العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل بدأت «الرابطة المقدسة» بين أمريكا وإسرائيل تتصدع؟

بقلم: د. رمزي بارود

السبت ١٢ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

لم‭ ‬يضف‭ ‬الرئيس‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إسحاق‭ ‬هرتسوج‭ ‬شيئًا‭ ‬ذا‭ ‬قيمة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬19‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭.‬

كانت‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬استخدمها‭ ‬الرئيس‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لغة‭ ‬نموذجية‭ ‬مألوفة‭. ‬فقد‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الرابطة‭ ‬المقدسة‮»‬،‭ ‬ووصف‭ ‬التجربة‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬فريدة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬النطاق‭ ‬والجودة‮»‬،‭ ‬واحتفى‭ ‬‮«‬بالقيم‭ ‬العظيمة‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬عبر‭ ‬الأجيال‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬المسرحية‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إخفاء‭ ‬حقيقة‭ ‬غير‭ ‬مريحة‭: ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تتغير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أساسي‭.‬

قبل‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬خطاب‭ ‬هرتسوج،‭ ‬أعلن‭ ‬زعيم‭ ‬المعارضة‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬السابق‭ ‬يائير‭ ‬لابيد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬أقرب‭ ‬حليف‭ (‬لإسرائيل‭)‬‮»‬‭. ‬كانت‭ ‬كلمات‭ ‬لابيد‭ ‬مزيجًا‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬والانتهازية‭ ‬السياسية‭.  ‬

يحرص‭ ‬لابيد‭ ‬وآخرون‭ ‬في‭ ‬معسكره‭ ‬على‭ ‬تحميل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الحالي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬مسؤولية‭ ‬تدهور‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬مسؤولية‭ ‬إضعاف‭ ‬‮«‬السند‭ ‬المقدس‮»‬‭ ‬و«السند‭ ‬غير‭ ‬القابل‭ ‬للكسر‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬ارتبط‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬بالبلدين‭ ‬معًا‭ ‬‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإسرائيل‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التقييم‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬لابيد‭ ‬غير‭ ‬دقيق‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصحيح‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬لعب‭ ‬دورًا‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬وواشنطن،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المسافة‭ ‬كانت‭ ‬تنمو‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬ديناميكيات‭ ‬أخرى‭ ‬‭ ‬ديناميكيات‭ ‬تتعلق‭ ‬أساسا‭ ‬بمزيج‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬والاتجاهات‭ ‬السياسية‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬والديموغرافية‭.‬

لكن‭ ‬أي‭ ‬تقييم‭ ‬من‭ ‬التقييمين‭ ‬اللذين‭ ‬قدمهما‭ ‬هرتسوج‭ ‬ولايبيد‭ ‬هو‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة؟‭ ‬ادعاء‭ ‬هرتسوج‭ ‬بوجود‭ ‬‮«‬رابطة‭ ‬مقدسة‮»‬‭ ‬أم‭ ‬تأكيد‭ ‬لابيد‭ ‬الأكثر‭ ‬دراماتيكية‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬التحالف‭ ‬المتعثر‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإسرائيل‭.‬

سعيا‭ ‬إلى‭ ‬التعمق‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬هذا‭ ‬السؤال،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬العلنية‭ ‬المبالغ‭ ‬فيها‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬مسؤولون‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬البلدين،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الحزبين‭ ‬الأقوياء‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ - ‬الجمهوريين‭ ‬والديمقراطيين‭. ‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬اللغة‭ ‬المستخدمة،‭ ‬تصر‭ ‬قيادات‭ ‬الحزبين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إخلاص‭ ‬واشنطن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬يتجاوز‭ ‬السياسة‭ ‬وأن‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬فوق‭ ‬مسألة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭.‬

في‭ ‬خطاب‭ ‬ألقاه‭ ‬في‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬البرلمان‭) ‬في‭ ‬يوم‭ ‬1‭ ‬مايو‭ ‬2023،‭ ‬اتبع‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭ ‬كيفين‭ ‬مكارثي‭ ‬النص‭ ‬الأمريكي‭ ‬النموذجي‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭. ‬فقد‭ ‬تحدث‭ ‬هو‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬العلاقات‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للكسر‮»‬‭ ‬و«الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬الحزبين‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬قوبل‭ ‬ذلك‭ ‬الكلام‭ ‬بتصفيق‭ ‬قوي‭ ‬ضجت‭ ‬به‭ ‬القاعة‭.‬

يعتبر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بايدن‭ ‬مؤيدا‭ ‬قويا‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬اشتهر‭ ‬بالعبارة‭ ‬التي‭ ‬ظل‭ ‬يكررها‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬التي‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬ليس‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬يهوديًا‭ ‬لتكون‭ ‬صهيونيا‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬تعويذة‭ ‬بين‭ ‬حلفاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لإسرائيل‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬القرابة‭ ‬الجمهورية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قوية،‭ ‬فإن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬وإسرائيل‭ ‬ليست‭ ‬كذلك،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬باتت‭ ‬ضعيفة‭. ‬ففي‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬2022‭ ‬أظهر‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬أجراه‭ ‬مركز‭ ‬بيو‭ ‬للأبحاث‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬وأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬الديمقراطية‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬إيجابية‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‮»‬‭.‬

لذا،‭ ‬فإن‭ ‬الفكرة‭ ‬القائلة‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬الحزبين‭ ‬السياسيين‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬ببساطة‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭. ‬لا‭ ‬عجب‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬قد‭ ‬أجل‭ ‬مدة‭ ‬سبعة‭ ‬أشهر‭ ‬دعوة‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بعد‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الائتلافية‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.‬

إن‭ ‬الائتلاف‭ ‬الذي‭ ‬شكله‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬والمليء‭ ‬بالسياسيين‭ ‬اليمينيين‭ ‬المتطرفين،‭ ‬هو‭ ‬ببساطة‭ ‬عبء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬نظام‭ ‬ديمقراطي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

يتفق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬معتقدين‭ ‬كليًا‭ ‬أو‭ ‬جزئيًا‭ ‬أن‭ ‬حكومتهم‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬ديمقراطية‭ - ‬بسبب‭ ‬سيطرة‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتزايدة‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مستقلة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخضم،‭ ‬تسعى‭ ‬إدارة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوازن‭.‬

في‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬2023‭ ‬قال‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬للصحفيين‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬الماضي‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬قلق‭ ‬للغاية‭... ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الطريق،‭ ‬ولقد‭ ‬أوضحت‭ ‬ذلك‭ ‬نوعًا‭ ‬ما‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬بايدن‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬الاقتراح‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬المرشح‭ ‬الرئاسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬بيرني‭ ‬ساندرز‭ ‬بحجب‭ ‬الأموال‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭ ‬بسبب‭ ‬سوء‭ ‬معاملتها‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وتنكيلها‭ ‬بهم‭ ‬‭ ‬هو‭ ‬‮«‬اقتراح‭ ‬غريب‮»‬‭.‬

تمنح‭ ‬واشنطن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬3‭.‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬كمساعدات‭ ‬عسكرية‭. ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬الاتجاه‭ ‬المعادي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬فإن‭ ‬الدعوات‭ ‬بحجب‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬‮«‬غريبة‮»‬‭.‬

تحت‭ ‬ضغط‭ ‬مكثف‭ ‬من‭ ‬اللوبي‭ ‬القوي‭ ‬المؤيد‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬قرر‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬17‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭ ‬توجيه‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬لزيارة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬لكن‭ ‬الزيارة،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المتصاعدة‭ ‬ضد‭ ‬نتنياهو،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وتل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬سالف‭ ‬زخمها‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬هدأت‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬فلن‭ ‬تعود‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭.‬

لأكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬انسحبت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ببطء،‭ ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه،‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الانسحاب‭ ‬ناتجا‭ ‬جزئيا‭ ‬عن‭ ‬النتائج‭ ‬الكارثية‭ ‬للغزو‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعراق،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬القوة‭ ‬المتنامية‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ‭.‬

دق‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬أجراس‭ ‬الإنذار‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬حث‭ ‬السياسيون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬والمفكرون‭ ‬الرئيسيون‭ ‬على‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات‭. ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬بحث‭ ‬إسرائيلي‭ ‬الدؤوب‭ ‬عن‭ ‬حلفاء‭ ‬جدد‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬معظمهم‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭.‬

ساعد‭ ‬نجاح‭ ‬هذه‭ ‬الحملة،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬نتنياهو،‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬نفسها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬التزام‭ ‬بأجندة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬القيادة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إصرار‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬خلال‭ ‬رحلته‭ ‬التي‭ ‬قادته‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬2022،‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬سلام‭ ‬‮«‬متجددة‮»‬‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬لم‭ ‬تدعم‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬ولا‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬لاحظت‭ ‬مسعى‭ ‬واشنطن‭ ‬الجديد‭.‬

في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬نتنياهو‭ ‬رئيسًا‭ ‬للوزراء،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬محكومة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ائتلاف‭ ‬حكومي‭ ‬بقيادة‭ ‬يائير‭ ‬لابيد‭ ‬نفسه‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬إلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬نتنياهو‭ ‬بشكل‭ ‬ملائم‭ ‬وتحميله‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬تراجع‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬فك‭ ‬الارتباط‭ ‬عن‭ ‬واشنطن،‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬قرارًا‭ ‬جماعيًا‭ ‬وعملية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭.‬

عندما‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف،‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير،‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬10‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يستوعب‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬نجماً‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬فقط‭ ‬يكرر‭ ‬الخط‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬يستخدمه‭ ‬الآخرون‭ ‬قبله‭.‬

لقد‭ ‬لجأ‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬ذات‭ ‬اللغة‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬للإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الحالي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬قوية‭ ‬وفخورة‭ ‬ومستقلة‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬‮«‬استقلال‮»‬‭ ‬إسرائيل‭ ‬كان‭ ‬نتيجة‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬غير‭ ‬المشروط،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬بالكاد‭ ‬يعترفون‭ ‬بهذه‭ ‬الحقيقة‭.‬

تقدم‭ ‬مديرية‭ ‬التعاون‭ ‬الدفاعي‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ (‬سيبات‭) ‬تقارير‭ ‬مستمرة‭ ‬عن‭ ‬نمو‭ ‬الصادرات‭ ‬العسكرية‭ ‬لتل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭. ‬وبلغت‭ ‬هذه‭ ‬الصادرات‭ ‬12‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬تم‭ ‬تطوير‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أو‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتم‭ ‬تمويل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأبحاث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دافعي‭ ‬الضرائب‭ ‬الأمريكيين‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬‮«‬بالاستقلال‮»‬‭ ‬أعطى‭ ‬نتنياهو‭ ‬الثقة‭ ‬اللازمة‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬لصالح‭ ‬الجمهوريين‭ ‬الأكثر‭ ‬ملاءمة‭.‬

من‭ ‬جانبهم،‭ ‬ينظر‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وعلى‭ ‬الأقل‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬امتداد‭ ‬للحزب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬وهو‭ ‬بالتالي‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬هذا‭ ‬العداء‭ ‬المتزايد‭ ‬لإسرائيل‭.‬

ختاما‭ ‬لهذا‭ ‬التحليل‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬هرتسوج‭ ‬ولابيد‭ ‬مخطئان‭ ‬جزئيًا‭: ‬‮«‬السند‭ ‬المقدس‮»‬‭ ‬أقل‭ ‬قدسية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬وسواء‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هي‭ ‬أقرب‭ ‬حليف‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬فهذا‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬فرقًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بديلاً‭ ‬للدعم‭ ‬الأعمى‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا