،‭ ‬أدى‭ ‬الاحترار‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يسببه‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬بمعدل‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬1,1‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1880،‭ ‬مع‭ ‬حدوث‭ ‬غالبية‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1975؛‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬استشعار‭ ‬الآثار‭ ‬المتدهورة‭ ‬لكثافة‭ ‬وتواتر‭ ‬موجات‭ ‬الحرارة‭ ‬المتصاعدة،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬المناخات‭ ‬اعتدالا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬توقع‭ ‬حدوث‭ ‬تداعيات‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكار‭ ‬تحذيرات‭ ‬علماء‭ ‬المناخ،‭ ‬بشأن‭ ‬الأضرار‭ ‬الطويلة‭ ‬المدى‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالنظام‭ ‬الأيكولوجي‭ ‬العالمي،‭ ‬جراء‭ ‬ارتفاع‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون،‭ ‬وزيادة‭ ‬حرارة‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭. ‬وسجلت‭ ‬أشهر‭ ‬صيف‭ ‬2023،‭ ‬درجات‭ ‬حرارة‭ ‬قاسية‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬العالم‭. ‬وتم‭ ‬تسجيل‭ ‬درجات‭ ‬عالية‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وآسيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الشمالية،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬مقدار‭ ‬الحرارة‭ ‬التي‭ ‬بمقدور‭ ‬البشر‭ ‬تحملها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬مناطق‭ ‬معينة‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للحياة‭.‬

وفي‭ ‬تأييد‭ ‬لهذا،‭ ‬أعلن‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬أنطونيو‭ ‬غوتيريش‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عصر‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬قد‭ ‬انتهى‮»‬،‭ ‬واستُبدل‭ ‬بـ«عصر‭ ‬الغليان‭ ‬العالمي‮»‬‭. ‬وعليه،‭ ‬زاد‭ ‬علماء‭ ‬المناخ‭ ‬من‭ ‬دعواتهم‭ ‬للحكومات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬لاتخاذ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬لخفض‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون،‭ ‬وتبني‭ ‬الابتكارات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬قصيرة‭ ‬وطويلة‭ ‬الأجل؛‭ ‬لمواجهة‭ ‬الآثار‭ ‬المتزايدة‭ ‬للحرارة‭ ‬الشديدة،‭ ‬والتحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬الناجمة‭ ‬عنها‭.‬

وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬ارتفعت‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬خلال‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬خط‭ ‬الاستواء‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬تصاعدت‭ ‬شدة‭ ‬الحرارة‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬جديدة،‭ ‬وسط‭ ‬تكرر‭ ‬ظاهرة‭ ‬‮«‬النينو‮»‬‭ ‬الجوية،‭ ‬والتي‭ ‬تنشأ‭ ‬عن‭ ‬تغيرات‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬الرياح،‭ ‬واختلاف‭ ‬درجات‭ ‬حرارة‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬النظام‭ ‬البيئي‭ ‬العالمي‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬الأكثر‭ ‬بروزًا،‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬41,8‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬في‭ ‬روما،‭ ‬وعانت‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬فينيكس‮»‬،‭ ‬بولاية‭ ‬أريزونا‭ ‬31‭ ‬يومًا‭ ‬متتاليًا‭ ‬من‭ ‬درجات‭ ‬حرارة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬43,3‭ ‬درجة‭ ‬مئوية،‭ ‬و52,2‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬سجلتها‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬شينجيانغ‮»‬‭ ‬الصينية‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬موجات‭ ‬الحر‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬وآسيا‭ ‬وأوروبا؛‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬المنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬للأرصاد‭ ‬الجوية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬اندلاع‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬حرائق‭ ‬الغابات‭ ‬في‭ ‬كندا‭ ‬واليونان‭.‬

ووفقًا‭ ‬لبيانات‭ ‬خدمة‭ ‬‮«‬كوبرنيكوس‮»‬‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬كان‭ ‬متوسط‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2023،‭ ‬أعلى‭ ‬بمقدار‭ ‬1,5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬1900،‭ ‬وكانت‭ ‬الأسابيع‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬دفئًا‭. ‬فيما‭ ‬تم‭ ‬الاستشهاد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬المنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬للأرصاد‭ ‬الجوية‮»‬،‭ ‬بيوم‭ ‬6‭ ‬يوليو‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬أحر‭ ‬يوم‭ ‬مسجل‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬تلك‭ ‬المتغيرات‭ ‬الطويلة‭ ‬الأجل،‭ ‬لاحظ‭ ‬‮«‬كارستن‭ ‬هاوستين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬لايبزيغ‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭ ‬كان‭ ‬أكثر‭ ‬دفئًا‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬2019‭ ‬الأكثر‭ ‬حرارة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬لاحظ‭ ‬‮«‬كاسكيد‭ ‬توهولسكي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬ولاية‭ ‬مونتانا‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬صيف‭ ‬2023‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬‮«‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الفصول‭ ‬حرارة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬،‭ ‬لكنه‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬الأكثر‭ ‬خطورة‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬‮«‬درجات‭ ‬قصوى‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬وفاة‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‮»‬‭. ‬وأوضحت‭ ‬‮«‬كريستي‭ ‬إيبي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬حدوث‭ ‬ارتفاع‭ ‬مفاجئ‭ ‬في‭ ‬الوفيات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالحرارة‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬مع‭ ‬تمثيل‭ ‬الحرارة‭ ‬الشديدة‭ ‬بـ«القاتل‭ ‬الصامت‮»‬‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان؛‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مستوى‭ ‬مناسب‭ ‬من‭ ‬‮«‬الاستعداد‮»‬‭ ‬لمواجهة‭ ‬آثارها،‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الإنسان‭.‬

وتوضح‭ ‬بيانات‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60,000‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وحدها،‭ ‬ماتوا‭ ‬لأسباب‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالحرارة‭ ‬خلال‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬مع‭ ‬تسجيل‭ ‬أعلى‭ ‬معدلات‭ ‬الوفيات‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬واليونان،‭ ‬وإسبانيا‭. ‬واستشرافًا‭ ‬للمستقبل،‭ ‬يعتقد‭ ‬‮«‬كارلو‭ ‬بونتمبو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خدمة‭ ‬‮«‬كوبرنيكوس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة‭ ‬‮«‬ستشهد‭ ‬درجات‭ ‬حرارة‭ ‬قياسية‮»‬‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬زيك‭ ‬هاوسفاذر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬‮«‬بريكثرو‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬دفئًا‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬تسجيل‭ ‬قياسات‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬إعلانه‭ ‬بداية‭ ‬حقبة‭ ‬‮«‬الغليان‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬وتأكيده‭ ‬أن‭ ‬الأرقام‭ ‬الواردة‭ ‬من‭ ‬خدمة‭ ‬‮«‬كوبرنيكوس‮»‬‭ ‬و«المنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬للأرصاد‭ ‬الجوية‮»‬،‭ ‬‮«‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬التوقعات‭ ‬والتحذيرات‭ ‬المتكررة‮»‬‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬المناخ‭ ‬لسنوات‭ ‬وعقود‭ ‬عديدة‭ ‬قبل‭ ‬ذلك؛‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬غوتيريش‮»‬،‭ ‬السيناريو‭ ‬الحالي‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬مرعبًا‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬التحذيرات‭ ‬المستمرة‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬العالمي،‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬موجات‭ ‬الحر‭ ‬الشديدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬مجرد‭ ‬البداية‮»‬،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬فورية‭ ‬وأقوى‭ ‬لتقليل‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون‭. ‬

وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬وآسيا،‭ ‬وأمريكا‭ ‬الشمالية،‭ ‬سُجلت‭ ‬درجات‭ ‬حرارة‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭. ‬وذكر‭ ‬‮«‬سكوت‭ ‬دانس‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الحرارة‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬تختبر‭ ‬حدود‭ ‬بقاء‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الأكثر‭ ‬سخونة‭ ‬على‭ ‬الأرض‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬الجزائر،‭ ‬دفعت‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬البالغة‭ ‬51‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬أعلى‭ ‬مستويات‭ ‬التأهب،‭ ‬ووصلت‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬49‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬فيما‭ ‬اندلعت‭ ‬حرائق‭ ‬الغابات‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬سوريا،‭ ‬وجبال‭ ‬وغابات‭ ‬لبنان،‭ ‬ومناطق‭ ‬شمال‭ ‬الأردن‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬بعض‭ ‬أشد‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬عالميًا‭. ‬ففي‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬بلغت‭ ‬50,1‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي‭. ‬فيما‭ ‬سجلت‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬يوليو‭ ‬بمطار‭ ‬بوشهر‭ ‬الإيراني‭ ‬66,7‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ -‬وهي‭ ‬درجة‭ ‬قصوى‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬والرطوبة‭ ‬النسبية‭ ‬وأعرب‭ ‬‮«‬دانس‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬اعتقاده‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬الدرجة،‭ ‬أقوى‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحمله‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭. ‬ومع‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الهواء‭ ‬‮«‬كان‭ ‬مشبعًا‭ ‬بالرطوبة‮»‬،‭ ‬أضاف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المزيج‭ ‬من‭ ‬الحرارة‭ ‬والرطوبة‭ ‬جعل‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬‮«‬خارج‭ ‬التوقعات‮»‬‭.‬

ووفقا‭ ‬لـ‮«‬زولتان‭ ‬رينديز‮»‬،‭ ‬سفير‭ ‬ميثاق‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للمناخ،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬ستصبح‭ ‬الأحداث‭ ‬المناخية،‭ ‬مثل‭ ‬الأعاصير،‭ ‬والجفاف،‭ ‬وموجات‭ ‬الحر،‭ ‬أكثر‭ ‬‮«‬تواترًا‭ ‬وشدة‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬‮«‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الزراعة‭ ‬والموارد‭ ‬المائية،‭ ‬وصحة‭ ‬الإنسان‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬فريدريك‭ ‬ويري‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بلدان‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تعرضًا‭ ‬للتأثيرات‭ ‬المناخية‭ ‬المتسارعة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬التغييرات‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬موجات‭ ‬الحرارة‭ ‬المرتفعة،‭ ‬وانخفاض‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار،‭ ‬وحالات‭ ‬الجفاف‭ ‬الممتدة،‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬العواصف‭ ‬الرملية‭ ‬والفيضانات‭ ‬الشديدة‮»‬،‭ ‬و«ارتفاع‭ ‬منسوب‭ ‬مياه‭ ‬البحر‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُسهم‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬تدهور‭ ‬النظام‭ ‬البيئي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الحرارة‭ ‬المرتفعة‭ ‬ليست‭ ‬ظاهرة‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثراً‭ ‬بالفعل‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭. ‬ففي‭ ‬‮«‬بريطانيا‮»‬،‭ ‬ذات‭ ‬المناخ‭ ‬المعتدل‭ ‬نسبيًا،‭ ‬كانت‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬ارتفاعا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬وفقًا‭ ‬لمكتب‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬البريطاني،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2060،‭ ‬ستُعتبر‭ ‬هذه‭ ‬المستويات‭ ‬من‭ ‬الحرارة‭ ‬‮«‬متوسطة‮»‬،‭ ‬ويمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بـ«الباردة‮»‬‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2100،‭ ‬وإذا‭ ‬استمرت‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‭ ‬بمستواها‭ ‬الحالي،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات‭ ‬تجلب‭ ‬معها‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬والأمن‭ ‬المائي،‭ ‬والحرائق،‭ ‬والفيضانات‭.‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬الآثار‭ ‬الواضحة‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬دعا‭ ‬الخبراء‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬لتقليل‭ ‬مستوى‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون،‭ ‬ووضع‭ ‬خطط‭ ‬أخرى‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬لخفض‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬العالمية‭. ‬واستجابةً‭ ‬لتحذيرات‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬الحكومية‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بتغير‭ ‬المناخ‮»‬،‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬حد‭ ‬الاحترار‭ ‬العالمي‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬1,5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية،‭ ‬فوق‭ ‬مستويات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية،‭ ‬بحلول‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2030؛‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬هوسونج‭ ‬لي‮»‬‭ ‬رئيس‭ ‬الهيئة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬لحظة‭ ‬حاسمة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي‭ ‬تكررت‭ ‬هذه‭ ‬التحذيرات،‭ ‬وأوضح‭ ‬‮«‬رينديز‮»‬‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬وطأة‭ ‬وشدة‭ ‬الحرارة‭ ‬الشديدة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬تعكس‭ ‬‮«‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‮»‬،‭ ‬وتسخير‭ ‬متطلبات‭ ‬‮«‬الدور‭ ‬الحاسم‭ ‬للعلم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬بيتيري‭ ‬تالاس‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬المنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬للأرصاد‭ ‬الجوية‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬إلحاحًا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‮»‬،‭ ‬علمًا‭ ‬بأن‭ ‬العمل‭ ‬المناخي‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬ترفًا‭ ‬بل‭ ‬ضرورة‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

وبالفعل‭ ‬توجد‭ ‬منتديات‭ ‬دولية‭ ‬لمعالجة‭ ‬العمل‭ ‬المناخي؛‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يحضر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬140‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬و80‭ ‬ألف‭ ‬مندوب‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المقبل‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬‮«‬دبي‮»‬‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬فيليب‭ ‬روزنتال‮»‬‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ويليامز‭ ‬سيل‭ ‬بارتنرشيب‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التجمع‭ ‬هو‭ ‬خلق‭ ‬إمكانات‭ ‬اقتصادية‭ ‬هائلة‭ ‬مع‭ ‬تلبية‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬والوفاء‭ ‬بالالتزامات‭ ‬الأخرى‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس‮»‬‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كيفية‭ ‬ترجمة‭ ‬التعهدات‭ ‬المتعددة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومات‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬ملموسة،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬أمام‭ ‬جهود‭ ‬التخفيف‭ ‬الدولية‭ ‬لآثار‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭.‬

وتقدم‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬مثالاً‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تنفيذ‭ ‬ذلك‭. ‬ولاحظ‭ ‬‮«‬جاستن‭ ‬دارجين‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬تواجه‭ ‬‮«‬تحديًا‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استبدال‭ ‬إنتاج‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬بمصادر‭ ‬طاقة‭ ‬أكثر‭ ‬اخضرارًا‭ ‬وسط‭ ‬التحول‭ ‬الدولي‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬روري‭ ‬مكارثي‮»‬‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬يلو‭ ‬دوور‭ ‬إنرجي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬نجاح‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬في‭ ‬‮«‬تنويع‭ ‬اقتصادها‮»‬،‭ ‬وإنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ (‬من‭ ‬نسبة‭ ‬90%‭ ‬في‭ ‬1971‭ ‬إلى‭ ‬28%‭ ‬في‭ ‬2023‭)‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستثمار‭ ‬بكثافة‭ ‬في‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية،‭ ‬والهيدروجين‭. ‬

وبالمثل،‭ ‬تهدف‭ ‬‮«‬رؤية‭ ‬السعودية‭ ‬2030‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون،‭ ‬بمقدار‭ ‬278‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬وزراعة‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬شجرة،‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬50%‭ ‬من‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬العقد‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬رينديز‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬‮«‬تمثل‭ ‬تحولًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬وتؤكد‭ ‬‮«‬الوعي‭ ‬المتزايد‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬تعزيز‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬مبادرات‭ ‬لمعالجة‭ ‬أزمة‭ ‬المناخ‭ ‬العالمية‭ ‬المتفاقمة؛‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬تدهور‭ ‬الأحوال‭ ‬الجوية‭ ‬القاسية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الأرض،‭ ‬يبرز‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الدولية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬التعاوني،‭ ‬وكيف‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعهدت‭ ‬بخفض‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬وسائل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الحرارة‭ ‬الشديدة،‭ ‬‮«‬بعيدة‭ ‬المنال‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬فقد‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬تالاس‮»‬‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬معاناة‭ ‬‮«‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الحرارة‭ ‬الشديدة‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2023،‭ ‬هي‭ ‬‮«‬حقيقة‭ ‬قاسية،‭ ‬وردة‭ ‬فعل‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ‮»‬،‭ ‬و«نظرة‭ ‬مسبقة‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬قادم‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬أبدى‭ ‬‮«‬رينديز‮»‬‭ ‬بعض‭ ‬التفاؤل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬تأثيراته‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬المخاطر‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عنصر‭ ‬الوقت‮»‬‭ ‬و«العمل‭ ‬الحاسم‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومات‭ ‬والمسؤولين‭ ‬تشتد‭ ‬الحاجة‭ ‬إليهما‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا