بقلم: مريم سليمان {
خلق الله الإنسان وكرمه وجعله في أحسن تقويم، وجعل له عدة حواس، وتعتريه ظواهر كثيرة منها الفرح ومنها الحزن، ومنها البكاء...إلخ. ونتحدث في هذا المقال عن البكاء من حيث أنواعه – فوائده – أضراره، وذلك من منظور إسلامي، فالبكاء ينتج من مجموعة المشاعر المركبة إما من حزن أو فرح أو سعادة مفرطة، أو من وجع وشعور بألم جسدي وقد يحدث البكاء عند الخوف أو الفزع أو الغضب أو العصبية أو عند التعبير عن الشكر أو عند شدة الشوق لشخص ما...
والمدقق في ظاهرة البكاء يجد أن لها أبعاداً متعددة، فقد يكون البكاء مفيداً وقد يكون ضاراً، والغريب في البكاء أنه ربما جمع بين المتناقضين، وهذا يدعونا للتعرف على أنواعه أو أنماطه كما ذكرها الإمام ابن القيم في زاد المعاد؛ لنرى العجب العجاب
أنواع البكاء:
أحدها: بكاء الرحمة، والرقة.
والثاني: بكاء الخوف والخشية.
والثالث: بكاءُ المحبة والشوق.
والرابع: بكاءُ الفرح والسرور.
والخامس: بكاء الجَزَع مِن ورود المؤلِم وعدم احتماله.
والسادس: بكاءُ الحزن. والفرق بينه وبين بكاء الخوف، أن بكاء الحزن يكون على ما مضى من حصول مكروه أو فوات محبوب، وبكاء الخوف يكون لِمَا يتوقع في المستقبل مِن ذلك. والفرق بين بكاء السرور والفرح، وبكاء الحزن، أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان، في حين دمعة الحُزن حارة والقلب حزين، ولهذا يقال لِما يُفرح به: هو قُرَّةُ عَيْنٍ، وأقرَّ اللَّهُ به عينَه، ولِما يُحزن: هو سخينةُ العجن، وأسخن اللَّهُ عينَه بِه.
والسابع: بكاء الخور والضعف.
والثامن: بكاء النفاق، وهو من أقسى الناس قلبًا.
والتاسع: البكاء المستعار والمستأجر عليه، كبكاء النائحة بالأجرة، فإنها كما قال سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): تَبِيعُ عَبْرتَها، وَتَبْكي شَجْوَ غَيرها.
والعاشر: بكاء الموافقة، وهو أن يرى الرجُلُ الناسَ يبكون لأمر ورد عليهم، فيبكي معهم، ولا يدري لأي شيء يبكون، يراهم يبكون، فيبكي!. وما كان من ذلك دمعًا بلا صوت، فهو بكى، مقصور، وما كان معه صوت، فهو بكاء، ممدود على بناء الأصوات.
وما كان منه مستدعىً متكلفًا، فهو التباكي، وهو نوعان: محمود، ومذموم، فالمحمود، أن يُستجلَب لِرقة القلب، ولخشية الله، لا للرياء والسُّمعة. والمذموم: أن يُجتلب لأجل الخلق، وقد قال عمر بن الخطاب للنبي (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ) وقد رآه يبكي هو وأبو بكر في شأن أسارى بدر: أخبرني ما يُبكيك يا رسولْ اللّه؟ فإن وجدتُ بكاءً بكيتُ، وإن لم أجد تباكَيتُ، لبكائكما ولم ينكر عليه (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وآلِه وسلَّمَ). وقد قال بعض الصالحين: ابكوا مِن خشية الله، فإن لم تبكوا، فتباكوا.أهـ.
{ باحثة مصرية في الفكر الإسلامي وفلسفة القانون
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك