الصراع بين المؤمنين والمنكرين لوجود الله تعالى والملحدين قديم قدم خلق الله تعالى لآدم عليه السلام وزوجه وطلب الخالق من الملائكة السجود لآدم قال تعالى: «وَلَقَد خَلَقنكُم ثُمَّ صَوَّرنَكُم ثُمَّ قُلنَا لِلمَلَائِكَةِ اسجُدُواْ لِآدم فَسَجَدُواْ إِلَّا إِبلِيسَ لَم يَكُن مِّنَ الساجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ قَالَ أَنَا خَير مِّنهُ خَلَقتَنِي مِن نَّار وَخَلَقتَهُ مِن طِين (12) قَالَ فَاهبِط مِنهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخرُج إِنَّكَ مِنَ الصاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرنِي إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغوَيتَنِي لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِرَاطَكَ المُستَقِيمَ (16) ثُمَّ َلآتِيَنَّهُم مِّن بَينِ أَيدِيهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمَانِهِم وَعَن شَمَائِلِهِم وَلَا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرِينَ (17). الأعراف (11-17).
وبذلك بذر الشيطان بذرة الصراع في الأرض، وشاء الله أن يستمر هذا الصراع إلى يوم الدين فتكون للحياة الدنيا نواميسها التي تفرقها عن حياة الذر، وحياة الأمشاج والنطف والأرحام والحياة الآخرة.
وقد انزعج الكثير من الآباء والأمهات والمربين والمصلحين والنفسيين من ارتفاع صوت الملحدين المنكرين لوجود الله والمرجفين من عبدة وأتباع الشياطين، ومن إرجافاتهم كيف نؤمن بالله ولم نره بأعيننا أو نلمسه بأيدينا؟
هؤلاء فئة من بني آدم أوقفوا عقولهم وتفكيرهم عند المرحلة الطفولية للإنسان التي يحتاج فيها الطفل إلى المحسوسات ليتعلم ويهدأ ويذعن لما يطلب له، فالطفل يحتاج إلى العينات والمجسمات والمصورات حتى يدرك ويفهم وكذلك الملحدون يريدون إلها مجسما أمامهم يرونه بأعينهم ويلمسونه بأيديهم كما فعل بنو إسرائيل في عبادتهم للعجل الذي صنعه لهم السامري، وكما فعل المشركون الذين صنعوا الأصنام عبدوها، وكما يفعل المشركون حول القبور والأضرحة، ولذلك جاء الإسلام بالتوحيد الخالص لله تعالى، وعلم المصطفى صلى الله عليه وسلم الصحابة وتابعيهم ذلك، فعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بكفر -وكانوا أسلموا يوم الفتح، قال: فمررنا بشجرة، فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، وكان للكفار سدرة (شجرة) يعكفون حولها ويعلقون بها أسلحتهم يدعونها ذات أنواط.
قال فلما قلنا للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: الله أكبر، وقلتم -والذي نفسي بيده - كما قال بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم» رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
إنها طفولية الفكرية المادية، لذلك نجد بعض المسلمين يخافون من صاحب الضريح أكثر مما يخافون من رب العالمين.
من هنا يقول الملحد وكيف أؤمن بالله ولم أره أو ألمسه بيدي.
نحن نركب السيارات الفارهة والطائرات ولم نرى صانعها أو المصنع الذي أنتجها ونثق في صناعتهم وإلا ما ركبنا كتلة من المعادن ترتفع في الهواء وعلى متنها مئات الركاب، هل هذه الطائرة وجدت من دون موجد يظهر علمه وإتقانه وقدرته وإبداعه في السيارات والطائرة.
نحن لم نر الخالق سبحانه وتعالى ولكننا نرى علمه وإتقانه وقدرته وإبداعه في الزهرة بمحيطاتها المتقنة، ونرى قدرته في الورقة النباتية، والنبتة الصغيرة والشجرة العملاقة الكبيرة، لو ارتقى هذا الملحد بعقله من مرحلة الطفولة العقلية إلى مرحلة التفكير العقلي المجرد المستخدم للقدرات العقلية العليا من التحليل، والتركيب ربط العلاقات بين الموجودات ما أنكر وجود الخالق سبحانه وتعالى لأنه لا يراه أو يلمسه، نحن لا نرى الله تعالى الخالق ولكننا نرى أثره في خلقه المتقن والمبدع والمعجز.
ومن التفكير الطفولي عند بعض الملحدين قول أحدهم أنه ألحد لأنه طلب من الله تعالى مطالب، ودعاه ولم يستجب له، هذا تماما كالطفل الذي طلب شيئا من والده ولم يعطه إياه لحكمة يراها الوالد بعلمه وعقله وحبه لابنه فتح الابن الباب وقال لأبيه أنت لست والدي، ولو كنت والدي لأحضرت لي الدراجة النارية التي أتشوق لركوبها، أنا متأكد أنني لست ابنك، أظنك وجدتني طفلا ملقى في الشارع أو أمام باب المسجد، وانطلق الولد العاق إلى تجمعات أطفال الشوارع، هذا تماما سلوك الذي ألحد لأنه طلب من الله ولم يستجب له في الحال والله تعالى يقول: «وَلَولَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّة واحِدَة لجَعَلنَا لِمَن يَكفُرُ بِالرَّحمَانِ لِبُيُوتِهِم سُقُفا مِّن فِضَّة وَمَعَارِجَ عَلَيهَا يَظهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِم أَبواَبا وَسُرُرًا عَلَيهَا يَتَّكِـئونَ (34) وَزُخرُفا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنيَا والآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلمُتَّقِينَ (35)» الزخرف (33-35).
وماذا يحدث لو كل ما تمناه الإنسان في هذه الحياة وجده دون تعب وعمل ومشقة؟! وماذا يحدث لو كانت مكافأة الكافرين تلك البيوت والزخارف؟! هل ستجد مؤمنا واحدا غير مفتون بهذه النعم التي يرفل فيها الكافر.
لقد جسد موكب قارون التفكير الطفولي الجاهل والفكر الراشد العلمي قال تعالى: «فَخَرَجَ عَلَى قَومِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَيَاةَ الدُّنيَا يا لَيتَ لَنَا مِثلَ مَا أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيم (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوَابُ اللَّهِ خَير لِمَن ءَامَنَ وَعَمِلَ صالِحا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصابِرُونَ (80) فَخَسَفنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَة يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81) وَأَصبَحَ الذِينَ تَمَنَّواْ مَكَانَهُ بِالأمسِ يَقُولُونَ وَيكَأَنَّ اللَّهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَيَقدِر لَولَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَينَا لَخَسَفَ بِنَا وَيكَأَنَّهُ لَا يُفلِحُ الكافِرُونَ (82) تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوا فِي الأرضِ وَلَا فَسَادا وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ (83)» القصص (79-83).
إنه النظام الإلهي الرباني قد أتقنه العليم الخبير للحفاظ على النظام الإلهي في الخلق «وَلَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أَهوَاءَهُم لَفَسَدَتِ السَّمَاواتُ والأرضُ وَمَن فِيهِنَّ بَل آتَينَاهُم بِذِكرِهِم فَهُم عَن ذِكرِهِم مُّعرِضُونَ» المؤمنون (71).
هذه سنن الله تعالى في خلقه الذي يريد الملحدون أن يغيروها بأهوائهم وبعقولهم الفاسدة وتفكيرهم الطفولي.
الشواهد كثيرة في الخلق الدالة دلالة قاطعة على وجود الله تعالى وقدرته وعلمه وحكمته وتقديره وإتقانه في الخلق، لمن أراد أن يهتدي على علم وتفكير، أما من اتبع هواه وأضله عن سبيل الله فلا مكان له مع الذين أنعم الله عليهم من عباده المؤمنين. والحمد لله رب العالمين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك