(تراقص فراشاتها ..
وتحنو على أغصانها ..
وفي منتهى قمة العلو ..
تعصر الشهد من سماوات الحلم)
من أجمل الفنون السردية يأتي فن السرد القصصي، الذي عرف ضمن الحكاية الأولى لأهل السرد، وهو الفن الذي يحكي قصة قصيرة قد تأتي في لحظة كقصة مستمرة عبر اكتظاظ الأحداث بوقت يصنعه الحدث من قبل السارد.
أو يأتي كقصة قصيرة عرفت بفن القصة القصيرة جداً وهي صناعة حدث عبر ومضة تعطي للقارئ عينا فاحصة وذاكرة منشغلة عبر الحدث تحفز الخيال لدى القارئ.
وما مصطلح مفهوم هذا الفن، الذي سجل في منتصف 1960 في العقود السابقة بفن السرد، الا تثبيت أن عالم السرد وجد مع وجود الإنسان وتطور الحضارات.
وأن بدأ هذا الفن في تجربته الأولى قبل تحديد هويته عبر الحضارات مثل الحضارة الآشورية والبابلية، من خلال الإلقاء الشفهي السردي أو الرسوم التي حملها فن النحت، عبر رسائل الجدات والأمهات وما نقله إلينا التاريخ الأدبي عن هذا الفن الذي ارتبط اشد ارتباطاً بالسارد عبر لغته وشدة التخيل لديه، التي ترتبط ارتباطا قويا بينها وبين الشخوص المنطوية بين عجلتين قد تكون (الأنا) وقد تكون (هم)، المحرك الأول من قبل السارد والمنشغل بطيف لا ينفك عن خياطة الجرح أو عن إيقاظ شمعة هنا وهناك.
وفي المجموعة الأولى التي جمعت عبرها الشابة زهراء غريب بعض ما انشغلت به من ارهاصات بنت من خلالها لغتها السردية التي جاءت بين قصة قصيرة وقصة قصيرة جداً جمعتهما في كتاب رأت ان يكون أول تجربة لها في محاكاة السرد استطاعت خلالها غريب ان تتمسك بخيط مفاصل بناء القصة من حيث مفهومها ومعالجة توجهها، ضمن لغتها السردية الدقيقة في محاكاتها للشخوص التي انطوت في حدث بنته القاصة عبر معاناتها أو مشاهدتها للكثير من الأحداث التي سجلتها ضمن مجموعتها الأولى كقصة «اريحا»، حيث جاء البناء قويا وعفويا من دون تكلف أو صنعة، بل استطاعت ان تبني لغتها في أول تجربة بصدق من دون ان تدخل القارئ في تيه البناء السردي.
فالشابة زهراء غريب تمتلك ناصية البناء السردي، ومعالجة هذا البناء بلغة شفيفة ذات قوائم ثابتة، دخلت بها عوالم هذا الفن الذي عد هويتها السردية الأولى من خلال الجد والاجتهاد، وهذا بين في اولى تجاربها.
فالزمن هو الرهان لدى الكاتبة وهو مربط الفرس في معترك عالمها السردي الذي لا شك انه سيتطور وسينمو بشكل هي مدركة موقع احداث بنائه.
زهراء غريب لها قدرة خاصة في معالجة احداث القصة القصيرة أو القصيرة جدا، وبهذا أرى ان تجربتها وان كانت تجربة أولى فهي ناضجة لها مستقبل واعد في عالم السرد، والأيام كفيلة بإعطائنا الشيء المفقود من لدن زهراء غريب، فهي الصوت الواعد القادر على كسر قيد اسره.
ومن خلال قراءتي للمجموعة أؤكد ان القاصة زهراء استطاعت أن تتمسك بفنيات القصة، وأن تنضم إلى أصوات القصة القصيرة في البحرين والوطن العربي.
وبين القصة الطويلة والقصة القصيرة جداً اختارت زهراء عبر مجموعتها اريحا التي صدرت عن دار ابجد للطباعة والنشر حديثاً اغسطس 2023، ومن المؤكد ان لهذا الصوت القادم الى الساحة السردية رسائله المهمة والمتوزعة ضمن رسائل الساردين، فالإيحاء يأتي أولاً بالتعب المضني، ومن ثم تكون الولادة، ولا شك انها ولادة مباركة ينتظرها القراء بفارغ الصبر ليتعرفوا على هذا المولود القادم وما يحمله في الجراب من رسائل مهمة.
a.astrawi@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك