العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

نبض: «أريحا» باكورة زهراء غريب في القصة القصيرة

بقلم: علي الستراوي

السبت ١٩ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

‭(‬تراقص‭ ‬فراشاتها‭ ..‬

وتحنو‭ ‬على‭ ‬أغصانها‭ ..‬

وفي‭ ‬منتهى‭ ‬قمة‭ ‬العلو‭ ..‬

تعصر‭ ‬الشهد‭ ‬من‭ ‬سماوات‭ ‬الحلم‭)‬

من‭ ‬أجمل‭ ‬الفنون‭ ‬السردية‭ ‬يأتي‭ ‬فن‭ ‬السرد‭ ‬القصصي،‭ ‬الذي‭ ‬عرف‭ ‬ضمن‭ ‬الحكاية‭ ‬الأولى‭ ‬لأهل‭ ‬السرد،‭ ‬وهو‭ ‬الفن‭ ‬الذي‭ ‬يحكي‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة‭ ‬قد‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬كقصة‭ ‬مستمرة‭ ‬عبر‭  ‬اكتظاظ‭ ‬الأحداث‭ ‬بوقت‭ ‬يصنعه‭ ‬الحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السارد‭.‬

أو‭ ‬يأتي‭ ‬كقصة‭ ‬قصيرة‭ ‬عرفت‭ ‬بفن‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬جداً‭ ‬وهي‭ ‬صناعة‭ ‬حدث‭ ‬عبر‭ ‬ومضة‭ ‬تعطي‭ ‬للقارئ‭ ‬عينا‭ ‬فاحصة‭ ‬وذاكرة‭ ‬منشغلة‭ ‬عبر‭ ‬الحدث‭ ‬تحفز‭ ‬الخيال‭ ‬لدى‭ ‬القارئ‭.‬

وما‭ ‬مصطلح‭ ‬مفهوم‭ ‬هذا‭ ‬الفن،‭ ‬الذي‭ ‬سجل‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬1960‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬السابقة‭ ‬بفن‭ ‬السرد،‭ ‬الا‭ ‬تثبيت‭ ‬أن‭ ‬عالم‭ ‬السرد‭ ‬وجد‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬الإنسان‭ ‬وتطور‭ ‬الحضارات‭.‬

وأن‭ ‬بدأ‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬تجربته‭ ‬الأولى‭ ‬قبل‭ ‬تحديد‭ ‬هويته‭ ‬عبر‭ ‬الحضارات‭ ‬مثل‭ ‬الحضارة‭ ‬الآشورية‭ ‬والبابلية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإلقاء‭ ‬الشفهي‭ ‬السردي‭ ‬أو‭ ‬الرسوم‭ ‬التي‭ ‬حملها‭ ‬فن‭ ‬النحت،‭ ‬عبر‭ ‬رسائل‭ ‬الجدات‭ ‬والأمهات‭ ‬وما‭ ‬نقله‭ ‬إلينا‭ ‬التاريخ‭ ‬الأدبي‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬الذي‭ ‬ارتبط‭ ‬اشد‭ ‬ارتباطاً‭ ‬بالسارد‭ ‬عبر‭ ‬لغته‭ ‬وشدة‭ ‬التخيل‭ ‬لديه،‭ ‬التي‭ ‬ترتبط‭ ‬ارتباطا‭ ‬قويا‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الشخوص‭ ‬المنطوية‭ ‬بين‭ ‬عجلتين‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ (‬الأنا‭) ‬وقد‭ ‬تكون‭ (‬هم‭)‬،‭ ‬المحرك‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السارد‭ ‬والمنشغل‭ ‬بطيف‭ ‬لا‭ ‬ينفك‭ ‬عن‭ ‬خياطة‭ ‬الجرح‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬إيقاظ‭ ‬شمعة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭.‬

وفي‭ ‬المجموعة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬عبرها‭ ‬الشابة‭ ‬زهراء‭ ‬غريب‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬انشغلت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬ارهاصات‭ ‬بنت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬لغتها‭ ‬السردية‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬بين‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة‭ ‬وقصة‭ ‬قصيرة‭ ‬جداً‭ ‬جمعتهما‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬رأت‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬أول‭ ‬تجربة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬محاكاة‭ ‬السرد‭ ‬استطاعت‭ ‬خلالها‭ ‬غريب‭ ‬ان‭ ‬تتمسك‭ ‬بخيط‭ ‬مفاصل‭ ‬بناء‭ ‬القصة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مفهومها‭ ‬ومعالجة‭ ‬توجهها،‭ ‬ضمن‭ ‬لغتها‭ ‬السردية‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬محاكاتها‭ ‬للشخوص‭ ‬التي‭ ‬انطوت‭ ‬في‭ ‬حدث‭ ‬بنته‭ ‬القاصة‭ ‬عبر‭ ‬معاناتها‭ ‬أو‭ ‬مشاهدتها‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬سجلتها‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعتها‭ ‬الأولى‭ ‬كقصة‭ ‬‮«‬اريحا‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬البناء‭ ‬قويا‭ ‬وعفويا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تكلف‭ ‬أو‭ ‬صنعة،‭ ‬بل‭ ‬استطاعت‭ ‬ان‭ ‬تبني‭ ‬لغتها‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬تجربة‭ ‬بصدق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تدخل‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬تيه‭ ‬البناء‭ ‬السردي‭.‬

فالشابة‭ ‬زهراء‭ ‬غريب‭ ‬تمتلك‭ ‬ناصية‭ ‬البناء‭ ‬السردي،‭ ‬ومعالجة‭ ‬هذا‭ ‬البناء‭ ‬بلغة‭ ‬شفيفة‭ ‬ذات‭ ‬قوائم‭ ‬ثابتة،‭ ‬دخلت‭ ‬بها‭ ‬عوالم‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬الذي‭ ‬عد‭ ‬هويتها‭ ‬السردية‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجد‭ ‬والاجتهاد،‭ ‬وهذا‭ ‬بين‭ ‬في‭ ‬اولى‭ ‬تجاربها‭.‬

فالزمن‭ ‬هو‭ ‬الرهان‭ ‬لدى‭ ‬الكاتبة‭ ‬وهو‭ ‬مربط‭ ‬الفرس‭ ‬في‭ ‬معترك‭ ‬عالمها‭ ‬السردي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬انه‭ ‬سيتطور‭ ‬وسينمو‭ ‬بشكل‭ ‬هي‭ ‬مدركة‭ ‬موقع‭ ‬احداث‭ ‬بنائه‭. ‬

زهراء‭ ‬غريب‭ ‬لها‭ ‬قدرة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬احداث‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬أو‭ ‬القصيرة‭ ‬جدا،‭ ‬وبهذا‭ ‬أرى‭ ‬ان‭ ‬تجربتها‭ ‬وان‭ ‬كانت‭ ‬تجربة‭ ‬أولى‭ ‬فهي‭ ‬ناضجة‭ ‬لها‭ ‬مستقبل‭ ‬واعد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السرد،‭ ‬والأيام‭ ‬كفيلة‭ ‬بإعطائنا‭ ‬الشيء‭ ‬المفقود‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬زهراء‭ ‬غريب،‭ ‬فهي‭ ‬الصوت‭ ‬الواعد‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬كسر‭ ‬قيد‭ ‬اسره‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬قراءتي‭ ‬للمجموعة‭ ‬أؤكد‭ ‬ان‭ ‬القاصة‭ ‬زهراء‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تتمسك‭ ‬بفنيات‭ ‬القصة،‭ ‬وأن‭ ‬تنضم‭ ‬إلى‭ ‬أصوات‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والوطن‭ ‬العربي‭.‬

وبين‭ ‬القصة‭ ‬الطويلة‭ ‬والقصة‭ ‬القصيرة‭ ‬جداً‭ ‬اختارت‭ ‬زهراء‭ ‬عبر‭ ‬مجموعتها‭ ‬اريحا‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬ابجد‭ ‬للطباعة‭ ‬والنشر‭ ‬حديثاً‭ ‬اغسطس‭ ‬2023،‭ ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬ان‭ ‬لهذا‭ ‬الصوت‭ ‬القادم‭ ‬الى‭ ‬الساحة‭ ‬السردية‭ ‬رسائله‭ ‬المهمة‭ ‬والمتوزعة‭ ‬ضمن‭ ‬رسائل‭ ‬الساردين،‭ ‬فالإيحاء‭ ‬يأتي‭ ‬أولاً‭ ‬بالتعب‭ ‬المضني،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تكون‭ ‬الولادة،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬انها‭ ‬ولادة‭ ‬مباركة‭ ‬ينتظرها‭ ‬القراء‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭ ‬ليتعرفوا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المولود‭ ‬القادم‭ ‬وما‭ ‬يحمله‭ ‬في‭ ‬الجراب‭ ‬من‭ ‬رسائل‭ ‬مهمة‭.‬

a‭.‬astrawi@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا