العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قمة جدة وآفاق إحلال السلام في أوكراني

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ١٢ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

بعد‭ ‬عام‭ ‬ونصف‭ ‬على‭ ‬اندلاع‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬لم‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬نهايته،‭ ‬سواءٌ‭ ‬بانتصار‭ ‬عسكري‭ ‬لأحد‭ ‬الأطراف،‭ ‬أو‭ ‬بتسوية‭ ‬سياسية‭ ‬للتوصل،‭ ‬أو‭ ‬اتفاقًا‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬أو‭ ‬الهدنة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬بعض‭ ‬النجاحات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المهمة‭ ‬خلال‭ ‬الحرب،‭ ‬مثل‭ ‬تنفيذ‭ ‬صفقة‭ ‬لتسهيل‭ ‬صادرات‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬صفقات‭ ‬تبادل‭ ‬الأسرى،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تعثرت‭ ‬وسط‭ ‬التوترات‭ ‬المتفاقمة‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬والأوكرانية،‭ ‬مع‭ ‬انسحاب‭ ‬موسكو‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬الحبوب‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭.‬

في‭ ‬ما‭ ‬وصفها‭ ‬السير‭ ‬‮«‬لورانس‭ ‬فريدمان‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬كينجز‭ ‬كوليدج‮»‬‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬تحمل‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬أيٍ‭ ‬من‭ ‬البلدين‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬الحسم،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬إخفاقات‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬موثقة‭ ‬في‭ ‬التحليلات‭ ‬الغربية،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬بول‭ ‬شوارتز‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬روسيا‭ ‬وأوراسيا‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جيش‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬كان‭ ‬ضعيف‭ ‬الأداء‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬وتكبد‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أفاده‭ ‬‮«‬جوليان‭ ‬بورجر‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬‭ ‬أن؛‭ ‬الآمال‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬اختراق‭ ‬سريع‭ ‬لهجوم‭ ‬كييف‭ ‬المضاد‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬2023‭ ‬أثبتت‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬مفرطة‭ ‬في‭ ‬التفاؤل‮»‬‭.‬

إن‭ ‬إقرار‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬الواقع‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يفيد‭ ‬بأن؛‭ ‬تزويد‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بالتمويل‭ ‬الغربي‭ ‬والأسلحة‭ ‬لم‭ ‬يسرع‭ ‬من‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬بل‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬عودة‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المنسقة،‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬إدراك‭ ‬منطق‭ ‬مفاده‭ ‬أن؛‭ ‬‮«‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬سوف‭ ‬يستلزم‭ ‬بالتأكيد‭ ‬بعض‭ ‬المساومة‮»‬‭ ‬و‮«‬يترك‭ ‬وضعًا‭ ‬يمثل‭ ‬حلًا‭ ‬وسطًا‭ ‬بين‭ ‬مصالح‭ ‬البلدين‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬‮«‬بول‭ ‬بيلار‮»‬‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬‮«‬كوينسي‮»‬‭.‬

تقود‭ ‬المبادرات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الغربية‭ ‬الفاشلة‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬ثم‭ ‬احتواء‭ ‬تجاوزات‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬توخي‭ ‬الحذر،‭ ‬وعليه‭ ‬ظهرت‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬غربية‭ ‬تعطي‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬دورها‭ ‬كوسيط‭ -‬أو‭ ‬كوسطاء‭ ‬مختارين‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭- ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬يسمح‭ ‬بوقف‭ ‬أعمال‭ ‬القتال‭ ‬المسلحة‭. ‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬اقترحتها‭ ‬الصين‭ ‬وإندونيسيا‭ ‬ودول‭ ‬أفريقية،‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬أغسطس‭ ‬2023،‭ ‬استضافت‭ ‬السعودية‭ ‬اجتماعًا‭ ‬لممثلي‭ ‬40‭ ‬دولة‭ ‬لمناقشة‭ ‬أفضل‭ ‬السبل‭ ‬لدفع‭ ‬قدمًا‭ ‬بالمساعي‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬والتي‭ ‬شملت‭ ‬محادثات‭ ‬حول‭ ‬خطة‭ ‬الحكومة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الخاصة‭ ‬بشروط‭ ‬السلام‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬نقاط‭.‬

وامتدادًا‭ ‬للجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬السابقة،‭ ‬يُعد‭ ‬اجتماع‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬والهند‭ ‬والبرازيل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ممثلين‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬في‭ ‬جدة،‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬في‭ ‬الإجماع‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬استتباب‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬

وبعد‭ ‬اجتماع‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬كوبنهاجن‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬يونيو،‭ ‬والذي‭ ‬قال‭ ‬عنه‭ ‬‮«‬إليس‭ ‬جيفوري‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬ميدل‭ ‬إيست‭ ‬آي‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬نتائج‭ ‬ملحوظة،‭ ‬سهلت‭ ‬الروابط‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬السعودية‭ ‬حضور‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭ ‬لجدة؛‭ ‬حيث‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬ليزا‭ ‬أوكارول‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬‭ ‬بأنه‭ ‬الجائزة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الكبرى‭ ‬لهذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬هو‭ ‬المشاركة‭ ‬الصينية،‭ ‬حيث‭ ‬ذهبت‭ ‬بكين‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الواجب‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬مما‭ ‬ذهبت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بدعمها‭ ‬الصريح‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬محادثات‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬كييف‭ ‬وموسكو‭.‬

وسلط‭ ‬المحللون‭ ‬الغربيون‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬قد‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬المتزايد‭ ‬للمملكة،‭ ‬وأهميتها‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمبادرات‭ ‬الهادفة،‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬التوترات‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أشار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬مارك‭ ‬سانتورا‮»‬‭ ‬و«فيفيان‭ ‬نيريم‮»‬‭ ‬و«ديفيد‭ ‬بيرسون‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬إلى؛‭ ‬أن‭ ‬الرياض‭ ‬أصبح‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬ذات‭ ‬أولوية‭ ‬عالمية‭ ‬قصوى‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬جانبه‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬جيفوري‮»‬‭ ‬أن‭ ‬محادثات‭ ‬جدة‭ ‬تبرز‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬العالمية‭ ‬لتصبح‭ ‬قوة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وجيوسياسية‭ ‬رئيسية،‭ ‬خارج‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الغرب،‭ ‬أصبحت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السبل‭ ‬للعمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬خلال‭ ‬صيف‭ ‬2023،‭ ‬قام‭ ‬القادة‭ ‬الأفارقة‭ ‬بقيادة‭ ‬‮«‬سيريل‭ ‬رامافوزا‮»‬‭ ‬بزيارة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا،‭ ‬مع‭ ‬خطة‭ ‬سلام‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬نقاط‭ ‬تقترح‭ ‬‮«‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬المحتملة‭ ‬لنزع‭ ‬فتيل‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬انسحاب‭ ‬روسي‭ ‬تدريجي،‭ ‬وتعليق‭ ‬مذكرة‭ ‬التوقيف‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬ذكره‭ ‬‮«‬أوليف‭ ‬إنوكيدو‭-‬لينهام‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نوسموت‭ ‬جباداموسى‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭ ‬قد‭ ‬أشارت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬قوبلت‭ ‬برفض‭ ‬صارم‭ ‬من‭ ‬كِلا‭ ‬الجانبين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬تظهِر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬رغبة‭ ‬مشتركة‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬لإنهاء‭ ‬حرب‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬هائلة،‭ ‬وحالة‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭.‬

وبالمثل،‭ ‬عرضت‭ ‬الصين‭ ‬خطتها‭ ‬الخاصة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬فأكدت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬التزامها‭ ‬بالعمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬وإصرارها‭ ‬على‭ ‬كون‭ ‬‮«‬الحوار‭ ‬والتفاوض‭ ‬هما‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬القابل‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‮»‬،‭ ‬فأصدرت‭ ‬الصين‭ ‬اقتراحاتها‭ ‬الخاصة‭ ‬والتي‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬كلير‭ ‬ميلز‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬مكتبة‭ ‬مجلس‭ ‬العموم‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬دعت‭ ‬إلى؛‭ ‬احترام‭ ‬مبادئ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وإنشاء‭ ‬هيكل‭ ‬أمني‭ ‬أوروبي‭ ‬متوازن،‭ ‬لكنها‭ ‬أهملت‭ ‬ذكر‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أو‭ ‬عودة‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬رفض‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬كييف‭ ‬والتحالف‭ ‬الغربي‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬باعتبارها‭ ‬موالية‭ ‬بشكل‭ ‬سافر‭ ‬لروسيا‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬السلام‭ ‬الأفريقية‭ ‬والصينية‭ ‬الخاصة‭ ‬بأوكرانيا،‭ ‬فإن‭ ‬وضعهم‭ ‬المتصور‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬محاورون‭ ‬متعاطفون‮»‬‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬كما‭ ‬وصفهم‭ ‬‮«‬فريدمان‮»‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن؛‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬قد‭ ‬رفضتا‭ ‬محتويات‭ ‬تلك‭ ‬الخطط‭ ‬رغم‭ ‬صدقها‭.‬

في‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تبرهن‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬أفضل‭ ‬الفرص‭ ‬للعمل‭ ‬كوسطاء‭ ‬ناجحين‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع،‭ ‬لاسيما‭ ‬أنها‭ ‬حققت‭ ‬أكثر‭ ‬النتائج‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الملموسة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬السعودية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬تمكنت‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بعلاقات‭ ‬عمل‭ ‬مع‭ ‬كِلا‭ ‬الطرفين‭ ‬المتحاربين،‭ ‬مما‭ ‬أتاح‭ ‬لها‭ ‬قنوات‭ ‬حوار‭ ‬مفتوحة‭.‬

تحدث‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬‭ ‬مع‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف،‭ ‬ودعا‭ ‬‮«‬زيلينسكي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‮»‬‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬السابق،‭ ‬وفي‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬ساعدت‭ ‬الرياض‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬الأسرى‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬والروس،‭ ‬وتم‭ ‬تقييم‭ ‬محادثات‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬استضافها‭ ‬السعوديون‭ ‬في‭ ‬جدة‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2023‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المحللين‭ ‬الغربيين‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬باعتباره‭ ‬تقدمًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬المساعي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬كدليل‭ ‬إضافي‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬النفوذ‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬المتنامي‭ ‬للمملكة‭ ‬والخليج‭ ‬العربي‭.‬

قبل‭ ‬الاجتماع،‭ ‬أدرك‭ ‬المراقبون‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬والاجماع‭ ‬الدولي‭ ‬حول‭ ‬ضرورة‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬كان‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مرجح‮»‬،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬ذكره‭ ‬‮«‬أيهم‭ ‬كامل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أوراسيا‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬آمال‭ ‬أن‭ ‬الاجتماع‭ ‬قد‭ ‬يبني‭ ‬منصة‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬البناءة‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬والبلدان‭ ‬النامية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬اجتماع‭ ‬‮«‬جدة‮»‬‭ ‬كان‭ ‬ناجحًا،‭ ‬حيث‭ ‬استجابت‭ ‬40‭ ‬دولة‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصين‭ ‬والهند،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬وأفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭- ‬لدعوة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬للحوار‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬المحادثات‭.‬

وبينما‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬سانتورا‮»‬‭ ‬و«نيريم‮»‬‭ ‬و«بيرسون‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن؛‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬حيادها،‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬مواقفها،‭ ‬لأنها‭ ‬تفضل‭ ‬تأطير‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬قوى‭ ‬عظمى‭ ‬لا‭ ‬تريدون‭ ‬أن‭ ‬تتورط‭ ‬فيه‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬قالت‭ ‬‮«‬أوكارول‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬مجموعات‭ ‬عمل‭ ‬لتطوير‭ ‬تفاصيل‭ ‬القضايا‭ ‬الرئيسية‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬سلام‭ ‬‮«‬زيلينسكي‮»‬‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬نقاط،‭ ‬مثل‭ ‬إعادة‭ ‬أسرى‭ ‬الحرب،‭ ‬والأطفال،‭ ‬وإدارة‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وضمان‭ ‬سلامة‭ ‬الأمن‭ ‬النووي‭ ‬والبيئي،‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬المخاوف‭ ‬المتزايدة‭ ‬بشأن‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي،‭ ‬بينما‭ ‬ستواصل‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬السفراء‭ ‬‮«‬العمل‭ ‬الفني‮»‬‭ ‬لإعداد‭ ‬التفاصيل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتلك‭ ‬القضايا‭.‬

أشارت‭ ‬‮«‬دايل‭ ‬جافلاك‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬صوت‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬السعودية‭ ‬كانت‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬حضور‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬المحادثات‮»‬،‭ ‬وتحدث‭ ‬مبعوث‭ ‬بكين‭ ‬‮«‬لي‭ ‬هوي‮»‬‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الخلافات،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬مشاركة‭ ‬المبادئ،‭ ‬وهكذا‭ ‬شددت‭ ‬‮«‬أوكارول‮»‬‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬موافقة‭ ‬الحكومة‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬قمة‭ ‬ثالثة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬أوسع‭ ‬للعمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬العالمي،‭ ‬حيث‭ ‬أقرت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬الإجماع‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬حل‭ ‬الصراع‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسعودية،‭ ‬فقد‭ ‬أطلق‭ ‬‮«‬جيفوري‮»‬‭ ‬على‭ ‬الاجتماع‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬انقلاب‭ ‬دبلوماسي‮»‬‭ ‬للمملكة،‭ ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬إنجاز‭ ‬متوج‮»‬‭ ‬لولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬لمناقشة‭ ‬الصراع‭ ‬وتداعياته،‭ ‬وأضاف‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬الله‭ ‬باعبود‮»‬‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬كارنيجي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬طموح‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬لتكون‭ ‬السعودية‭ ‬رائدة‭ ‬إقليميًا‭ ‬ولاعبًا‭ ‬عالميًا‭ ‬مهمًا‮»‬‭.‬

قام‭ ‬‮«‬جوليان‭ ‬بارنز‭-‬داسي‮»‬‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬بتقييم‭ ‬يفيد؛‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تبنت‭ ‬التعددية‭ ‬القطبية‭ ‬الناشئة،‭ ‬فدول‭ ‬مجلس‭ ‬‮«‬التعاون‮»‬‭ ‬تضع‭ ‬الآن‭ ‬بحزم‭ ‬أجندتها‭ ‬الخاصة‭ ‬والموازنة‭ ‬بين‭ ‬كافة‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬ضمن‭ ‬أولوياتها،‭ ‬لتعظيم‭ ‬مكاسبها‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬البرازيل‭ ‬والهند‭.‬

ومع‭ ‬حضور‭ ‬‮«‬جيك‭ ‬سوليفان‮»‬‭ ‬اجتماع‭ ‬جدة،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جيفوري‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬أظهر‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬حريصة‭ ‬على‭ ‬تقديرها‭ ‬ونجاحها‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬احترام‭ ‬دور‭ ‬الحكومات‭ ‬مثل‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تقديم‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭ ‬كانت‭ ‬تستحقه‭ ‬المملكة‭ ‬‮«‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‮»‬‭.‬

بالنسبة‭ ‬للأوكرانيين،‭ ‬أشار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬سانتورا‮»‬‭ ‬و«نيريم‮»‬‭ ‬و‮«‬بيرسون‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬كييف‭ ‬تقديرًا‭ ‬للمملكة‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬ترى‭ ‬كييف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬قد‭ ‬يعقُبه‭ ‬خطوة‭ ‬تالية‭ ‬نحو‭ ‬عقد‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬سلام‭ ‬عالمية‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬المقبلة‭ ‬لجذب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كييف،‭ ‬ونبذ‭ ‬موسكو‭ ‬دبلوماسيًا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬زيلينسكي‮»‬‭ ‬تواجه‭ ‬‮«‬تحديا‭ ‬مزدوجا‮»‬‭ ‬متمثلا‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الغربي‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬المجهود‭ ‬الحربي،‭ ‬وهي‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‮»‬‭ -‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الدبلوماسي‭- ‬‮«‬من‭ ‬خلال‭ ‬اجتذاب‭ ‬دول‭ ‬أخرى‮»‬‭.‬

كانت‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬الاجتماع‭ ‬أقل‭ ‬إيجابية‭ ‬بكثير،‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬الصعوبات‭ ‬في‭ ‬جلب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬موسكو‭ ‬وكييف‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬معًا،‭ ‬وعلق‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الكرملين‮»‬‭ ‬‮«‬ديمتري‭ ‬بيسكوف‮»‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حكومته‭ ‬‮«‬ستراقب‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‮»‬‭ ‬ونتائجه‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬يُعد‭ ‬رائعًا‭ ‬لمؤيدي‭ ‬أوكرانيا‭ ‬فحسب،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬بالضرورة‭ ‬منصة‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية،‭ ‬وتم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بهذه‭ ‬النقطة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع،‭ ‬حيث‭ ‬أصر‭ ‬‮«‬سيلسو‭ ‬أموريم‮»‬‭ ‬مستشار‭ ‬الرئيس‭ ‬البرازيلي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬حقيقية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬هي‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬ضحية‮»‬‭ ‬للحرب،‭ ‬فإن‭ ‬موسكو‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬دبلوماسي‭ ‬للقتال‭ ‬‮«‬بشكل‭ ‬ما‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لاتزال‭ ‬هناك‭ ‬مضاعفات‭ ‬متعددة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬الواضح‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬بضرورة‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬بشكل‭ ‬ما‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬اعتراف‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬مبادرات‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ -‬ولاسيما‭ ‬الصين‭ ‬وإفريقيا‭- ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أفضل‭ ‬وسيلة‭ ‬لإيجاد‭ ‬سلام‭ ‬ولإنهاء‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬فريدمان‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬‮«‬الكرملين‮»‬‭ ‬سيصر‭ ‬بالمثل‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬يضفي‭ ‬عليه‭ ‬هيئة‭ ‬‮«‬المنتصر‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ترديد‭ ‬رؤى‭ ‬المحللين‭ ‬الآخرين‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬الهيكل‭ ‬الأمني‭ ‬الغربي،‭ ‬يرى‭ ‬‮«‬بيلار‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬هدنة‭ ‬وليست‭ ‬معاهدة‭ ‬سلام‭ ‬كاملة‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أو‭ ‬يهدأ‭ ‬وتيرة‭ ‬الصراع،‭ ‬وإنهاء‭ ‬معاناة‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬مستمرة‭ ‬قد‭ ‬تتطور‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬أشمل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬تلك‭ ‬الهدنة‭ ‬أهم‭ ‬عنصر‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬رفض‭ ‬الغرب‭ ‬والأوكرانيين‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬لمقترحات‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬الصين‭ ‬والدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬في‭ ‬أشكالها‭ ‬الحالية؛‭ ‬بحجة‭ ‬أنها‭ ‬تقدم‭ ‬لموسكو‭ ‬شروطًا‭ ‬مواتية‭ ‬للحرب‭ ‬التي‭ ‬بدأتها‭ ‬وألحقت‭ ‬أضرارًا‭ ‬جسيمة‭ ‬أوروبيًا؛‭ ‬فإن‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬كوسيط‭ ‬للمحادثات‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬توفر‭ ‬احتمالية‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬إجماع‭ ‬عالمي‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬روبرتسون‮»‬‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الدور‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬للرياض‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية‭ ‬الأوسع،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬عملًا‭ ‬قيد‭ ‬التطوير‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬قيّم‭ ‬المحللون‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬جدة‮»‬،‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬انقلابًا‭ ‬جيوسياسيًا‭ ‬رئيسيًا‮»‬‭ ‬آخر‭ ‬للمملكة،‭ ‬يثبت‭ ‬أهمية‭ ‬إعادة‭ ‬ترسيم‭ ‬دور‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬العالمية‭ ‬لتكون‭ ‬أكثر‭ ‬بروزًا‭.‬

وبالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬مشاركة‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬الأخرى،‭ ‬مثل‭ ‬الصين،‭ ‬والهند،‭ ‬والبرازيل،‭ ‬فإن‭ ‬الاجتماع‭ ‬يعد‭ ‬‮«‬دفعة‭ ‬كبرى‮»‬،‭ ‬للجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الدولية،‭ ‬ويظهر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أرضية‭ ‬مشتركة،‭ ‬لتسهيل‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬إنهاء‭ ‬سلمي‭ ‬للحرب‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا