العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الصراع على هوية الدولة في إسرائيل

بقلم: رامي رشيد{

الجمعة ١٨ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

أعلن‭ ‬رئيس‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬24‭ ‬يوليو‭ ‬2023م‭ ‬أن‭ ‬البرلمان‭ (‬الكنيست‭) ‬أقر‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬اقترحته‭ ‬حكومة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬نتنياهو‭ ‬لتقييد‭ ‬بعض‭ ‬صلاحيات‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬واستهدف‭ ‬قانون‭ ‬حجة‭ ‬المعقولية‭ ‬بالذات،‭ ‬وصوت‭ ‬كل‭ ‬أعضاء‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحاكم‭ ‬لصالح‭ ‬القرار‭ ‬64‭ ‬صوتا‭ ‬وغادر‭ ‬نواب‭ ‬المعارضة‭ (‬56‭ ‬صوتا‭) ‬الجلسة‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬القرار‭.‬

عقيدة‭ ‬المعقولية‭ ‬تستخدم‭ ‬بشكل‭ ‬شائع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المحاكم‭ ‬لتحديد‭ ‬دستورية‭ ‬أو‭ ‬قانونية‭ ‬تشريع‭ ‬معين،‭ ‬ويسمح‭ ‬للقضاة‭ ‬بالتأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يتخذها‭ ‬المسؤولون‭ ‬الحكوميون‭ ‬معقولة‭. ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬الآن‭ ‬يلغي‭ ‬هذا‭ ‬البند‭ ‬إمكانية‭ ‬نظر‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬معقولية‭ ‬قرارات‭ ‬الحكومة،‭ ‬وبموجب‭ ‬القانون‭ ‬الجديد‭ ‬ستصبح‭ ‬الحكومة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تعيين‭ ‬وفصل‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭  ‬دون‭ ‬تدخل‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭!‬

المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬كانت‭ ‬تمارس‭ ‬رقابة‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬الأذرع‭ ‬المختلفة‭ ‬للسلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬الممثلة‭ ‬بالحكومة‭ ‬ووزاراتها‭ ‬والهيئات‭ ‬الرسمية‭ ‬التابعة‭ ‬لها،‭ ‬والتعديل‭ ‬الجديد‭ ‬يعطي‭ ‬الحكومة‭ ‬صلاحية‭ ‬أوسع‭ ‬في‭ ‬تعيين‭ ‬القضاة‭ ‬أنفسهم‭ ‬ويؤثر‭ ‬على‭ ‬تعيين‭ ‬الوزراء‭.‬

في‭ ‬يناير‭ ‬2023م‭ ‬صدر‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬بإقالة‭ ‬المسؤول‭ ‬الثاني‭ ‬بالحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬آرييه‭ ‬درعي‭ ‬المدان‭ ‬بالتهرب‭ ‬الضريبي‭ ‬وصاحب‭ ‬السبعة‭ ‬تهم‭ ‬جنائية‭ ‬بعد‭ ‬حكم‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬وآرييه‭ ‬درعي‭ ‬كان‭ ‬وزيرا‭ ‬للصحة‭ ‬والداخلية‭ ‬وحليفا‭ ‬مخلصا‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬نتنياهو‭!‬

نتنياهو‭ ‬ومعسكره‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬التعديلات‭ ‬القضائية‭ ‬تحمي‭ ‬السيادة‭ ‬الشعبية‭ ‬وتمنع‭ ‬التدخل‭ ‬القضائي‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يرى‭ ‬خصومه‭ ‬ومعهم‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬التعديلات‭ ‬تضعف‭ ‬دور‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنين‭ ‬والأقليات،‭ ‬وشاهدنا‭ ‬معارضة‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬المدنية‭ ‬والأكاديميين‭ ‬والفنانين‭ ‬والمحامين‭ ‬والقضاة‭ ‬والجنود‭ ‬وجنود‭ ‬الاحتياط‭ ‬والخبراء‭ ‬النوويين‭ ‬وأعضاء‭ ‬بارزون‭ ‬في‭ ‬جهاز‭ ‬الموساد‭ ‬ومنتسبي‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬وعبرت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬عن‭ ‬قلقها‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬التعديلات‭ ‬على‭ ‬سمعة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬مع‭ ‬العالم‭!‬

بتهديد‭ ‬نتنياهو‭ ‬بعدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بقرار‭ ‬المحكمة‭ ‬إذا‭ ‬ألغت‭ ‬قانون‭ ‬المعقولية‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬تدشين‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الديكتاتورية‭ ‬وتفشي‭ ‬العنصرية‭ ‬والتغول‭ ‬الاستيطاني،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يقود‭ ‬ومعسكره‭ ‬انقلابا‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬الحكم‭ ‬وطبيعة‭ ‬الدولة‭!‬

وربما‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬لهو‭ ‬مجسد‭ ‬صادق‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ستواجهه‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬الفاشية‭ ‬العنصرية‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬غالبية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بمن‭ ‬فيها‭ ‬الداعمون،‭ ‬لقد‭ ‬قال‭ ‬بثقة‭ ‬وبلا‭ ‬تردد‭ ‬‮«‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تضم‭ ‬بعض‭ ‬الأعضاء‭ ‬الأكثر‭ ‬تطرفا‭ ‬الذين‭ ‬صادفتهم‮»‬‭!‬

ستستهدف‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬المتطرفة‭ ‬فلسطينيي‭ ‬الداخل‭ ‬1948م،‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأبطال‭ ‬الذين‭ ‬أتتهم‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬بالمجازر‭ ‬والتهجير‭ ‬وصمدوا‭ ‬وأبدعوا‭ ‬نضالا‭ ‬ويطالبون‭ ‬يوميا‭ ‬بالحقوق‭ ‬المتساوية‭ ‬وحافظوا‭ ‬على‭ ‬هويتهم‭ ‬ويشكلون‭ ‬22%‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬السكان،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عددهم‭ ‬مليونين‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬9‭ ‬ملايين‭ ‬كل‭ ‬سكان‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ستعمل‭ ‬التشريعات‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬التمييز‭ ‬والعنصرية‭ ‬بحق‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة‭! ‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬التعديلات‭ ‬الدستورية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬أقرت‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭ ‬ستؤثر‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أيما‭ ‬تأثير،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬سوف‭ ‬تزيل‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭ ‬كل‭ ‬رقابة‭ ‬أو‭ ‬مساءلة‭ ‬قانونية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالممارسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بحيث‭ ‬تستطيع‭ ‬الحكومة‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬متعلقة‭ ‬بالضفة‭ ‬الغربية‭ ‬تتضمن‭ ‬انتهاكات‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬إمكانية‭ ‬للجهاز‭ ‬القضائي‭ ‬أو‭ ‬المستشارين‭ ‬القضائيين‭ ‬لمنع‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭.‬

ستتمكن‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬مصادرة‭ ‬الأراضي‭ ‬الخاصة‭ ‬بالفلسطينيين‭ ‬بهدف‭ ‬الاستيطان‭ ‬أو‭ ‬شرعنة‭ ‬بناء‭ ‬استيطاني‭ ‬على‭ ‬أراضٍ‭ ‬خاصة‭ ‬عبر‭ ‬قانون‭ ‬التسوية‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تقنين‭ ‬استيلاء‭ ‬المستوطنين‭ ‬على‭ ‬أراض‭ ‬فلسطينية‭ ‬خاصة‭ ‬وبناء‭ ‬وحدات‭ ‬استيطانية‭ ‬عليها‭ ‬،‭ ‬وكانت‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬قد‭ ‬ألغت‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬لها‭ ‬عام‭ ‬2020م‭ ‬واعتبرته‭ ‬غير‭ ‬دستوري‭.‬

وسنشهد‭ ‬عربدة‭ ‬من‭ ‬المستوطنين‭ ‬لا‭ ‬سابق‭ ‬لها‭ ‬محروسة‭ ‬بالقانون‭ ‬وبالجيش‭ ‬وسيكون‭ ‬المستوطنون‭ ‬والجيش‭ ‬الذي‭ ‬يحميهم‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مساءلة‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬ستشرعن‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة‭ ‬لصالح‭ ‬الجنود‭ ‬النظاميين‭ ‬وغلاة‭ ‬المستوطنين‭ ‬حال‭ ‬انتهاكهم‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

علينا‭ ‬كفلسطينيين‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تعرية‭ ‬وفضح‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬وستساعدنا‭ ‬حماقات‭ ‬وزراء‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬وطيشهم‭ ‬أمثال‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭ ‬على‭ ‬كشفهم‭ ‬أمام‭ ‬العالم،‭ ‬وعلى‭ ‬إخواننا‭ ‬العرب‭ ‬مساعدتنا‭ ‬في‭ ‬مساعينا،‭ ‬فالقادم‭ ‬سيكون‭ ‬صعبا‭ ‬وفلسطين‭ ‬وأهلها‭ ‬الصامدون‭ ‬يستحقون‭ ‬كل‭ ‬دعم‭ !‬

 

{ كاتب‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا