العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الانتقادات الغربية لسياسات إدارة «بايدن» في الشرق الأوسط

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬إدارة‭ ‬أمريكية‭ ‬جديدة،‭ ‬جلب‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬وفريقه‭ ‬من‭ ‬مسؤولي‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬علاقة‭ ‬بلاده‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ليوناردو‭ ‬مازوكو‮»‬‭ ‬و«كريستيان‭ ‬ألكسندر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬جلف‭ ‬ستيت‭ ‬أناليتيكس‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أعلن‭ ‬‮«‬تقليص‭ ‬حجم‭ ‬التأثير‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالمنطقة‮»‬،‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬مقتفيا‭ ‬خطى‭ ‬‮«‬باراك‭ ‬أوباما‮»‬،‭ ‬ورفض‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬‭. ‬

وخلال‭ ‬مسيرته‭ ‬المهنية،‭ ‬نجح‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬صورته‭ ‬الشخصية‭ ‬بجميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬كرئيس‭ ‬‮«‬واقعي‭ ‬وبارع‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العمل‭ ‬الخارجي‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬واجهه‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية؛‭ ‬بسبب‭ ‬الاضطرابات‭ ‬في‭ ‬التنافس‭ ‬العالمي‭ ‬بين‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬و«بكين‮»‬،‭ ‬وزيادة‭ ‬المنافسة‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ومصاعب‭ ‬السياسة‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬‮«‬تشارلز‭ ‬دن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المركز‭ ‬العربي‭ ‬واشنطن‭ ‬دي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬مبادئ‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬قد‭ ‬‮«‬أقصته‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬عدم‭ ‬اقتناع‭ ‬الشركاء‭ ‬الاستراتيجيين‭ ‬بالتزامه‭ ‬الدائم‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتزايد‭ ‬دور‭ ‬الصين‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وفشل‭ ‬المبادرات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬تجاه‭ ‬إيران،‭ ‬واستمرار‭ ‬دعم‭ ‬واشنطن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬هجمات‭ ‬المستوطنين‭ ‬والتوسع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬غير‭ ‬القانوني؛‭ ‬تم‭ ‬انتقاده‭ ‬وفريقه‭ ‬لاعتمادهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬‮«‬الأمنيات‮»‬،‭ ‬وارتكانهم‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مجازات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬عفا‭ ‬عليها‭ ‬الزمن‮»‬‭. ‬ووصفه‭ ‬‮«‬سايمون‭ ‬تيسدال‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬موهوم،‭ ‬ويقدم‭ ‬تأكيدات‭ ‬خاوية،‭ ‬ووعودا‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬شبلي‭ ‬تلحمي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬بروكينجز‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬فشل‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬حيوية؛‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬معالجة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الانتقادات‭ ‬لنهجه‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يظهر‭ ‬عدم‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يعلنه‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬وما‭ ‬ينفذه‭ ‬من‭ ‬أفعال‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬النموذج‭ ‬ذاته‭ ‬للأممية‭ ‬الليبرالية‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يفتخر‭ ‬‮«‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬القواعد،‭ ‬والتعددية،‭ ‬والتحالفات‭ ‬القوية،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطية‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬بعد‭ ‬عامين‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬التغييرات‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬تيسدال‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إخفاقات‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬الأخيرة‮»‬،‭ ‬و«ابتعاده‭ ‬عن‭ ‬الأزمات‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬ولبنان،‭ ‬والعراق،‭ ‬وسوريا،‭ ‬واليمن،‭ ‬وليبيا،‭ ‬والسودان‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬تفاقمها‭.‬

وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬التردد‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراء‭ ‬حاسم،‭ ‬أعرب‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬لأن‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬الإدارة‭ ‬الحالية‮»‬‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة‭ ‬يستند‭ ‬على‭ ‬‮«‬بنية‭ ‬متهالكة‭ ‬للسياسة‭ ‬القديمة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬‮«‬تغيرت‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬يصعب‭ ‬التعرف‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬العشرين‭ ‬الأخيرة‮»‬‭. ‬وربما‭ ‬يبدو‭ ‬هذا‭ ‬التقادم‭ ‬في‭ ‬نمط‭ ‬التفكير‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتقاعسها‭ ‬عن‭ ‬تصعيد‭ ‬العنف‭ ‬ضدهم‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬وحملة‭ ‬التوسع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬السائد‭ ‬بين‭ ‬المحللين‭ ‬الغربيين‭ ‬بأن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬يتراجع‭ ‬بسرعة،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬بارنيت‮»‬‭ ‬و«ناثان‭ ‬براون‮»‬‭ ‬و«مارك‭ ‬لينش‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬أفيرز‮»‬،‭ ‬أكدوا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬الآن‭ ‬سوى‭ ‬‮«‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬يستحيل‭ ‬إنكاره‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬تأييد‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الرئيس‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬شيئًا‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لتعزيز‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬نية‭ ‬واضحة‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‮»‬‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬بصيغ‭ ‬‮«‬كلينتون‮»‬‭ ‬المتقادمة،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحدود‭ ‬ووضع‭ ‬القدس؛‭ ‬أضاف‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬كافيا‭ ‬إزاء‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭. ‬واتهم‭ ‬‮«‬دانييل‭ ‬كيرتزر‮»‬‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬لدى‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬بتفعيل‭ ‬‮«‬سياسة‭ ‬الضم‭ ‬الزاحف‭ ‬للأراضي‮»‬‭. ‬وشجب‭ ‬‮«‬دينيس‭ ‬روس‮»‬‭ ‬المنسق‭ ‬الأمريكي‭ ‬الخاص‭ ‬السابق‭ ‬لعملية‭ ‬السلام‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تعثر‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وسط‭ ‬‮«‬فقدان‭ ‬كامل‭ ‬للأمل‭ ‬في‭ ‬التسوية‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬تقييم‭ ‬‮«‬دان‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الواقع‭ ‬الحالي‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة،‭ ‬بحكم‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تحتفظ‭ ‬فيه‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالسيطرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬عسكري‭ ‬قمعي‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ولعل‭ ‬هذا‭ ‬القمع‭ ‬هو‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬أخفقت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭. ‬وردا‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬جنين‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتشريد‭ ‬آلاف‭ ‬اللاجئين؛‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬دعمها‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬شعبها‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تحميلها‭ ‬المسؤولية‭ ‬عما‭ ‬اقترفته‭ ‬من‭ ‬انتهاكات‭ ‬فضلت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬تحذيرها‭ ‬‮«‬بلغة‭ ‬معتدلة‮»‬‭. ‬فيما‭ ‬وصفت‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‮»‬‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬استهدف‭ ‬قرية‭ ‬‮«‬حوارة‮»‬‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2023‭ ‬وأودى‭ ‬بحياة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مقبول‮»‬‭.‬

‮ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬دراية‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بأن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تخضع‭ ‬لسيطرة‭ ‬القوميين‭ ‬المتطرفين،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‮»‬‭ ‬و«بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‮»‬،‭ ‬اللذين‭ ‬دعيا‭ ‬علنًا‭ ‬إلى‭ ‬الضم‭ ‬الكامل‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬فقد‭ ‬مال‭ ‬الرد‭ ‬الأمريكي‭ ‬إلى‭ ‬التجنب‭ ‬الواضح‭ ‬واللامبالاة‭ ‬وعدم‭ ‬الاهتمام‭.‬

وفي‭ ‬حالة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬كانت‭ ‬الإخفاقات‭ ‬العديدة‭ ‬أيضًا‭ ‬هدفًا‭ ‬للانتقاد‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬عندما‭ ‬تقلد‭ ‬منصبه‭ ‬كانت‭ ‬لديه‭ ‬خطة‭ ‬واضحة‭ ‬لاستعادة‭ ‬‮«‬الاتفاق‭ ‬النووي‮»‬‭ ‬لعام‭ ‬2015،‭ ‬وعدم‭ ‬الانصياع‭ ‬لـ«الضغوط‭ ‬القصوى‮»‬‭ ‬التي‭ ‬مارسها‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬التواصل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬مع‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬انهيار‭ ‬المحادثات‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬بدا‭ ‬‮«‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬سياسة‭ ‬أمريكية‭ ‬واضحة‭ ‬تجاه‭ ‬الملف‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬تبنت‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬محادثات‭ ‬سرية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬عبر‭ ‬وسطاء؛‭ ‬لإبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬لخفض‭ ‬التصعيد،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬صفقة‭ ‬لنقل‭ ‬أربعة‭ ‬مواطنين‭ ‬أمريكيين‭ ‬مزدوجي‭ ‬الجنسية‭ ‬من‭ ‬السجن‭ ‬إلى‭ ‬الإقامة‭ ‬الجبرية‭ ‬تمهيدًا‭ ‬لإطلاق‭ ‬سراحهم‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬آرون‭ ‬ميلر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬‮«‬صفقات‭ ‬جيدة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬إيران؛‭ ‬يرى‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬أن‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬هو‭ ‬‮«‬أفضل‭ ‬خيار‭ ‬متاح‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬الدائم‭ ‬بوقف‭ ‬الأنشطة‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬التوترات‭ ‬الإقليمية‮»‬‭. ‬

وانعكاسًا‭ ‬لهذا‭ ‬النهج‭ ‬واجهت‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬‭ ‬مع‭ ‬‮«‬طهران‮»‬‭ ‬انتقادات‭ ‬في‭ ‬الداخل‭. ‬ووصف‭ ‬السيناتور‭ ‬الجمهوري‭ ‬‮«‬توم‭ ‬كوتون‮»‬‭ ‬الصفقة‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬عمل‭ ‬مخز‭ ‬لاسترضاء‭ ‬طهران‮»‬‭. ‬ورأت‭ ‬‮«‬ماري‭ ‬عبدي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬سابقة‭ ‬خطيرة‮»‬‭ ‬باتت‭ ‬تشكل‭ ‬الآن‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬الغربية‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬نجحت‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬نفوذها‭ ‬مع‭ ‬خصومها‭ ‬الخارجيين‭ ‬للفوز‭ ‬بتنازلات‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬الإدانات‭ ‬العالمية‭ ‬لحملات‭ ‬القمع‭ ‬ضد‭ ‬الناشطات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭.‬

وفي‭ ‬حالة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬انتقد‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي؛‭ ‬لمحاولاته‭ ‬تجنب‭ ‬شركاء‭ ‬واشنطن‭ ‬الأمنيين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وشدد‭ ‬على‭ ‬خطورة‭ ‬‮«‬التخلي‭ ‬بسرعة‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬التقليدي‭ ‬لبلاده‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬‮«‬إيران‮»‬‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬لوكلائها‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وسوريا،‭ ‬ولبنان،‭ ‬واليمن،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬التهديدات‭ ‬المتصاعدة‭ ‬ضد‭ ‬عمليات‭ ‬الشحن‭ ‬التجارية‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬المحيطة‭ ‬بشبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية؛‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬الجهود‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭ ‬لردع‭ ‬واحتواء‭ ‬العدوان‭ ‬الإيراني،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬متعثرة‭ ‬حاليًا‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬ترويج‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والديمقراطية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬لاحظ‭ ‬الباحث‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬ظل‭ ‬‮«‬بلا‭ ‬حراك‭ ‬بشكل‭ ‬غريب‮»‬‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬في‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬ذكر‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‮»‬‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬من‭ ‬أجل‭ ‬الديمقراطية‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬توجد‭ ‬معايير‭ ‬مزدوجة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬دعوة‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬للحضور‭ ‬شخصيًا‭ ‬أو‭ ‬افتراضيًا‭ ‬إلى‭ ‬القمة؛‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تمت‭ ‬دعوة‭ ‬إسرائيل؛‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬وسعيها‭ ‬لإحداث‭ ‬تغييرات‭ ‬مناهضة‭ ‬للديمقراطية‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قوض‭ ‬أوراق‭ ‬اعتماد‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬كمنتدى‭ ‬عالمي‭ ‬لتعزيز‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬أنها‭ ‬متشابهة‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬والمبادئ‭ ‬معها‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬أوسع،‭ ‬اتهم‭ ‬مراقبون‭ ‬غربيون‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬بالتراجع‭ ‬عن‭ ‬سياسات‭ ‬أسلافه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬نجاح‭ ‬من‭ ‬جانبه‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬جون‭ ‬إسبوزيتو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬تاون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فرق‭ ‬كبير‮»‬‭ ‬بين‭ ‬النهج‭ ‬الإقليمي‭ ‬للجانب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬والجمهوري‭ ‬في‭ ‬‮«‬نهجهما‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أو‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‮»‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬وافق‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الإدارة‭ ‬الحالية‮»‬‭ ‬‮«‬تتبنى‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬سياسة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬لدى‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬قاتمة‮»‬‭ ‬لسياسة‭ ‬بايدن‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬دن‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معضلة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬حول‭ ‬إيران‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تزال‭ ‬دون‭ ‬حل‮»‬،‭ ‬وانتقد‭ ‬كيف‭ ‬فضل‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬ومستشاروه‭ ‬مواصلة‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬نقاط‭ ‬الحوار‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬عقود‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬صياغة‭ ‬سياسة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬الحالي،‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬القمعي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭. ‬

وبناء‭ ‬عليه،‭ ‬خلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استراتيجيته‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬خيالية‮»‬،‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬‮«‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يضر‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬ينفع‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬‮«‬التزامه‭ ‬بصيغ‭ ‬دبلوماسية‭ ‬عفا‭ ‬عليها‭ ‬الزمن‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬خيار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬أضراره‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬كما‭ ‬يضعف‭ ‬صورة‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إظهارها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬عاجزة‮»‬‭ ‬و«ساذجة‮»‬‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬

كما‭ ‬أضاف‭ ‬‮«‬تيسدال‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الانتكاسات‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬منها‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬القرن‭ ‬الأمريكي‮»‬‭ ‬‮«‬تنتقل‭ ‬بسرعة‭ ‬لتصبح‭ ‬مجرد‭ ‬ذكرى‭ ‬للتاريخ‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬بذل‭ ‬قصارى‭ ‬جهدها‭ ‬لإثبات‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬القوة‭ ‬المهيمنة،‭ ‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تتقبل‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نظامها‭ ‬القديم‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬نهايته‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا