العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ماذا سنفعل لمواجهة المشروع الصهيوني لتهويد «القدس الموحدة»؟

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

السبت ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

لم‭ ‬تتوقف‭ ‬المساعي‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬إحكام‭ ‬القبضة‭ ‬الأمنية‭ ‬وتهويد‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬المحتلة‭ ‬وخاصة‭ ‬‮«‬القدس‭ ‬الشرقية‮»‬‭. ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بزعم‭ ‬تطوير‭ ‬المباني‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬المقدسة،‭ ‬تصادق‭ ‬بالإجماع‭ ‬على‭ ‬خطتها‭ ‬الجديدة‭ ‬الهادفة‭ -‬بحسب‭ ‬مراقبين‭- ‬إلى‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬المدينة‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬‮«‬أسرلة‭ ‬التعليم‮»‬،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬لإجراء‭ ‬‮«‬غسيل‭ ‬دماغ‮»‬‭ ‬للطلبة‭ ‬والشباب،‭ ‬وبناء‭ ‬وحدات‭ ‬سكنية‭ ‬استعمارية‭/‬‮«‬استيطانية‮»‬‭ ‬سنويا،‭ ‬وتغيير‭ ‬وجه‭ ‬القدس‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬كاملا‭. ‬

ولهذه‭ ‬الخطة‭ ‬أثران‭: ‬مباشر‭ ‬ومستقبلي؛‭ ‬الأول‭ ‬يتضمن‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬ملامح‭ ‬المدينة‭ ‬مثل‭ ‬هدم‭ ‬المنازل‭ ‬ومصادرة‭ ‬الأراضي،‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬لصالح‭ ‬المقدسيين،‭ ‬فيما‭ ‬الأثر‭ ‬المستقبلي‭ ‬هو‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬والثقافة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬أي‭ ‬‮«‬أسرلة‭ ‬التعليم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬دعم‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬عبر‭ ‬تدريس‭ ‬المناهج‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬مقبولة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وجزءًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬منها‭.‬

ومن‭ ‬الثابت‭ ‬أن‭ ‬الخطة‭ ‬الجديدة‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬إلا‭ ‬استكمال‭ ‬للخطط‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬تعلنها‭ ‬حكومات‭ ‬الاحتلال‭ ‬المتعاقبة‭. ‬فمشروع‭ ‬التهويد‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لاحتلال‭ ‬‮«‬زهرة‭ ‬المدائن‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬‮«‬دس‭ ‬السم‭ ‬في‭ ‬العسل‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استدركت‭ ‬الإهمال‭ ‬الممارس‭ ‬بعنصرية‭ ‬ضد‭ ‬منطقة‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬الموازنات‭ ‬المخصصة‭ ‬لها،‭ ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬منها‭ ‬لعل‭ ‬وعسى‭ ‬أن‭ ‬ترفع‭ ‬مستوى‭ ‬حياة‭ ‬سكانها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحييدهم‭ ‬عن‭ ‬المقاومة،‭ ‬سارعت‭ ‬فأقرت‭ ‬تحويل‭ ‬أموال‭ ‬كبيرة‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬تطوير‭ ‬شرقي‭ ‬القدس‭ ‬وجعله‭ ‬كغربها‭. ‬

وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬الخطورة‭ ‬الكبرى‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬‮«‬أسرلة‭ ‬الوعي‭ ‬والعقل‭ ‬المقدسي‮»‬،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬العبرية‭ ‬ودمج‭ ‬الطلبة‭ ‬واعتبار‭ ‬العبرية‭ ‬اللغة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬القدس،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ربط‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المقدسي‭ ‬بالتبعية‭ ‬الكاملة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

بالمقابل،‭ ‬تستعد‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لإقرار‭ ‬خطة‭ ‬‮«‬استيطانية‮»‬‭ ‬جديدة‭ ‬تحت‭ ‬تسمية‭ ‬‮«‬تلبيوت‭ ‬الجديدة‮»‬‭ ‬جنوب‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬الشريف‭. ‬وبحسب‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬عير‭ ‬عميم‮»‬‭ ‬اليسارية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬القدس،‭ ‬فإن‭ ‬الخطة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬محاصرة‭ ‬بلدات‭ ‬‮«‬بيت‭ ‬صفافا‮»‬‭ ‬و«أم‭ ‬طوبا‮»‬‭ ‬و«صور‭ ‬باهر‮»‬‭ ‬وإغراقها‭ ‬بالمستعمرين‭/‬‮«‬المستوطنين‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬المنطقة‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬القدس‮»‬‭ ‬و«بيت‭ ‬لحم‮»‬‭. ‬

وبحسب‭ ‬مراقبين‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬حدود‭ ‬خطة‭ ‬تلبيوت‭ ‬تطول‭ ‬المستوطنات‭ ‬القائمة‭ ‬داخل‭ ‬بلدات‭ ‬جنوب‭ ‬القدس،‭ ‬لربطها‭ ‬بتلك‭ ‬الجاثمة‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬السكان‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬جهتها‭ ‬الشرقية،‭ ‬لتشكل‭ ‬حزاماً‭ ‬استيطانياً‭ ‬يلتف‭ ‬حول‭ ‬البلدات‭ ‬المقدسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬المستهدفة‮»‬‭.‬

الخطط‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستهدفة‭ ‬‮«‬زهرة‭ ‬المدائن‮»‬‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬نظيراتها‭ ‬السابقة،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬الرغبة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬تهويد‭ ‬القدس‭ ‬وأسرلتها‭. ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬خطط‭ ‬الاحتلال‭ ‬التهويدية‭ ‬على‭ ‬المديين‭ ‬المتوسط‭ ‬والبعيد‭ ‬سيفرض‭ ‬أمرا‭ ‬واقعا‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬يحولها‭ ‬كما‭ ‬المدن‭ ‬المختلطة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬48‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬فإن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وحكومته‭ ‬المتطرفة‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬المتطرف‭ (‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭) ‬لا‭ ‬يخفون‭ ‬‮«‬سعيهم‮»‬‭ ‬لتهويد‭ ‬القدس‭ ‬عبر‭ ‬الهجرة‭ ‬القسرية؛‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬مواصلة‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬هوية‭ ‬المدينة‭ ‬المقدسة‭ ‬والوجود‭ ‬العربي‭ ‬والمقدسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمسيحية‭. ‬فماذا‭ ‬نحن‭ ‬فاعلون‭ ‬كعرب‭ ‬ومسلمين‭ ‬لحماية‭ ‬القدس‭ ‬والمقدسيين؟‭!! ‬سؤال‭ ‬لطالما‭ ‬طرحناه،‭ ‬وغيرنا‭ ‬كذلك،‭ ‬لكنه‭ ‬بقي‭ ‬بدون‭ ‬جواب‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا