العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الهدف الصهيوني المزدوج.. بين الأمس واليوم

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

‭  ‬لطالما‭ ‬قامت‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬على‭ ‬قاعدتين؛‭ ‬هما‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ (‬احتلالها‭) ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬وفق‭ ‬معادلة‭: ‬أرض‭ ‬أكبر‭ ‬وسكان‭ ‬أقل‭! ‬أوليس‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬حيث‭ ‬تركز‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬جهودها‭ ‬الاحتلالية‭ (‬للأرض‭) ‬والإحلالية‭ (‬للسكان‭) ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬ج‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬61%‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭)‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬القدس‭ ‬المحتلة‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بإقامة‭ ‬أي‭ ‬بناء‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬فعالية‭ ‬إنتاجية‭.‬

وهي،‭ ‬حين‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك،‭ ‬تبدأ‭ ‬بالتدمير،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تؤكد‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الأرض‭ ‬بتعميق‭ ‬احتلالها‭ ‬لها‭ ‬ووضع‭ ‬اليد‭ ‬عليها‭ ‬بذرائع‭ ‬مختلفة،‭ ‬ثم‭ ‬تباشر‭ ‬عملية‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬التدريجي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هدم‭ ‬البيوت‭ ‬وترحيل‭ ‬السكان‭ ‬أو‭ ‬ترحيل‭ ‬السكان‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يبدأوا‭ ‬بناء‭ ‬البيوت‭.‬

وطبعا،‭ ‬كلما‭ ‬لزم،‭ ‬فإن‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬العسكرية‭ ‬والشرطية‭ ‬والقضائية،‭ ‬هي‭ ‬دائما‭ ‬موجودة‭ ‬وجاهزة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات‭. ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬لجأت‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬الصهيونية‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬ظاهرها‭ ‬مناوشات‭ ‬بين‭ ‬المستعمرين‭/‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ (‬الذين‭ ‬يفسح‭ ‬المجال‭ ‬أمامهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭) ‬وجوهرها‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬وقوعها‭ ‬مع‭ ‬أهالي‭ ‬القرى‭ ‬والبلدات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المجاورة‭ ‬تمهيدا‭ ‬‮«‬لإرهاقهم‮»‬‭ ‬و«تهجيجهم‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ترحيلهم‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬الوقائع‭ ‬والأساليب‭ ‬عديدة‭ ‬وواضحة‭ ‬كما‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬يوليو‭. ‬فعندما‭ ‬يقرر‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬السماح‭ ‬لمزارعي‭ ‬قرية‭ ‬عانين،‭ ‬الواقعة‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بفلاحة‭ ‬أراضيهم‭ ‬وقطف‭ ‬الزيتون‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬طوال‭ (‬21‭) ‬عاما‭ ‬هي‭ ‬عمر‭ ‬بناء‭ ‬جدار‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬في‭ ‬أراضيهم،‭ ‬فلا‭ ‬مجال‭ ‬للتشكيك‭ ‬في‭ ‬نية‭ ‬الاحتلال‭ ‬‮«‬تقريف‮»‬‭ ‬و«تهجيج‮»‬‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ترحيلهم،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬المزارعون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أراضيهم‭ ‬فعليهم‭ ‬السفر‭ ‬25‭ ‬كم‭ ‬ذهاباً‭ ‬و25‭ ‬كم‭ ‬إياباً‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬أخرى‭.‬

كذلك‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬القدس،‭ ‬التي‭ ‬تواصل‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬توزيع‭ ‬قرارات‭ ‬الهدم‭ ‬لعشرات‭ ‬المنشآت‭ ‬والمنازل‭ ‬في‭ ‬أحيائها‭.‬

فمثلا،‭ ‬تفاقمت‭ ‬معاناة‭ ‬أهالي‭ ‬‮«‬حي‭ ‬وادي‭ ‬الربابة‮»‬‭ ‬ببلدة‭ ‬سلوان‭ ‬جنوب‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الاخيرة،‭ ‬مع‭ ‬افتتاح‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬جسرا‭ ‬معلقا‭ ‬يربط‭ ‬‮«‬حي‭ ‬الثوري‮»‬‭ ‬ببلدة‭ ‬سلوان‭ ‬مع‭ ‬الجهة‭ ‬الشمالية‭ ‬لوقف‭ ‬آل‭ ‬الدجاني‭ ‬الواقعة‭ ‬جنوب‭ ‬غرب‭ ‬سور‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬التاريخي،‭ ‬مرورا‭ ‬بوادي‭ ‬الربابة،‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬استيطاني‮»‬‭ ‬تهويدي‭ ‬ضخم‭ ‬تروج‭ ‬له‭ ‬بلدية‭ ‬القدس‭ ‬المحتلة‭.‬

وهذا‭ ‬المشروع‭ ‬هو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬مشاريع‭ ‬تستهدف‭ ‬بلدة‭ (‬سلوان‭) ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬تغيير‭ ‬هوية‭ ‬البلدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البناء‭ ‬‮«‬الاستيطاني‮»‬‭ ‬وهدم‭ ‬منازل‭ ‬‮«‬السلوانيين‮»‬‭ ‬المقدسيين‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬أراضيهم،‭ ‬وبما‭ ‬يمنع‭ ‬التمدد‭ ‬السكاني‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬والانتفاع‭ ‬بالأراضي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تحجيم‭ ‬السكان‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬اليوم،‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬القدس‭ ‬بالطبع،‭ ‬هناك‭ ‬واقع‭ ‬سياسي‭ ‬واحد‭ ‬قوامه‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬الوجود‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مستمرة‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬استعمارية‭/‬‮«‬استيطانية‮»‬‭/‬إحلالية‭ ‬صهيونية‭ ‬تسعى‭ ‬حثيثا‭ ‬لاقتلاع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬أرضه‭ ‬وإحلال‭ ‬الغريب‭ (‬الصهيوني‭ ‬الغازي‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭) ‬فيها‭.‬

وهذا‭ ‬الواقع‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬لسياسة‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬ومحاصرة‭ ‬الوجود‭ ‬الفلسطيني‭ ‬العربي،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬نهب‭ ‬الأرض‭ ‬وهدم‭ ‬البيوت،‭ ‬مرورا‭ ‬بسياسة‭ ‬الإفقار‭ ‬والملاحقة‭ ‬وتشويه‭ ‬الهوية،‭ ‬وانتهاء‭ ‬بتسهيل‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭. ‬

ويقترن‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬بممارسات‭ ‬فاشية‭ ‬وقوانين‭ ‬عنصرية‭ ‬تحاول‭ ‬تكريس‭ ‬يهودية‭ ‬الدولة‭ ‬وهيمنة‭ ‬اليمين‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتطرف،‭ ‬وتخليد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وشرعنة‭ ‬الاستعمار‭/‬‮«‬الاستيطان‭ ‬الصهيوني‮»‬‭.‬

إذن،‭ ‬هي‭ ‬سياسة‭ ‬الاستعمار‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬الهادفة‭ ‬وفقاً‭ ‬للآلية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬القديمة‭/‬الجديدة‭: ‬‮«‬محورها‭: ‬أرض‭ (‬يهودية‭) ‬أكثر‮»‬‭ ‬و‮«‬عرب‭ ‬أقل‮»‬‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا