العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أيقونة الفن الإيرلندية والسياسة الأمريكية

بقلم: د. جميس زغبي {

الثلاثاء ٢٢ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

‭ ‬سينيد‭ ‬أوكونور‭ ‬مغنية‭ ‬وكاتبة‭ ‬أغاني‭ ‬إيرلندية‭ ‬عالمية‭ ‬شهيرة‭ ‬توفيت‭ ‬مؤخرا‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬ناهز‭ ‬56‭ ‬عاما‭. ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬وفاة‭ ‬ودفن‭ ‬سينيد‭ ‬أوكونور‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬سيل‭ ‬من‭ ‬المديح‭ ‬للمغنية‭ ‬الإيرلندية‭. ‬أشارت‭ ‬التقارير‭ ‬الإخبارية‭ ‬ومقالات‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإيرلندا‭ ‬إلى‭ ‬صوتها‭ ‬الشجاع‭ ‬والملهم‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬درس‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتعلمه‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬سينيد‭ ‬وردود‭ ‬الفعل‭ ‬على‭ ‬وفاتها،‭ ‬فمن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬دعوة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والأمم‭ ‬إلى‭ ‬التمعن‭ ‬في‭ ‬خطايا‭ ‬الماضي‭ ‬والفوائد‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬على‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬عند‭ ‬حدوث‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الحساب‭.‬

لقد‭ ‬دافعت‭ ‬سينيد‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتيت‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬عن‭ ‬عديد‭ ‬القضايا،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬بينها‭ ‬جميعا‭ ‬قاسم‭ ‬مشترك‭ ‬واحد،‭ ‬إنه‭ ‬الإحساس‭ ‬بالظلم،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬نتذكرها‭ ‬لظهورها‭ ‬على‭ ‬التلفزيون‭ ‬الوطني‭ ‬وتمزيقها‭ ‬صورة‭ ‬البابا‭ ‬يوحنا‭ ‬بولس‭ ‬الثاني‭ ‬أثناء‭ ‬دعوة‭ ‬الجمهور‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬محاربة‭ ‬العدو‭ ‬الحقيقي‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬رأى‭ ‬البعض‭ ‬فيما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬سينيد‭ ‬يومها‭ ‬عملا‭ ‬لا‭ ‬يغتفر‭. ‬ظل‭ ‬ذلك‭ ‬الحادث‭ ‬يطاردها‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬خروجها‭ ‬عن‭ ‬مسارها‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬وقوض‭ ‬مسيرتها،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬معجبيها‭ ‬في‭ ‬إيرلندا‭.‬

إيرلندا‭ ‬دولة‭ ‬كاثوليكية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬تفهمت‭ ‬غضب‭ ‬سينيد‭. ‬كانت‭ ‬زوجتي‭ ‬إيلين‭ ‬شديدة‭ ‬التعلق‭ ‬بتراثها‭ ‬الإيرلندي‭ ‬وإيمانها‭ ‬الكاثوليكي‭. ‬كنا‭ ‬نزور‭ ‬بانتظام‭ ‬جزيرة‭ ‬إميرالد‭ ‬وقد‭ ‬كنا‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬الماضي‭. ‬

في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬امتلأت‭ ‬الصحف‭ ‬بقصص‭ ‬عن‭ ‬‮«‬دور‭ ‬التهذيب‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يودع‭ ‬فيها‭ ‬الأطفال‭ ‬وعن‭ ‬البيوت‭ ‬التي‭ ‬يرسل‭ ‬إليها‭ ‬‮«‬الأطفال‭ ‬الجانحون‮»‬‭ ‬وعن‭ ‬النساء‭ ‬الحوامل‭ ‬غير‭ ‬المتزوجات‭ ‬اللائي‭ ‬يتعرضن‭ ‬للإيذاء‭ ‬والعبودية‭ ‬القسرية،‭ ‬وعن‭ ‬الأمهات‭ ‬الحوامل‭ ‬اللائي‭ ‬يجبرن‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬أطفالهن‭ ‬ينتزعن‭ ‬منهن‭ ‬بمجرد‭ ‬ولادتهم‭. ‬

ونشرت‭ ‬الصحافة‭ ‬الإيرلندية‭ ‬صفحات‭ ‬صور‭ ‬ومقابلات‭ ‬مع‭ ‬نساء،‭ ‬وهي‭ ‬صور‭ ‬توضح‭ ‬بالتفصيل‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬تعرضن‭ ‬لها‭ ‬وآلام‭ ‬خسارتهن،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬قصص‭ ‬عن‭ ‬أمهات‭ ‬وافتهم‭ ‬المنية‭ ‬أثناء‭ ‬الولادة‭ ‬وأطفال‭ ‬ماتوا‭ (‬6000‭ ‬في‭ ‬المجموع‭) ‬ودفنوا‭ ‬في‭ ‬مقابر‭ ‬جماعية‭. ‬وقد‭ ‬تفاقمت‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الجنسية‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭.‬

عندما‭ ‬كانت‭ ‬سينيد‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬اتهمت‭ ‬بالسرقة‭ ‬وحُكم‭ ‬عليها‭ ‬بالسجن‭ ‬مدة‭ ‬عام‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬‮«‬دار‭ ‬للتهذيب‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬عرفت‭ ‬من‭ ‬كثب‭ ‬الظروف‭ ‬المهينة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السجن‭.‬

لم‭ ‬تهدأ‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والقادة‭ ‬السياسيون‭ ‬الإيرلنديون‭ ‬حيث‭ ‬إنهم‭ ‬نشروا‭ ‬القصص‭ ‬والافتتاحيات‭ ‬والبيانات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسؤولين‭ ‬المنتخبين،‭ ‬كما‭ ‬انضم‭ ‬إليهم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكاثوليك‭ ‬الذين‭ ‬شاركوا‭ ‬سينيد‭ ‬غضبها‭. ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬تحميل‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬في‭ ‬إيرلندا‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬ماضيها‭ ‬وقد‭ ‬ظل‭ ‬يؤثر‭ ‬ذلك‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬وفاتها‭. ‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬تكريم‭ ‬إرث‭ ‬سينيد‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بالمساءلة‭ ‬عن‭ ‬مظالم‭ ‬الماضي،‭ ‬لا‭ ‬يسع‭ ‬المرء‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يقارنه‭ ‬بالقصص‭ ‬الإخبارية‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬السياسيين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والأساقفة‭ ‬الكاثوليك‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لا‭ ‬يرفضون‭ ‬الاعتراف‭ ‬بماضي‭ ‬الدولة‭ ‬والكنيسة‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنهم‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬محو‭ ‬آثاره‭ ‬تماما‭ ‬وطمسها‭. ‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يطالب‭ ‬حكام‭ ‬الولايات‭ ‬الجمهوريون‭ ‬والمسؤولون‭ ‬المنتخبون‭ ‬الآخرون‭ ‬في‭ ‬فلوريدا‭ ‬وتكساس‭ ‬وفيرجينيا‭ ‬بتغييرات‭ ‬في‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يُدرس‭ ‬بها‭ ‬تاريخ‭ ‬أمريكا‭ ‬المؤسف‭ ‬من‭ ‬العبودية‭ ‬والعنصرية‭ ‬في‭ ‬المدارس‭.‬

وفي‭ ‬محاولة‭ ‬فظة‭ ‬‮«‬لتبييض‮»‬‭ ‬إرث‭ ‬العبودية،‭ ‬يتم‭ ‬تصوير‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسة‭ ‬الشائنة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تعلم‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬السود‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬أفادتهم‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬فترة‭ ‬العبودية‭. ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬استبعاد‭ ‬الحديث‭ ‬بالتفصيل‭ ‬عن‭ ‬أهوال‭ ‬وفظائع‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬في‭ ‬جيم‭ ‬كرو‭ ‬وعمليات‭ ‬الإعدام‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬القانون‭ ‬التي‭ ‬أودت‭ ‬بحياة‭ ‬الآلاف‭. ‬إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬ماضيا‭ ‬خاليا‭ ‬من‭ ‬الذنب،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مساءلة‭.‬

لا‭ ‬تعتبر‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الجنسية‭ ‬بالأمر‭ ‬الغريب‭ ‬على‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدينية‭ ‬الأخرى‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬يتم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬القصص‭ ‬المروعة‭ ‬عن‭ ‬سوء‭ ‬المعاملة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬نسيانها‭ ‬وتجاوزها،‭ ‬لأن‭ ‬القادة‭ ‬الدينيين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬يقفون‭ ‬صفا‭ ‬واحدا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مشاكلهم‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬حماية‭ ‬مؤسساتهم‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬المشاكل‭ ‬الحقيقية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭.‬

وبينما‭ ‬اضطرت‭ ‬إيرلندا‭ ‬وكنيستها‭ ‬إلى‭ ‬التصالح‭ ‬مع‭ ‬الماضي،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وكنائسها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬الدينية‭ ‬لم‭ ‬تتصالح‭ ‬أبدا‭ ‬مع‭ ‬أخطائها،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬المعاكس‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬إيرلندا‭. ‬

قارن‭ ‬بين‭ ‬التستر‭ ‬المخزي‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬أساقفة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬واعتذار‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬للشعوب‭ ‬الأصلية‭ ‬في‭ ‬كندا‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬محو‭ ‬تاريخهم‭ ‬وثقافتهم‭ ‬أو‭ ‬لقاء‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬البرتغال‭ ‬مع‭ ‬ضحايا‭ ‬إساءة‭ ‬معاملة‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭.‬

قارنوا‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬والاعتذار‭ ‬بفشل‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬بتاريخها‭ ‬وجرائمها‭. ‬هذا‭ ‬الرفض‭ ‬للاعتراف‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬عن‭ ‬مظالم‭ ‬الماضي‭ ‬وقبولها‭ ‬دفع‭ ‬أبناء‭ ‬وطني‭ ‬وشركائي‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬إلى‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬براءتنا‭ ‬الجماعية‭ ‬بينما‭ ‬يقدمون‭ ‬مزاعم‭ ‬وهمية‭ ‬عن‭ ‬الفضيلة‭. ‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬التخلص‭ ‬منها،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬على‭ ‬سلوكياتنا‭ ‬الحالية‭ ‬والمستقبلية‭.‬

لا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬استخدمت‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬وقد‭ ‬فعلنا‭ ‬ذلك‭ ‬دون‭ ‬إخبار‭ ‬اليابانيين‭ ‬بالتأثير‭ ‬الطويل‭ ‬المدى‭ ‬للإشعاع‭ ‬على‭ ‬المدنيين،‭ ‬الذين‭ ‬استمروا‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬المعاناة‭ ‬من‭ ‬التسمم‭ ‬الإشعاعي‭.‬

أسقطت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ملايين‭ ‬الأطنان‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬على‭ ‬فيتنام‭ ‬وأفغانستان‭ ‬والعراق،‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬ملايين‭ ‬الأبرياء‭. ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭ ‬استخدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التعذيب‭ ‬كسلاح‭ ‬لانتزاع‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬السجناء‭ ‬وحاولت‭ ‬تبرير‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬بـ«مذكرات‭ ‬قانونية‮»‬‭ ‬مفصلة‭ ‬بشكل‭ ‬صادم‭ ‬كتبها‭ ‬مسؤولو‭ ‬إدارة‭ ‬بوش‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬القاتم‭ ‬والشنيع،‭ ‬تستمر‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬ببراءتها‭ ‬وحقها‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حاملة‭ ‬لواء‭ ‬الفضيلة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬بالإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬إنما‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬المساءلة‭ ‬عن‭ ‬أخطاء‭ ‬وانتهاكات‭ ‬الماضي،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬إيرلندا‭ ‬والكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬الإيرلندية‭ ‬اللتين‭ ‬أجبرتا‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬بانتهاكات‭ ‬الماضي‭. ‬

هذا‭ ‬إذن‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬الدروس‭ ‬البليغة‭ ‬والمستفادة‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬وموت‭ ‬سينيد‭ ‬أوكونور‭: ‬أهمية‭ ‬دعوة‭ ‬الدول‭ ‬والمؤسسات‭ ‬إلى‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬ماضيها،‭ ‬والتحلي‭ ‬بالتواضع‭ ‬وإمكانية‭ ‬تغيير‭ ‬السلوك‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصاحب‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالذنب‭ ‬وبانتهاكات‭ ‬الماضي‭.‬

-‭ ‬سينيد‭ ‬أوكونور‭ ‬اعتنقت‭ ‬الإسلام‭ ‬وغيرت‭ ‬اسمها‭ ‬ليصبح‭ ‬‮«‬شهداء‭ ‬صدقات‮»‬

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا