بعد القراءة المتأنية في المجموعة القصصية (نساء قريتي لا يدخلن الجنة)، للقاص حسن السنونة، تتجلى إبداعية الكاتب في توظيف البنية السردية التي تدخل المتلقي في متاهات تأويلية لتشكلات البنى التكوينية المتشظية من احتمالات تأويلية للرمز.
وسوف نقف عند نصين «قهقهة من السماء» و«نساء قريتي لا يدخلن الجنة» وهما أنموذجان سنسبر أغوارهما لملاحقة التصادمات الدلالية بخفية.
أولاً: (قهقهة من السماء)
تتشكل الوظيفة اللسانية في (قهقهة من السماء) من الثيمات الصوتية المتصاعدة، من الحيز الثيمي الهادئ. وللتشكل التصادمي بين الدلالتين الصوتيتين، تتكون البؤرة الدلالية، ذات البنية الخفية للنمط السردي، المتعالقة بمرصوفات لسانية قولية وصفية، وداخل هذه الأطر تنساق الثيمات المتحركة.
(في وسط المقهى يجلس رجل في الستين من العمر، صمت ثقيل، يضرب بجذوره رواد المقهى، حلقت ضحكاته الخضراء عاليا في الفضاء).
تأخذ البنية السردية خطاَ متماسكاَ، في دفق احتمالي، متصاعد، فالضحكة التي انتقلت من الرجل المسن، انطلقت من النسيج المكاني الهادئ، لتكون صوتيات جديدة ممتدة من ضحكة المسن، لتشمل أفراد القرية، وتطال المهن، وتخرق العناصر الفيزيائية، وتصل أخيرا إلى «رئيس القرية».
إن الوظيفة الدلالية للإنتاج السردي، في هذه القصة، يتحتم علينا البحث، عن خيوط دلالية متماهية، ذلك أن التأويل الوظيفي، للنسيج اللغوي، لا ينساق مع الثيمات الصوتية، ذات الدلالة الأولية، والمؤولة بالبهجة، التي اعترت الشيخ، حتى تسربت، وملأت الحيز المكاني المحتمل، بل إن هذه القهقهات، ذات، دلالات سالبة، وتعني الهستيرية، التي تصل إلى الجنون، من جراء المعاناة التي يعيشها الشيخ المسن.
هذه المعادلة استطاعت اكتشاف البنية الخفية، بعد تجلي البؤرة الدلالية، في الخط السردي الوظيفي، لعناصر الدوال اللفظية، الوصفية، التي تجلت، في معاناة الرجل المسن، (القهر، وشدة الألم، الذي يعانيه من واقعه).
ثانياَ: نساء قريتي لا يدخلن الجنة بدأ الخيط السردي في أحداث نساء قريتي من مدلولات لغوية تحمل لواصق تركيبية نحوية. (قريتنا غنية بالموارد الزراعية، لا ينافسها في الغنى إلا البحر).
تحمل هذه القيم الوصفية، لوازم ذات دلالات حملية موجبة. يدخل متلقي النص في قطع لغوية، تمضي بخيوط الأحداث، إلى متاهات البحث عن مساحات تدفع بشخوص النص (النساء) إلى حياكة مساحات لفظية، للإطاحة بالعنصر الرجولي، والبحث عن عنصر استبدالي، عبر توليف المدلولات الوصفية، (كقطعة من الخشب نخرها السوس، وامتلأت شقوقها بالعقارب).
التراكيب الوصفية انطلقت من التكوين النسائي، المصطدم مع العنصر الرجولي، متحفزة للبحث عن بديل. بعد الانسجام الحدثي المتراكم، الذي خططت له نساء القرية، تدخل الخيوط الحدثية في معادلات سالبة.
فالقرية التي كانت تنعم بالخيرات، استولى عليها دواخل إنسانية، من قرى أخرى، تحمل محفزات نسائية، وتدمر الثروات الطبيعية، والمهنية.
بعد تأمل تكوينات الأحداث، يدخل متلقي النص في متاهات تأويل البنية الخفية، فمساقات تأويل الأحداث تفترض البحث عن احتمالات رمزية.
فالعنصر الرجولي المدمر قد يؤول بالدخيل، الذي ينهب خيرات شعب في غطاء إنساني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك