العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

لا سيادة للدول في قضايا التلوث

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الجمعة ٠١ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

تعتزم‭ ‬اليابان‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬صرف‭ ‬المخلفات‭ ‬السائلة‭ ‬منخفضة‭ ‬الاشعاع‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬وفي‭ ‬مياهها‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬سيادتها‭ ‬وسيطرتها‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬وأخيراً‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬أغسطس‭ ‬بدأت‭ ‬فعلياً‭ ‬بصرف‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬الآسنة‭ ‬المشعة‭ ‬إلى‭ ‬السواحل‭ ‬اليابانية‭ ‬المطلة‭ ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭.‬

وهذه‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬حجمها‭ ‬حالياً‭ ‬قرابة‭ ‬1‭.‬37‭ ‬طن‭ ‬قد‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬كارثة‭ ‬الزلزال‭ ‬العنيف‭ ‬وموجات‭ ‬تسونامي‭ ‬العاتية‭ ‬والفيضانات‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬مقاطعة‭ ‬فوكوشيما‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬مارس‭ ‬2011،‭ ‬وأحدثت‭ ‬عطلاً‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬التبريد‭ ‬في‭ ‬مفاعل‭ ‬دايشي‭ ‬لتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬فوكوشيما،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انبعاث‭ ‬المواد‭ ‬المشعة‭ ‬إلى‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬وتسرب‭ ‬الإشعاع‭ ‬إلى‭ ‬مياه‭ ‬التبريد‭ ‬والتربة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭.‬

ولذلك‭ ‬للوهلة‭ ‬الأولى،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬قراءة‭ ‬سطحية‭ ‬للخبر،‭ ‬فإن‭ ‬صرف‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬الناجمة‭ ‬من‭ ‬مرفقٍ‭ ‬داخلي‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬يبدو‭ ‬أمراً‭ ‬طبيعياً‭ ‬يخص‭ ‬الدولة‭ ‬نفسها،‭ ‬ويُعتبر‭ ‬شأناً‭ ‬داخلياً‭ ‬يهم‭ ‬الحكومة‭ ‬والشعب‭ ‬الياباني‭ ‬فقط،‭ ‬ويقع‭ ‬ضمن‭ ‬سيادة‭ ‬وهيمنة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬ثرواتها‭ ‬ومكوناتها‭ ‬البيئية‭ ‬وحريتها‭ ‬المطلقة‭ ‬في‭ ‬التصرف‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬البيئية‭ ‬المحلية‭ ‬بحسب‭ ‬المصالح‭ ‬القومية‭.‬

ولكن‭ ‬المتابع‭ ‬لتطورات‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬الداخلية‭ ‬منذ‭ ‬بروزها‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬الياباني‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬صرف‭ ‬المخلفات‭ ‬السائلة‭ ‬المشعة‭ ‬في‭ ‬سواحلها‭ ‬ومياهها‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬سيادتها‭ ‬المباشرة‭ ‬قد‭ ‬أثار‭ ‬موجات‭ ‬تسونامي‭ ‬غاضبة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬داخلياً‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الياباني‭ ‬نفسه،‭ ‬وبخاصة‭ ‬من‭ ‬الصيادين‭ ‬الذين‭ ‬مصدر‭ ‬رزقهم‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجود‭ ‬به‭ ‬البحر‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬خيراته‭ ‬وثرواته‭ ‬السمكية،‭ ‬أو‭ ‬خارجياً‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عدة‭ ‬مثل‭ ‬الصين،‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وهونج‭ ‬كونج،‭ ‬وروسيا،‭ ‬والفلبين‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭.‬

فما‭ ‬هي‭ ‬المخالفة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬اليابان‭ ‬عند‭ ‬صرف‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها،‭ ‬وتعد‭ ‬تابعة‭ ‬لها،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬استياء‭ ‬وردة‭ ‬فعل‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬مجتمع‭ ‬الصيادين‭ ‬خاصة؟

وما‭ ‬هي‭ ‬التجاوزات‭ ‬التي‭ ‬ستنجم‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬عند‭ ‬قيام‭ ‬اليابان‭ ‬بها؟

وما‭ ‬هي‭ ‬أسباب‭ ‬غضب‭ ‬واحتجاج‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬الياباني‭ ‬المحلي،‭ ‬بحيث‭ ‬إن‭ ‬الصين‭ ‬استدعت‭ ‬السفير‭ ‬الياباني‭ ‬لدى‭ ‬بكين‭ ‬لإبداء‭ ‬غضبها‭ ‬واستيائها؟

في‭ ‬الواقع،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬لليابان‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية‭ ‬البيئية‭ ‬والتصرف‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تُمليه‭ ‬عليها‭ ‬مصالحها‭ ‬القومية‭ ‬في‭ ‬المكونات‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬وتقع‭ ‬تحت‭ ‬سيادتها،‭ ‬كساحل‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المعضلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تداعيات‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التصرف،‭ ‬وهو‭ ‬صرف‭ ‬مياه‭ ‬مشعة‭ ‬في‭ ‬المحيط،‭ ‬لا‭ ‬تنعكس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬اليابانية‭ ‬والثروات‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬تقع‭ ‬مردوداتها‭ ‬الضارة‭ ‬وتمتد‭ ‬آثارها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬تشترك‭ ‬مع‭ ‬اليابان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المحيط‭ ‬العظيم‭ ‬الواسع،‭ ‬فتقع‭ ‬حدودها‭ ‬الجغرافية‭ ‬ومياهها‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭. ‬ولذلك‭ ‬فسيادة‭ ‬اليابان‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬المحيط‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬ضمن‭ ‬سيادتها‭ ‬تنتهي‭ ‬عندما‭ ‬تتوغل‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬مياهها‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬والخيرات‭ ‬السمكية‭ ‬التي‭ ‬تحوم‭ ‬في‭ ‬منطقتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭.‬

فهذه‭ ‬المياه‭ ‬المشعة‭ ‬التي‭ ‬صُرفت‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬فإن‭ ‬المواد‭ ‬المشعة‭ ‬لا‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬تحت‭ ‬سيادة‭ ‬اليابان،‭ ‬وإنما‭ ‬تتحرك‭ ‬وتتراكم‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬وبسرعة‭ ‬شديدة‭ ‬عبر‭ ‬التيارات‭ ‬المائية‭ ‬والرياح‭ ‬البحرية‭ ‬السطحية‭ ‬فتنتقل‭ ‬إلى‭ ‬مسافة‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الكيلومترات،‭ ‬فتصل‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬القريبة‭ ‬كالصين‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬والفلبين،‭ ‬وإلى‭ ‬الساحل‭ ‬الغربي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كساحل‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬وولاية‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬أمريكا‭.‬

كذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬المشعة‭ ‬لا‭ ‬تؤثر‭ ‬فقط‭ ‬وتفسد‭ ‬جودة‭ ‬الأسماك‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬اصطيادها‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬اليابان،‭ ‬فالشر‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬سيعم‭ ‬الجميع‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬اليابان‭ ‬فحسب،‭ ‬فالمواد‭ ‬المشعة‭ ‬تتراكم‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬السلسلة‭ ‬الغذائية‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬خارج‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬لليابان،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬صرف‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬لا‭ ‬يعد‭ ‬الآن‭ ‬شأناً‭ ‬داخلياً‭ ‬يابانياً‭ ‬بحتاً،‭ ‬وإنما‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬إقليمية‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬تشترك‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ،‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تستورد‭ ‬الأسماك‭ ‬من‭ ‬اليابان،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬اليابان‭ ‬في‭ ‬صرف‭ ‬المياه‭ ‬المشعة‭ ‬المتراكمة‭ ‬لديها‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬والمتزايدة‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬الحجم،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬قراراً‭ ‬سيادياً‭ ‬خالصاً،‭ ‬ولن‭ ‬يتم‭ ‬دون‭ ‬استشارة‭ ‬ومشاركة‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬والمنظمات‭ ‬الأممية‭ ‬المعنية،‭ ‬مثل‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭.‬

فهذه‭ ‬الأطنان‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬منخفضة‭ ‬الاشعاع‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬خضعت‭ ‬لعملية‭ ‬إزالة‭ ‬المواد‭ ‬المشعة‭ ‬باستخدام‭ ‬التقنية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بترشيح‭ ‬المواد‭ ‬المشعة،‭ ‬والتي‭ ‬تُعرف‭ ‬بالنظام‭ ‬المتطور‭ ‬لمعالجة‭ ‬السوائل‭ (‬Advanced‭ ‬Liquid‭ ‬Processing‭ ‬System‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬تراكيز‭ ‬منخفضة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الملوثات‭ ‬المشعة‭ ‬ستبقى‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬كلياً‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬التقنية‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬التخلص‭ ‬كلياً‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬المشعة‭ ‬حالياً،‭ ‬وبخاصة‭ ‬بشكلٍ‭ ‬رئيس‭ ‬النظير‭ ‬المشع‭ ‬للهيدروجين‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬ذرات‭ ‬من‭ ‬الهيدروجين‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذرتين‭ ‬وهو‭ ‬تريتيم‭ (‬tritium‭)‬،‭ ‬والنظير‭ ‬المشع‭ ‬للكربون‭ (‬carbon-14‭)‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ملوثات‭ ‬مشعة‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬سترونتيم‭ (‬strontium-90‭)‬،‭ ‬وسيزيم‭ (‬caesium-137‭)‬،‭ ‬و‭(‬iodine-129‭). ‬

فالبنسبة‭ ‬إلى‭ ‬التريتيم‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬المكون‭ ‬الأساس‭ ‬لهذه‭ ‬المياه‭ ‬المشعة‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬معايير‭ ‬واحدة‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الآمن‭ ‬والحد‭ ‬المسموح‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية،‭ ‬فالمواصفات‭ ‬اليابانية‭ ‬هي‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬بكريل‭ ‬من‭ ‬التريتيم‭ ‬في‭ ‬اللتر‭ ‬الواحد‭ ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬الحد‭ ‬المقبول‭ ‬هو‭ ‬10‭ ‬آلاف،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬يحدد‭ ‬المواصفة‭ ‬عند‭ ‬100‭ ‬بكريل‭ ‬في‭ ‬اللتر،‭ ‬ولذلك‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المواصفات‭ ‬تضعها‭ ‬الدول‭ ‬بحسب‭ ‬ظروفها‭ ‬الواقعية‭ ‬الراهنة،‭ ‬وما‭ ‬توصل‭ ‬إليه‭ ‬عقل‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬قُدرات‭ ‬وإمكانات‭ ‬تقنية‭ ‬وأجهزة‭ ‬للمعالجة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وليس‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬مواصفات‭ ‬علمية‭ ‬وصحية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مخاطر‭ ‬الملوثات‭ ‬الواقعية‭ ‬على‭ ‬الكائنات‭ ‬البحرية‭ ‬وعلى‭ ‬سلامة‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولذلك‭ ‬أُطلق‭ ‬عليها‭ ‬بمعايير‭ ‬ومواصفات‭ ‬‮«‬الأمر‭ ‬الواقع‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬المؤسف‭ ‬حقاً‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بسبب‭ ‬التلوث‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬فينفذ‭ ‬سياسة‭ ‬أكل‭ ‬عليها‭ ‬الدهر‭ ‬وشرب‭ ‬وانتهت‭ ‬من‭ ‬القاموس‭ ‬البيئي‭ ‬هي‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬التخفيف‭ ‬للملوثات‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬نسمح‭ ‬للملوثات‭ ‬المشعة‭ ‬والسامة‭ ‬بالولوج‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬أو‭ ‬الماء‭ ‬ثم‭ ‬نأمل‭ ‬تجنب‭ ‬أضرارها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تخفيف‭ ‬وانخفاض‭ ‬تركيزها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأوساط‭ ‬البيئية‭.‬

فهذه‭ ‬الحالة‭ ‬اليابانية‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬أمامنا‭ ‬اليوم‭ ‬تُعتبر‭ ‬مثالاً‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬عاصرناها‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬ويمكن‭ ‬ضربها‭ ‬لتأكيد‭ ‬أن‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬مكونات‭ ‬بيئاتها‭ ‬وحرية‭ ‬التصرف‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مطلقة‭ ‬وغير‭ ‬مقيدة‭ ‬بضوابط‭ ‬داخلية‭ ‬وخارجية،‭ ‬فهي‭ ‬تنتهي‭ ‬عند‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬الآخرين،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬بيئاتها‭ ‬تنتهي‭ ‬عندما‭ ‬تستبيح‭ ‬بيئات‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تشترك‭ ‬وترتبط‭ ‬جميعاً‭ ‬معها،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬هي‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬أو‭ ‬الأنهار‭ ‬والبحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬وتَعْبُر‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬للدول‭.‬

وقد‭ ‬لخصت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬أغسطس‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬صرف‭ ‬اليابان‭ ‬هذه‭ ‬المياه،‭ ‬حيث‭ ‬صدر‭ ‬بيان‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬التخلص‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬المشعة‭ ‬يُعد‭ ‬قضية‭ ‬رئيسة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالسلامة‭ ‬النووية‭ ‬ولها‭ ‬آثار‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬وإن‭ ‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬تخص‭ ‬اليابان‭ ‬وحدها‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬البيان‭ ‬أيضاً‭: ‬‮«‬المحيط‭ ‬ملكية‭ ‬مشتركة‭ ‬للبشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬ويشكل‭ ‬تصريف‭ ‬المياه‭ ‬الملوثة‭ ‬عملاً‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأنانية‭ ‬وعدم‭ ‬المسؤولية‭ ‬ولا‭ ‬يراعي‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‮»‬‭.‬

 

bncftpw@batelco‭.‬com‭.‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا