العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المحتوى الرقمي العربي في عصر الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبدالرحمن الخطيب

السبت ١٢ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

يعرف‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬بأنه‭ ‬البيانات‭ ‬والمعلومات‭ ‬المتوافر‭ ‬منها‭ ‬والمخزنة‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬نصوص‭ ‬أو‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬والصوت‭ ‬أو‭ ‬المستندات‭ ‬على‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬متاحة‭ ‬للعموم‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬الإنترنت،‭ ‬أو‭ ‬البوابات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬أو‭ ‬محركات‭ ‬البحث‭ ‬وعلى‭ ‬برامج‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الصوت‭ ‬والصورة،‭ ‬والترجمة‭ ‬ومنصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمكتبات‭ ‬الرقمية‭. ‬فحجم‭ ‬ونوع‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬لأي‭ ‬لغة‭ ‬أو‭ ‬أمة‭ ‬على‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬يعكس‭ ‬صورة‭ ‬ذهنية‭ ‬مهمة‭ ‬عن‭ ‬تطورها‭ ‬ونموها،‭ ‬وهو‭ ‬الحضور‭ ‬الذي‭ ‬يبرز‭ ‬هوية‭ ‬وثقافة‭ ‬وعلم‭ ‬وإسهامات‭ ‬الأمم‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي‭ ‬يعاني‭ ‬تدنيا‭ ‬في‭ ‬حضوره‭ ‬على‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية‭ ‬بنسبة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬الـ3‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬حالاتها‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬الكوني،‭ ‬متذيلا‭ ‬أي‭ (‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي‭) ‬ترتيب‭ ‬حضور‭ ‬الأحد‭ ‬عشر‭ ‬محتوى‭ ‬باللغات‭ ‬المستخدمة‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬فمثلا‭ ‬سجل‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬حضورا‭ ‬بنسبة‭ ‬53‭.‬4‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العالمي‭ ‬متصدرا‭ ‬الترتيب،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬متحدثي‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‮٤٠٠‬‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬الذين‭ ‬يتحدثونها‭ ‬كلغة‭ ‬أولى‭ ‬وبترتيب‭ ‬رابع‭ ‬كونها‭ ‬اللغة‭ ‬الأوسع‭ ‬انتشارا‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬الإنجليزية‭ ‬والصينية‭ ‬والهندية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬زخم‭ ‬حضور‭ ‬ثقافتها‭ ‬وتاريخها‭ ‬فإن‭ ‬حضورها‭ ‬الرقمي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬دون‭ ‬التوقعات‭ ‬والطموحات‭.‬

إن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وبكل‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬عنه‭ ‬وما‭ ‬حيك‭ ‬حوله‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬وأهوال‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والتقنية‭ ‬المستخدمة‭ ‬لمحاكاة‭ ‬السمات‭ ‬والطبائع‭ ‬البشرية‭ ‬المعروفة،‭ ‬كالإحساس‭ ‬والذكاء‭ ‬والتحليل‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬والتي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬كم‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬الضخمة‭ ‬وتطبيق‭ ‬مدهش‭ ‬للمعادلات‭ ‬الرياضية‭ ‬وخوارزميات‭ ‬معقدة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أنماط‭ ‬ومعلومات‭ ‬يمكن‭ ‬التعامل‭ ‬معها،‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬حاضرا‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬مفاصل‭ ‬وقطاعات‭ ‬حياتنا‭ ‬العامة‭ ‬كالصحة‭ ‬والتخطيط‭ ‬الحضري‭ ‬والزراعة‭ ‬والأمن‭ ‬والنقل‭ ‬والمواصلات‭ ‬والتعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬والصناعة‭ ‬وغيرها،‭ ‬لتقوم‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬والتقنيات‭ ‬بتوفير‭ ‬المال‭ ‬والوقت‭ ‬والجهد‭ ‬وتوفر‭ ‬أيضا‭ ‬الحلول‭ ‬الإبداعية‭ ‬لمشاكل‭ ‬تنمية‭ ‬وتطور‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات‭.‬

بات‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬تطبيقات‭ ‬وأدوات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬سريعة‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬والتنوع‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬فهذه‭ ‬التطبيقات‭ ‬وجدت‭ ‬لتسهيل‭ ‬المهام‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬والنشر‭ ‬والترويج،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التطبيقات‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بشكل‭ ‬مبدئي‭ ‬أو‭ ‬تجريبي‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬النصوص‭ (‬الشات‭ ‬جي‭ ‬بي‭ ‬تي‭) ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬الصور‭ ‬أو‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ (‬الكانفا‭) ‬أو‭ ‬خدمات‭ ‬الترجمة‭ ‬للكتب‭ ‬والدوريات‭ ‬كتطبيق‭ (‬أي‭ ‬ترانزليت‭) ‬وإضافتها‭ ‬إلى‭ ‬المواقع‭ ‬ذات‭ ‬الاختصاص‭ ‬أو‭ ‬ترجمات‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬والصوت‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬منصة‭ (‬اليوتيوب‭) ‬التفاعلية‭ ‬ودلالات‭ ‬الكلمات‭ ‬المفتاحية‭ ‬وتوفيرها‭ ‬في‭ ‬منصات‭ ‬البحث‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬محرك‭ ‬البحث‭ (‬جوجل‭) ‬وفهم‭ ‬متطلبات‭ ‬الجمهور‭ ‬العربي‭ ‬وتحديد‭ ‬اهتماماته‭ ‬والتنبؤ‭ ‬بها‭ ‬كخوارزميات‭ (‬الفيسبوك‭) ‬و‭ (‬أمازون‭) ‬والقريبة‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الدقة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بصور‭ ‬وخرائط‭ ‬الطرق‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬تطبيقات‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬والوصول‭.‬

يمكن‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬المحتوى‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحليل‭ ‬النصوص‭ ‬وفحصها‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬خلوها‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬اللغوية‭ ‬والمعلومات‭ ‬غير‭ ‬الدقيقة‭ ‬كتطبيق‭ (‬شكلني‭) ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬التطبيقات‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬الاقتراحات‭ ‬لتطوير‭ ‬المحتوى‭ ‬وزيادة‭ ‬تحسينه‭ ‬ووصوله‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تحد‭ ‬نسبيا‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي‭ ‬باستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬وأهمها‭: ‬

1-‭  ‬الاتصال‭ ‬بشبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭: ‬كوجود‭ ‬مناطق‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬الخدمات‭ ‬الجيدة‭ ‬من‭ ‬الإنترنت‭ ‬والاتصالات‭ ‬ونقل‭ ‬البيانات‭. ‬

2-‭  ‬توافر‭ ‬البيانات‭: ‬ما‭ ‬يقضيه‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬ساعات‭ ‬يوميا‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬هو‭ (‬استهلاك‭) ‬في‭ ‬مجمله‭ ‬كالألعاب‭ ‬والتصفح‭ ‬والنسخ‭ ‬واللصق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬إثراء‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬حجم‭ ‬البيانات‭ ‬ونوعها‭ ‬التي‭ ‬يغذيها‭ ‬المستخدم‭ ‬العربي‭ ‬للمحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي‭ ‬يوميا‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬دون‭ ‬المطلوب،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬دقة‭ ‬وموثوقية‭ ‬النتائج‭ ‬المرجوة‭ ‬لتطوير‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي‭. ‬

3-‭  ‬التشريعات‭ ‬والقوانين‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬وتشرعن‭ ‬عمليات‭ ‬الرقمنة‭ ‬والتحول‭ ‬الإلكتروني‭ ‬للخدمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬البيانات‭ ‬وغيرها‭ ‬كعمليات‭ ‬البيع‭ ‬والشراء‭.‬

في‭ ‬النهاية،‭ ‬يمثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬كبيرة‭ ‬لتطوير‭ ‬وتحسين‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي‭ ‬وتوفير‭ ‬محتوى‭ ‬ملائم‭ ‬لثقافته‭ ‬وعلمه‭ ‬وتاريخه،‭ ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬التطورات‭ ‬التقنية،‭ ‬ستستمر‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬والازدهار‭ ‬لتلبية‭ ‬الطموح‭ ‬المنشود‭ ‬في‭ ‬الحضور‭ ‬الرقمي‭ ‬العربي‭ ‬الحقيقي‭ ‬والفعلي‭ ‬العلمي‭ ‬والثقافي‭ ‬على‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬تعزيزا‭ ‬لحضور‭ ‬لغة‭ ‬الضاد‭ ‬وأمتها‭ ‬في‭ ‬ريادة‭ ‬الأمم‭.‬

 

{ باحث‭ ‬مختص‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والإبداع‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا