العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

عاصفة بلا نهاية في الديمقراطية الأمريكية!

بقلم: د. عبد المنعم سعيد {

الثلاثاء ١٥ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

الأصل‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬لتكون‭ ‬الدولة‭ ‬متقدمة‭ ‬وقوة‭ ‬عظمى،‭ ‬وفيها‭ ‬ما‭ ‬يحلم‭ ‬به‭ ‬بقية‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬للفضاء‭ ‬والجامعات‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬بشراً‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬خاص،‭ ‬وهوليوود‭ ‬والفنون‭ ‬الأخرى‭ ‬تخلق‭ ‬خيالات‭ ‬لا‭ ‬تكف‭ ‬بل‭ ‬تلح‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬أركان‭ ‬المعمورة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬نصيب‭ ‬وحظ‭.‬

الحسبة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بسيطة،‭ ‬وعندما‭ ‬تضيف‭ ‬الرأسمالية‭ ‬إلى‭ ‬الليبرالية‭ ‬إلى‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬أو‭ ‬يحلم‭ ‬به‭ ‬بنو‭ ‬آدم‭ ‬يمكن‭ ‬الحصول‭ ‬عليه‭ ‬بسبب‭ ‬المنافسة‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬الأعلى‭ ‬جودة‭ ‬والأقل‭ ‬سعراً،‭ ‬والحرية‭ ‬التي‭ ‬تُخرج‭ ‬من‭ ‬الإنسان‭ ‬عبقريته،‭ ‬وقاعدة‭ ‬الأغلبية‭ ‬والأقلية‭ ‬التي‭ ‬تمنع‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬المشاحنات‭ ‬والصراعات‭ ‬والنزاعات،‭ ‬فمَن‭ ‬كان‭ ‬مع‭ ‬الأغلبية‭ ‬فاز،‭ ‬ومَن‭ ‬كان‭ ‬مع‭ ‬الأقلية‭ ‬فعليه‭ ‬أن‭ ‬ينتظر‭ ‬المرة‭ ‬القادمة‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬أغلبية‭.‬

كل‭ ‬أمر‭ ‬مُدبَّر‭ ‬ومُحكَم،‭ ‬وهناك‭ ‬الدستور‭ ‬الذي‭ ‬توجد‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬الحدود‭ ‬والنهايات،‭ ‬التي‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬الالتزام‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬جماعة‭ ‬بشرية،‭ ‬فإنها‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭. ‬هذه‭ ‬الثقة‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬الأطروحة‭ ‬الكونية‭ ‬الأمريكية‭ ‬شجعتها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المرجعية‭ ‬التي‭ ‬يُقاس‭ ‬عليها،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬يقولون‭ ‬بين‭ ‬وقت‭ ‬وآخر‭: ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭. ‬وللحق،‭ ‬فإنه‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬فإن‭ ‬أمريكا‭ ‬لم‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬مسلحة‭ ‬بأنها‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬والقادرة‭ ‬على‭ ‬استخدامه،‭ ‬وإنما‭ ‬هلّت‭ ‬بقدر‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬الجاذبية‭ ‬والذكاء‭ ‬والإبهار‭.‬

والمدهش‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أنهت‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬وهي‭ ‬قوة‭ ‬عالمية‭ ‬وكونية،‭ ‬وبعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬ومعه‭ ‬التجربة‭ ‬الاشتراكية،‭ ‬فإنها‭ ‬باتت‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرون‭ ‬قرناً‭ ‬أمريكيًّا‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬ونشره‭ ‬مَن‭ ‬عُرفوا‭ ‬بالمحافظين‭ ‬الجدد،‭ ‬الذين‭ ‬دخلوا‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭.‬

هذا‭ ‬الدخول‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬أولى‭ ‬علامات‭ ‬التراجع‭ ‬الأمريكي‭ ‬عندما‭ ‬بات‭ ‬هناك‭ ‬خلاف‭ ‬دستوري‭ ‬عمّن‭ ‬كسب‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وعما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬آل‭ ‬جور،‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬الأغلبية‭ ‬الشعبية‭ ‬يستحقها‭ ‬وليس‭ ‬الأغلبية‭ ‬المستندة‭ ‬إلى‭ ‬أصوات‭ ‬أغلبية‭ ‬الولايات‭. ‬مرت‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬بسرعة،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬مستعدّا‭ ‬لوضع‭ ‬الدستور‭ ‬الأمريكي‭ ‬موضع‭ ‬المساءلة‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬حرجة‭ ‬بهذا‭ ‬القدر،‭ ‬ولكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬باتت‭ ‬أن‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬بجورج‭ ‬بوش‭ ‬الأب‭ ‬إلى‭ ‬السلطة،‭ ‬ولفترة‭ ‬واحدة،‭ ‬ثم‭ ‬انتخاب‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون،‭ ‬هي‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬وفق‭ ‬الأحلام‭ ‬القديمة‭. ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الجديد‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬مواجهة‭ ‬أحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر،‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق‭ ‬لكي‭ ‬تصير‭ ‬كلها‭ ‬‮«‬حروبا‭ ‬أبدية‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬خاسر‭ ‬وفائز،‭ ‬ولا‭ ‬ظلام‭ ‬الهزيمة‭ ‬ولا‭ ‬بريق‭ ‬النصر‭.‬

‮«‬المحافظون‭ ‬الجدد‮»‬‭ ‬باتوا‭ ‬أول‭ ‬مَن‭ ‬أخذ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأيديولوجيا‭ ‬الليبرالية‭ ‬بداية‭ ‬نزع‭ ‬الشرعية‭ ‬عن‭ ‬قيادات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بمن‭ ‬فيها‭ ‬أصدقاء‭ ‬وحلفاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬انتخاب‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬بدا‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬يشكل‭ ‬‮«‬الخلاص‮»‬‭ ‬الأخلاقي‭ ‬للدولة‭ ‬بانتخاب‭ ‬أمريكي‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬إفريقية‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬رئيساً‭ ‬للدولة،‭ ‬ومخلصاً‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬توسعاتها‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬ظهر‭ ‬أنها‭ ‬تشكل‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬لون‭ ‬الرئيس‭ ‬بات‭ ‬قضية‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬أبعادها‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬قد‭ ‬وُلد‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬وهل‭ ‬جرى‭ ‬تزوير‭ ‬شهاداته‭ ‬الجامعية‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬أصبحت‭ ‬شرعية‭ ‬أوباما‭ ‬موضع‭ ‬المساءلة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬وراءها‭ ‬ليس‭ ‬مؤاخذة‭ ‬إدارية،‭ ‬وإما‭ ‬نظرة‭ ‬عنصرية‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬بعدها‭ ‬عندما‭ ‬فاز‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬الأغلبية‭ ‬الشعبية،‭ ‬وخسرت‭ ‬أغلبية‭ ‬الولايات،‭ ‬بعد‭ ‬معركة‭ ‬انتخابية‭ ‬طاحنة‭ ‬تجاوزت‭ ‬فيها‭ ‬النخبة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كل‭ ‬الأعراف‭ ‬الأخلاقية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بسلوكيات‭ ‬الرئيس‭ ‬السابقة،‭ ‬وكل‭ ‬الأعراف‭ ‬والتقاليد‭ ‬مثل‭ ‬قيام‭ ‬المرشح‭ ‬بنشر‭ ‬أوراقه‭ ‬الضرائبية‭.‬

كان‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬قنبلة‭ ‬مسمومة‭ ‬داخل‭ ‬النظام‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بالتشكيك‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬ووزارات‭ ‬الدفاع‭ ‬والمخابرات‭ ‬والخارجية‭ ‬والاقتصاد‭. ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الرجل‭ ‬غضاضة‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬مشبوهة‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬خصم‭ ‬هي‭ ‬روسيا،‭ ‬وثبت‭ ‬أنها‭ ‬لعبت‭ ‬دوراً‭ ‬في‭ ‬انتخابه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التلاعب‭ ‬بأهواء‭ ‬الناخبين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬الحرجة‭ ‬لنتيجة‭ ‬الانتخابات‭. ‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬البداية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الرجل‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬باعت‭ ‬نفسها‭ ‬لنخبة‭ ‬أمريكية‭ ‬ليبرالية‭ ‬تابعة‭ ‬للحزب‭ ‬الديمقراطي؛‭ ‬وهي‭ ‬نخبة‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬بأي‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الكفاءة،‭ ‬فقد‭ ‬خسرت‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬ولم‭ ‬تفلح‭ ‬المخابرات‭ ‬في‭ ‬التنبؤ‭ ‬بأزمات‭ ‬مهمة‭. ‬كانت‭ ‬طريقته‭ ‬في‭ ‬المناظرات‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬البلطجة‭ ‬اللغوية،‭ ‬والتمتع‭ ‬بكسر‭ ‬كل‭ ‬التقاليد‭ ‬الرئاسية،‭ ‬ومعاداة‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام،‭ ‬والسخرية‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭. ‬ولا‭ ‬أدرى‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬لحسن‭ ‬الحظ‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬تعرض‭ ‬لاختبارات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬سياساته‭ ‬تجسدت‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬‮«‬جائحة‭ ‬كورونا‮»‬‭ ‬ففشل‭ ‬في‭ ‬إدارتها،‭ ‬ومعها‭ ‬خسر‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬للديمقراطي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭.‬

ومن‭ ‬يوم‭ ‬إعلان‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتخابات‭ ‬بهزيمة‭ ‬الساكن‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬فإن‭ ‬ترامب‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬جهداً‭ ‬إلا‭ ‬وفعله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬العودة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وإنما‭ ‬تدمير‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬كله‭ ‬بكسر‭ ‬قواعده‭ ‬الواحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭.‬

البداية‭ ‬كانت‭ ‬بالتشكيك‭ ‬في‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتخابات‭ ‬والحديث‭ ‬بيقين‭ ‬عن‭ ‬تزويرها،‭ ‬وعندما‭ ‬بدأت‭ ‬عمليات‭ ‬فرز‭ ‬الأصوات‭ ‬في‭ ‬الولايات،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬غضاضة‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬فحص‭ ‬الأصوات‭ ‬وإعلان‭ ‬النتيجة،‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬تضع‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي‭ ‬كله‭ ‬موضع‭ ‬المساءلة‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مناسباً‭ ‬وعادلاً‭ ‬وأن‭ ‬معاييره‭ ‬متطابقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الولايات‭. ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تؤدِّ‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬النتيجة،‭ ‬فإنها‭ ‬أبقت‭ ‬رواسب‭ ‬سوداء‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المؤسِّسون‭ ‬الأوائل‭ ‬للدولة‭ ‬الأميركية‭ ‬قد‭ ‬أحكموا‭ ‬الأمور،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬فيه‭ ‬ثقوب‭ ‬كثيرة‭.‬

بعد‭ ‬فشل‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتخابات،‭ ‬فإنه‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬التصديق‭ ‬على‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬ثم‭ ‬التصديق‭ ‬النهائي‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬معروفاً‭ ‬بأحداث‭ ‬6‭ ‬يناير،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬متوقعاً‭ ‬أن‭ ‬يقوده‭ ‬مايك‭ ‬بنس،‭ ‬نائبه،‭ ‬باعتبار‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬المنوط‭ ‬به‭ ‬رئاسة‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬والصوت‭ ‬المرجح‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تعادل‭ ‬الأصوات‭ ‬في‭ ‬المجلس‭. ‬كان‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬أعد‭ ‬للأمر‭ ‬عدته،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬نائبه‭ ‬برفض‭ ‬التصديق،‭ ‬وبعدها‭ ‬يطلب‭ ‬ترامب‭ ‬عرض‭ ‬الموضوع‭ ‬على‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬العليا،‭ ‬وهناك‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬قد‭ ‬دبر‭ ‬اختيار‭ ‬قضاة‭ ‬المحكمة،‭ ‬بحيث‭ ‬يضمن‭ ‬أغلبية‭ ‬من‭ ‬أصواتها‭ ‬تناصره‭ ‬وتناصر‭ ‬مبادئه‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬رفض‭ ‬بنس‭ ‬القيام‭ ‬بهذا‭ ‬الدور‭ ‬جعل‭ ‬ترامب‭ ‬يلقي‭ ‬بأوراقه‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهي‭ ‬حث‭ ‬الجماهير‭ ‬المحافظة‭ ‬التي‭ ‬تدفقت‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭ ‬لكي‭ ‬تهاجم‭ ‬الكونجرس‭.‬

ما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬يحتاج‭ ‬مقالاً‭ ‬مستقلّاً،‭ ‬ولكن‭ ‬الخاتمة‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الأمريكي‭ ‬تعرض‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الاختبارات‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن،‭ ‬وأن‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬منذ‭ ‬ترشحه‭ ‬للرئاسة‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬وخلال‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الهدم‭ ‬لنظام‭ ‬ظن‭ ‬صانعوه‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬قابلاً‭ ‬للكسر‭.‬

 

{‭ ‬كاتب‭ ‬ومفكر‭ ‬مصري

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا