بقلم: د. بدران بن لحسن {
إن العلم هو الطريق لتقوى الله وخشيته وحسن عبادته، لأن العلم هو الطريق السنني الذي أسس له القرآن؛ طريقاً وحيداً لمعرفة الله، فلا يوجد طريق سحري أو خرافي أو أسطوري، بل من خلال النظر في كتاب الخلق والوجود يصل الإنسان إلى إدراك الحقيقة الدينية. يقول تعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ» [سورة فاطر: 27-28]، وهذا ما يجعل العلماء في مختلف حقول المعرفة مقدمين على غيرهم دينيا، لأنهم يدركون الحق عن علم وبيّنة.
ولهذا لا يستوي العالم والجاهل عند الله، بل إن العالم مقدم على غيره، «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ» [سورة الزمر: 9]، لأن العالم هو أول من يدرك الحقائق بتدبر وتفكر وتعقل، فيدركون الحق، ويسلمون به تسليما بعد برهان، «وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» [سورة الحج: 54].
إن ما أردنا تأكيده أن آيات العلم في الكتاب العزيز تجاوزت ثمانمائة آية، إضافة إلى الآيات التي شملت الدعوة إلى العلم، وإن لم تستعمل لفظه بل استعملت مفردات أخرى يتضمنها العلم كعرِفَ، وبان، ورأى، ونظر، وعقل، وغيرها، والتي تشمل العلم بشموله وبأنواعه المختلفة. كل هذه الآيات جاءت لترسم صورة غاية في التكريم والتقدير للعلم والعلماء.
كما أن السنة الشريفة أيضا حفلت بالأحاديث التي ترفع من قيمة العلم والعلماء. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم في سنته وسيرته كان يمجد العلم ويحضّ عليه ويقدم العالم على غيره في أمور الدين والدنيا، وجعل من طلب العلم فريضة مثله مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج وبقية فرائض الدين.
وهذا ما يجعل للعلم والعلماء الصدارة في بناء المجتمع وتحقيق العمران وإنجاز مشروع الاستخلاف في الأرض.
{ باحث جزائري، دكتوراه في دراسات الحضارة والفلسفة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك