العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أزمة نتنياهو.. وتدهور النظام السياسي في إسرائيل

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ١٣ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

‭(‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭) ‬أهلا‭ ‬وسهلا‭ ‬بك‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬فقد‭ ‬جئت‭ ‬زاحفا‭ ‬‮«‬بإسرائيل‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬النظم‭ ‬السياسية‭ ‬العالمثالثية‭. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬تزعم‭ ‬أنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الحر‭ ‬والغرب‭ ‬الرأسمالي،‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ (‬نتنياهو‭) ‬يغرق‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬أخطر‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬‮«‬تاريخها‮»‬‭ ‬المتواضع،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬العمليات‭ ‬الفدائية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬واستمرار‭ ‬أزمة‭ ‬داخلية‭ ‬عميقة‭ ‬منذ‭ ‬سبعة‭ ‬أشهر‭ ‬وكانت‭ ‬سبقتها‭ ‬أزمات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬عهوده‭ ‬المتتابعة‭. ‬

ومنذ‭ ‬أداء‭ ‬حكومة‭ (‬نتنياهو‭) ‬الأخيرة‭ ‬اليمين‭ ‬القانونية،‭ ‬وهي‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬‮«‬ديمومة‭ ‬الاحتلال‮»‬‭ (‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬قيم‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وعن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وقوانين‭ ‬وشرعيات‭ ‬دولية‭) ‬فتجهد‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬الواقع‭ ‬الديموغرافي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وتوسيع‭ ‬المستعمرات‭/ ‬‮«‬المستوطنات‮»‬‭ ‬بل‭ ‬و«شرعنة‮»‬‭ ‬بؤر‭ ‬‮«‬استيطانية‮»‬‭ ‬صدرت‭ ‬قرارات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬بإزالتها‭.‬

‭(‬نتنياهو‭) ‬هذا‭ ‬يتجلى‭ ‬هدفه‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬الآمر‭ ‬الناهي‭ ‬المسيطر‭ (‬كما‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭)‬،‭ ‬متمسكا‭ ‬بتلابيب‭ ‬الحكم‭ ‬ومتشبثا‭ ‬بكرسيه‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬نفس،‭ ‬مجذرا‭ ‬صورته‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وساعيا‭ ‬لتنشيط‭ ‬الذاكرة‭ ‬الجمعية‭ ‬اليهودية‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يرمز‭ ‬إليه‭ ‬بوصفه‭ ‬الزعيم‭ ‬الأوحد‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬‮«‬أمن‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬وهويتها‭ ‬‮«‬كدولة‭ ‬يهودية‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬تكونت،‭ ‬بحسب‭ ‬كتاب‭ ‬ومحللين‭ ‬إسرائيليين‭ ‬عديدين،‭ ‬أغلبية‭ ‬تجمع‭ ‬عليه‭ ‬وتسميه‭ ‬‮«‬ملك‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬بلا‭ ‬منازع‭!‬

ويتجلى‭ ‬هدف‭ (‬نتنياهو‭) ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬سلطته‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬المحاكمات‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الفساد‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬عبر‭ ‬محاولته‭ ‬سن‭ ‬قانون‭ (‬ضمن‭ ‬التعديلات‭ ‬القضائية‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬عليها‭ ‬حكومته‭) ‬يحميه‭ ‬كرئيس‭ ‬للوزراء‭ ‬من‭ ‬الإقالة‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬مزاعم‭ ‬تضارب‭ ‬في‭ ‬المصالح‭ ‬بسبب‭ ‬محاكمته‭ ‬الجارية‭ ‬بقضايا‭ ‬فساد‮»‬‭.‬

ولقد‭ ‬أدى‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬الأزمة‭ ‬القضائية‭ ‬التي‭ ‬تهز‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬وأحدثت‭ ‬بل‭ ‬عمقت‭ ‬فيها‭ ‬أكبر‭ ‬انقسام‭ ‬تشهده‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الضخمة‭ ‬الرافضة‭ ‬للتعديلات،‭ ‬وتهديد‭ ‬الحركة‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬بتصعيد‭ ‬شعبي‭ ‬واقتصادي‭ ‬‮«‬وعسكري‮»‬‭ ‬جديد‭ ‬إذا‭ ‬صادق‭ ‬الكنيست‭ ‬على‭ ‬التعديلات‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬لرغبات‭ ‬السياسيين،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ (‬نتنياهو‭) ‬مؤخرا‭ ‬إلى‭ ‬التلميح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صبره‭ ‬ينفد‭ ‬حيال‭ ‬الاضطرابات‭.‬

لهذا‭ ‬الغرض،‭ ‬استهدف‭ (‬نتنياهو‭) ‬ممارسة‭ ‬الحكم‭ ‬بأساليب‭ ‬ميكيافيلية‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬الاستعانة‭ ‬بقوى‭ ‬فاشية‭ ‬نازية‭ ‬عنصرية‭ ‬في‭ ‬حكومته‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ (‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‭) ‬و‭(‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭) ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينفي‭ ‬التشابه‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬المثل‭ ‬والنظم‭ ‬ذات‭ ‬الروح‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬بل‭ ‬ينسف‭ ‬مقولة‭ ‬الدولة‭ ‬‮«‬النموذجية‮»‬‭ ‬المتخيلة‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الواحة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬مستنقع‭ ‬عربي‭ ‬آسن‮»‬‭!!‬

‭ ‬وبحسب‭ ‬قائد‭ ‬شرطة‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ (‬عامي‭ ‬إيشد‭): ‬‮«‬لقد‭ ‬واجهت‭ ‬تدخلا‭ ‬سياسيا‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬يريدون‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬المفرطة‭ ‬ضد‭ ‬المتظاهرين‭ (‬اليهود‭ ‬الإسرائيليين‭) ‬المناهضين‭ ‬للحكومة‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬ومع‭ ‬التغول‭ ‬في‭ ‬المقارنات‭ ‬العنصرية‭ ‬والدموية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال،‭ ‬تجري‭ ‬عملية‭ ‬متسارعة‭ ‬لضرب‭ ‬الحقوق‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬تمتع‭ ‬بها‭ ‬اليهود‭ ‬الاسرائيليون‭ ‬دون‭ ‬غيرهم،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬‮«‬استقلالية‭ ‬القضاء‮»‬‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬أشاروا‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬أو‭ ‬سكوت‭ (‬نتنياهو‭)‬عن‭ ‬نشوء‭ ‬ما‭ ‬أسموه‭ ‬حكم‭ ‬المتدينين‭ ‬و‭/‬أو‭ ‬البلطجيين‭.‬

وعلى‭ ‬درب‭ ‬زعماء‭ ‬عالمثالثيين‭ ‬عديدين،‭ ‬نلحظ،‭ ‬ان‭ (‬نتنياهو‭) ‬وكأنه‭ ‬لا‭ ‬يمانع،‭ ‬كما‭ ‬أعلن‭ ‬عديد‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق‭ (‬يائير‭ ‬لبيد‭) ‬من‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬اختار‭ ‬‮«‬تدمير‭ ‬الدولة‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصالحه‭ ‬الشخصية‭.‬

وهذا‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬أدخله‭ ‬‮«‬نادي‮»‬‭ ‬زعماء‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬نتيجة‭ ‬تقسيمهم‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬بلادهم‭ ‬بشكل‭ ‬عمودي‭ ‬وحولوا‭ ‬أنظمتهم‭ ‬إلى‭ ‬أنظمة‭ ‬ديكتاتورية‭.‬

‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬اليوم‭ ‬تواجه‭ ‬أخطر‭ ‬أزمة‭ ‬تعيشها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تآكلها‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬مع‭ ‬حجزها‭ ‬لنفسها‭ ‬موقعا‭ ‬في‭ ‬خريطة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭. ‬وعليه،‭ ‬أهلا‭ ‬وسهلا‭ (‬نتنياهو‭) ‬بك‭ ‬وبانتهازييك‭ ‬في‭ ‬قيادتكم‭ ‬‮«‬الحكيمة‮»‬‭ ‬لمسيرة‭ ‬تدخل‭ ‬‮«‬اسرائيل‮»‬‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬العالمثالثية‭ ‬بخصائص‭ ‬وصفات‭ ‬مثل‭ ‬الدكتاتورية‭ / ‬الانتهازية‭ / ‬العنصرية‭ ‬المشبعة‭ ‬بعديد‭ ‬أنواع‭ ‬الفساد‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا