العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تعزيز الردع الخليجي لمواجهة التهديدات الإيرانية.. رؤية غربية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

ركزت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحليلات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬المحيطة‭ ‬بشبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬حتى‭ ‬أوجه‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬والعسكري‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬لوكلائها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬اليمن،‭ ‬والعراق،‭ ‬وسوريا،‭ ‬ولبنان‭ ‬وغيرها؛‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬استخدامها‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬وسعيها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬التوازن‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬وقوعها‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬الخليج‭ ‬العربي؛‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬لخطر‭ ‬الأعمال‭ ‬العدوانية‭ ‬لطهران‭. ‬ولطالما‭ ‬أدانت‭ ‬سياساتها‭ ‬المزعزعة‭ ‬للاستقرار‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فيما‭ ‬التزمت‭ ‬بتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬تعاونها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفاع‭ ‬والأمن‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬لحمايتها‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭.‬

ويزداد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬التهديدات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬بسبب‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬تشهد‭ ‬تغيرات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واجتماعية،‭ ‬مثل‭ ‬تنويع‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬الوطنية،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬العائدات‭ ‬النفطية‭.‬

ولكي‭ ‬تنجح‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬الأخرى‭- ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬تحولات‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬علاقاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬العالم؛‭ ‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬تحصين‭ ‬دفاعاتها‭ ‬الحالية،‭ ‬وإنشاء‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬الردع‭ ‬ضد‭ ‬طهران؛‭ ‬لمنعها‭ ‬ووكلائها‭ ‬من‭ ‬تقويض‭ ‬هذا‭ ‬التواصل،‭ ‬والتقدم‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭. ‬وللقيام‭ ‬بذلك،‭ ‬اقترح‭ ‬بلال‭ ‬صعب‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭ ‬ثلاثة‭ ‬خيارات‭ ‬ردع‭ ‬رئيسية؛‭ ‬لمواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬الحالية‭ ‬والمستقبلية‭: ‬هي‭ ‬أولا‭ ‬‮«‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‮»‬،‭ ‬وثانيا‭ ‬‮«‬الحماية‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬وثالثا‭ ‬‮«‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬‮«‬الخليجية‭-‬الإيرانية‮»‬‭ ‬قد‭ ‬شهدت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الهدوء،‭ ‬حيث‭ ‬وافقت‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ ‬توسطت‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬الصين‮»‬‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬تمر‭ ‬‮«‬بمرحلة‭ ‬تحول‭ ‬تاريخية‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬فرص‭ ‬لبناء‭ ‬علاقات‭ ‬جديدة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬بلال‭ ‬صعب‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المطلب‭ ‬الجوهري‮»‬،‭ ‬للرياض‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬هو‭ ‬قيام‭ ‬طهران‭ ‬ووكلائها‭ ‬‮«‬بوقف‭ ‬الهجمات‮»‬‭ ‬ضدها‭ ‬وضد‭ ‬حلفائها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬تسعى‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬واستثمارات‭ ‬لتخفيف‭ ‬وطأة‭ ‬أزمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المتعثر‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬كوك‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬مقتنع‭ ‬باستدامة‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭. ‬ومنذ‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق،‭ ‬فشلت‭ ‬‮«‬طهران‮»‬‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬تصرفات‭ ‬وكلائها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بشكل‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬المطلوب،‭ ‬موضحا‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬لحماية‭ ‬مصالحها‭ ‬الإقليمية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬التوترات‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬بلال‭ ‬صعب‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬داخل‭ ‬السعودية،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬فإن‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬اليقظة‭ ‬والحذر‭ ‬تجاه‭ ‬التهديدات‭ ‬الإيرانية‭ ‬باتت‭ ‬‮«‬واضحة‭ ‬وحتمية‮»‬‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬روس‭ ‬هاريسون‮»‬‭ ‬و«ألكس‭ ‬فاتانكا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تبدو‭ ‬المنطقة‭ ‬وكأنها‭ ‬‮«‬تتحرك‭ ‬نحو‭ ‬الاستقرار‮»‬،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬اتفاقيات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مهمة،‭ ‬وحالات‭ ‬تواصل‭ ‬بين‭ ‬المنافسين‭ ‬السابقين؛‭ ‬فإنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬السهل‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬احتمالات‭ ‬استمرار‭ ‬العلاقات‭ ‬الباردة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬وخاصة‭ ‬بين‭ ‬الخليج‭ ‬وإيران‮»‬‭.‬

واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬فعالية‭ ‬الردع‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬بلال‭ ‬صعب‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يكون‭ ‬كاملا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير»؛‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬التناقض‭ ‬في‭ ‬التصورات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتهديدات‭ ‬والأهداف‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬‮«‬أفضل‭ ‬وضع‭ ‬للخليج‮»‬‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهدوء‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬اتسم‭ ‬به‭ ‬الانفراج‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬العلاقات،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬متابعة‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬‮«‬أداة‭ ‬في‭ ‬المتناول‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬تم‭ ‬استخدامها‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فعالة‭ ‬للغاية‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬المشاكل‭ ‬قائمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭. ‬وعند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬تمكن‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬الأسبق‭ ‬‮«‬أنور‭ ‬السادات‮»‬‭ ‬من‭ ‬استعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬سيناء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬الدبلوماسي؛‭ ‬لتسهيل‭ ‬‮«‬اتفاق‭ ‬الأرض‭ ‬مقابل‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تُوج‭ ‬بمعاهدة‭ ‬سلام‭ ‬رسمية‭ ‬عام‭ ‬1979؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬صعب‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬استندت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‭ ‬المصري‭ ‬والإسرائيلي‭ ‬يمثلان‭ ‬‮«‬خطرًا‭ ‬أمنيًا‮»‬‭ ‬على‭ ‬الآخر‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إيران‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬هناك‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬التوازن‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الأخيرة‭ ‬وضعت‭ ‬إيران‭ ‬ضمن‭ ‬أكثر‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬إلحاحًا؛‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬لا‭ ‬تشعر‭ ‬‮«‬طهران‮»‬‭ ‬بالتهديد‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬أو‭ ‬نوايا‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬اهتمامها‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬نحو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬الأخيرة‭ ‬انخرطت‭ ‬في‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬ظل‮»‬‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬معها‭.‬

وبالتالي،‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬التواصل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الخليج‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬قد‭ ‬يجلب‭ ‬هدوءًا‭ ‬مؤقتًا»؛‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬وحدها‭ ‬‮«‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬البيئة‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬القضاء‭ ‬على‭ ‬مخاوف‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تجاه‭ ‬طهران‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬مصداقية‭ ‬الأخيرة‭ ‬مشكوك‭ ‬فيها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬التطابق‭ ‬بين‭ ‬أقوالها‭ ‬وأفعالها‭ ‬يعني‭ ‬ضرورة‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬سياسة‭ ‬الحذر‭. ‬

وبينما‭ ‬ذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬‮«‬وقف‭ ‬شحنات‭ ‬الأسلحة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬اليمن‭ -‬كجزء‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬المذكور‭ ‬أعلاه‭- ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬صعب‮»‬‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تقطع‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الحوثيين،‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬الأهمية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يتمتعون‭ ‬بها،‭ ‬والفوائد‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬لليمن‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬تسليحها‭ ‬لهم‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬التهديدات‭ ‬الحالية‭ ‬لأمن‭ ‬الخليج‭ ‬ستظل‭ ‬‮«‬قائمة‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬اتباع‭ ‬المسار‭ ‬الدبلوماسي‭. ‬وبناء‭ ‬عليه‭ ‬خلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الدبلوماسية‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مدعومة‭ ‬بقدرات‭ ‬عسكرية‭ ‬قوية‮»‬،‭ ‬ويترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المزيج‭ ‬الصحيح‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬استخدام‭ ‬العصا‭ ‬والجزرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ملازما‭ ‬لأى‭ ‬مفاوضات‭ ‬قد‭ ‬تجريها‭ ‬دولة‭ ‬مع‭ ‬أخرى‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أيد‭ ‬الباحث‭ ‬تعزيز‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬الخارجيين‭ ‬لزيادة‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬‮«‬ضمانات‭ ‬أمنية‭ ‬رسمية‭ ‬من‭ ‬حليف‭ ‬خارجي‭ -‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬الصين‭- ‬لمنع‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬عدائي‭ ‬هو‭ ‬‮«‬احتمالات‭ ‬غير‭ ‬مؤكدة‭ ‬تمامًا‭ ‬أو‭ ‬كافية‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الرياض‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬أمنيا‭ ‬على‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬لردع‭ ‬أي‭ ‬تهديدات‭ ‬إيرانية،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬انسحابها‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تخصيصها‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬العسكرية‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينصب‭ ‬تركيزها‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬ومواجهة‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭. ‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الإجابة‭ ‬عنها،‭ ‬مثل‭ ‬هل‭ ‬إذا‭ ‬عززت‭ ‬وجودها‭ ‬العسكري‭ ‬وضماناتها‭ ‬الأمنية‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬سترد‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وزيادة‭ ‬أنشطتها‭ ‬العدائية،‭ ‬مثل‭ ‬هجمات‭ ‬الحوثيين،‭ ‬أو‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تعزيزها‭ ‬للعلاقات‭ ‬الأمنية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يتوقع‭ ‬الشركاء‭ ‬الأمنيون‭ ‬الآخرون‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬الأمنية‭ ‬أيضا،‭ ‬والتحديث‭ ‬المناسب‭ ‬لقدراتهم؛‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬‮«‬إرهاق‮»‬‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭.‬

وفي‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬أوضح‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬مصلحة‭ ‬في‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليات‭ ‬أمنية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬التوسط‭ ‬فيه‭ ‬لا‭ ‬يتضمن‭ ‬إلزامها‭ ‬بـ«لعب‭ ‬دور‭ ‬الشرطي‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬القيام‭ ‬بدور‭ ‬‮«‬المراقب‭ ‬الدولي‮»‬‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬كارول‭ ‬سيلبر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لشؤون‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سجل‭ ‬‮«‬بكين‮»‬‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مثمر‮»‬،‭ ‬حينما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالمشاركة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإقليمية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬بالتزامات‭ ‬كبيرة‮»‬‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الإقليمية؛‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬بمتابعتها،‭ ‬وحل‭ ‬القضايا‭ ‬والمشكلات‭ ‬العالقة‭ ‬والراسخة‭.‬

ولتحقيق‭ ‬ردع‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬ضد‭ ‬التهديدات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬صعب‮»‬‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬تطوير‭ ‬قدرات‭ ‬عسكرية‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‮»‬‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬أوضح‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعطي‭ ‬أولوية‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬ذاتها‮»‬،‭ ‬وتطوير‭ ‬‮«‬قدرات‭ ‬عسكرية‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬أقر‭ ‬بأنها‭ ‬جارية‭ ‬بالفعل،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬لا‭ ‬تنوع‭ ‬مصادر‭ ‬تسليحها‭ ‬فقط،‭ ‬لكنها‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬العمليات،‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬لها‭ ‬أسسًا‭ ‬دفاعية‭ ‬قوية‮»‬‭. ‬

ومع‭ ‬إشارته‭ ‬إلى‭ ‬حتمية‭ ‬احتياج‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬قدرات‭ ‬أقوى‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬والردع‭ ‬الآن‮»‬،‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬تطوير‭ ‬برنامج‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬الخاص‭ ‬بالرياض‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬الخيارات‭ ‬لتعزيز‭ ‬آليات‭ ‬الردع‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى‭ ‬ضد‭ ‬التهديدات‭ ‬الإيرانية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬والحلول‭ ‬‮«‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‮»‬‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬‮«‬طهران‮»‬‭ ‬بالفعل‭ ‬ترسانة‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصواريخ؛‭ ‬فقد‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬صعب‮»‬‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬حساسة‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬تجاه‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬لأمنها،‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬استخدامها‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العراق‭ ‬إبان‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬الأولى‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1980‭ ‬و1988‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬خيارات‭ ‬تعزيز‭ ‬آليات‭ ‬الردع‭ ‬الخليجي‭ ‬لها‭ ‬فوائدها‭ ‬وعيوبها،‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬طريق‭ ‬واحد‭ ‬نحو‭ ‬تحسين‭ ‬قدرة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬إيران‭ ‬وردعها‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬مستقبلية‭ ‬ضدها‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أثبتت‭ ‬‮«‬الدبلوماسية‮»‬‭ ‬نجاحها‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬التوترات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وإعادة‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬الحظيرة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬دعوة‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬وإيران‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬البريكس‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬وفقا‭ ‬لـ«صعب‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬بديل‭ ‬سوى‭ ‬تطوير‭ ‬قدرات‭ ‬عسكرية‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬احتمالات‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬أمني‭ ‬خارجي‭ ‬معزز‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬الصين‭ ‬‮«‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أقل‭ ‬ترجيحًا‮»‬‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا