العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ثلاثون عاما على اتفاقيات أوسلو

بقلم: د. نبيل العسومي

السبت ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

حرص‭ ‬العرب‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬وربما‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1987‭ ‬على‭ ‬دعوة‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬توقيع‭ ‬معاهدة‭ ‬سلام‭ ‬شاملة‭ ‬وفقا‭ ‬لمبادئ‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬وخاصة‭ ‬وفقا‭ ‬للقرارين‭ ‬الدوليين‭ ‬242‭ ‬و338‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأهم‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدعوات‭ ‬هو‭ ‬اعتراف‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بحق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ ‬بحدود‭ ‬آمنة‭ ‬وثابتة‭ ‬ومعترف‭ ‬بها‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬5‭ ‬يونيو‭ ‬1967‭ ‬واعتراف‭ ‬إسرائيل‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬المحتلة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬والموافقة‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وذلك‭ ‬لإنهاء‭ ‬حالة‭ ‬الصراع‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬ونهائي‭ ‬لتعيش‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬وسلام‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الشعب‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

واستكمالا‭ ‬لهذه‭ ‬الدعوة‭ ‬جاءت‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوسلو‭ ‬الشهيرة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬سبتمبر‭ ‬1993‭ ‬بعد‭ ‬مفاوضات‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬وهي‭ ‬أول‭ ‬اتفاقية‭ ‬رسمية‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بعد‭ ‬اتفاق‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬إسحاق‭ ‬رابين‭ ‬ورئيس‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬وشكلت‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬سمحت‭ ‬بعودة‭ ‬القادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والاتفاق‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والمنظمة؛‭ ‬حيث‭ ‬التزمت‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بحق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬بسلام‭ ‬وأمن‭ ‬وحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬أراضيهم‭ ‬بأمن‭ ‬وسلام‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬العنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬اقتصرت‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬سلطة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬المؤقتة‭ ‬فقط‭ ‬وإنشاء‭ ‬مجلس‭ ‬تشريعي‭ ‬منتخب‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬والقطاع‭ ‬فترة‭ ‬انتقالية‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬تسوية‭ ‬نهائية‭ ‬ودائمة‭ ‬وفقا‭ ‬للقرارات‭ ‬الدولية‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬المقال‭ ‬ولم‭ ‬تحقق‭ ‬أهم‭ ‬المبادئ‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬وتأخرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭ ‬للمبادئ‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬أوسلو‭ ‬تحت‭ ‬ضغوط‭ ‬المتطرفين‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحدث‭ ‬تراجع‭ ‬خطير‭ ‬لتلك‭ ‬المبادئ‭ ‬وأصبح‭ ‬حلم‭ ‬إنشاء‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬5‭ ‬يونيو‭ ‬1967‭ ‬صعب‭ ‬المنال‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اندلاع‭ ‬انتفاضات‭ ‬جديدة‭ ‬ومواجهات‭ ‬عنيفة‭ ‬خلطت‭ ‬الأوراق‭ ‬ووضعت‭ ‬القيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحد‭ ‬كبير‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تفض‭ ‬المفاوضات‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬مثلما‭ ‬تم‭ ‬وعد‭ ‬الشعبين‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والإسرائيلي‭.‬

وفي‭ ‬أوج‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬وخلط‭ ‬الأوراق‭ ‬أعلن‭ ‬الرؤساء‭ ‬العرب‭ ‬المجتمعون‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬المبادرة‭ ‬العربية‭ ‬للسلام‭ ‬كمحاولة‭ ‬جديدة‭ ‬لإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬لهذه‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬تعقدت،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬المبادرة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬المرحوم‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬ملك‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬آنذاك‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬محور‭ ‬رئيسي‭ ‬هو‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬معترف‭ ‬بها‭ ‬دوليا‭ ‬على‭ ‬حدودها‭ ‬وعودة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬أراضيهم‭ ‬التي‭ ‬هجروا‭ ‬منها‭ ‬وانسحاب‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬هضبة‭ ‬الجولان‭ ‬المحتلة‭ ‬مقابل‭ ‬اعتراف‭ ‬العرب‭ ‬بإسرائيل‭ ‬وإقامة‭ ‬السلام‭ ‬الدائم‭ ‬والعادل‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬بالرغم‭ ‬مما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬عادلة‭ ‬ومتوازنة‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬توافق‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬وكان‭ ‬بإمكانها‭ ‬استغلال‭ ‬تلك‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬إجماعا‭ ‬عربيا‭ ‬كاملا‭ ‬حول‭ ‬سبل‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التطرف‭ ‬اليميني‭ ‬الديني‭ ‬وخاصة‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬تنهي‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬وصول‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬وتقلص‭ ‬دور‭ ‬جماعات‭ ‬اليسار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وتراجع‭ ‬نفوذ‭ ‬وتأثير‭ ‬اليسار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقبل‭ ‬حلولاً‭ ‬متوازنة‭.‬

والآن‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوسلو‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬وخلط‭ ‬الأوراق‭ ‬وتقلص‭ ‬فرص‭ ‬السلام‭ ‬العادل‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬المتحالفة‭ ‬مع‭ ‬المتطرفين‭ ‬الدينيين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يؤمنون‭ ‬بالسلام‭ ‬لا‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ولا‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬ويخضعون‭ ‬لشعارات‭ ‬وأوهام‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬طرد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬والسيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬مناطقهم‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬هدم‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬كما‭ ‬يعلنون‭ ‬في‭ ‬شعاراتهم‭ ‬المتكررة‭ ‬والمعلنة‭ ‬صراحة‭.‬

ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬مجددا‭ ‬على‭ ‬مقاومة‭ ‬الضغوط‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬والاحتلال‭ ‬لمناطقهم‭ ‬والتعدي‭ ‬المستمر‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬يوما،‭ ‬وشهدنا‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬كيف‭ ‬تحولت‭ ‬المناطق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬للحرب‭ ‬المفتوحة‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والمستوطنين‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬والشباب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإننا‭ ‬نعتقد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬حل‭ ‬لهذا‭ ‬الصراع‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القبول‭ ‬بقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬والقبول‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‭ ‬لضمان‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬للجميع‭ ‬وإبعاد‭ ‬المنطقة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬صراعات‭ ‬جديدة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا