لا يكتمل جمال العمارة البحرينية إلا بأبوابها التراثية ذات النقوش الإسلامية الجميلة، والتي تنتشر – بشكل أكثر- في مدينتي المنامة والمحرق.
في أحد دهاليز المحرق، تقع ورشة آخر نجاري الأبواب التراثية في البحرين، جمال شاهين، والذي يعكف منذ الصباح وحتى المساء على قضائه وقته في تصنيع تلك القطع، في ظل دعم رسمي من هيئة البحرين للثقافة والآثار ومركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة.
يقول جمال "ورثت هذه المهنة من والدي وأعمامي الذين اشتغلوا فيها في الستينات من بعد توقف مهنة تصنيع الباصات الخشبية، المهنة التي اشتهروا بها".
دخول الأبواب التراثية
يتحدث جمال عن دخول الأبواب المسمارية من زنجبار في القرن التاسع عشر، حيث تعلم النجارين البحرينيين كيفية صناعتها حتى يومنا هذا. وهي أبواب دخلت زنجبار "تنزانيا حاليا" من الهند.
ويروي جمال اعتماد النجارين وقتها على صناعة المسامير المعدنية وملحقات الأبواب القديمة من قبل حدادة البحرين، حيث كان الاعتماد بشكل أكبر على خشب الساج الهندي.
وبعد دخول الأبواب الزنجبارية، قدمت إلى البحرين الأبواب البغدادية في نهاية الثلاثينات أو مطلع الأربعينات، والتي بدورها دخلت مع قدوم نجارين من بغداد سكنوا البحرين وقاموا بتصنيعها. هي أبواب لا تتضمن المسامير وتعتمد على النقشات التراثية، بحسب جمال.
وفي الخمسينات، وصلت للبحرين الأبواب الحديدية التي ساهمت في تقلص انتشار الأبواب الخشبية التراثية. لحقتها أبواب الألمنيوم ومن ثم الحديد المطاوع، المادة المستخدمة في تصنيع الأبواب خلال يومنا هذا.
كان يستخدم في تصنيع الأبواب والمشربيات والنوافذ التراثية أخشاب الساج الهندي والأخشاب البيضاء وخشب الصنوبر والسويدن والفيني. ويبين جمال أن سعر الساج خلال الوقت الحالي مرتفع جدا، ولكن الفيني لا يدخل البحرين بسبب وقف تصديره خارج الهند. أما الأخشاب التي تستخدم اليوم، فهي قادمة من أوروبا، وأنواعها: المهاجني والأوك والأش والولنيت.
ويعتمد سعر الباب الخشبي على حجمه ومساحة النقوش التي تتوزع على سطحه. ولا يمكن اعتماد تصنيع الباب على الطريقة القديمة لاختلاف المتطلبات، حيث يُحرص على اتباع خطوات معينة خلال عملية التصنيع لمنع خروج هواء المكيف. قد يستغرق تصنيع الباب الواحد شهرا كاملا، وتعيش تلك الأبواب لعمر طويل ممتد، فقد يصل عمرها إلى أكثر من 100 سنة، ومن بين أشهر الأبواب التراثية المحلية المعمرة، والتي لاتزال موجودة، أبواب بيت المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، الذي يضم أبواب نحتت عليها زخارف نادرة، وبيت المغفور له الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وبيت عبدالله الزايد للتراث الصحافي.
تقسيمات الباب
وتنتشر في تلك الأبواب الخشبية العريضة زخارف إسلامية وهندية يتم نقشها يدويا، حيث لاتزال تعتمد الطريقة التقليدية في النقش، مما يمنحها جمالا ودقة لا متناهية. وللنقوش أسماء، فمنها الخوخة والسلسلة والكازوة، وهي تستخدم أيضا في العمارة الإسلامية والذهب المحلي أيضا.
يقسم الباب التراثي إلى عدة أقسام، فالباب نفسه يأتي بحجم كبير، لا يفتح دائما، بل يحفر في جزئه الأيسر باب أصغر لتسهيل عملية الدخول والخروج لسكان المنزل، ويسمى محليا بالفرخة أو الخوخة.
ويضم الباب أيضا إكسسوارات مساعدة، فهو يحتوي على مزلاي داخلي أو خارجي أو الإثنين معا، وهو قفل معدني، إلى جانب سيخ حديد للدعامة يستخدم لقفل الباب أيضا. أما الفخ، فهو نقشة داخلية علوية، والحبل فهو الخشب الذي ينقش عليه شكل الحبال، ويوضع على أطراف الباب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك